ملك عضو نادي الالف
عدد الرسائل : 1009 تاريخ التسجيل : 30/05/2008
بطاقة الشخصية الشعراء:
| موضوع: سلسلة كوابيس 2 الخميس 2 يوليو - 19:59 | |
| قلعة الجبل الأسود
*********************
لماذا أسموها بهذا الاسم؟!
أرجوك . لا تحاول حتى النطق بهذا السؤال؛ لأنني مثلك تماما لا أعرف.. فلا هي قلعة و لا هو جبل أسود, ولكن أنت تعرف هؤلاء القدماء وعقلياتهم الغريبة, فأي مبني يتكون من طابقين أو أكثر كانوا يسمونه قصرا وأي مبني يتكون من طابقين وله أسوار ويقع علي قمة تل كانوا يسمونه قلعة, كما أنه ليس هناك أي جبل كل ما يوجد هناك هو مجرد تل عادي متوسط الحجم لا علاقة له بالسواد من قريب أو من بعيد0
كل هذا كان يجعلني مقتنعا تمام الاقتناع أن سكان هذه المنطقة الريفية كانوا مفتونين بالأسماء الثقيلة المبهرة, والتي تضفي مناخا من الرهبة والغموض في نفوس كل من يتذكرون هذه الأسماء بدون رؤيتها. أما الذين يرون الأماكن التي تحمل هذه الأسماء فبالتأكيد سيسقطون أرضا من فرط الضحك بسبب حجم التناقض الهائل بين المكان واسمه.
وبالطبع هناك الكثير من الشائعات الغريبة التي يتداولها الناس عن هذه القلعة. فأي قلعة عتيقة الطراز يجب أن يتكلم الناس عن الروح الشريرة التي تجوب طرقاتها ليلا تحمل ساطورا ضخما , أو يتكلمون عن مصاص الدماء الوسيم الذي ابتلع بمفرده كمية من الدماء أكبر من مخزون بنك الدم القومي!
وإذا دخل أي شخص هذه القلعة في يوم من الأيام وخرج منها مصابا بصداع سيقسم إن الروح الشريرة أصابته, أو إنها دخلت جسده وتأبي الخروج منه..!
وهكذا .. إشاعة صغيرة تتحول إلي خرافة والخرافة تجتذب خرافات أكبر وهكذا. دائرة لا تنتهي من الجهل والتخلف, والذي صنعها في الأساس هو كابوس صغير رآه عقل قروي ساذج بعد عشاء دسم!.
لا أعلم في الحقيقة لماذا كنت أفكر في كل هذا الهراء وأنا أسير في الطريق الصاعد المؤدي إلي القلعة ولكن يبدو أنني كنت أسلى نفسي قليلا للقضاء علي ملل الطريق.
الطريق غير ممهد بل يمتلئ بالأجزاء الصخرية البارزة ويمتليء أيضا بالعديد من الانحناءات والالتواءات الأفعوانية التي تذكرني بعربات الملاهي
يوم سىء للغاية !!
ألقيت نظرة سريعة علي حذائي الأسود الجديد فوجدت التراب قد قام بمهمته الأبدية وجعل حذائي يحمل لونا غريبا لا يمت للون الأسود بصلة ولو رأته الشركة المنتجة لسجلت هذا اللون باسمي كاكتشاف جديد في عالم الأحذية.
وقد أتحفني حظي الرائع ببقعة زلقة لم ألمحها فتراجعت فجأة بضعة أمتار للوراء ووقعت أرضا ليتمزق قميصي علي أحد النتوءات البارزة ..حسنا إلي الجحيم إنني لم أكن أحب هذا القميص في يوم من الأيام .. إنه هدية متواضعة من رئيسى فى العمل بعد عودته من الخارج ويفرح بى جدا لو رأنى أرتديه وكأنه ماركة أرمانى !!
ولكن المشكلة تكمن في الألم الذي أصاب ظهري من جراء السقوط!!
كانت تتبقي خطوات فقط و.. آه.. أخيرا لقد بلغت قمة التل ألا يعتبر ذلك إنجازا؟! الآن فقط قدرت تعب أول رجل تسلق إفرست!
توقفت علي القمة قليلا لألتقط أنفاسي ثم اتجهت نحو ذلك المبني المسمي بالقلعة طرقت الباب الخشبي العتيق دقات بطيئة هادئة, وكأنني أخشي أن تثقب أصابعي تلك الكتلة من الأخشاب المتهالكة أو أن يتهاوي الباب أرضا من فرط قدمه! كنت أطرق الباب وعيناي تطوفان بملامح القلعة الخارجية ؛ انها تتكون من طابقين كبيرين مزدانين بزخارف ونقوش تاريخية متداخلة وتتناثر في واجهه القلعة نوافذ عملاقة ولكنها مغلقة بألواح خشبية .. مبنى غريب التصميم وقديم قدم التاريخ ذاته .
يكفي هذا الوصف الآن لأن ضوء الشمس لا يعطيني الفرصة في الدخول لتفاصيل أدق, كما أن أحدهم فتح باب القلعة أو ربما كان مفتوحا من البداية ولم ألحظ هذا أو ربما دفعته يد خفية تحب أن تساعد الآخرين0
يد خفية؟! من الذي يدفع بهذه التساؤلات المثيرة للشفقة الي عقلي؟! هل بدأت الهلوسة بسبب تلك الشمس التي تكاد أن تذيب رأسي من فرط حرارتها؟..
دخلت القلعة.. وجدت نفسي في قاعة ضخمة يتوسطها درج طويل يؤدي الي الطابق الثاني , وعلي المقاعد الأثرية بالداخل كانا يجلسان بانتظاري.. رجل وامرأة في أرذل العمر.. التجاعيد تغطي ملامحهما وكأن بينها وبين وجوهيهما ثأر قديم..
لذلك لم أستطيع تخمين أعمارهما إنهما عجوزان فقط وهذا يكفي, لقد استطعت معرفة أنهما رجل وامرأة بمعجزة فلا تتوقع مني أن أعرف عمريهما.
وعلي رأسيهما لا مجال لشعرة واحدة سوداء فقط شعر أبيض فضي..شعر طويل في رأسيهما وكأن الرجل لم يسمع عن اختراع حديث يسمي بالحلاق !!
دعاني الرجل إلي الجلوس بإشارة من يده توحى بغطرسة غير مستحبة وهو يحدق في وجهي بتركيز عميق, لا يهم لقد اعتدت هذا التحديق الطويل في وجهي إن عيناي الزرقاوين تصنعان المعجزات.
أما المكان بالداخل فقد صار مظلما عندما تم اغلاق الباب, ولولا وجود بضع شموع متناثرة في الأرجاء لما رأيت شيئا البتة. الساعة الآن الثانية ظهرا و المكان بالداخل يبدو كأننا في الثانية صباحا من المؤكد أنهم لا يحبون ضوء الشمس علي الإطلاق وإلا كانوا قد فتحوا تلك النوافذ المغلقة .
كانت الصورة شبه مكتملة.. مبنى غامضة..تل متوسط الحجم, رجل وامرأة يبدوان كجثث خرجت لتوها من القبور.. وضحية ساذجة لا تصدق ما يقال عن القلعة من شائعات.
وهذه الضحية هي أنا بالتأكيد!!
في الواقع هذه العناصر السابقة هي المفضلة لمخرجي أفلام الرعب.. ولن أرتجف إذا نهض الرجل في سرعة مباغته ثم طار في الهواء بحركة مثيرة لينقض علي جسدي ويعضني من عنقي ثم يخبرني أنه مصاص دماء محنك!
أو تختفي المرأة من مكانها وأجدها فجأة خلفي وهي تحمل سيفا هائلا لتخبرني أن زوجها قتلها بسبب خيانتها وأنها تنتقم من جميع الرجال عن طريق قطع رؤوسهم!
كتمت ضحكة ساخرة في أعماقي بسبب الظنون المثيرة للسخرية والتي يبعثها عقلي المريض ولكن الموقف كان يحتم علي أن أكون جادا لذلك رفعت حاجبي الأيسر ثم قلبت شفتي السفلي في ازدراء يليق بمهنتي كموظف حكومي ثم ابتدرت هذين العجوزين:
* لقد أرسلت خطابا من العاصمة بشأن حضوري هنا
= من أنت ؟, وما الذي تريده؟!
قالها العجوز بلهجة متسائلة تحمل قدرا لا بأس به من محاولة احراجي, كم أكره تلك اللهجة الجافة التي تحمل في طياتها رسالة خفية تصرخ في وجهي أن أختفي من أمام وجوههم أو أذهب الي الجحيم!!
تنحنحت وأنا أحاول السيطرة علي الدماء الحارة التي كانت تتصاعد الي وجنتي والتي تخبرني دائما أنني أتهاوي خجلا أمام الغرباء.. ولا ننسى أذناى إنهما يتحولان لما يشبه الكبدة!!
ازدردت لعابي وكأنني أبتلع خجلي:
*معذرة.. ولكن هل قرأتم خطابي الذي أرسلته منذ أسبوع؟!
= لا .. لم نستلمه !!
قالتها المرأة بنفس اللهجة الجافة وكأنه لم تكن تكفيني محاولة إحراج العجوز لي فساعدته المرأة لتكون محاولة مزدوجة ضد شخصي الضعيف.
*اذن.. فكيف تنتظراني؟!
قال الرجل:
= من الذي أوحي لك بهذه الفكرة؟.. نحن لم نكن في انتظارك؛ لقد دخلت أنت فتركناك لتجلس لتلتقط أنفاسك ثم تخبرنا بعد ذلك ما الذي تريده. هذا كل شيء!.
صدمني هذا المنطق الغريب, فأي شخص يدخل القلعة يدعوانه للجلوس هكذا وبكل بساطة. هذان العجوزان غريبا الأطوار يبدو أنهما كريمان جدا مع الضيوف !!
قالت المرأة متسائلة:
= وما الذي كان يحويه هذا الخطاب الذي أرسلته؟!
* في الواقع يا سيدتي لقد كان الخطاب يخبركم أن مندوبا من وزارة الثقافة سيأتي الي هذه القلعة للتأكد من بعض المعلومات التي تؤيد إدراج هذه القلعة ضمن قائمة الأماكن الأثرية في المدينة0
قالت المرأة:
= و هذا التأكد من بعض المعلومات يتطلب بالتأكيد فحص القلعة ومحتوياتها؟
أومأت برأسي:
* نعم يا سيدتي.. هذا صحيح!
قال الرجل وهو يشير بسبابته المتآكلة نحوي:
= وهذا المندوب هو أنت؟!
*نعم بالطبع..!
قلتها وأنا أحاول السيطرة علي أعصابي, لقد قلت لهم في الادارة أن يرسلوا " محمود" بدلا مني قلت لهم إنني لا أحب هذه المنطقة اللعينة و....
= ألم يجدوا مندوبا أصغر منك؟!
نظرت الي المرأة في كراهية وأنا أحاول نسيان لهجتها الهازئة..هل تسخر من عمري.. أم من حجمي؟!
اللعنة علي النساء !!
فرض الصمت نفسه علينا وجوا من عدم الإعجاب يملأ النفوس.. فقال الرجل:-
= واذا تم ادراج القلعة في قائمة الأماكن الأثرية فهل هذا يعني أن تأخذها الحكومة؟
الحكومة !! وهل الحكومة ستهتم بالإستيلاء على هذا المكان الغريب ؟! مع سنوات عمرهها الكثيرة جدا كانوا يجب أن يكونوا على دراية أكثر بحكومتنا !!
ابتسمت وأنا أحيي غباؤه فى أعماقي:
* لا.. بالتأكيد لا يا سيدي, كل ما هنالك أن ادراج أي مكان ضمن الأماكن الأثرية له أهمية بالغة عند حصر هذه الأماكن ووضع قوائم خاصة بها عند عمل الإحصاءات الرسمية, كما أنه يجعل الحكومة مسئولة عن القيام بأية ترميمات أو إصلاحات في أي جزء من أجزاء القلعة اذا حدث لها أي مكروه, ولكن القلعة ستبقي في ملكيتك بالتأكيد.
ضحكت المرأة وهي تنظر نحو الرجل نظرة خاصة:
= أعتقد أن هناك سوء فهم واضحا هنا, فنحن لا نملك هذه القلعة كل ما هنالك أننا مجرد ضيفين عليها.
* لا تملكون هذه القلعة؟!
قلتها في دهشة حقيقية.
= بالتأكيد . إن آخر شخص أمتلك هذه القلعة توفي من سنين طويلة..
قالها الرجل في هدوء.
لا يمتلكان هذه القلعة ويعاملانني هذه المعاملة القاسية, إنني أتساءل عما كانا سيفعلانه بي إذا كانا يمتلكانها حقا, ربما كانا قتلاني لأنني تجرأت ودخلتها . تساءلت:
*ومن هو المسئول عن هذه القلعة؟!
قالت المرأة:-
= بصفة غير رسمية نحن نعتبر المسئولين عنها وعن الاعتناء بها.
* حسنا, هذا لا يصنع فارقا كبيرا بالنسبة لي..
قلتها و أنا أتطلع إلي الظلام محاولا البحث عن وسيلة ما توفر لي فحصا دقيقا للقلعة وسط هذا الظلام..
* لماذا تغلقان النوافذ بهذا الشكل؟!
أجاب الرجل بعد تنهيده طويلة أطلقها:
= نحن لم نغلق النوافذ!
*ولكن من الذي أغلقها؟!, ولماذا لا تقتحانها؟!
= آه إن لهذه قصة غريبة0
قصة ! بالتأكيد لها علاقة بالشائعات التي يتداولها الناس حول القلعة, وأنا أحب هذه القصص المسلية, إنني لم أتخلص بعد من الجزء الطفولي بداخلي0
- هل تريد أن تسمع هذه القصة؟!
*هل تمزح ؟! بالتأكيد أريد سماعها!
******************
القصة عبارة عن حادث ما مر بآخر من امتلك القلعة, لقد كان يقطنها بمفرده مع بعض الخدم ولقد كان ثريا إلي أقصي درجة ويسيء معاملة كل من فى القلعة فهربوا منها وتركوه وحيدا وبسبب سوء سلوكه ونرجسيته الشديدة نفر منه الجميع وكرهوه كراهية شديدة وكان من الطبيعي أن تنتهي وحدته الطويلة في هذه القلعة إلي إصابته بلوثة عقلية وبإضطرابات في شخصيته جعلته يصاب بخوف رهيب من الموت فأحضر أحد الدجالين الذي أوهمه أنه يستطيع الفرار من الموت عن طريق التحصن داخل القلعة والاختباء بها وبالفعل صدق المأفون هذا الهراء و استأجر عمالا أغلقوا له النوافذ بألواح خشبية وحوائط أسمنتية مما يجعل فتحها يحتاج جهدا كثيرا, كما أنه دعم الباب الخشبي بفواصل معدنية ثم أحضر المئات من المؤن الغذائية0 لقد كان هذا في زمن مضي يغلب عليه طابع لا يسهل إزالته من الجهل0
واعتزل الرجل الناس ونسي الجميع كل شيء عنه, حتى مرت عدة سنوات وطمع حاكم المدينة في القلعة وموقعها فأمر بفتحها وبعد جهد تم اقتحام القلعة وبالداخل كان الهواء فاسدا ورائحة كريهة خانقة تملأ المكان.. وبحثوا في القلعة عن الرجل وعندما صعدوا إلي غرفته في الطابق الثاني وجدوا الرجل ممددا في فراشة, جثة هامدة0 | |
|
سمر سيناتور
عدد الرسائل : 8530 تاريخ التسجيل : 06/08/2008
| موضوع: رد: سلسلة كوابيس 2 الخميس 2 يوليو - 21:14 | |
| | |
|