جيمس كوك المكتشف البحرى الشهير المولود فى مثل هذا اليوم من عام ١٧٢٨، الفتى الذى قاده طموحه من بيع الملابس الداخلية فى قرية بريطانية صغيرة لأن يصبح واحداً من أهم المستكشفين.
قاد ثلاث رحلات بحرية إلى المحيط الهادئ، وأبحر حول العالم مرتين. وأدت رحلاته إلى إقامة المستعمرات.
بريطانى؟، نعم. استعمارى؟ فليكن، المهم ماذا قدّم للإنسانية وماذا قدمناه نحن؟. البداية كانت هناك: مناخ عصر الاكتشافات الكبرى التى تُلهم الطموح، مات ماجلان فأعقبه كوك، شعلة الحضارة التى يسلمها عالم إلى عالم، ومكتشف إلى مكتشف.
لذة صناعة التاريخ التى لا يعرفها الخاملون. أين كانوا وأين كنا فى هذا الوقت؟،
حينما كان ماجلان يثبت – بالتجربة العملية - كروية الأرض، ويكتشف الممر إلى المحيط الهادى كنا تحت نير المحتسب والولاة الصغار. حينما كان كوك يرسم خرائط نيوزلندة ويكتشف ساحل أستراليا الشرقى كنا غائبين عن الوعى تحت حكم مولانا السلطان. (ليفنجستون) كان يكتشف منابع النيل، ونحن نجوع فى التحريق ونغرق فى الفيضان. هذا ليس جلداً للذات وإنما محاولة للفهم.
الحضارة عمل تراكمى، والسطر الذى تقرؤه فى كتاب علوم أنفق فيه علماء حياتهم كاملة. الخط الواحد فى خريطة دفعوا ثمنه حياة رجال. الحضارة سفر ورغبة فى الاكتشاف.
الحضارة أصلها قلق وطرح أسئلة وحركة حياة. فى عصور ازدهارنا كنا نجوب العالم ونعلّم الناس الحضارة ونفتح البلاد. فى اللحظة التى كففنا فيها عن القلق وطرح الأسئلة كففنا عن الحياة.
وكوك الذى لم يجد فى بيع الملابس الداخلية ما يشبع شوقه للمغامرة التحق بالبحرية، وأظهـر مهارة كبـيرة فى رسم الخرائط فلفت انتباه قيادات كانت مستعدة لالتقاط الكفاءات. الفرصة التى ينتظرها كل موهوب واتته حين أرسلوه للبحار الجنوبية لمراقبة كوكب الزهرة تحت رعاية الملك.
ومن تاهيتى -حيث شُوهدت الزهرة – إلى البحار الجنوبية باحثا عن قارة مجهولة. بعدها دار حول سواحل نيوزيلندة أثبت أنها جزر منفصلة وليست جزءاً من قارة جنوبية كما كانوا يظنون، ثم جرفته عاصفة هوجاء إلى الساحل الشرقى لأستراليا التى لم تكن معروفة، ثم أبحر حول أفريقيا عائداً لإنجلترا.
رحلة طويلة فى سفينة صغيرة، فى بحار بلا خرائط. لكنه تعب يهون فى سبيل الغاية المنشودة: صناعة التاريخ.
أزرق.. أزرق. لون السماء أزرق، لون البحر أرزق، عيون حبيبتى زرقاء. أزرق.. أزرق. حبر الدواة أزرق، ريش الطاووس أزرق، زهرة التوليب زرقاء.
وكان كوك واقعاً فى غرام الأزرق..