الدراما جزء لا ينفصل عن الواقع، ولأن الواقع ملىء بمشاهد عنف وقتل، كان متوقعا أن ينعكس ذلك على الدراما التليفزيونية هذا العام، خاصة أن المجتمع المصرى شهد فى الفترة الأخيرة نوعا جديدا من الجرائم تم ارتكابها داخل الأسرة وانتهت بأحكام إعدام.
وهذا العام، بعض المسلسلات سارت على الاتجاه نفسه، إما تعبيرا عن الواقع الذى يعيشه المجتمع المصرى، وإما مسايرة للعنف الذى طغى على كل مظاهر الحياة حتى الدراما.
من هذه المسلسلات: «الرجل والطريق»، و«علشان مليش غيرك»، و«قاتل بلا أجر»، و«الرحايا»، و«أفراح إبليس»، و«البوابة الثانية»، و«هانم بنت باشا»، و«حرب الجواسيس»، و«ليالى»، و«الباطنية»، و«أدهم الشرقاوى»، و«اغتيال شمس»، و«الجنة والنار»، و«حدف بحر»، وغيرها من المسلسلات المليئة بالأكشن والعنف والقتل والدم.
«الرجل والطريق» من أكثر المسلسلات التى تشهد جرائم قتل، فأحداثه مليئة بالدم، حيث تدور حول إحدى القرى التى تتعرض لأكثر من مرة لغزو من قطاع طرق وعصابات لسرقتها، ويترتب على ذلك ارتكاب العديد من جرائم القتل، كذلك مسلسل «أفراح إبليس»، حيث يرتكب «أبورسلان» الذى يجسده جمال سليمان العديد من الجرائم لتحقيق أهدافه الشخصية التى يسعى إليها طوال الأحداث.
الأكشن والدم أدوات من حق المؤلف استخدامها مادام لها مدلول درامى.. هذا هو رأى محمد صفاء عامر مؤلف مسلسل «أفراح إبليس»، لكنه اشترط ألا تستخدم هذه الأدوات طوال الـ ٣٠ حلقة حتى لا ينفر الجمهور ويبتعد عن متابعة المسلسل.
وفى مسلسل «علشان مليش غيرك» ترتكب جريمة قتل فى الحلقة السابعة، حيث يقتل رياض الخولى زوج إلهام شاهين على يد أعدائه، ومن هذه الجريمة يتغير خط سير المسلسل عندما تحاول زوجته اكتشاف القاتل.
ولا يختلف الحال كثيرا فى مسلسل «الرحايا»، فالغرق فى النيل وجرائم القتل والصراعات بين مطاريد الجبل ورجال الشرطة هو مضمون الأحداث. والغريب أن مؤلف المسلسل عبدالرحيم كمال أرجع كثرة هذه النوعية من المسلسلات إلى أن الجمهور فى حاجة إلى جرعة من العنف يخرج منها طاقته المكبوتة، وقال: هناك بعض المؤلفين يقحمون الأكشن والعنف ضمن الأحداث، سيرا على مبدأ «السوق عاوز كده» وهذه النوعية ستفشل لفقدانها المدلول الدرامى لوجودها.
وفى مسلسل «قاتل بلا أجر»، تدور كل الأحداث حول جريمة قتل ترتكب فى بداية الحلقات، وطوال المسلسل يتم البحث عن القاتل. أما فى مسلسل «البوابة الثانية»، فتدور الأحداث حول العنف الإسرائيلى تجاه الشعب الفلسطينى والتعذيب الذى يتعرض له العرب داخل السجون الإسرائيلية، وذلك من خلال طبيبة مصرية تبحث عن ابنها الذى اختطفته قوات الاحتلال الإسرائيلية أثناء قيامه برحلة مدرسية مع زملائه عند الحدود المصرية الإسرائيلية.
محمد عبدالخالق، مؤلف المسلسل، أكد أن كل الأحداث مليئة بهذه المشاهد، لأنها فى خدمة القضية التى يطرحها المسلسل، حتى الرومانسية فى المسلسل بها حزن وشجن، وقال: المؤلف يجب أن يستخدم كل ما يملكه من أدوات حتى يضمن جذب الجمهور، ولا توجد مشكلة فى وجود أكشن ودم فى معظم المسلسلات لأن موضوعاتها مختلفة، بل هى نقلة لتغيير شكل الدراما المصرية.
ولا يخلو «حدف بحر» من مشاهد الحزن والأكشن والمطاردات من خلال المواقف التى تتعرض لها «سمية الخشاب» البطلة التى تعمل مطربة، كذلك الأمر فى مسلسل «حرب الجواسيس» الذى يتناول قصة حياة سامية فهمى، فهو ملىء بمشاهد القتل والدم والمطاردات.
واعتبر بشير الديك مؤلفه أن دخول الدراما المصرية إلى تلك النوعية من الأعمال نقلة كبيرة لها لتخرج من نطاق الموضوعات الاجتماعية التافهة التى كانت تسير عليها فى السنوات الماضية، وقال: «سوريا تفوقت علينا وقدمت أعمالا متنوعة أكشن ومطاردات وقتل، لأنهم يهتمون بطريقة تصويرها وتنفيذها، أما نحن فمازلنا فى حالة (استعباط) والنتيجة أن ٩٠% من أعمالنا فاشلة.
ولأن مسلسل «الباطنية» يتناول تجارة المخدرات والآثار المترتبة عليها، فترتكب جريمة قتل ضمن الأحداث، حيث يقتل حفيد «العقاد» صلاح السعدنى، كما يتعرض المسلسل للمطاردات بين رجال الشرطة والتجار.. مصطفى محرم مؤلف المسلسل أكد أنه رغم وجود جرائم قتل فى المسلسل فإنه لا يوجد به أى نقطة دم لأن طبيعة العمل لا تحتمل ذلك.
ويتناول مسلسل «ليالى» قصة فنانة ترتبط بعلاقة مع رجل أعمال مشهور يحاول قتلها أكثر من مرة، أما «اغتيال شمس» فيتضمن مشاهد عنف وقتل ومطاردات بالطائرات يتعرض لها الدكتور شمس حتى لا تخرج أبحاثه إلى النور.
محسن الجلاد مؤلف «اغتيال شمس» أرجع تعدد تلك النوعية من الأعمال إلى سببين: أولهما الجرائم البشعة التى ارتكبت خلال الفترة الحالية، وبالتالى ظهر الفن كمرآة للواقع، والسبب الثانى هو نجاح مسلسل «قضية رأى عام»، الذى جعل المؤلفين يسارعون إلى تقديم تلك النوعية.
القتل والعنف والحزن سيطر أيضا على معظم مشاهد «أدهم الشرقاوى» من خلال الصراعات بينه وبين الإنجليز.
محمد الغيطى، مؤلف المسلسل، أكد أن حالات القتل الموجودة فى المسلسل تم تنفيذها بشكل فنى حتى لا ينفر المشاهد، وقال: «لا يمكن الاستغناء عن تلك المشاهد لأنها تخدم النص».