موضوع: بقلم (بهاء الدين أبوشقة) غثاء السيل الثلاثاء 14 يوليو - 14:49
(تتداعي عليكم الأمم كما تتداعي الأكلة علي قصعتها، قالوا أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله، قال: لا، بل كثير ولكن كغثاء السيل).. استدعيت هذا المعني النبوي من الحديث الشريف وأنا أرقب مشهدين حدثا الاسبوع الماضي عكسا حجم الضعف والاستكانة التي اصبح عليهما حال المسلمين في العالم. أول المشهدين هو ذلك الذي أدمي القلوب وأدمع العيون لتلك الشابة المهذبة المتدينة في غير تزمت، الملتزمة في غير تعنت، شهيدة الإسلام »مروة الشربيني« التي اغتالتها طعنات الغدر الغربي المتطرف في بلاد ترفع شعار حرية الانسان وحرية العقيدة والرأي، رغم ان نازيتها وتطرفها وكراهيتها للإسلام والمسلمين تفضح كذب تلك الدعاوي الكاذبة وتكشف زيف الشعارات الجوفاء التي يطنطنون بها. أدرك تماما ان التفرقة واجبة بين الجريمة كحالة فردية وبين التطرف كحالة عامة، أو بعبارة أدق التطرف والإرهاب كحالة فردية وبين إرهاب الدولة أو التطرف كسلوك عام، ولكن استشهاد تلك الزوجة المسالمة امام زوجها وطفلها ذي الاعوام الثلاثة فتح ملف الاسلام والمسلمين في الغرب والحالة التي وصلت اليها الدول الاسلامية بين دول العالم. إن وصمة التطرف والارهاب التي التصقت بالمسلمين اصبحت معها هيئة المسلم الملتزم او المسلمة الملتزمة في زيها وملبسها قرين صورة الارهابي في ذهن العالم.. وللأسف الشديد تجد من صناع الفن من يرسخ هذا المعني الخاطئ ليرسم صورة الارهابي او المتطرف بأنه صاحب لحية ويرتاد المسجد وأن المتطرفة هي المحجبة أو المنتقبة.. وللأسف ايضا ان اكثر إساءة للإسلام تأتي من المسلمين انفسهم بعرضهم صورة غير صحيحة عن الاسلام سواء في الداخل او الخارج.. يكفيك ان تذهب إلي إماكن العري والبغاء في الخارج لتشاهد ملايين العرب وهي تنفق هناك. وعلي المقابل تجد صورة اخري تسيء للإسلام من غلظة القول والتشنج والتنطع بما سمح للأعداء بأن يرتكبوا المذابح فينا فيبررها العالم لهم ونحن ينسب الينا كل فعل إرهابي في أي بقعة في العالم.. وفي ظل هذا الزخم ما بين تطرف الانحلال أو تطرف التشدد غابت الوسطية التي هي جوهر الدين والتي ينبغي أن تحمل عليها رسالة الاسلام الي العالم مصداقا لقول الحق: »وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس«.. فحتي نكون شهداء علي الناس والعالم لابد وأن نكون أمة وسطا، كل هذه المعاني تداعت الي الخاطر وأنا أشاهد وأرقب مصرع واستشهاد هذه الشابة المصرية التي خرجت تدافع عن دينها وحجابها ضد سفالة متطرف ألماني في بلد ظنت كما توهم الكثيرون انها تحمي حرية العقيدة كما يروجون لها، ولكني أعود وأقول: إنه لو علم الغرب أن للمسلمين دولاً لها شوكة قوية لتغيرت النظرة.. ولكن وكما يقول المثل »اللي مالوش ظهر ينضرب علي بطنه« والحقيقة ان المسلمين في الغرب ليس لهم ظهر، صحيح أن منهم من يسئ للإسلام نفسه كما قلت، ولكن ايضا دولهم أساءت إليهم اكثر، تخلفت عن ركب التقدم في كل المجالات وبينها وبين عالمها الذي تعيشه مائتا عام من التخلف علي الأقل. لا توجد دولة عربية مسلمة فيما عدا باكستان ومصر تنتج جزءاً من سلاحها وجميعها يعتمد في طعامه علي ما تستورده من الخارج.. وصراعات وهمية داخلية علي السلطة داخل العديد منها، وتمزق واضح داخل البيت الإسلامي غاب فيه صوت العلم والفقه بما سمح للعلمانيين ومنكري السنة أن يجدوا لهم مكانا وأن يكون لهم صوت مسموع.. كل ذلك ونريد لأبنائنا في الغرب حماية او احتراما، إذا كانت تلك الحماية او الاحترام مفقودتين في بلادهم فكيف نطلب من غيرنا ما لا نعطيه نحن لهم. إن هذا الحادث الأليم نكأ الجرح وكشف ضعف المسلمين وأنهم بالفعل كغثاء السيل لا قيمة لهم في نظر الغرب، وإن النظرة إليهم نظرة العالم الي المتخلف، ولذلك علينا ان نبدأ، وأن نجعل من محنة استشهاد مروة الشربيني منحة نعود بها الي صحيح الاسلام الذي يدعو الي العلم والعمل ليكون لنا مكانا مرموقا بين العالمين نستطيع خلاله ان نذود عن أبنائنا وان ندافع عن كرامتنا بعيدا عن بيانات الشجب والتنديد وأن نوجه خطابا رشيدا للآخر نبين فيه حقيقة الاسلام وجوهره ومبادءه لنمحو الصورة الزائفة عنه وعن المسلمين في عقل العالم وهذا هو جوهر الدعوة الي الله التي نتحمل جميعا نصيبا منها.. رحم الله مروة الشربيني وجعل استشهادها بداية صحوة للمسلمين وللدول الاسلامية نعود فيها الي صحيح الاسلام وإلي مجده الذي كان ولا يختلف المشهد الثاني عن الاول فها هم ذا المسلمون في الصين يتعرضون لأبشع انواع الاضطهاد العلني والمذابح في الشوارع، ثم يقولون إن لدينا نحن اضطهادا أو تفرقة! أي عبث هذا؟. وهذا المشهد الثاني يؤكد أن الهجمة والاعتداء موجه للإسلام ذاته، لأن الذين يتعرضون للاعتداء هم مواطنون صينيون وليسوا أجانب بما يؤكد ان التطرف لديهم ليس موجها للأجنبي في ذاته وإنما هو تطرف تجاه المسلمين بدليل أن العدوان موجه للصينيين المسلمين. الأمر يحتاج الي وقفة وتوحيد للجهود علي مستوي الدول الاسلامية لأن حال المسلمين في العالم أصبح لا يسر، وأصبحنا دائما في موضع المتهمين بالإرهاب، المدافعين عن أنفسهم رغم أن الإرهاب فيهم وليس فينا ورغم أن التطرف الحقيقي لديهم وليس لدينا.
سمر سيناتور
عدد الرسائل : 8530 تاريخ التسجيل : 06/08/2008
موضوع: رد: بقلم (بهاء الدين أبوشقة) غثاء السيل الأربعاء 15 يوليو - 2:31