أوباما بين إسرائيل وإيران أوباما ونتنياهو
6/15/2009 6:37:01 AM
اهتمت الصحف البريطانية الصادرة صباح الاثنين بخطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، والنتيجة المثيرة للجدل في الانتخابات الرئاسية الايرانية التي انتهت بإعلان فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بولاية ثانية.
في صحيفة "الإندبندنت" كتب دونالد ماكنتاير مقالا يطرح فيه تساؤلات بشأن موقف إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الآن بعد الخطاب الذي أعلن فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موقف حكومته من عملية السلام مع الفلسطينيين.
ماكنتاير يقول إن نتنياهو ذكر في خطابه للمرة الأولى طوال تاريخه السياسي تعبير "دولة فلسطينية" بما يعني موافقته على قيامها، وهو ما يعتبره كاتب المقال، نتاجا لما يسميه "تأثير أوباما".
إلا أنه يستدرك فيقول إن نتنياهو، رغم ما استخدمه في خطابه من كلمات عامة تبدو متسقة مع مطلب السلام، إلا أن حديثه عن القدس كعاصمة أبدية موحدة لاسرائيل "لن يرضي الفلسطينيين".
ويمضي قائلا إن رفض نتنياهو الواضح وقف توسيع المستوطنات لن يرضي الرئيس الأمريكي الذي يعتبر وقف البناء في المستوطنات مسألة أساسية كإشارة على حسن النية قبل استئناف المفاوضات.
وفي الوقت نفسه يرى الكاتب أيضا أن الفلسطينيين "الذين وافقوا منذ زمن طويل على الاعتراف باسرائيل ليسوا مرغمين بأي شكل على الالتزام بشرط آخر جديد نسبيا يتمثل في الاعتراف بها كدولة يهودية".
ويمضي الكاتب ليقول إن حكومة نتنياهو اليمينية ليست العقبة الوحيدة في طريق السلام، فالانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس يمثل عقبة أخرى.
ويختم مقاله بالقول إن نتنياهو يعود باسرائيل إلى ما قبل توليه رئاسة الحكومة غير أن "الرئيس يختلف تماما عن جورج بوش".
والسؤال الآن هو "هل لدى أوباما الطاقة والقدرة على التركيز لمواجهة الحكومة الإسرائيلية بنوع من الضغوط التي ترغمها على أن تسلك الطريق الذي يراه، أو تخاطر بنهايتها".
افتتاحية صحيفة "الإندبندنت" جاءت حول الموضوع نفسه أيضا، وتحت عنوان "يجب أن نرحب بهذه الخطوة الصغيرة المهمة من جانب إسرائيل".
الافتتاحية تقول إن نتنياهو كان يتعين عليه الاختيار بين إغضاب واشنطن أو إغضاب حلفائه في الحكومة ومواجهة خطر تداعي الائتلاف اليميني الهش، وإنه "قد اختار في النهاية الطريق الوسط".
وتركز الافتتاحية على موضوع إقرار نتنياهو للمرة الأولى بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم، ولكن مقابل عدم تقديم أي تنازلات أخرى تتعلق بوقف توسيع المستوطنات وهو ما قال في خطابه إنه سيكون "أمرا غير إنساني".
وتمضي الافتتاحية فتقول إن اعتراف نتنياهو بحق الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية يعتبر تقدما حتى على الصعيد النظري بعد أن كان يصر على أن حل معاناتهم لا يكون سوى بتحقيق ظروفهم المعيشية.
غير أن الافتتاحية تستدرك فتقول إن نتنياهو وضع شروطا لقيام مثل هذه الدولة أولها اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كوطن للشعب اليهودي، والكف عن المطالبة بالقدس الشرقية.
وترى أن من الصعب تخيل موافقة أكثر الفلسطينيين اعتدالا على التنازل عن القدس الشرقية أو عن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة "إلى دولة لاتزال حدودها المفترضة غير معروفة، وإن كان يفترض أن تكون ضمن حدود 1967 القديمة".
الافتتاحية مع ذلك ترى أن هناك "بابا قد فتح رغم كل شيء، وإنه يتعين على واشنطن الآن أن تضمن أن توضح اسرائيل تفاصيل العرض الذي تقدمه إلى الفلسطينيين وموعد تنفيذه".
وتختتم بالقول إن "خطاب نتنياهو قد لا يكون الخطاب الذي توقعناه منه إلا أن قبوله الواضح بدولة فلسطينية يوفر شيئا يمكن البناء عليه. وفي الظروف الحالكة في الشرق الأوسط فإن هذا يعد شيئا".
في صحيفة "التايمز" يكتب برنوين مادوكس حول الانتخابات الإيرانية التي جاءت مجددا بمحمود أحمدي نجاد رئيسا لفترة رئاسية أخرى.
وتحت عنوان "الولايات المتحدة يجب أن تسوي الحساب مع محمود أحمدي نجاد". المقال يرى أن نجاح نجاد في الانتخابات ربما كان أسهل مما توقع خصومه في الغرب إلا أنه لن يكون من السهل أن يحكم إيران بنفس القبضة الشديدة التي كان يحكم بها خلال السنوات الأربع الماضية.
يستعرض الكاتب في مقاله المظاهرات التي خرجت في ايران خلال الأسبوعين الأخيرين، والاحتجاجات الواسعة التي أعقبت الإعلان عن فوز نجاد، والاعتقالات الكثيرة للمحتجين، بل ومحاولة أنصار المرشح مير حسين موسوي المنافس لنجاد "استعادة" شمال طهران.
ويرى أن المؤكد هو أن كل تلك الأحداث قد غيرت من إيران فقد أظهرت المظاهرات للإيرانيين وللعالم عمق المعارضة القائمة للقمع السياسي الذي تمارسه السلطة الدينية خاصة في أوساط الشباب والمتعلمين الذين يشعرون بالاستياء من العزلة التي نتجت عن سياسات أحمدي نجاد.
ويستطرد فيقول إن تعهد نجاد لشعبه بالابقاء على أسعار الوقود منخفضة ستزيد العبء على الميزانية في وقت هبطت فيه عائدات النفط.
ومن ناحية أخرى قد يواجه نجاد مشاكل مع الفقراء الذي يؤيدونه، خاصة إذا ما ثبت تزوير الانتخابات، وأن تأييدهم له أقل كثيرا من الأرقام المعلنة.
ويقترح الكاتب على ادارة الرئيس أوباما استغلال تلك النقاط "كأهداف لسياستها الخارجية".
أما افتتاحية "التايمز" بعنوان "ربيع طهران" فتقول إن المناقشات العلنية والمظاهرات والشعارات المؤيدة للغرب، كلها كشفت الانقسام الكائن في المجتمع الايراني، وكشفت أيضا عن "طبقة وسطى غاضبة وجيل من الشباب يتوق للحرية".
وتمضي الافتتاحية قائلة إن كل هذه المظاهر كان لابد أن تقمع وأن تقمع بشدة.
و"قد صدرت الأوامر لمراكز الاقتراع الخاضعة للرئيس المتنافس بإعلان فوزه باغلبية كبيرة على خصمه مير موسوي حتى في قريته".
وترى الافتتاحية أن المرشد الأعلى للثورة الاسلامية علي خامنئي رأى أن الوسيلة الوحيدة للحفاظ على النظام الاسلامي هي اللجوء إلى القمع.
وقد لجأت السلطات إلى "قطع الاتصالات عن طريق الرسائل المكتوبة التي يتم تبادلها عبر الهواتف المحمولة، كما أغلقت مواقع عديدة على شبكة الانترنت، واعتقلت المتظاهرين، وشوهت وسائل الاعلام الأجنبية".
لكن الافتتاحية ترى أن العودة إلى ما كان في ايران ليس محتملا. "فقد اهتزت ثقة النظام، وسوف يميل إلى مزيد من القمع، وبالمقابل لن يتخلى الناخبون الذين يشعرون بالمرارة عن التعبيرعن غضبهم مما تعرضوا له من خداع".
وتنتهي الافتتاحية بنوع من التفاؤل عندما تقول إن الوقت سيكون في صالح الإصلاحيين، وإن القمع لا يمكنه أن يقيد إلى الأبد أمة تتطلع إلى الحرية".
أما افتتاحية صحيفة "الجارديان" فترى أن "الشيء المميز للنخبة الايرانية منذ وفاة آية الله الخميني كان دائما خوفها من الشباب".
وتمضي قائلة إن فزع السلطات من امتلاء الشوارع بالشباب والنساء في طهران وغيرها من المدن خلال الأسابيع الأخيرة الذين خرجوا يطالبون بالتغيير قد أدى الآن إلى "إساءة تقدير حمقاء ستكون لها عواقب وخيمة بالنسبة لإيران وربما للعالم".
وتمضي الافتتاحية فتتشكك في نتائج الانتخابات الايرانية، في الفشل الكبير الذي أعلن أن مير موسوي قد حصده حتى في بلدته، والفوز الكبير (المزعوم) الذي حققه أحمدي نجاد رغم السخط الذي يشعر به كثيرون ممن صوتوا له في انتخابات 2005، ورغم فشل سياسته الاقتصادية.
وتقول الافتتاحية إن الذين صوتوا لمنافسي نجاد لن يقبلوا أبدا رفض الحكومة الخضوع لرغبانهم وآمالهم.
وتؤكد الافتتاحية أن النظام الحاكم في ايران لم يكن يخشى مير موسوي ولا زوجته بل إن الرعب الحقيقي جاء من الشارع، فحكام إيران "جاءوا عن طريق الشارع وعن طريقه أيضا سيذهبون".
وتتطرق الافتتاحية إلى ما يمكن أن يحدث على صعيد العلاقة مع الولايات المتحدة، وكيف سيستغل رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو نجاح أحمدي نجاد في ممارسة مزيد من الضغوط على الإدراة الأمريكية لكي يخفف ضغوطها على حكومته بشأن السلام مع الفلسطينيين.
إلا أن الافتتاحية تقول إن السؤال الجوهري بعيدا عن هذا كله هو ماذا سيحدث داخل إيران نفسها.