دموع ومرارة ويأس ودماء غزة تجري أنهارا
1/5/2009 8:44:00 PM
غزة (رويترز) - بدا الصغار الثلاثة وهم ممددون على أرض المشرحة المكتظة مثل دمى عرائس نائمة.
وصاح الاب الذي فقد 13 من أقربائه عندما سقطت قذيفة اٍسرائيلية على منزله شرقي مدينة غزة باكيا "انهض يا ولدي.. انهض". ثم جعل يتوسل يائسا "أرجوك انهض. أنا أبوك .. أنا أحتاجك."
كان أكبرهم في الرابعة من عمره. وقد قتلت أمهم أيضا.
والعزاء في الموتى عمل خطير في غزة أيضا. فقد كان جابر عبد الدايم يتلقى العزاء في ابن أخ له وهو مسعف قتل في غارة جوية اٍسرائيلية في شمال قطاع غزة عندما تعرض المعزون للقصف.
وقال عبد الدايم "كنا نجلس في خيمة العزاء عندما قصفونا فجأة .. جرينا لنقل المصابين الى المستشفى لكنهم قصفونا ثانية."
لم يكن متأكدا أكان قصفا جويا أم نيران دبابات. وقال مسعفون ان ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب 17 اخرون.
وبجوار جثثهم وقف عبد الدايم.
وقال وعيناه مغرورقتان بالدموع "هؤلاء ابني وابن أخي وابن عمي. يا الله."
وكانت زوجته هناك وقد ظلت تردد ربما تحديا وربما ذهولا "نحن صامدون.. نحن صامدون."
وقال عبد الدايم ان كل الصواريخ الفلسطينية التي تطلقها حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على اسرائيل لا تساوي شيئا مقارنة بقنبلة اٍسرائيليلة واحدة.
وقال "يجب تقديمهم (قادة اسرائيل) الى المحاكم الدولية.. الله يجازي الحكام العرب الذين يراقبوننا في صمت ننزف ودماؤنا تجري أنهارا."
وجلست أم علاء مراد في ملابسها البالية على حشية قديمة وبين ذراعيها أحد صغارها التسعة.
تقول "ربما ما زلنا على قيد الحياة .. الموت غير راغب فينا."
وهي تعيش في مخيم الشاطيء للاجئين الذي يقطنه نحو 90 ألف شخص في مدينة غزة. ولا يبعد بيتها عن ميناء غزة البحري.
وقبالة الساحل ترابط سفينة حربية اسرائيلية تطلق القذائف والطلقات بين الحين والاخر. وقتل صاروخ أطلقته السفينة يوم الاحد نشطا فلسطينيا كان يركب دراجة نارية على الطريق الساحلي.
واصطف مئات الفلسطينيين من الصباح الباكر أمام المخابز في مدينة غزة وقد بدأ صبرهم ينفد.
وقال أبو عثمان وهو أب لسبعة أبناء "أقف هنا منذ ثلاث ساعات وما زال علي ان أنتظر مزيدا من الوقت. لعل صاروخا يقصفنا فيخلصنا من هذه الحياة البائسة."
وقال ان تعاطفه يتزايد مع مقاتلي حماس الذين أوقد اطلاقهم الصواريخ على اسرائيل شرارة الهجوم.
وقال "كنت أنتقد اطلاق الصواريخ. ربما ما زلت كذلك لكن ليس مثل السابق. الان أريد رؤية حافلات تنفجر في اسرائيل."
وينقطع التيار الكهربي عن غزة معظم اليوم ولا يجد كثير من الناس الماء لان الابار تحتاج الى مضخات تعمل بالكهرباء.
وتقول المتاجر ان سلعا أساسية مثل الارز والسكر نفدت لان الناس يخزنونها.
وفي الشوارع شبه المهجورة تناثرت اثار الانفجارات.
ودخلت نحو 80 شاحنة محملة بالمساعدات الانسانية غزة يوم الاثنين عن طريق معبر كرم ابو سالم في أقصى الجنوب.
وعلا صخب السائقين الفلسطينيين في مكتب صغير للجيش الاٍسرائيلي يحتمي بالجدار الحدودي الخرساني المرتفع وهم يسرعون لانهاء أوراقهم.
ودخلت الشاحنات المحملة بالدقيق (الطحين) والزيت وسط سحب من الغبار.
وعند معبر ايريز في الشمال حاول 35 شخصا من حملة جوازات السفر الاجنبية من النمسا وألمانيا وكندا ورومانيا والفلبين الخروج من غزة يوم الاثنين بمساعدة الصليب الاحمر واسرائيل.
واقتربوا حتى مسافة 500 متر من المنطقة الفاصلة ونقطة حدودية اسرائيلية محصنة لكن حاجزا وحفرة كبيرة سدا الطريق.
ورأت اللجنة الدولية للصليب الاحمر أن من الخطر المضي قدما في محاولة اخراجهم وأعادتهم الى غزة.
وبعد برهة اندلعت نيران الدبابات والمدافع الرشاشة بكثافة وراء النقطة الحدودية المحصنة في ايريز. ونصح ضابط اسرائيلي الصحفيين بمغادرة المنطقة.
م ن ق و ل