الزيدى وحق تقرير المصير
إنه مواطن تعرضت بلاده للدمار والقتل والنهب والسلب والاغتصاب وهتك العرض، أحزنه وأغضبه ما حدث على يد الغاصب الغازى، فقرر أن يقاوم الغازى المحتل. وبالرغم من أحقية المواطن فى دولة محتلة فى المقاومة وتحرير أرضه، لكن السؤال الذى يطرح نفسه هل حقه كمواطن مقدم على حق الصحفى الذى ألبسناه إياه أم حق هذا الأخير وما ينبنى عليه من ضوابط الأداء الصحفى مقدم على حق المواطن فى المقاومة وتحرير البلاد من الغازى الأجنبى؟
لقد أكد ميثاق هيئة الأمم المتحدة الصادر فى عام 1945 على حق الشعوب فى تقرير مصيرها بنفسها، وهو الحق الذى تبناه أيضًا العهد الدولى للحقوق السياسية والمدنية الصادر فى عام 1966 فى مادته الأولى، وهو ذات ما نص عليه العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر عام 1966 فى مادته الأولى، وهو ما يطرح معه التساؤل عن مدى شرعية ما قام به الصحفى الشاب منتظر الزيدى من إلقاء الحذاء صوب وجه الرئيس جورج بوش رئيس الولايات المتحدة الأمريكية فى زيارته الأخيرة للعراق فى مؤتمره الصحفى قبل تسليم الرئاسة إلى باراك أوباما الرئيس الـ44 لها.
ومن الناحية المهنية البحتة لا نستطيع نكران أن إلقاء الحذاء صوب وجه أى شخص هو خطأ مهنى جسيم، ولكن عندما تتوافر ملابسات وظروف وعوامل ضغط وعذر استفزاز وحق للمقاومة، يتوافر وفقًا للمواثيق الدولية، يجعلنا نعيد التقييم ويدفعنا هذا التساؤل الذى طرحناه فى أول المقال، هل حقه الأصيل كمواطن محتلة بلاده فى المقاومة وتحرير بلاده من المستعمر الغازى مقدم أم حق الصحفى الذى ألبسناه عليه فيما بعد؟
لا شك إن الحق الأقوى والأقدس هو المواطن، إذ أن حقك كمواطن فى دولة محتلة من الغازى يدفعك أن تساهم فى تقرير مصير بلادك، فقد فعلها الزيدى نيابة عن الكثير من أبناء العراق ومن حقك وكل حق لك أن تساهم فى تقرير المصير لبلادك، فليس بالحكومات فقط تحيا الشعوب فى الدول المحتلة والمعرضة للنهب والسلب والقتل والتمزيق والاعتقال، فلك دعوات أمهات ثكلى وأرامل وأيتام ومصابى حرب وأ سر شردت وغيرهم.
وعلى السلطات العراقية ألا تسمح بالمزايدة على أفراد شعبها، فقد أعلنها الرئيس بوش أنها "الديمقراطية وحرية التعبير مكفولة فى النظم الديمقراطية"، وأكد بيان وزارة الخارجية الأمريكية أن مصير الزيدى شأن داخلى للسلطات العراقية وأن الولايات المتحدة الأمريكية ليس لها علاقة بهذا الشأن، فلا تكسروا شوكة شعبكم إرضاء لغازٍ قتل وشرد الكثير من أبناء الشعب، فعلى الغازى أن يتأكد أن نهاية خدمة الغز حذاء، وعلى الغازى تدور الدوائر، ولتجعلوا قلوبكم مليئة بالإنصاف والعدالة.
ومازال الأمل أن تنظر الحكومة العراقية ليس فقط بعينها، ولكن أيضًا بعين الشعب العراقى الذى تعرض للقتل والجرح والنهب والسلب والدمار، ولا تكتفى برؤية واحدة بل إن تضع أيضًا رؤية فئات فى الشعب يروا أن الولايات المتحدة الأمريكية غازية وليست صديقة كما يرى البعض، وأن تضع هذا فى الحسبان حين محاكمة المواطن الصحفى منتظر الزيدى