هكذا تحدث الصهيونى نتنياهو عن «القدس» وهو فى زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية، متحدياً بذلك كل قرارات الشرعية الدولية واتجاه كل القوى العاقلة فى العالم، وضارباً عرض الحائط بما كان يقال له الأمة العربية ـ بمناسبة انعقاد القمة ـ وموجهاً لطمة قاسية للسلطة الفلسطينية، ومتخذاً قراراً واضحاً بدفن السلام دفناً نهائياً، ومعطياً سنداً لكل قوى التطرف بمقولة إن الحديد لا يفله إلا الحديد ـ التطرف لا يكسره إلا التطرف.
هكذا تحدث نتنياهو وهذا هو فحوى خطابه الذى ألقى به فى اجتماعات اللوبى الصهيونى.
ولعل توزيع الأدوار على المؤسسات النافذة فى الولايات المتحدة الأمريكية اقتضى أن يأخذ الرئيس أوباما موقفاً رافضاً للموقف الإسرائيلى الذى وضعه فى حرج مع كل الأنظمة «الصديقة» فى المنطقة، فى حين أخذ الكونجرس بمجلسيه موقف المؤيد والداعم لغطرسة نتنياهو وعنصريته.
ومعالجة القضايا من الناحية التاريخية غير مجدية. كل الدراسات التاريخية الجادة حتى التى قام بها مؤرخون إسرائيليون أكاديميون تقول إن القدس ـ أورشليم ـ لم تكن عاصمة لدولة إسرائيل الجنوبية إلا فى فترة قصيرة جداً هى فترة حكم سليمان وقد يزيد بعضهم عدداً محدوداً من السنين بعد حكم سليمان. على أقل الفروض ثمانون عاماً كانت فيها -أورشليم ـ القدس ـ عاصمة الدولة، وعلى أحسن الفروض مائتا عام، وآلاف السنين قبل ذلك وبعد ذلك لم تكن أورشليم ـ رغم كونها مدينة يسكنها يهود قبل المسيحية والإسلام ـ لم تكن أبداً طوال هذا التاريخ عاصمة للدولة حتى عندما كانت هناك دولة.
ومع ذلك فإن التاريخ غير مجد إلا فى الرد على الأساطير التى يقول بها غلاة الصهاينة.
بعد ذلك تأتى القرارات الصادرة عن الشرعية الدولية منذ بدء قرار التقسيم عام ١٩٤٨ وحتى القرارات الصادرة بعيد حرب ١٩٦٧ وما بعدها وحتى الآن كلها جميعاً تعتبر القدس ضمن الأرض المحتلة وكلها جميعاً تنكر ما أصدره الكنيست الإسرائيلى من قوانين توحد القدس وتجعلها العاصمة الأبدية لإسرائيل.
ليقل الكنيست بعنصريته ما يشاء ولكن أحكام القانون الدولى إذا كان مازال موجوداً فى نظر إسرائيل ـ تقول شيئاً آخر. تقول بوضوح إن سلطة الاحتلال لا تستطيع أن تغير طبيعة الوضع القانونى للأرض المحتلة ولا أن تقرر ضمها إليها.
ذلك فضلاً عن قرارات منظمة اليونسكو التى تلزم إسرائيل بالحفاظ على التراث التاريخى للمدينة المقدسة بكل عناصره اليهودية والمسيحية والإسلامية.
ولكن شعب الله المختار فوق كل القواعد والقوانين. ألم تعطهم «توراتهم» الحق فى قتل الأبرياء وسفك الدماء وأخذ الأموال وتشريد الناس لأنهم أعلى من كل الناس وفوق كل الناس كل ذلك ونخنو غافلون»
لمتى سوف تظل فى غفلتنا