يا عزيزى.. كلنا فاسدون

لقد استشرى الفساد وتوطن فى مصر لدرجة جعلت المواطن المصرى يتكيف ويتعايش معه وكأنه أصبح جزءاً من ذلك الوطن.. كل يوم بقضية من قضايا الفساد كفيلة بإحالة صاحبها للمفتى.. فصاحب قضية الفساد لا يرتكب جريمة فى حق نفسه فقط، بل الجريمة تكون فى حق ذلك الوطن وأبنائه.. على سبيل المثال قضايا القمح الفاسد ورى المزروعات بمياه الصرف الصحى، واللحوم منتهية الصلاحية التى ترعرعت أجسادنا منها.. من هو صاحب هذه الصفقات والعمليات المشبوهة.. للأسف دائماً الفاعل مجهول، لقد أصبحنا نأكل الفساد ونشربه، وأصبح هو لغتنا الرسمية..
حتى المواطن الشريف مجبر على أن يكون فاسداً بدفع الرشوة حتى ينهى مصالحه، وإذا اعترض كان مصيره تعطيل مصالحه ووقف حاله ووضع العراقيل أمامه، وفى النهاية سيدفع قيمة الرشوة مجبراً مثلماً يحدث فى المحليات والدليل على ذلك أن الأجهزة الرقابية رفضت تعيين المئات من العاملين فيها فى وظائف قيادية، والسبب أن نظام الترقيات تشوبه المجاملات والعلاقات الشخصية، أما حُسنْ السمعة وطيب الخِصَال أصبحا أمراً ثانوياً، إن لم يكن منعدماً عند النظر فى الاختيارات لهذه الوظائف الحساسة..
فالفساد أصبح من أهم عوامل انهيار الشعوب.. وأعتقد أن معظمكم يعرف قصة المسؤول الروسى الذى جندته المخابرات الأمريكية، وحامت حوله الشبهات، ولكن بلا أى دليل على إدانته.. ظل هكذا لسنوات عديدة إلى أن تم اكتشاف السر، واعترف أن المخابرات الأمريكية لم تطلب منه أى معلومات عسكرية أو اقتصادية عن بلده!! بل طلبت منه أمراً واحداً فى منتهى السهولة، وهو أن يختار للمناصب القيادية فى الدولة الفاسدين أمثاله وعديمى الكفاءة والخبرات!!
والآن زال الاتحاد السوفيتى من الوجود وتفكك، وأصبحت روسيا أسداً بلا أنياب، بعد أن كانت من القوى العظمى.. هل علمتم الآن سبب انهيار الشعوب إنه سوء الاختيار، وسوء الإدارة، ووضع عديمى الكفاءة، ومنعدمى الضمير فى مناصب ليسوا أهلاً لها.. كلنا يا سادة فاسدون، لأننا نشارك الفاسد بالسكوت عليه