ترك الصلاة
ترك
الصلاة
الكبيرة
الرابعة في ترك الصلاة
قال
الله تعالى فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا *
إلا من تاب و آمن و عمل صالحاً
قال
ابن عباس رضي الله عنهما ليس معنى أضاعوها تركوها بالكلية ، و لكن أخروها عن
أوقاتها و قال سعيد بن المسيب إمام التابعين رحمه الله هو أن لا يصلي الظهر حتى
يأتي العصر و لا يصلي العصر إلى المغرب ، و لا يصلي المغرب إلى العشاء ، و لا يصلي
العشاء إلى الفجر ، و لا يصلي الفجر إلى طلوع الشمس فمن مات و هو مصر على هذه
الحالة و لم يتب وعده الله بغي ، و هو واد في جهنم بعيد قعره خبيث طعمه و قال الله
تعالى في آية أخرى فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون أي غافلون عنها ،
متهاونون بها و قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه سألت رسول الله صلى الله عليه و
سلم عن الذين هم عن صلاتهم ساهون قال هو تأخير الوقت أي تأخير الصلاة عن وقتها ،
سماهم مصلين لكنهم لما تهاونوا و أخروها عن وقتها وعدهم بويل و هو شدة العذاب و
قيل هو واد بجهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة حره ، و هو مسكن من يتهاون
بالصلاة و يؤخرها عن وقتها إلا أن يتوب إلى الله و يندم على ما فرط و قال الله
تعالى في آية أخرى يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر
الله ، و من يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون
قال
المفسرون المراد بذكر الله في هذه الآية الصلوات الخمس فمن اشتغل بماله في بيعه و
شرائه و معيشته و ضيعته و أولاده عن الصلاة في وقتها كان من الخاسرين و هكذا قال
النبي صلى الله عليه و سلم أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة فإن
صلحت فقد أفلح و أنجح ، و إن نقصت فقد خاب و خسر
و
قال الله تعالى مخبراً عن أصحاب الجحيم
ما
سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * و لم نك نطعم المسكين * و كنا نخوض مع
الخائضين * و كنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين * فما تنفعهم شفاعة
الشافعين
و
قال النبي صلى الله عليه و سلم العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة فمن تركها فقد
كفر و قال النبي صلى الله عليه و سلم بين العبد و بين الكفر ترك الصلاة
حديثان صحيحان
و
في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من فاتته صلاة العصر حبط
عمله و في السنن أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من ترك الصلاة متعمداً
فقد برئت منه ذمة الله و قال صلى الله عليه و سلم أمرت أن أقاتل الناس حتى
يقولوا لا إله إلا الله و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني
دماءهم و أموالهم إلا بحقها و حسابهم على الله متفق عليه و قال صلى الله عليه و
سلم من حافظ عليها كانت له نوراً و برهاناً و نجاة يوم القيامة ، و من لم يحافظ
عليها لم تكن له نوراً و لا برهاناً و لا نجاة يوم القيامة و كان يوم القيامة مع
فرعون و قارون و هامان و أبي بن خلف
و
قال عمر رضي الله عنه أما أنه لا حظ لأحد في الإسلام أضاع الصلاة
قال
بعض العلماء رحمهم الله و إنما يحشر تارك الصلاة مع هؤلاء الأربعة ، لأنه إنما
يشتغل عن الصلاة بماله أو بملكه أو بوزارته أو بتجارته فإن اشتغل بماله حشر مع
قارون ، و إن اشتغل بملكه حشر مع فرعون ، و إن اشتغل بوزارته حشر مع هامان ، و إن
اشتغل بتجارته حشر مع أبي بن خلف تاجر الكفار بمكة و روى الإمام أحمد عن معاذ
بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من ترك صلاة مكتوبة
متعمداً فقد برئت منه ذمة الله عز و جل
و
روى البيهقي بإسناده أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله تعالى في الإسلام
؟ قال الصلاة لوقتها ، و من ترك الصلاة فلا دين له ، و الصلاة عماد الدين و لما
طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قيل له الصلاة يا أمير المؤمنين قال نعم أما إنه
لا حظ لأحد في الإسلام أضاع الصلاة و صلى رضي الله عنه و جرحه يثعب دماً و قال
عبد الله بن شقيق التابعي رضي الله عنه كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم
لا يرون من الأعمال تركه كفر غير الصلاة و سئل علي رضي الله عنه عن امرأة لا تصلي
، فقال من لم يصلي فهو كافر و قال ابن مسعود رضي الله عنه من لم يصل فلا دين له
و قال ابن عباس رضي الله عنهما من ترك صلاة واحدة متعمداً لقي الله تعالى و هو
عليه غضبان و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من لقي الله و هو مضيع للصلاة
لم يعبأ الله بشيء من حسناته ـ أي ما يفعل و ما يصنع بحسناته ـ إذا كان مضيعاً
للصلاة و قال ابن حزم لا ذنب بعد الشرك أعظم من تأخير الصلاة عن وقتها ، و قتل
مؤمن بغير حق و قال إبراهيم النخعي من ترك الصلاة فقد كفر ، و قال أيوب
السختياني مثل ذلك و قال عون بن عبد الله إن العبد إذا أدخل قبره سئل عن الصلاة
أول شيء يسأل عنه ، فإن جازت له نظر فيما دون ذلك من عمله ، و إن لم تجز له لم ينظر
في شيء من عمله بعد و قال صلى الله عليه و سلم إذا صلى العبد الصلاة في أول
الوقت صعدت إلى السماء و لها نور حتى تنتهي إلى العرش فتستغفر لصاحبها إلى يوم
القيامة و تقول حفظك الله كما حفظتني و إذا صلى العبد الصلاة في غير وقتها صعدت
إلى السماء و عليها ظلمة ، فإذا انتهت إلى السماء تلف كما يلف الثوب الخلق و يضرب
بها وجه صاحبها ، و تقول ضيعك الله كما ضيعتني و روى أبو داود في
سننه
عن
عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاتهم ـ من تقدم قوماً و هم له كارهون ، و من استعبد
محرراً ، و رجل أتى الصلاة دباراً و الدبار أن يأتيها بعد أن تفوته و جاء عنه صلى
الله عليه و سلم أنه قال من جمع بين صلاتين من غير عذر فقد أتى باباً عظيماً من
أبواب الكبائر فنسأل الله التوفيق و الإعانة إنه جواد كريم و أرحم
الراحمين
فصل ـ
متى يؤمر الصبي بالصلاة
روى
أبو داود في السنن أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال مروا الصبي بالصلاة
إذا بلغ سبع سنين ، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها و في رواية مروا أولادكم
بالصلاة و هم أبناء سبع و اضربوهم عليها و هم أبناء عشر و فرقوا بينهم في
المضاجع
قال
الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله هذا الحديث يدل على إغلاظ العقوبة له إذا
بلغ تاركاً لها
و
كان بعض أصحاب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يحتج به في وجوب قتله إذا تركها
متعمداً بعد البلوغ ، و يقول إذا استحق الضرب و هو غير بالغ ، فيدل على أنه يستحق
بعد البلوغ من العقوبة ما هو أبلغ من الضرب و ليس بعد الضرب شيء أشد من
القتل
و
قد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم تارك الصلاة ، فقال مالك و الشافعي و
أحمد ، رحمهم الله تارك الصلاة يقتل ضرباً بالسيف في رقبته ثم اختلفوا في كفره
إذا تركها من غير عذر حتى يخرج وقتها ، فقال إبراهيم النخعي و أيوب السختياني
و عبد الله بن المبارك و أحمد بن حنبل و اسحاق بن راهوية هو كافر و استدلوا
بقول النبي صلى الله عليه و سلم العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة ، فمن تركها فقد
كفر و بقوله صلى الله عليه و سلم بين الرجل و بين الكفر ترك
الصلاة
فصل
ـ
و
قد ورد في الحديث أن من حافظ على الصلوات المكتوبة أكرمه الله تعالى بخمس كرامات
، يرفع عنه ضيق العيش و عذاب القبر ، و يعطيه كتابه بيمينه ، و يمر على الصراط
كالبرق الخاطف ، و يدخل الجنة بغير حساب و من تهاون بها عاقبه الله بخمس عشرة
عقوبة ، خمس في الدنيا و ثلاث عند الموت ، و ثلاث في القبر ، و ثلاث عند خروجه من
القبر فأما اللاتي في الدنيا فالأولى ينزع البركة من عمره ، و الثانية يمحي
سيماء الصالحين من وجهه ، و الثالثة كل عمل يعمله لا يأجره الله عليه ، و الرابعة
لا يرفع له دعاء إلى السماء ، و الخامسة ليس له حظ في دعاء الصالحين و أما
اللاتي تصيبه عند الموت فإنه يموت ذليلاً ، و الثانية يموت جائعاً ، و الثالثة
يموت عطشاناً و لو سقي بحار الدنيا ما روي من عطشه ، و أما اللاتي تصيبه في قبره ،
فالأولى يضيق عليه قبره حتى تختلف عليه أضلاعه ، و الثانية يوقد عليه القبر ناراً
يتقلب على الجمر ليلاً و نهاراً ، و الثالثة يسلط عليه في قبره ثعبان اسمه الشجاع
الأقرع عيناه من نار و أظفاره من حديد طول كل ظفر مسيرة يوم ، يكلم الميت فيقول أنا
الشجاع الأقرع و صوته مثل الرعد القاصف يقول أمرني ربي أن أضربك على تضييع صلاة
الصبح إلى طلوع الشمس ، و أضربك على تضييع صلاة الظهر إلى العصر ، و أضربك على
تضييع صلاة العصر إلى المغرب ، و أضربك على تضييع صلاة المغرب إلى العشاء ، و
أضربك على تضييع صلاة العشاء إلى الصبح فكلما ضربه ضربة يغوص في الأرض سبعين
ذراعاً ، فلا يزال في الأرض معذباً إلى يوم القيامة و أما اللاتي تصيبه عند خروجه
من قبره في موقف القيامة فشدة الحساب ، و سخط الرب ، و دخول النار ، و في رواية
فإنه يأتي يوم القيامة و على وجهه ثلاثة أسطر مكتوبات السطر الأول يا مضيع حق
الله ، السطر الثاني يا مخصوصاً بغضب الله ، السطر الثالث كما ضيعت في الدنيا حق
الله فآيس اليوم من رحمة الله و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال إذا كان يوم
القيامة يؤتى بالرجل فيوقف بين يدي الله عز و جل فيأمر به إلى النار ، فيقول يا
رب لماذا ؟ فيقول الله تعالى لتأخير الصلاة عن أوقاتها و حلفك بي
كاذباً
وعن
رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال يوماً لأصحابه اللهم لا تدع فينا شقياً و
لا محروما ثم قال صلى الله عليه و سلم أتدرون من الشقي المحروم ؟ قالوا من هو
يا رسول الله ؟ قال تارك الصلاة
و
روي أنه أول من يسود يوم القيامة وجوه تاركي الصلاة ، و أن في جهنم وادياً يقال له
الملحم فيه حيات ، كل حية ثخن رقبة البعير ، طولها مسيرة شهر تلسع تارك الصلاة
فيغلي سمها في جسمه سبعين سنة ثم يتهرى لحمه
حكاية
روي أن امرأة من بني إسرائيل جاءت إلى موسى عليه السلام فقالت يا رسول الله إني
أذنبت ذنباً عظيماً و قد تبت منه إلى الله تعالى ، فادع الله أن يغفر لي ذنبي و
يتوب علي فقال لها موسى عليه السلام و ما ذنبك ؟ قالت يا نبي الله إني زنيت و
ولدت ولداً فقتلته فقال لها موسى عليه السلام اخرجي يا فاجرة لا تنزل نار من
السماء فتحرقنا بشؤمك ، فخرجت من عنده منكسرة القلب ، فنزل جبريل عليه السلام و قال
يا موسى الرب تعالى يقول لك لما رددت التائبة يا موسى ، أما وجدت شراً منها ، قال
موسى يا جبريل و من هو شر منها ؟ قال تارك الصلاة عامداً متعمداً
حكاية
أخرى عن بعض السلف أنه أتى أختاً له ماتت ، فسقط كيس منه فيه مال في قبرها فلم يشعر
به أحد حتى انصرف عن قبرها ، ثم ذكره فرجع إلى قبرها فنبشه بعدما انصرف الناس ،
فوجد القبر يشعل عليها ناراً فرد التراب عليها و رجع إلى أمه باكياً حزيناً فقال
يا أماه أخبريني عن أختي و ما كانت تعمل ؟ قالت و ما سؤالك عنها ؟ قال يا أمي
رأيت قبرها يشتعل عليها ناراً قال فبكت و قالت يا ولدي كانت أختك تتهاون بالصلاة
و تؤخرها عن وقتها فهذا حال من يؤخر الصلاة عن وقتها ، فكيف حال من لا يصلي ؟
فنسأل الله تعالى أن يعيننا على المحافظة عليها في أوقاتها إنه جواد
كريم
فصل
في عقوبة من ينقر الصلاة و لا يتم ركوعها و لا سجودها ، و قد روي في تفسير قول
الله تعالى فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون أنه الذي ينقر الصلاة و لا
يتم ركوعها و لا سجودها
و
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً دخل المسجد و رسول الله
صلى الله عليه و سلم جالس فيه ، فصلى الرجل ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه و
سلم فرد عليه السلام ، ثم قال له ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى كما صلى ، ثم
جاء فسلم على النبي صلى الله عليه و سلم فرد عليه السلام ثم قال ارجع فصل فإنك لم
تصل ، فرجع فصلى كما صلى ، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه و سلم فرد عليه
السلام ، و قال ارجع فصل فإنك لم تصل ثلاث مرات فقال في الثالثة و الذي بعثك
بالحق يا رسول الله ما أحسن غيره فعلمني فقال صلى الله عليه و سلم إذا قمت إلى
الصلاة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ، ثم ارفع
حتى تعتدل قائماً ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم اجلس حتى تطمئن جالساً ثم اسجد
حتى تطمئن ساجداً ، و افعل ذلك في صلاتك كلها و روى الإمام أحمد رضي الله عنه
عن البدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تجزىء صلاة لا
يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع و السجود و رواه أبو داود أيضاً و الترمذي ، و
قال حديث حسن صحيح و في رواية أخرى حتى يقيم ظهره في الركوع و
السجود
و
هذا نص عن النبي صلى الله عليه و سلم في أن من صلى و لم يقم ظهره بعد الركوع و
السجود كما كان ، فصلاته باطلة ، و هذا في صلاة الفرض و كذا الطمأنينة أن يستقر كل
عضو في موضعه
و
ثبت عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال أشد الناس سرقة الذي يسرق من صلاته قيل و
كيف يسرق من صلاته ؟ قال لا يتم ركوعها و لا سجودها و لا القراءة فيها
و
روى الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال لا ينظر الله إلى رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه و سجوده
و
قال صلى الله عليه و سلم تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني
شيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلا
و
عن أبي موسى قال صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يوماً بأصحابه ثم جلس ، فدخل
رجل فقام يصلي ، فجعل يركع و ينقر سجوده ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم
ترون هذا لو مات مات على غير ملة محمد صلى الله عليه و آله و سلم ينقر صلاته كما
ينقر الغراب الدم أخرجه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه
و
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ما من مصل
إلا و ملك عن يمينه و ملك عن يساره ، فإن أتمها عرجا بها إلى الله تعالى ، و إن لم
يتمها ضربا بها وجهه
و
روى البيهقي بسنده عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
من توضأ أحسن الوضوء ثم قام إلى الصلاة فأتم ركوعها و سجودها و القراءة فيها قالت
الصلاة حفظك الله كما حفظتني ، ثم صعد بها إلى السماء و لها ضوء و نور ، ففتحت لها
أبواب السماء حتى ينتهي بها إلى الله تعالى فتشفع لصاحبها و إذا لم يتم ركوعها و
لا سجودها و لا القراءة فيها قالت الصلاة ضيعك الله كما ضيعتني ، ثم صعد بها إلى
السماء و عليها ظلمة ، فأغلقت دونها أبواب السماء ، ثم تلف كما يلف الثوب الخلق
فيضرب بها وجه صاحبها
و
عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الصلاة
مكيال ، فمن وفي وفي له ، و من طفف فقد علمتم ما قال الله في المطففين قال الله
تعالى ويل للمطففين و المطفف هو المنقص للكيل أو الوزن أو الذراع أو الصلاة ،
وعدهم الله بويل و هو واد في جهنم تستغيث جهنم من حره ، نعوذ بالله منه
و
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إذا سجد أحدكم
فليضع وجهه و أنفه و يديه على الأرض فإن الله تعالى أوحى إلي أن أسجد على سبعة
أعضاء الجبهة و الأنف و الكفين و الركبتين ، و صدور القدمين ، و أن لا أكف شعراً و
لا ثوباً ، فمن صلى و لم يعطي كل عضو منها حقه لعنه ذلك العضو حتى يفرغ من
صلاته
و
روى البخاري عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه رأى رجلاً يصلي و لا يتم ركوع
الصلاة و لا سجودها فقال له حذيفة صليت و لو مت و أنت تصلي هذه الصلاة ، مت على غير
فطرة محمد صلى الله عليه و سلم
و
في رواية أبي داود أنه قال منذ كم تصلي هذه الصلاة ؟ قال منذ أربعين سنة قال
ما صليت منذ أربعين سنة شيئاً ، و لو مت مت على غير فطرة محمد صلى الله عليه و آله
سلم
و
كان الحسن البصري يقول يقول يا ابن آدم أي شيء يعز عليك من دينك إذا هانت عليك
صلاتك و أنت أول ما تسأل عنها يوم القيامة كما تقدم من قول النبي صلى الله عليه و
سلم أول ما يحاسب العبد يوم القيامة من عمله صلاته ، فإن صلحت فقد أفلح و أنجح ،
و إن فسدت فقد خاب و خسر ، فإن انتقص من الفريضة شيء يقول الله تعالى انظروا هل
لعبدي من تطوع فيكمل به ما انتقص من الفريضة ، ثم يكون سائر عمله كذلك
فينبغي
للعبد أن يستكثر من النوافل حتى يكمل به ما انتقص من فرائضه و بالله
التوفيق
فصل
في عقوبة تارك الصلاة في جماعة مع القدرة قال الله تعالى يوم يكشف عن ساق و
يدعون إلى السجود فلا يستطيعون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة و قد كانوا يدعون إلى
السجود و هم سالمون
و
ذلك يوم القيامة يغشاهم ذل الندامة و قد كانوا في الدنيا يدعون إلى
السجود
قال
إبراهيم التيمي يعني إلى الصلاة المكتوبة بالأذان و الإقامة ، و قال سعيد بن
المسيب كانوا يسمعون حي على الصلاة حي على الفلاح ، فلا يجيبون و هم أصحاء
سالمون
و
قال كعب الأحبار و الله ما نزلت هذه الآية إلا في الذين تخلفوا عن الجماعة ، فأي
وعيد أشد و أبلغ من هذا لمن ترك الصلاة في الجماعة مع القدرة على إتيانها ؟ و أما
من السنة فما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لقد هممت
أن آمر بالصلاة فتقام ، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من
حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة في الجماعة ، فأحرق بيوتهم عليهم بالنار و لا يتوعد
بحرق بيوتهم عليهم إلا على ترك واجب مع ما في البيوت من الذرية و
المتاع
و
في صحيح مسلم أن رجلاً أعمى أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله
ليس لي قائد يقودني إلى المسجد و سأل النبي صلى الله عليه و سلم أن يرخص له أن يصلي
في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال نعم قال
فأجب
و
رواه أبو داود عن عمرو بن أم مكتوم أنه أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا
رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام و السباع و أنا ضرير البصر شاسع الدار ـ أي بعيد
الدار ـ و لي قائد لا يلائمني فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فقال هل تسمع النداء
؟ قال ، نعم قال فأجب فإني لا أجد لك رخصة
فهذا
ضرير البصر شكى ما يجد من المشقة في مجيئه إلى المسجد و ليس له قائد يقوده إلى
المسجد ، و مع هذا لم يرخص له النبي صلى الله عليه و سلم في الصلاة في بيته فكيف
بمن يكون صحيح البصر سليماً لا عذر له ؟ و لهذا لما سئل ابن عباس رضي الله عنهما
عن رجل يصوم النهار و يقوم الليل و لا يصلي في جماعة و لا يجمع فقال إن مات على
هذا فهو في النار
و
قال أبو هريرة رضي الله عنه لأن تمتلىء أذن ابن آدم رصاصاً مذاباً خير له من أن
يسمع النداء و لا يجيب
و
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من سمع
المنادي بالصلاة فلم يمنعه من اتباعه عذر ، قيل و ما العذر يا رسول الله ؟ قال خوف
أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى يعني في بيته
و
أخرج الحاكم في مستدركه عن ابن عباس أيضاً قال قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم و ثلاثة لعنهم الله من تقدم قوماً و هم له كارهون ، و امرأة باتت و زوجها
عليها ساخط ، و رجل سمع حي على الصلاة حي على الفلاح ثم لم يجب
و
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد قيل و من
جار المسجد ؟ قال من سمع الأذان
و
روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال من سره أن يلقى
الله غداً مسلماً ـ يعني يوم القيامة ـ فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادي
بهن ، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى ، و إنهن من سنن الهدى ، و لو أنكم صليتم في
بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، و لو تركتم سنة نبيكم
لضللتم و لقد رأيتنا و ما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض ، و لقد كان
الرجل يؤتى به يهادي بين رجلين حتى يقام في الصف أو حتى يجيء إلى المسجد لأجل صلاة
الجماعة
و
كان الربيع بن خيثم قد سقط شقه في الفالج ، فكان يخرج إلى الصلاة يتوكأ على رجلين ،
فيقال له يا أبا محمد قد رخص لك أن تصلي في بيتك أنت معذور فيقول هو كما تقولون
، و لكن أسمع المؤذن يقول حي على الصلاة حي على الفلاح ، فمن استطاع أن يجيبه و لو
زحفاً أو حبواً فليفعل
و
قال حاتم الأصم فاتتني مرة صلاة الجماعة فعزاني أبو اسحاق البخاري وحده ، و لو
مات لي ولد لعزاني أكثر من عشرة آلاف إنسان ، لأن مصيبة الدين عند الناس أهون من
مصيبة الدنيا
و
كان بعض السلف يقول ما فاتت أحداً صلاة الجماعة إلا بذنب أصابه و قال ابن عمر خرج
عمر يوماً إلى حائط له فرجع و قد صلى الناس العصر فقال عمر إنا لله و إنا إليه
راجعون فاتتني صلاة العصر في الجماعة أشهدكم أن حائطي على المساكين صدقة ليكون
كفارة لما صنع عمر رضي الله عنه ، و الحائط البستان فيه النخل
فصل
ـ
و
يكون اعتناؤه بحضور صلاة العشاء و الفجر أشد ، فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال
إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين ، يعني العشاء و الفجر ، و لو
يعلمون ما فيهما من الأجر لأتوهما و لو حبواً
و
قال ابن عمر كنا إذا تخلف منا إنسان في صلاة العشاء و الصبح في الجماعة أسأنا به
الظن أن يكون قد نافق
حكاية
عن عبيد الله بن عمر القواريري رضي الله عنه قال لم تكن تفوتني صلاة العشاء في
الجماعة قط ، فنزل بي ليلة ضيف فشغلت بسببه و فاتتني صلاة العشاء في الجماعة ،
فخرجت أطلب الصلاة في مساجد البصرة ، فوجدت الناس كلهم قد صلوا و غلقت المساجد ،
فرجعت إلى بيتي و قلت قد ورد في الحديث إن صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفرد
بسبع و عشرين درجة ، فصليت العشاء سبعاً و عشرين مرة ثم نمت ، فرأيت في المنام كأني
مع قوم على خيل و أنا أيضاً على فرس و نحن نستبق ، و أنا أركض فرسي فلا ألحقهم ،
فالتفت إلى أحدهم فقال لي لا تتعب فرسك فلست تلحقنا قلت و لم ؟ قال لأنا صلينا
العشاء في جماعة و أنت صليت وحدك فانتبهت و أنا مغموم حزين لذلك ، فنسأل الله
المعونة و التوفيق إنه جواد كريم