أخذ الرشوة على الحكم
أخذ
الرشوة على الحكم
الكبيرة
الثانية و الثلاثون أخذ الرشوة على الحكم
قال
الله تعالى و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل و تدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا
فريقاً من أموال الناس بالإثم و أنتم تعلمون
أي
لا تدلو بأموالكم إلى الحكام ، أي لا تصانعوهم بها و لا ترشوهم ليقتطعوا لكم حقاً
لغيركم و أنتم تعلمون أنه لا يحل لكم و عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم لعن الله الراشي و المرتشي في الحكم أخرجه الترمذي و قال حديث حسن
و عن عبد الله بن عمرو لعن رسول الله صلى الله عليه و سلم الراشي و
المرتشي
قال
العلماء فالراشي هو الذي يعطي الرشوة ، و المرتشي هو الذي يأخذ الرشوة و إنما تلحق
اللعنة الراشي إذا قصد بها أذية مسلم أو ينال بها ما لا يستحق ، أما إذا أعطى
ليتوصل إلى حق له و يدفع عن نفسه ظلماً فإنه غير داخل في اللعنة ، و أم الحاكم
فالرشوة عليه حرام أبطل بها حقاً أو دفع بها ظلماً و قد روي في حديث آخر إن اللعنة
على الرائش أيضاً و هو الساعي بينهما ، و هو تابع للراشي في قصده خيراً لم تلحقه
اللعنة و إلا لحقته
فصل
و من ذلك ما روى أبو داود في سننه عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال ،
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من شفع لرجل شفاعة فأهدى له عليها هدية فقد أتى
باباً كبيراً من أبواب الربا و عن ابن مسعود قال السحت أن تطلب لأخيك الحاجة
فتقضى فيهدى إليك هدية فتقبلها منه ، و عن مسروق أنه كلم ابن زياد في مظلمة فردها
فأهدى إليه صاحب المظلمة و صيفاً فردها و لم يقبلها ، و قال سمعت ابن مسعود يقول
من رد عن مسلم مظلمة فأعطاه على ذلك قليلاً أو كثيراً فهو سحت فقال الرجل يا أبا
عبد الرحمن ما كنا نظن أن السحت إلا الرشوة في الحكم فقال ذلك كفر نعوذ بالله منه
و نسأل الله العفو و العافية من كل بلاء و مكروه
الحكاية
عن الإمام أبي عمر الأوزعي رحمه الله ـ و كان يسكن ببيروت ـ أن نصرانياً جاء
إليه فقال إن والي بعلبك ظلمني بمظلمة ، و أريد أن تكتب إليه و أتاه بقلة عسل ،
فقال الأوزاعي رحمه الله إن شئت رددت القلة و كتبت لك إليه ، و إن شئت أخذت
القلة فكتبت له إلى الوالي أن ضع عن هذا النصراني من خراجه فأخذ القلة و الكتاب و
مضى إلى الوالي فأعطاه الكتاب فوضع عنه ثلاثين درهماً بشفاعة الإمام ، رحمه الله و
حشرنا في زمرته
موعظة
عباد الله تدبروا العواقب ، و احذروا قوة المناقب ، و اخشوا عقوبة المعاقب ، و
خافوا سلب السالب ، فإنه و الله طالب غالب أين الذين قعدوا في طلب المنى و قاموا ،
و داروا على توطئة دار الرحيل و حاموا ؟ ما أقل ما لبثوا و ما أوفى ما أقاموا ! لقد
وبخوا في نفوسهم في قعر قبورهم على ما أسلفوا و لاموا
أما
والله لو علم الأنام لما خلقوا لما هجموا و ناموا
لقد
خلقوا لأمر لو رأته عيون قلوبهم تاهوا و هاموا
ممات
، ثم قبر ، ثم حشر ، و توبيخ ، و أهوال ، عظام
ليوم
الحشر قد عملت رجال فصلوا من مخافته و صاموا
و
نحن إذا أمرنا أو نهينا كأهل الكهف إيقاظ نيام
يا
من بأقذار الخطايا قد تلطخ ، و بآفات البلايا قد تضمخ ، يا من سمع كلام من لام و
وبخ ، يعقد عقد التوبة حتى إذا أمسى يفسخ ، يا مطلقاً لسانه و الملك يحصى و ينسخ ،
يا من طير الهوى في صدره قد عشش و فرخ ، كم أباد الموت ملوكاً كالجبال الشمخ ، كم
أزعج قواعد كانت في الكبر ترسخ ، و أسكنهم ظلم اللحود و من ورائهم برزخ ، يا من
قلبه من بدنه بالذنوب أوسخ ، يا مبارزاً بالعظائم أتأمن أن يخسف بك أو تمسخ ، يا من
لازم العيب بعد اشتماله الشيب ففعله يؤرخ و الحمد لله دائماً و أبداً