فضفضه
ارجو من زوارنا الكرام التسجيل في منتدي فضفضه

نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 416132450
فضفضه
ارجو من زوارنا الكرام التسجيل في منتدي فضفضه

نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 416132450
فضفضه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


فضفضه موقع عربى متكامل
 
البوابةالرئيسيةدردشة الاعضاءأحدث الصورالتسجيلدخولطرائف فضفضه
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» الموت بطعم التفاح الاخضر
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Icon_minitimeالإثنين 26 أكتوبر - 7:24 من طرف Admin

» لماذا تطلب المراه المساوه
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Icon_minitimeالثلاثاء 20 أكتوبر - 8:17 من طرف Admin

» لماذ المرأه الموظفه
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Icon_minitimeالأربعاء 14 أكتوبر - 8:23 من طرف Admin

» قناتي علي اليوتيوب
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Icon_minitimeالأربعاء 14 أكتوبر - 8:09 من طرف Admin

» دردشه الاعضاء
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Icon_minitimeالأربعاء 14 أكتوبر - 7:46 من طرف Admin

» لعبه كلمه السر
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Icon_minitimeالسبت 8 أبريل - 5:45 من طرف Admin

» الكاتبه فريده الشوباشي خير دليل علي ان المرأه لا تصاح ان تنال حريتها
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Icon_minitimeالإثنين 10 أكتوبر - 3:19 من طرف Admin

» قانون الخدمه المدنيه الجديد بعد اقرار مجلس النواب
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Icon_minitimeالجمعة 7 أكتوبر - 20:34 من طرف Admin

» اهم اسباب غرق مركب رشيد شباب عاطل ونساء موظفات
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Icon_minitimeالأحد 25 سبتمبر - 4:14 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
سمر - 8530
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_rcapنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Voting_barنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_lcap 
ابو حنفى - 5968
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_rcapنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Voting_barنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_lcap 
جنه - 5171
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_rcapنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Voting_barنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_lcap 
gana - 4139
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_rcapنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Voting_barنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_lcap 
نورا - 3362
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_rcapنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Voting_barنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_lcap 
renaad - 2830
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_rcapنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Voting_barنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_lcap 
ايناس - 2451
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_rcapنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Voting_barنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_lcap 
البحارمندي - 2113
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_rcapنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Voting_barنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_lcap 
نيرفين - 1964
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_rcapنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Voting_barنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_lcap 
Admin - 1869
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_rcapنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Voting_barنسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Vote_lcap 
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 190 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 190 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 1612 بتاريخ الأربعاء 13 أكتوبر - 16:40
الإبحار
 البوابة
 الفهرس
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث

 

 نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ziadopel
عضو فضي
عضو فضي
ziadopel


10
ذكر عدد الرسائل : 542
تاريخ الميلاد : 04/08/1988
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 29/11/2009

نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Empty
مُساهمةموضوع: نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4   نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Icon_minitimeالسبت 5 ديسمبر - 10:41

21- 2 - بداية المحادثة وتشريح العباس لخطورة المسؤولية:
وبعد أن تكامل المجلس بدأت المحادثات لإبرام التحالف الديني والعسكري، وكان أول المتكلمين هو العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم. تكلم ليشرح لهم -بكل صراحة -خطورة المسؤولية التي ستلقى على كواهلهم نتيجة هذا التحالف. قال:
يا معشر الخزرج -وكان العرب يسمون الأنصار خزرجاً، خزرجها وأوسها كليهما - إن محمداً منا حيث علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عز من قومه، ومنعة في بلده، وإنه قد أبى إلا الإنحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه، فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده
.
قال كعب: فقلنا له: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت.
وهذا الجواب يدل على ما كانوا عليه من عزم وتصميم وشجاعة وإيمان وإخلاص في تحمل هذه المسؤولية العظيمة، وتحمل عواقبها الخطيرة.
وألقى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بعد ذلك بيانه، ثم تمت البيعة.

21- 3 - بنود البيعة:
وقد روى ذلك الإمام أحمد عن جابر مفصلاً. قال جابر: قلنا: يا رسول الله على ما نبايعك؟ قال:
1- على السمع والطاعة في النشاط والكسل.
2-وعلى النفقة في العسر واليسر.
3-وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4-وعلى أن تقوموا في الله، لا تأخذكم في الله لومة لائم.
5-وعلى أن تنصروني إذا قدمت إليكم، وتمنعوني مم تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة.
وفي رواية كعب -التي رواها ابن إسحاق - البند الأخير فقط من هذه البنود ففيه قال كعب: فتكلم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فتلا القرآن، ودعا إلى الله، ورغّب في الإسلام، ثم قال: أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم. فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: نعم، والذي بعثك بالحق (نبياً ) لنمنعنك مما نمنع أُزُرَنا منه، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أبناء الحرب وأهل الحلقة، ورثناها كابرا ً (عن كابر ).
قال: فاعترض القول -والبراء يكلم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم - أبو الهيثم بن التيهان، فقال: يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال حبالاً، وإنا قاطعوها -يعني اليهود - فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟
قال: فتبسم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، ثم قال: بل الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم.

21- 4 - التأكيد من خطورة البيعة:
وبعد أن تمت المحادثة حول شروط البيعة، وأجمعوا على الشروع في عقدها قام رجلان من الرعيل الأول ممن أسلموا في مواسم سنتي11، 12 من النبوة، قام أحدهما تلو الآخر، ليؤكدا للقوم خطورة المسؤولية، حتى لا يبايعوه إلا على جلية من الأمر، وليعرفا مدى استعداد القوم للتضحية ويتأكدا من ذلك.
قال ابن إسحاق: لما اجتمعوا للبيعة قال العباس بن عبادة بن نضلة: هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ قالوا: نعم، قال: إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس، فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة، وأشرافكم قتلاً أسلمتموه، فمن الآن، فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة، وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكة الأموال وقتل الأشراف فخذوه، فهو والله خير الدنيا والآخرة.
قالوا: فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف، فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا بذلك؟ قال: الجنة. قالوا ابسط يدك، فبسط يده فبايعوه.
وفي رواية جابر (قال ): فقمنا نبايعه، فأخذ بيده أسعد بن زرارة -وهو أصغر السبعين - فقال رويداً يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه، وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه، فهو أعذر لكم عند الله.

21- 5 - عقد البيعة:
وبعد إقرار بنود البيعة، وبعد هذا التأكيد والتأكد بدأ عقد البيعة بالمصافحة، قال جابر -بعد أن حكى قول أسعد بن زرارة -: فقالوا يا أسعد، أمط عنا يدك، فوالله لا نذر هذه البيعة، ولا نستقيلها.
وحينئذ عرف أسعد مدى استعداد القوم للتضحية في هذا السبيل، وتأكد منه -وكان هو الداعية الكبير مع مصعب بن عمير، وبالطبع فكان هو الرئيس الديني على هؤلاء المبايعين - فكان هو السابق إلى هذه البيعة. قال ابن إسحاق: فبنو النجار يزعمون أن أبا أمامة أسعد بن زرارة كان أول من ضرب على يده.
وبعد ذلك بدأت البيعة العامة، قال جابر: فقمنا إليه رجلاً رجلاً فأخذ علينا البيعة، يعطينا بذلك الجنة.
وأما بيعة المرأتين اللتين شهدتا الوقعة فكانت قولاً. ما صافح رسول الله صلَّى الله عليه وسلم امرأة أجنبية قط.

21- 6 - اثنا عشر نقيباً:
وبعد أن تمت البيعة طلب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم انتخاب اثني عشر زعيماً يكونون نقباء على قومهم، يكفلون المسؤولية عنهم في تنفيذ بنود هذه البيعة، فقال للقوم: أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيباً؛ ليكونوا على قومكم بما فيهم.
فتم انتخابهم في الحال، وكانوا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس . و هاك أسماؤهم:

21- 7 - نقباء الخزرج:
1-أسعد بن زرارة بن عدس.
2-سعد بن الربيع بن عمرو.
3-عبدالله بن رواحة بن ثعلبة.
4-رافع بن مالك بن العجلان.
5-البراء بن معرور بن صخر.
6-عبدالله بن عمرو بن حرام.
7-عبادة بن الصامت بن قيس.
8-سعد بن عبادة بن دليم.
9-المنذر بن عمرو بن خنيس.

21- 8 - نقباء الأوس:
1-أسيد بن حضير بن سماك.
2-سعد بن خيثمة بن الحارث.
3-رفاعة بن عبد المنذر بن زبير.
ولما تم انتخاب هؤلاء النقباء أخذ عليهم النبي صلَّى الله عليه وسلم ميثاقاً آخر بصفتهم رؤساء مسؤولين.
قال لهم: أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم، وأنا كفيل على قومي -يعني المسلمين- قالوا: نعم.

21- 9 - شيطان يكشف المعاهدة:
ولما تم إبرام المعاهدة، وكان القوم على وشك الانفضاض، اكتشفها أحد الشياطين، وحيث جاء هذا الاكتشاف في اللحظة الأخيرة، ولم يكن يمكن إبلاغ زعماء قريش هذا الخبر سراً ليباغتوا المجتمعين وهم في الشعب؛ قام ذلك الشيطان على مرتفع من الأرض، وصاح بأنفذ صوت سمع قط: "يا أهل الأخاشب -المنازل- هل لكم في محمد والصباة معه؟ قد اجتمعوا على حربكم ".
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم "هذا أزب العقبة ، أما والله يا عدو الله لأتفرغن لك ". ثم أمرهم أن ينفضوا إلى رحالهم.

21- 10 - استعداد الأنصار لضرب قريش:
وعند سماع صوت هذا الشيطان قال العباس بن عبادة بن نضلة: "والذي بعثك بالحق، إن شئت لنميلن على أهل منى غداً بأسيافنا ". فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: لم نؤمر بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم، فرجعوا وناموا حتى أصبحوا.

21- 11 - قريش تقدم الاحتجاج إلى رؤساء يثرب:
ولما قرع هذا الخبر آذان قريش وقعت فيهم ضجة أثارت القلاقل والأحزان، لأنهم كانوا على معرفة تامة من عواقب مثل هذه البيعة ونتائجها بالنسبة إلى أنفسهم وأموالهم، فما إن أصبحوا حتى توجه وفد كبير من زعماء مكة وأكابر مجرميها إلى مخيم أهل يثرب، ليقدم احتجاجه الشديد على هذه المعاهدة. فقد قال:
يا معشر الخزرج ، إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا، وتبايعونه على حربنا، وإنه والله ما من حي من العرب أبغض إلينا من أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم
.
ولما كان مشركو الخزرج لا يعرفون شيئاً عن هذه البيعة؛ لأنها تمت في سرية تامة، وفي ظلام الليل، انبعث هؤلاء المشركون يحلفون بالله: ما كان من شيء، وما علمناه، حتى أتوا عبدالله بن أبي بن سلول، فجعل يقول: هذا باطل، وما كان هذا، وما كان قومي ليفتاتوا على مثل هذا، لو كنت بيثرب ما صنع قومي هذا حتى يؤامروني.
أما المسلمون فنظر بعضهم إلى بعض، ثم لاذوا بالصمت، فلم يتحدث أحد منهم بنفي أو إثبات. ومال زعماء قريش إلى تصديق المشركين، فرجعوا خائبين.

21- 12 - تأكد الخبر لدى قريش ومتابعة المبايعين:
عاد زعماء مكة وهم على شبه اليقين من كذب هذا الخبر، لكنهم لم يزالوا يتنطسونه-يكثرون البحث عنه ويدققون النظر فيه - حتى تأكد لديهم أن الخبر صحيح، والبيعة قد تمت فعلاً. وذلك بعدما نفر الحجيج إلى أوطانهم، فسارع فرسانهم بمطاردة اليثربيين، ولكن بعد فوات الأوان، إلا أنهم تمكنوا من رؤية سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو، فطاردوهما، فأما المنذر فأعجز القوم، وأما سعد فألقوا القبض عليه، فربطوا يديه إلى عنقه بنسع رحله، وجعلوا يضربونه ويجرونه ويجرون شعره حتى أدخلوه مكة ، فجاء المطعم بن عدي والحارث بن حرب بن أمية فخلصاه من أيديهم. إذ كان سعد يجير قوافلهما المارة بالمدينة، وتشاورت الأنصار حين فقدوه أن يكروا إليه، فإذا هو قد طلع عليهم، فوصل القوم جميعاً إلى المدينة.
هذه هي بيعة العقبة الثانية -التي تعرف ببيعة العقبة الكبرى - وقد تمت في جو تعلوه عواطف الحب والولاء والتناصر بين أشتات المؤمنين، والثقة والشجاعة والاستبسال في هذا السبيل، فمؤمن من أهل يثرب يحنو على أخيه المستضعف في مكة ، ويتعصب له، ويغضب من ظالمه، وتجيش في حناياه مشاعر الود لهذا الأخ الذي أحبه بالغيب في ذات الله.
ولم تكن هذه المشاعر والعواطف نتيجة نزعة عابرة تزول على مر الأيام، بل كان مصدرها هو الإيمان بالله وبرسوله وبكتابه، إيمان لا يزول أمام أي قوة من قوات الظلم والعدوان، إيمان إذا هبت ريحه جاءت بالعجائب في العقيدة والعمل، وبهذا الإيمان استطاع المسلمون أن يسجلوا على أوراق الدهر أعمالاً، وأن يتركوا عليها آثاراً، خلا عن نظائرها الغابر والحاضر، وسوف يخلو المستقبل.

22 - طلائع الهجرة
وبعد أن تمت بيعة العقبة الثانية، ونجح الإسلام في تأسيس وطن له وسط صحراء تموج بالكفر والجهالة -وهو أخطر كسب حصل عليه الإسلام منذ بداية دعوته - أذن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى هذا الوطن.
ولم يكن معنى الهجرة إلا إهدار المصالح، والتضحية بالأموال، والنجاة بالشخص فحسب، مع الإشعار بأنه مستباح منهوب، قد يهلك في أوائل الطريق أو نهايتها، وبأنه يسير نحو مستقبل مبهم، لا يدري ما يتمخض عنه من قلاقل وأحزان.
وبدأ المسلمون يهاجرون، وهم يعرفون كل ذلك، وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين خروجهم، لما كانوا يحسون من الخطر، وهاك نماذج من ذلك:
1-كان من أول المهاجرين أبو سلمة -هاجر قبل العقبة الكبرى بسنة على ما قاله ابن إسحاق - وزوجته وابنه، فلما أجمع على الخروج قال له أصهاره: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه؟ علام نتركك تسير بها في البلاد؟ فأخذوا منه زوجته. وغضب آل أبي سلمة لرجلهم، فقالوا: لا نترك ابننا معها إذ نزعتموها من صاحبنا، وتجاذبوا الغلام بينهم فخلعوا يده، وذهبوا به. وانطلق أبو سلمة وحده إلى المدينة ، وكانت أم سلمة بعد ذهاب زوجها، وضياع ابنها تخرج كل غداة بالأبطح تبكي حتى تمسي، ومضى على ذلك نحو سنة، فرق لها أحد ذويها وقال: ألا تخرجون هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها وولدها فقالوا لها: الحقي بزوجك إن شئت، فاسترجعت ابنها من عصبته، وخرجت تريد المدينة -رحلة تبلغ خمسمائة كيلومتراً - وليس معها أحد من خلق الله، حتى إذا كانت بالتنعيم لقيها عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، وبعد أن عرف حالها شيعها حتى أقدمها إلى المدينة ، فلما نظر إلى قباء قال: زوجك في هذه القرية فادخليها على بركة الله، ثم انصرف راجعاً إلى مكة.
2- ولما أراد صهيب الهجرة قال له كفار قريش : أتيتنا صعلوكاً حقيراً، فكثر مالك عندنا، وبلغت الذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك؟ والله لا يكون ذلك. فقال لهم صهيب: أرأيتم إن جعلت لكم مالي، أتخلون سبيلي؟ قالوا: نعم. قال: فإني قد جعلت لكم مالي، فبلغ ذلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فقال: ربح صهيب، ربح صهيب.
3- وتواعد عمر بن الخطاب، وعياش بن أبي ربيعة ، وهشام بن العاصي بن وائل موضعاً يصبحون عنده، ثم يهاجرون إلى المدينة ، فاجتمع عمر وعياش وحبس عنهما هشام.
ولما قدما المدينة ونزلا بقباء قدم أبو جهل وأخوه الحارث إلى عياش -وأم الثلاثة واحدة أبأ - فقالا له: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط، ولا تستظل بشمس حتى تراك، فرق لها. فقال له عمر: يا عياش، أنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فوالله لوآذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت، فأبى عياش إلا الخروج معهما؛ ليبر قسم أمه، فقال له عمر: أما إذ قد فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب فانج عليها. فخرج عليها معهما، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل: ياابن أخي والله لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟ قال: بلى فأناخ وأناخا ليتحول عليها، فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه وربطاه، ثم دخلا به مكة نهاراً موثقاً، وقالا: ياأهل مكة، هكذا فافعلوا بسفهائكم، كما فعلنا بسفيهنا هذا.
هذه ثلاثة نماذج لما كان المشركون يفعلونه بمن يريد الهجرة إذا علموا ذلك. ولكن مع كل ذلك خرج الناس أرسالاً يتبع بعضهم بعضا. وبعد شهرين وبضعة أيام من بيعة العقبة الكبرى لم يبق بمكة من المسلمين إلا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلي -أقاما بأمره لهما - وإلا من احتبسه المشركون كرهاً. وقد أعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم جهازه ينتظر متى يؤمر بالخروج، وأعد أبو بكر جهازه.
روى البخاري عن عائشة قالت: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم للمسلمين : إني أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين -وهما الحرتان - فهاجر من هاجر قبل المدينة . ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة ، وتجهز أبو بكر قبل المدينة ، فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي. فقال له أبو بكر : وهل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: نعم فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر -وهو الخبط - أربعة أشهر.

23- 1 - مقدمة في دار الندوة (برلمان قريش):
ولما رأى المشركون أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قد تجهزوا وخرجوا، وحملوا وساقوا الذراري والأطفال والأموال إلى الأوس والخزرج، وقعت فيهم ضجة أثارت القلاقل والأحزان، وأخذ القلق يساورهم بشكل لم يسبق له مثيل، فقد تجسد أمامهم الخطر الحقيقي العظيم، الذي يهدد كيانهم الوثني والإقتصادي، فقد كانوا يعلمون ما في شخصية محمد صلَّى الله عليه وسلم من غاية قوة التأثير مع كمال القيادة والإرشاد، وما في أصحابه من العزيمة والاستقامة والفداء في سبيله، ثم ما في قبائل الأوس والخزرج من قوة ومنعة، وما في عقلاء هاتين القبيلتين من عواطف السلم والصلاح، والتداعي إلى نبذ الأحقاد فيما بينهما، بعد أن ذاقوا مرارة الحروب الأهلية طيلة أعوام من الدهر.
كما كانوا يعرفون ما للمدينة من الموقع الإستراتيجي بالنسبة إلى المحجة التجارية التي تمر بساحل البحر الأحمر من اليمن إلى الشام. وقد كان أهل مكة يتاجرون إلى الشام بقدر ربع مليون دينار ذهب سنوياً، سوى ما كان لأهل الطائف وغيرها. ومعلوم أن مدار هذه التجارة كان على استقرار الأمن في تلك الطريق.
فلا يخفى ما كان لقريش من الخطر البالغ في تمركز الدعوة الإسلامية في يثرب، ومجابهة أهلها ضدهم.
شعر المشركون بتفاقم الخطر الذي كان يهدد كيانهم، فصاروا يبحثون عن أنجع الوسائل لدفع هذا الخطر، الذي مبعثه الوحيد هو حامل لواء دعوة الإسلام محمد صلَّى الله عليه وسلم.
وفي يوم الخميس 26 من شهر صفر سنة 14 من النبوة، الموافق 12 من شهر سبتمبر سنة 622م -أي بعد شهرين ونصف تقريباً من بيعة العقبة الكبرى - عقد برلمان مكة (دار الندوة ) في أوائل النهار أخطر اجتماع له في تاريخه، وتوافد إلى هذا الاجتماع جميع نواب القبائل القرشية، ليتدارسوا خطة حاسمة تكفل القضاء سريعاً على حامل لواء الدعوة الإسلامية، وتقطع تيار نورها عن الوجود نهائياً.
وكانت الوجوه البارزة في هذا الاجتماع الخطير من نواب قبائل قريش :
1- أبو جهل هشام، عن قبيلة بني مخزوم.
2- جبير بن مطعم، وطعيمة بن عدي، والحارث بن عامر، عن بني نوفل بن عبد مناف.
3- شيبة وعتبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب، عن بني عبد شمس بن عبد مناف.
4- النضر بن الحارث وهو الذي كان ألقى على رسول الله صلَّى الله عليه وسلم سلا جزور عن بني عبد الدار.
5- أبو البخترى بن هشام، وزمعة بن الأسود، وحكيم بن حزام عن بني أسد بن عبد العزى.
6- نبيه ومنبه ابنا الحجاج، عن بني سهم.
7- أمية بن خلف، عن بني جمح.
ولما جاءوا إلى دار الندوة حسب الميعاد اعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل، عليه بَتٌّ له، ووقف على الباب، فقالوا: من الشيخ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له، فحضر معكم ليسمع ماتقولون، وعسى أن لا يعدمكم منه رأياً و نصحاً. قالوا: أجل، فادخل، فدخل معهم.

23- 2 - النقاش البرلماني والإجماع على قرار غاشم بقتل النبي صلَّى الله عليه وسلم:
وبعد أن تكامل الاجتماع بدأ عرض الاقتراحات والحلول، ودار النقاش طويلاً، قال أبو الأسود: نخرجه من بين أظهرنا وننفيه من بلادنا، ولا نبالي أين ذهب، ولا حيث وقع، فقد أصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت.
قال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه، وحلاوة منطقه، وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به؟ والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب، ثم يسير بهم إليكم -بعد أن يتابعوه- حتى يطأكم بهم في بلادكم، ثم يفعل بكم ما أراد، دبروا فيه رأياً غير هذا.
قال أبو البخترى: احبسوه في الحديد، وأغلقوا عليه باباً، ثم تربصوا به ما أصاب أمثاله من الشعراء الذين كانوا قبله -زهيراً والنابغة - ومن مضى منهم من هذا الموت، حتى يصيبه ما أصابهم.
قال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي، والله لئن حبستموه -كما تقولون - ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلأوشكوا أن يثبوا عليكم، فينزعوه من أيديكم، ثم يكاثروكم به. حتى يغلبوكم على أمركم. ما هذا لكم برأي، فانظروا في غيره.
وبعد أن رفض البرلمان هذين الاقتراحين قدم إليه اقتراح آثم وافق عليه جميع أعضائه، تقدم به كبير مجرمي مكة أبو جهل بن هشام. قال أبو جهل: "والله إن لي فيه رأياً ما أراكم وقعتم عليه بعد، قالوا: وما هو يا أبا الحكم؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شاباً جليداً نسيباً وسيطاً فينا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً، ثم يعمدوا إليه، فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه، فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعاً، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعاً، فرضوا منا بالعقل، فعقلناه لهم.
قال الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل، هذا الرأي الذي لا أرى غيره، ووافق برلمان مكة على هذا الاقتراح الآثم بالإجماع، ورجع النواب إلى بيوتهم، وقد صمموا على تنفيذ هذا القرار فوراً.

24- 1 - مقدمة هجرة النبي صلَّى الله عليه وسلم:
ولما تم اتخاذ القرار الغاشم بقتل النبي صلَّى الله عليه وسلم نزل إليه جبريل بوحي ربه تبارك وتعالى، فأخبره بمؤامرة قريش ، وأن الله قد أذن له في الخروج، وحدد له وقت الهجرة قائلاً: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه.
وذهب النبي صلَّى الله عليه وسلم في الهاجرة إلى أبي بكر رضي الله عنه، ليبرم معه مراحل الهجرة، قالت عائشة رضي الله عنها: بينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر هذا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم متقنعاً، في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر : فداء له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر.
قالت: فجاء رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فاستأذن، فأذن له، فدخل، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلم لأبي بكر : أخرج من عندك. فقال أبو بكر : إنما هم أهلك، بأبي أنت يارسول الله. قال: فإني قد أذن لي في الخروج، فقال أبو بكر : الصحبة بأبي أنت يارسول الله؟ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: نعم.
وبعد إبرام خطة الهجرة رجع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم إلى بيته، ينتظر مجيء الليل.

24- 2 - تطويق منزل الرسول صلَّى الله عليه وسلم:
أما أكابر مجرمي قريش فقضوا نهارهم في الإعداد لتنفيذ الخطة المرسومة التي أبرمها برلمان مكة "دار الندوة " صباحاً، واختير لذلك أحد عشر رئيساً من هؤلاء الأكابر، وهم:
1- أبو جهل بن هشام.
2- الحكم بن أبي العاص.
3- عقبة بن أبي معيط.
4- النضر بن الحارث.
5-أمية بن خلف.
6- زمعة بن الأسود.
7- طعيمة بن عدي.
8- أبو لهب.
9- أبي بن خلف.
10- نبيه بن الحجاج.
11- أخوه منبه بن الحجاج.
قال ابن إسحاق: فلما كانت عتمة الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى نام، فيثبون عليه.
وكانوا على ثقة ويقين جازم من نجاح هذه المؤامرة الدنية، حتى وقف أبو جهل وقفة الزهو والخيلاء، وقال مخاطباً لأصحابه المطوفين في سخرية واستهزاء: إن محمداً يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم، ثم جعلت لكم ناراً تحرقون فيها.
وقد كان ميعاد تنفيذ تلك المؤامرة بعد منتصف الليل، فباتوا متيقظين ينتظرون ساعة الصفر، ولكن الله غالب على أمره، بيده ملكوت السماوات والأرض، يفعل ما يشاء، وهو يجير ولا يجار عليه، فقد فعل ما خاطب به الرسول صلَّى الله عليه وسلم فيما بعد: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }.

24- 3 - الرسول صلَّى الله عليه وسلم يغادر بيته:
ومع غاية استعداد قريش لتنفيذ خطتهم فقد فشلوا فشلاً فاحشاً. ففي هذه الساعة الحرجة قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: نم على فراشي، وتسبح ببردي هذا الحضرمي الأخضر، فنم فيه، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم، وكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام.
ثم خرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، واخترق صفوفهم، وأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذره على رؤوسهم، وقد أخذ الله أبصارهم عنه فلا يرونه، وهو يتلو: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ } فلم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه تراباً، ومضى إلى بيت أبي بكر ، فخرجا من خوخة في دار أبي بكر ليلاً حتى لحقا بغار ثور في اتجاه اليمن.
وبقي المحاصرون ينتظرون حلول ساعة الصفر، وقبيل حلولها تجلت لهم الخيبة والفشل، فقد جاءهم رجل ممن لم يكن معهم، ورآهم ببابه فقال: ما تنتظرون؟ قالوا: محمداً. قال: خبتم وخسرتم، قد والله مر بكم، وذر على رؤوسكم التراب، وانطلق لحاجته ، قالوا والله ماأبصرناه، وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم.
ولكنهم تطلعوا من صير الباب فرأوا علياً، فقالوا والله إن هذا لمحمد نائماً، عليه برده، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا. وقام عليُّ عن الفراش، فسقط في أيديهم، وسألوه عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فقال: لا علم لي به.

24- 4 - من الدار إلى الغار:
غادر رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بيته في ليلة 27 من شهر صفر سنة 14 من النبوة الموافق 12-13 سبتمبر سنة 622م. وأتى إلى دار رفيقه -وآمن الناس عليه في صحبته وماله - أبي بكر رضي الله عنه. ثم غادرا منزل الأخير من باب خلفي، ليخرجا من مكة على عجل، وقبل أن يطلع الفجر.
ولما كان النبي صلَّى الله عليه وسلم يعلم أن قريشاً ستجد في الطلب، وأن الطريق الذي ستتجه إليه الأنظار لأول وهلة هو طريق المدينة الرئيسي المتجه شمالاً، فقد سلك الطريق الذي يضاده تماماً، وهو الطريق الواقع جنوب مكة ، والمتجه نحو اليمن . سلك هذا الطريق نحو خمسة أميال، حتى بلغ إلى جبل يعرف بجبل ثور، وهذا جبل شامخ، وعر الطريق، صعب المرتقى، ذو أحجار كثيرة، فحفيت قدما رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، وقيل: بل كان يمشي في الطريق على أطراف قدميه كي يخفي أثره فحفيت قدماه، وأياً ما كان؛ فقد حمله أبو بكر حين بلغ إلى الجبل، وطفق يشتد به حتى انتهى به إلى غار في قمة الجبل، عرف في التاريخ بغار ثور.

24- 5 - إذ هما في الغار:
ولما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : والله لا تدخله حتى أدخله قبلك، فإن كان فيه شيء أصابني دونك ، فدخل فكسحه، ووجد في جانبه ثقباً فشق إزاره وسده به، وبقي منها اثنان فألقمهما رجليه، ثم قال لرسول الله صلَّى الله عليه وسلم: ادخل ، فدخل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، ووضع رأسه في حجره ونام، فلدغ أبو بكر في رجله من الحجر، ولم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فسقطت دموعه على وجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فقال: مالك يا أبا بكر ؟ قال : لدغت، فداك أبي وأمي ، فتفل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فذهب ما يجده.
وكمنا في الغار ثلاث ليال، ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد. وكان عبدالله بن أبي بكر يبيت عندهما. قالت عائشة: وهو غلام شاب ثقف لقن، فيدلج من عندهما بسحر، فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمراً يكتادان به إلا وعاه، حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام. و (كان ) يرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسل -وهو لبن منحتهما ورضيفهما- حتى ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث. وكان عامر بن فهيرة يتبع بغنمه أثر عبدالله بن أبي بكر بعد ذهابه إلى مكة ليعفى عليه .
أما قريش فقد جن جنونها حينما تأكد لديها إفلات رسول الله صلَّى الله عليه وسلم صباح ليلة تنفيذ المؤامرة. فأول ما فعلوا بهذا الصدد أنهم ضربوا علياً، وسحبوه إلى الكعبة، وحبسوه ساعة، علهم يظفرون بخبرهما.
ولما لم يحصلوا من عليّ على جدوى جاءوا إلى بيت أبي بكر ، وقرعوا بابه، فخرجت إليهم أسماء بنت أبي بكر ، فقالوا لها: أين أبوك؟ قالت: لا أدري والله أين أبي؟ فرفع أبو جهل يده -وكان فاحشاً خبيثاً- فلطم خدها لطمة طرح منها قرطها.
وقررت قريش في جلسة طارئة مستعجلة استخدام جميع الوسائل التي يمكن بها القبض على الرجلين، فوضعت جميع الطرق النافذة من مكة (في جميع الجهات ) تحت المراقبة المسلحة الشديدة، كما قررت إعطاء مكافأة ضخمة قدرها مائة ناقة بدل كل واحد منهما لمن يعيدهما إلى قريش حيين أو ميتين، كائناً من كان.
وحينئذ جدت الفرسان والمشاة وقصاص الأثر في الطلب، وانتشروا في الجبال والوديان، والوهاد والهضاب، لكن دون جدوى وبغير عائدة.
وقد وصل المطاردون إلى باب الغار، ولكن الله غالب على أمره، روى البخاري عن أنس عن أبي بكر قال: كنت مع النبي صلَّى الله عليه وسلم في الغار فرفعت رأسي، فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا. قال: اسكت يا أبا بكر ، اثنان الله ثالثهما ، وفي لفظ: ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما .
وقد كانت معجزة أكرم الله بها نبيه صلَّى الله عليه وسلم، فقد رجع المطاردون حين لم يبق بينه وبينهم إلا خطوات معدودة.

24- 6 - في الطريق إلى المدينة:
وحين خمدت نار الطلب، وتوقفت أعمال دوريات التفتيش، وهدأت ثارات قريش بعد استمرار المطاردة الحثيثة ثلاثة أيام بدون جدوى، تهيأ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وصاحبه للخروج إلى المدينة .
وكانا قد استأجرا عبدالله بن أريقط الليثي، وكان هادياً خريتا -ماهراً بالطريق - وكان على دين كفار قريش ، وأمناه على ذلك، وسلما إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما، فلما كانت ليلة الإثني ن-غرة ربيع الأول سنة1 هجرية/16 سبتمبر سنة 622م - جاءهما عبدالله بن أريقط بالراحلتين وحينئذ قال أبو بكر للنبي صلَّى الله عليه وسلم: بأبي أنت يا رسول الله، خذ إحدى راحلتي هاتين. وقرب إليه أفضلهما. فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: بالثمن.
وأتتهما أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما بسفرتهما، ونسيت أن تجعل لها عصاماً، فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة فإذا ليس لها عصام، فشقت نطاقها باثنين، فعلقت السفرة بواحد، وانتطقت بالآخر، فسميت ذات النطاقين.
ثم ارتحل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه، وارتحل معهما عامر بن فهيرة، وأخذ بهم الدليل -عبدالله بن أريقط - على طريق الساحل.
وأول من سلك بهم بعد الخروج من الغار أنه أمعن في اتجاه الجنوب نحو اليمن ، ثم اتجه غرباً نحو الساحل، حتى إذا وصل إلى طريق لم يألفه الناس اتجه شمالاً على مقربة من شاطئ البحر الأحمر، وسلك طريقاً لم يكن يسلكه أحد إلا نادراً.
وقد ذكر ابن إسحاق المواضع التي مر بها رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في هذا الطريق قال: لما خرج بهما الدليل سلك بهما أسفل مكة ، ثم مضى بهما على الساحل حتى عارض الطريق أسفل من عسفان، ثم سلك بهما على أسفل أمج ، ثم استجاز بهما حتى عارض بهما الطريق بعد أن أجاز قديداً، ثم أجاز بهما من مكانه ذلك، فسلك بهما الخرار، ثم سلك بهما ثنية المرة ، ثم سلك بهما لقفا، ثم أجاز بهما مدلجة لقف ، ثم استبطن بهما مدلجة مجاح، ثم سلك بهما مرجح محاج، ثم تبطن بهما مرجح ذي الغضوين، ثم بطن ذي كشر ، ثم أخذ بهما على الجداجد، ثم على الأجرد، ثم سلك بهما ذا سلم، من بطن أعداء مدلجة تعهن ، ثم على العبابيد، ثم أجاز بهما الفاجة، ثم هبط بهما العرج ، ثم سلك بهما ثنية العائر -عن يمين ركوبة- حتى هبط بهما بطن رئم ، ثم قدم بهما على قباء . وهاك بعض ما وقع في الطريق:
1-روى البخاري عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة، وخلا الطريق، لا يمر فيه أحد، فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليها الشمس، فنزلنا عنده، وسويت للنبي صلَّى الله عليه وسلم مكاناً بيدي، ينام عليه، وبسطت عليه فروة، وقلت: نم يارسول الله، وأنا أنفض لك ما حولك، فنام، وخرجت أنفض ماحوله، فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة، يريد منها مثل الذي أردنا، فقلت له: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من أهل المدينة أو مكة . قلت: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم. قلت: أفتحلب؟ قال: نعم. فأخذ شاة، فقلت: انفض الضرع من التراب والشعر والقذى. فحلب في كعب كثبة من لبن، ومعي إداوة حملتها للنبي صلَّى الله عليه وسلم، يرتوي منها، ما يشرب ويتوضأ، فأتيت النبي صلَّى الله عليه وسلم، فكرهت أن أوقظه، فوافقته حين استيقظ، فصببت من الماء على لبن حتى برد أسفله، فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب حتى رضيت، ثم قال: ألم يأن الرحيل؟ قلت: بلى ، قال: فارتحلنا.
2- كان من دأب أبي بكر رضي الله عنه أنه كان ردفاً للنبي صلَّى الله عليه وسلم، وكان شيخاً يعرف، ونبي الله صلَّى الله عليه وسلم شاب لا يعرف، فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجل يهديني الطريق، فيحسب الحاسب أنه يعني به الطريق، وإنما يعني سبيل الخير.
3- وتبعهما في الطريق سراقة بن مالك. قال: سراقة: بينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج، أقبل رجل منهم حتى قام علينا، ونحن جلوس، فقال: يا سراقة، إني رأيت آنفاً أسودة بالساحل، أراها محمداً وأصحابه. قال سراقة: فعرفت أنهم هم. فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلاناً وفلاناً انطلقوا بأعيننا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت، فأمرت جاريتي أن تخرج فرسي، وهي من وراء أكمة، فتحبسها علي، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت، فخططت بزجه الأرض، وخفضت عاليه، حتى أتيت فرسي، فركبتها، فعرفتها تقرب بي حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي فخررت عنها، فقمت، فأهويت يدي إلى كنانتي، فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها، أضرهم أم لا؟ فخرج الذي أكره، فركبت فرسي وعصيت الأزلام تقرب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلَّى الله عليه وسلم -وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات- ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فقلت له، إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار مايريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني، ولم يسألاني إلا أن قال: أخف عنا، فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة، فكتب لي في رقعة من أدم، ثم مضى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم .
وفي رواية عن أبي بكر قال: ارتحلنا، والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا منهم أحد غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له، فقلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله، فقال : {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا }.
ورجع سراقة، فوجد الناس في الطلب، فجعل يقول: قد استبرأت لكم الخبر، قد كفيتم ما ههنا، وكان أول النهار جاهداً عليهما، وآخره حارساً لهما .
4- ومر في مسيره ذلك حتى مر بخيمتي أم معبد الخزاعية، وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء الخيمة، ثم تطعم وتسقي من مر بها، فسألاها: هل عندها شيء؟ فقالت: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى والشاء عازب، وكانت سنة شهباء.
فنظر رسول الله صلَّى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة، فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ فقالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم، فقال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك. فقال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت: نعم بأبي وأمي، إن رأيت بها حلباً فاحلبها. فمسح رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بيده ضرعها، وسمى بالله ودعا، فتفاجت عليه ودرت، فدعا بإناء لها يربض الرهط، فحلب فيه حتى علته الرغوة، فسقاها، فشربت حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب، وحلب فيه ثانياً، حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها فارتحلوا.
فما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنازاً عجافاً يتساوكن هزلاً، فلما رأى اللبن عجب، وقال: من أين لك هذا؟ والشاة عازب، ولا حلوبة في البيت؟ فقالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت، ومن حاله كذا وكذا، قال: إني والله أراه صاحب قريش الذي تطلبه، صفيه لي يا أم معبد، فوصفته بصفاته الرائعة بكلام رائع كأن السامع ينظر إليه وهو أمامه -وسننقله في بيان صفاته صلَّى الله عليه وسلم في أواخر المقالة- فقال أبو معبد: والله هذا صاحب قريش الذي ذكروا من أمره ما ذكروا، لقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً، وأصبح صوت بمكة عالياً يسمعونه و لا يرون القائل:
جزى الله رب العرش خير جزائه
فيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالبر وارتحلا به
أفلح من أمسى رفيق محمد
فيالقصي ما زوى الله عنكم
ه من فعـال لا يُجَازَى وسؤدد
ليهن بني كعب مكان فتاتهم
مقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائهـا
إنكم إن تسألوا الشاة تشهد

قالت أسماء: مادرينا أين توجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم إذ أقبل رجل من الجن من أسفل مكة فأنشد هذه الأبيات، والناس يتبعونه ويسمعون صوته ولا يرونه، حتى خرج من أعلاها. قالت: فلما سمعنا قوله عرفنا حيث توجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، وأن وجهه إلى المدينة.
5- وفي الطريق لقي النبي صلَّى الله عليه وسلم أبا بريدة، وكان رئيس قومه، خرج في طلب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأبي بكر؛ رجاء أن يفوز بالمكافأة الكبيرة التي كان قد أعلنت عنها قريش ، ولما واجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وكلمه أسلم مكانه مع سبعين رجلاً من قومه، ثم نزع عمامته، وعقدها برمحه، فاتخذها راية تعلن بأن ملك الأمن والسلام قد جاء ليملأ الدنيا عدلاً وقسطاً.
6- وفي الطريق لقي رسول الله صلَّى الله عليه وسلم الزبير، وهو في ركب المسلمين، كانوا تجاراً قافلين من الشام، فكسا الزبير رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياباً بيضاء.

24- 7 - النزول بقباء:
وفي يوم الإثنين 8 ربيع الأول سنة 14 من النبوة -وهي السنة الأولى من الهجرة - الموافق 23 سبتمبر سنة 622م نزل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بقباء.
قال عروة بن الزبير: سمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من مكة ، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة، فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يوماً بعدما أطالوا انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله صلَّى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته يا معاشر العرب. هذا جدكم الذي تنظرون. فثار المسلمون إلى السلاح.
قال ابن القيم: وسمعت الرّجّة والتكبير في بني عمرو بن عوف، وكبر المسلمون فرحاً بقدومه، وخرجوا للقائه، فتلقوه وحيوه بتحية النبوة، فأحدقوا به مطيفين حوله، والسكينة تغشاه، والوحي نزل عليه: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِير ٌ}.
قال عروة بن الزبير: فتلقوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فعدل بهم ذات اليمين، حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الإثنين من شهر ربيع الأول. فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله صلَّى الله عليه وسلم صامتاً، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يحيى -وفي نسخة: يجيء -أبا بكر -، حتى أصابت الشمس رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عند ذلك.
وكانت المدينة كلها قد زحفت للاستقبال، وكان يوماً مشهوداً لم تشهد المدينة مثله في تاريخها، وقد رأى اليهود صدق بشارة حبقوق النبي: إن الله جاء من التيمان، والقدوس من جبال فاران.
ونزل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بقباء على كلثوم بن الهدم، وقيل: بل على سعد بن خيثمة، والأول أثبت، ومكث علي بن أبي طالب بمكة ثلاثاً، حتى أدى عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، ثم هاجر ماشياً على قدميه، حتى لحقهما بقباء، ونزل على كلثوم بن الهدم.
وأقام رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بقباء أربعة أيام: الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس. وأسس مسجد قباء وصلى فيه، وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة، فلما كان اليوم الخامس -يوم الجمعة- ركب بأمر الله له، و أبو بكر ردفه، وأرسل إلى بني النجار -أخواله- فجاءوا متقلدين سيوفهم، فسار نحو المدينة ، فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف، فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي، وكانوا مائة رجل .

24- 8 - الدخول إلى المدينة:
وبعد الجمعة دخل النبي صلَّى الله عليه وسلم المدينة ومن ذلك اليوم سميت بلدة يثرب بمدينة الرسول صلَّى الله عليه وسلم، ويعبر عنها بالمدينة مختصرا- وكان يوماً تاريخياً أغر، فقد كانت البيوت والسكك ترتج بأصوات التحميد والتقديس، وكانت بنات الأنصار تتغنى بهذه الأبيات فرحاً وسروراً:
أشرق البدر علينا

ن ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا

ا دعا لله داع
أيها المبعوث فينا

ئت بالأمر المطاع
والأنصار لم يكونوا أصحاب ثروات طائلة؛ إلا أن كل واحد منهم كان يتمنى أن ينزل الرسول صلَّى الله عليه وسلم عليه. فكان لا يمر بدار من دور الأنصار إلا أخذوا خطام راحلته: هلم إلى العدد والعدة والسلاح والمنعة، فكان يقول لهم: خلوا سبيلها فإنها مأمورة، فلم تزل سائرة به حتى وصلت إلى موضع المسجد النبوي اليوم فبركت، ولم ينزل عنها حتى نهضت وسارت قليلاً، ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول، فنزل عنها، وذلك في بني النجار -أخواله - صلى الله عليه وسلم. وكان من توفيق الله لها، فإنه أحب أن ينزل على أخواله يكرمهم بذلك، فجعل الناس يكلمون رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في النزول عليهم، وبادر أبو أيوب الأنصاري إلى رحله، فأدخله بيته، فجعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول: المرء مع رحله، وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بزمام راحلته، وكانت عنده.
وفي رواية أنس عند البخاري، قال نبي الله صلَّى الله عليه وسلم: أي بيوت أهلنا أقرب؟ فقال أبو أيوب: أنا يا رسول الله، هذه داري، وهذا بابي. قال: فانطلق فهيىء لنا مقيلاً، قال: قوما على بركة الله.
وبعد أيام وصلت إليه زوجته سودة، وبنتاه فاطمة وأم كلثوم، وأسامة بن زيد، وأم أيمن، وخرج معهم عبدالله بن أبي بكر بعيال أبي بكر ومنهم عائشة، وبقيت زينب عند أبي العاص، لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدر.
قالت عائشة: لما قدم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال، فدخلت عليهما فقلت: يا أبه كيف تجدك، ويا بلال كيف تجدك؟ قالت فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
كل امرئ مصبح في أهله

الموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته ويقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة

واد وحولي أذخر وجليل
وهل أردنْ يوماً مياه مجنة

هل يَبْدُوَنْ لي شامة وطفيل
قالت عائشة: فجئت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد حباً، وصححها، وبارك في صاعها ومدها، وانقل حماها فاجعلها بالجحفة.
إلى هنا انتهى قسم من حياته صلَّى الله عليه وسلم، وتم دور من الدعوة الإسلامية، وهو الدور المكي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جنه
المشرفه العامه
المشرفه العامه
جنه


7
انثى عدد الرسائل : 5171
تاريخ الميلاد : 17/01/1977
العمر : 47
تاريخ التسجيل : 02/06/2008

نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4   نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Icon_minitimeالسبت 5 ديسمبر - 18:11

جزاك الله خيرا ذياد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هدي
الموضوع المميز
الموضوع المميز
هدي


3
انثى عدد الرسائل : 1726
تاريخ الميلاد : 14/12/1982
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 03/07/2008

نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4   نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4 Icon_minitimeالسبت 5 ديسمبر - 18:31

جزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته4
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته1
» نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته2
» نسب النبي صلَّى الله عليه وسلم وأسرته3
» ما اجمل قول النبي( صلي الله عليه وسلم)
» قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فضفضه :: منتدى بلغو عنى ولو اية :: السيره النبويه الشريفه-
انتقل الى: