عدوية قالها: «زحمة يا دنيا زحمة، زحمة وتاهوا الحبايب
زحمة فى كل مكان، فى الشارع، فى المترو، فى الأتوبيس..
لكن كيف يتعامل الناس مع الزحمة؟
بقانون الغاب والهمجية والمواقف التى تدل على ذلك متعددة نشاهدها كل يوم وربما نكون نحن أبطالا فيها.
اذكر منها أحد المواقف الذى تعرضت له إحدى صديقاتى عندما كانت تنتظر بسيارتها فى إحدى إشارات المرور، وإذا بها تفاجأ بصاحب سيارة يصرخ خلفها ويطلب منها التحرك. أشارت له صديقتى أن كل السيارات تنتظر فتح الإشارة مثلها ولا توجد أى مساحة لتتحرك، فما كان من الرجل إلا أن تقدم بسيارته للأمام ليصدمها ثم رجع للخلف مسافة بسيطة وعاد ليصدمها مرة أخرى، وظل يفعل ذلك ست مرات على التوالى بدون أى تعليق من أصحاب السيارات الأخرى ولا حتى من عسكرى المرور، وحاولت صديقتى السيطرة على أعصابها إلى أن خرجت من سيارتها فى المرة السادسة وصرخت فيه، عندها «فقط» ابتسم وتوقف عن مضايقتها!
ومشهد آخر يكاد يتكرر يوميا «طريق ضيق وسيارتين»، كل يقف فى الاتجاه المعاكس للآخر وكل منهما يرفض إفساح الطريق للآخر بحجة أنه دخل الطريق أولا، ويتعطل المرور من الاتجاهين ويزدحم الطريق بسبب العناد وبسبب أن كرامة سائق السيارة «نقحت عليه»، ولا يهم على الإطلاق الآخرين الذين تعطلت مصالحهم بسببه!
أما فى المترو فحدث ولا حرج عن الهمجية المطلقة من الرجال والسيدات، حيث يتسابق الناس للدخول إلى عربات المترو دافعين بذلك الراغبين فى النزول إلى داخل العربة برغم أن الأولوية للنزول وليس للصعود، ثم تدخل بعض العربات لتجد طالبات يفترشن الأرض ويتضاحكن ويسمعن الأغانى غير مباليات بأنهن زدن المكان ضيقا على ضيق، أو تجد أن عربة المترو أصبحت مثل علبة السردين ورغم ذلك يتدافع الناس للركوب وكأنها آخر عربة مترو لهذا اليوم!
ولا ننسى بالطبع أن الزحمة جنة المتحرشين الذين يستغلون الموقف للتحرش بالفتاة التى قادها حظها العاثر فى طريقهم، وعندما تنظر السيدة أو الفتاة بغضب للرجل الذى يتحرش بها تجده يرد «ما الدنيا زحمة يا مدام» أو «عايزانى أودى ايدى فين يعنى» أو الأفظع «متبقوش تنزلوا من بيتكو»!
وأنا لا أقتنع بمن يقول إن للزحمة سلوكا أو أنها تفرض سلوكا ما على الناس، هذا غير صحيح لأن كل موقف مما يحدث يدل ببساطة على شخصية وأخلاق كل الأطراف المشاركة فيه.
وكل هذه التصرفات المؤذية والسلبية تزيد الزحمة سوءا على سوء، حتى التذمر وترديد «أف» طوال الطريق يزيد الأمور تعقيدا لأنك بذلك تمتحن صبر الآخرين الذين يحاولون الصمود حتى يصلوا لوجهاتهم، ومضايقة الآخرين ليست من الدين فى شىء ورسولنا الكريم يقول: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» رواه البخارى.
فعندما يكون الطريق مزدحما لن يجدى أى صراخ على الآخرين أو افتعال للمشاجرات لأن كل من حولك يعانون من الوضع نفسه مثلك تماما، لذا حاول بسلوكك أن تخفف أثر الازدحام على الآخرين وعليك، فمثلا عند ركوبك المترو انتظر على يمين أو يسار الباب حتى نزول الناس ثم اركب، ولا تركب المترو إذا كان مزدحما، حيث إنك لو دخلت ستدفع الناس بعنف، أما إذا كنت فى عجلة من أمرك فالحل بسيط جدا، وهو النزول من بيتك مبكرا قبل الموعد الذى تريد اللحاق به بوقت كافٍ.
وبالمناسبة فإن الحملة الإعلانية الأخيرة الخاصة بالقرءاة للجميع قد تعطى لك بعض الأفكار عما يمكنك القيام به أثناء الانتظار من قرءاة للقصص أو الكتب، التى تحبها بحيث تشغل بالك عن الزحمة التى تعانى منها بشىء مفيد، أما إذا لم تكن من هواة القراءة فيمكنك سماع الأغانى، ولكن بالطبع باستخدام سماعات الأذن وليس كما يفعل البعض الذين يفرضون الأغانى التى يسمعونها على كل من حولهم.
عندما تصعب الأمور على غيرك فأنت تصعبها على نفسك أيضا.