تغنت فيروز بواحدة من أجمل قصائده التى يقول مطلعها: «يا عاقد الحاجبين... على الجبين اللجين.. إن كنت تقصد قتلى... قتلتنى مرتين... تمر قفز غزال... بين الرصيف وبينى... وما نصبت شباكى... ولا أذنت لعينى... تبدو كأن لا ترانى... وملء عينك عينى.. ومثل فعلك فعلى.... ويلى من الأحمقين..» وغنى له فريد الأطرش: «عش أنت، إنى مت بعدك.. وأطل إلى ما شئت صدك.. كانت بقايا للغرام... بمهجتى فختمت بعدك» كذلك لحن له وغنى فريد الأطرش «ختم الصبر بعدنا بالتلاقى»، و«أضنيتنى بالهجر»..
إنه بشارة عبدالله الخورى أو الأخطل الصغير الذى ولد فى بيروت فى عام ١٨٨٥، وكانت حياته سلسلة، من المعارك الأدبية والسياسية وقد نذر خلالها قلمه وشعره للدفاع عن أمته ضد الاستعمار والصهيونية.
اتسمت قصائده ببساطة اللغة وعمق المعنى وأناقة الأسلوب والثراء فى الصور والتعابير وتنوع الأغراض والموضوعات، ولم يكن بمعزل عن تيارات التجديد الشعرى فى عصره وتميز شعره بالإيقاع المتميز والغنائية والرقة والعذوبة وله ديوان (الهوى والشباب) ١٩٥٣، وديوان (شعر الأخطل الصغير) ١٩٦١.
تلقى الأخطل الصغير تعليمه فى المدرسة الإكليريكية الأرثوذكسية ثم انتقل بعد أربع سنوات إلى مدرسة الحكمة التى تعرف فيها على جبران خليل جبران، وأثناء سنوات دراسته الثلاث فى هذه المدرسة أبدى تفوقاً ونبوغاً، ثم انتقل إلى مدرسة المزار فى غزير، فمدرسة الأخوة (الفرير) فى بيروت، فأتقن اللغة الفرنسية إضافة إلى لغته العربية، وبعدئذ توقف عن الدراسة.
أصدر جريدة «البرق» عام ١٩٠٨، التى توقفت عن الصدور فى بداية عام ١٩٣٣، عندما أغلقتها السلطات الفرنسية فانخرط فى العمل السياسى إبان الوجود العثمانى فى الشام والذى كان من أشد مناهضيه ومنتقديه، وعاد الشاعر إلى الكتابة باسم مستعار هو «الأخطل التغلبى» الشاعر الأموى، وفى عام ١٩١٦ هرب إلى ريفون ونزل عند صديقه الأباتى بستانى، واختبأ هناك باسم حنا فياض، ومن هناك بدأ يراسل أصدقاءه تحت اسم «الأخطل الصغير».
وفى يوليو عام ١٩٢٥ رشح نفسه للانتخابات النيابية ولكنه خسر المعركة، وفى العام نفسه انتخب نقيباً للصحفيين اللبنانيين، وفى عام ١٩٣٠ عُين رئيساً لبلدية برج حمود، وفى ١٩٣٢ انتخب عضواً مراسلاً فى المجمع العلمى العربى بدمشق، وفى عام ١٩٤٦ عين مستشاراً فنياً للغة العربية فى وزارة التربية الوطنية ببيروت، إلى أن توفى فى مثل هذا اليوم (٣١ يوليو) من عام ١٩٦٨.