إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ بالله تعالي من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه بلغ الرسالة وأدي الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمة وجاهد في الله تعالي حق جهاده حتى أتاه الله اليقين فصلوات الله وتسليما ته عليه وبعد :
------------------------------
يقول الله تعالي " إن الدين عند الله الإسلام " إذا المراد بالدين هو الإسلام وهذ الإسلام هو دين كل الرسل من لدن آدم إلي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ولن يقبل الله من العبد في الآخرة إلا الإسلام قال الله تعالي " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " فهذ الإسلام هو دين كل الرسل هو دين كل الأنبياء . سيدنا نوح عليه السلام قال الله تعالي عنه ه " واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين " وهو دين سيدنا إبراهيم وإسماعيل قال الله تعالي " ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك " وهو دين أبناؤه من بعده قال الله تعالي "ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون () أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون ". هو دين سيدنا يوسف عليه السلام قال الله تعالي "رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين " وهو دين سيدنا عيسي عليه السلام قال الله تعالي " وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون " إذا كما قرر الله تعالي الإسلام هو دين كل الرسل والأنبياء دينهم واحد .
ولكن هناك ألفاظ تطلق علي الإسلام مثل : الدين ، الملة فالملة هي الشريعة التي شرعها الله سبحانه وتعالي وهي جزء من الدين وليست كل الدين . فاليهودية شريعة شرعها الله تعالي وليست كل الدين لأن الدين هو الإسلام واليهودية شريعة منه انتهت بمجيئ المسيح وكذالك النصرانية شريعة من الدين وليست كل الدين لأن الدين هو الإسلام والنصرانية شريعة منه انتهت بمجيئ الرسول الكريم . وسنة الرسول شريعة قال الله تعالي " ثم جعلناك علي شريعة من الأمر فاتبعها " إنما الدين هو الإسلام وقد جمعه الله تعالي في القرآن والسنة النبوية معا وهذه الرسالة المحمدية تشتمل علي كثير مما سبق من الشرائع ــ ما يتوافق مع هذه الأزمنة بقي ــ وما لم يتوافق ـ نسخ ـ مثل كل الأحاديث التي تصدر من الرسول علي سبيل الحكاية عن بني إسرائيل فإنها من الموافقات كحديث الرجل الذي قتل مائة نفس ، والرجل الذي تصدق علي الغني والزانية والسارق ، والثلاثة الذين انطبق عليهم الغار وغير ذلك من الروايات التي قصها الرسول عليه الصلاة والسلام ومن ذلك قول الله تعالي في عديد من الآيات " ملة إبراهيم حنيفا " وقد ذكرت في القرآن خمس مرات مثل " قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا " وقوله تعالي " ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا " وقد تطلق كلمة ملة علي المنهج الذي اتخذه المبطلون مما يوافق هواهم ويخالف أمر الله تعالي وأمر رسله وقد أضاف القرآن هذه اللفظة إلي شريعة المبطلين في قوله تعالي " وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحي إليهم ربهم لنهلكن الظالمين " فكان المراد من الملة هنا الضلال والكفر الذي هم عليه .
أما الدين فهو وحي من الله عز وجل لرسول من رسله وهو عبارة عن جملة من التكاليف الشرعية والمعاملات المالية والسياسية والأخلاقية يبلغها الرسول لأمته وتتلقاها الأمة بالقبول . ويكون هذا الدين هو الرباط الذي يربط العبد بالله تعالي وهذا الدين واحد في اسمه ( الإسلام )