مش أوباما جه لنا فى البيت"، هكذا قالت لىّ وهى تضحك، واستكملت كلمتها "بس كنت محتاسة ألبس إيه علشان أقابله به، وفى الآخر مشفتهوش علشان خلتنى محتاسة ألبس إيه، وصحيت للآسف من النوم قبل ما أشوفه".
هل أوباما فارس يراود أحلام البنات ببشرته السمراء وبابتسامته المميزة ورشاقته الظاهرة، وما بالنا أنه رئيس أكبر وأقوى دولة فى العالم فى عصرنا الحالى، وبالرغم مما يحمله هذا الحلم من معنى واضح وجاذبية خاصة يحملها أوباما، ولكن ما شدنى فى هذا الحلم هو كلمتها حينما قالت "كنت محتاسة ألبس إيه"، هذه العبارة التى تشير إلى وضعنا الحالى، نحن ماذا أعددنا!! من سيناريوهات تمكننا من التعامل والتفاوض مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وإما أننا فى انتظار دائم لما يمكن أن تقدمه الإدارة الجديدة لنا، بدون أن نفكر ماذا نحن نريد بشكل حقيقى، وكيف لنا أن نقدم أمورنا بشكل يجعلنا نستفيد حقيقة من الفرصة الحالية، ولا نجعلها مجرد هدنة ما بين الإدارة الأمريكية الحالية والدول الإسلامية والعربية، تمر بنا فى انتظار الإدارة الجديدة وما تحمله أجندتها لنا، ماذا أعددنا نحن، ماذا نريد بشكل منطقى، تستطيع فيه أن تتعاون معنا فيه الإدارة الأمريكية الحالية، ويمكننا البناء عليه، أم نحن شعب نحب الكلام واستعراض الألفاظ والعبارات والتظاهر بالنصاحة والوعى دون أن نقوم بأى شىء سوى إبداء عبارات الإعجاب أو الامتعاض أو الرفض وفلسفة الأمور بدلاً من تقديم حلول وبدائل نستطيع القيام بها وتنفيذها، أم أننا فى انتظار من يحل لنا مشاكلنا، ماذا نحن نريد حقًا؟ ويسهم فى بنائنا بشكل حقيقى ويمكننا أن نؤسس عليه ونبنى عليه، ويمكن أيضًا أن نتفاوض عليه، وهو ما يستلزم أن يكون أمرا قابلا للتفاوض، فعلينا أن ندرك أن غيرنا لن يحل لنا مشاكلنا إلا فى حدود مصالحه واستراتيجياته وسياساته، وعلينا ألا نصدر كل شىء لغيرنا ونطلب منه أن يكون عادلا ومتوازنا معنا، حتى لا نجد أنفسنا "محتاسين" تائهين غير قادرين على إدارة أمورنا ونختزل مشاكلنا فى آن لآخر غير جاد فى الإصلاح وغير مخلص فى وضع قواعد عادلة فى التعامل.
قد تعرض فى إطار التفاوض بعض الأمور التى ندرك أن غيرنا قد يرفضها ولكن فى سياق الضغوط والتنازلات والبدائل والامتيازات وخلق الأزمات التى تقوم عليها عمليات التفاوض، يجوز التعامل معها ولكن بقدر وبحدود، والهدف يكون الحصول على أفضل الحقوق والامتيازات، والتى يجيدون التعامل فيها للأسف أكثر منا، لذلك علينا أن ندرك ما هى مطالبنا بالتحديد التى يمكن أن تتحقق وما هى المطالب التى لن تأتى من خلالهم، ولن تأتى إلا بقوتنا وعزتنا وتنمية مهاراتنا، وقد نقبل بحدود ببعض الأمور التى لن تستطيع أن نأخذ غيرها فى خلال هذه المرحلة وفى إطار حدود قوتنا وتأثيرنا فى الآخر ووفقا لمدى ترابطنا واتفاقنا يمكننا أن نحصل على أفضل الحقوق والامتيازات والبدائل. هل نحن قادرون على تحديد استراتيجيتنا خلال المرحلة القادمة وسياساتنا ورؤيتنا وخططنا وأولويتنا بشكل يضمن لنا عرضا جيدا، وتفاوضا ناجحا مع الإدارة الأمريكية الجديدة، الإدارة التى قد تسمع وتتفهم أكثر من غيرها، وقد تؤثر فى الآخرين، ولكن علينا أيضًا أن نكون مدركين أنه إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع.
وعلينا أن نعترف أنه أيضًا كثير من مفاتيح اللعبة فى أيدينا، كما أن هناك مفاتيح فى يد أمريكا، ولكن ليس كل المفاتيح فى يدها، وعلينا أن نعرف جيدًا ما هى المفاتيح المقبول التنازل عنها، وما هى المفاتيح المقبول استعمالها دون مصادرتها وما هى المفاتيح غير المقبول العبث أو الاقتراب منها فى خلال هذه المرحلة، إذ أردنا حقًا نصرًا وتفاعلا حقيقيا ومنتجا، مع الإدارة الأمريكية الجديدة، بدلاً من المكوث دون حركة واستخدام عبارات اللعن والشتم والاعتراض وفلسفة الأمور دون تقديم حلول عملية، وتحديد دورنا فى المرحلة الحالية إذا أردنا حقًا حركة حقيقية مؤثرة فى الواقع القائم، وتغيير فعلى.
أين رؤيتنا...أين رسالتنا...أين عملنا على مختلف المستويات المحلية والعربية والإسلامية واتجاه العالم بتقسيماته؟، وسواء على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد، ما هى مسئولياتنا تجاه بعضنا البعض، كدول وكمجتمعات عربية أو إسلامية؟، ماذا فعلنا غير الصراخ والاستعراض بالقول والإعجاب به، ومناطحة بعضنا البعض بدون رؤية عملية يمكن وضعها موضع التنفيذ العملى، إذا أردنا حقًا حلا لمشاكلنا وأزماتنا علينا أن ندرس ونتحرك ونعمل وننفذ سياسات واستراتيجيات وتخطيط وإجراءات قابلة للتنفيذ لا أن نتكلم ونتكلم ونتكلم بدون تقديم الحل.