أطلق الرئيس مبارك سيلا من التهديدات العنترية ضد كل من إيران وحزب الله أمس الخميس في كلمته بمناسبة ما يسمى بأعياد تحرير سيناء، والتي حذر فيها مما وصفها بتدخلات قوى إقليمية تعادى السلام وتدفع المنطقة إلى حافة الهاوية ، وتسعى لبسط نفوذها وأجندتها على عالمنا العربي، وتغذى الخلافات على الساحتين العربية والفلسطينية، وتدفع بعملائها إلى المنطقة لتهديد أمن مصر القومي، واستباحة حدودها وزعزعة استقرارها»،
ووجه مبارك خطابه لإيران التي لم يسميها: إننا واعون تماما لمخططاتكم.. سنكشف تآمركم ونرد كيدكم فى نحوركم.. كفاكم تمسحا بالقضية الفلسطينية.. واحذروا غضب مصر وشعبها.
طبعا كل هذه التهديدات والمعارك المفتعلة مع إيران وحزب الله وقوى المقاومة في المنطقة لا تختلف كثيرا عن نفس اللغة التي تستخدمها الحكومات الصهيونية المتعاقبة وآخرهم حكومة التطرف العنصري بقيادة نتن ياهو التي باتت الآن مهووسة بشيء واحد، وهو ضرورة توجيه ضربة لإيران، بمساعدة محور الاعتلال العربي الذي يقوده نظام مبارك، والبريئة منه مصر.
ومن هنا ينبغي فهم ما حدث من حملات إعلامية ضخمة وموجهة في إطار ما سمي بخلية حزب الله، وأن تضخيمها كان يهدف لتبرير الاصطفاف خلف نتن ياهو والصهاينة في صراعهم مع إيران الدولة المسلمة والجارة والتي ليس بيننا وبينها – أيا كانت حجم التناقضات السياسية – ما يبرر معاداتها والتحالف مع الصهاينة ضدها.
والغريب أنه في اليوم السابق مباشرة لهذه التهديدات كانت الزيارة الودية لرجل النظام القوي الجنرال عمر سليمان للقدس المحتلة ليلتقي بنتن ياهو وليبرمان، ليقفز على كل التناقضات القائمة ، وليمد جسور التعاون مع حكومة مولغة في التطرف لها أجندة عنصرية استيطانية معلنة كان ينبغي العمل على عزلها وحشد الإقليم في مواجهة سياساتها، و كان العالم مستعدا لتفهم موقفنا، ومع ذلك سعى نظام مبارك لمد حبال الود وتوجيه الدعوات للاستمرار في سياسة السمسرة التي لن يكون لهم دور في تغيير أجندة هذه الحكومة بل سيمنحها الغطاء وسيسوقها ويفتح الباب أمامها في العالم كله باعتبارها شريك ، وهي خدمات جليلة تستحق أن يسبح الصهاينة بحمد مبارك ليل نهار ، بعد أن جعل من مصر تابعا لهم ولسياساتهم، وهو أمر لا أعتقد أن أحدا من مؤسسي هذا الكيان كان يحلم به في يوم من الأيام.
وكأننا على موعد من الحقائق وفك طلاسم الألغاز، فلم نعد في حاجة للتحليل السياسي أو للحديث عن السيناريوهات والاحتمالات فالحقائق القادمة من القاهرة والقدس المحتلة تطابقت سريعا مع ما جاء من واشنطن، فأمام لجنة الخطة والموازنة في الكونجرس الأمريكي، شهد شاهد من أهلها، فقد حذرت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون زعماء إسرائيل الجدد من فقدان ما وصفته بالتأييد العربي في مواجهة إيران.
الآن حصحص الحق، إنهم يعترفون بالحلف العربي الصهيوني ضد إيران.. واتضح لكل وطني شريف في مصر وفي العالم العربي والإسلامي أننا –والغالبية العظمى من الوطنيين في مصر من كتاب وساسة - لم نكن نتجنى في تحليلاتنا حول الهوجة الإعلامية العبثية المفتعلة لنظام مبارك حول ما سمي بقضية خلية حزب الله، وأننا كنا على صواب عندما اعتقدنا، أن وراء الأكمة ما وراءها كما تقول العرب، وأن كل هذه المخططات المفتعلة جاءت لتبرير هذه السياسات التي ستؤدي لاختطاف مصر وتجيير مواقفها لحساب الصهاينة في مخططاتهم لضرب إيران وإدخال المنطقة ومصر في حرب قد نعلم بدايتها ولكن من الصعب أن نتنبأ بنهايتها، حرب لا ناقة لمصر فيها كوطن وتاريخ وانتماء، بل إن نتائجها حتما لن تؤدي إلا للقضاء على ما تبقى من سيادة لهذا الوطن.
هذه التهديدات من رأس النظام المصري لإيران ولحزب الله تنقل مصر عمليا لخطوط المواجهة الأولى إلى جانب إسرائيل، التي لها دوافعها في الهيمنة والهوس الأمني الذي يدفعها لانتهاج سياسات عدوانية لتدمير كل القوى الإقليمية الكبرى لتبقى هي الوحيدة المتفوقة استراتيجيا وعسكريا، وهي التي تنتج الأقمار الصناعية المتطورة والصورايخ والطائرات الحديثة والأسلحة النووية وغيرها من وسائل القوة، وعندها لن يسع مصر إلا أن تكون تابعا ذليلا في المنطقة بعد أن جرى تدمير العراق ويتآمرون الآن على تدمير إيران.
نظام مبارك بهذه السياسات يؤكد أنه يحتاج للحجر عليه ولتوقيفه لأنه يتمادى في تدمير الوطن وبيعه لأعدائه والقضاء على حاضره ومستقبله .. أفيقوا أيها الناس قبل فوات الأوان.