حفلة تعذيب لـ(نقاش) مجاملة لموظف كبير مختار الأعصر مواطن بسيط يعمل نقاشا، فرح بشدة حينما عاد إلى منزله فعلم أن موظفا فى جهة سيادية يريده أن يقوم بأعمال النقاشة والتشطيبات الخاصة بفيللته، على الفور حمل النقاش معداته، وانتقل إلى الفيللا الضخمة الفخمة المقامة فى مدينة العبور، لم يطلب أموالا مقدما من الموظف السيادى، ظنا منه أن ذلك سيجعل الموظف يرضى عنه ويعطيه أكثر مما كان سيطلبه.
ظل العامل البسيط يجد ويجتهد فى تشطيبات الفيللا، وينفق أحيانا من جيبه الخاص على شراء بعض المواد اللازمة لأعمال النقاشة، وفى منتصف فترة العمل شعر النقاش بضائقة مادية، فطلب مبلغا تحت الحساب من الموظف، فكانت الصاعقة.
أخبره الموظف بأنه لن يدفع له شيئا، وعليه أن ينهى عمله، وإلا سيسجنه أو يقتله، حاول النقاش أن يسترضيه، واستحلفه بالله أن يعطيه بعض الأموال ليستطيع أن يكمل العمل، وأكد أنه لولا الظروف ما طلب منه شيئا إلا بعد انتهاء العمل، فقال له الموظف المهم: «ومين قالك إن أصلا هدفعلك فلوس بعد ما تخلص؟...أنت هتخلص الشغل وتحمد ربنا إننا هنسيبك تمشى حى».
حاول النقاش أن ينجو بحياته، فاستغل عدم وجود الموظف فى فيللته يوما، وذهب ليأخذ معداته دون مشكلات وحتى لا يحتك به الموظف الكبير، واستعوض الله فى أجره وعرقه الذى «أكله عليه» صاحب الفيللا.
لكن الخفير الموجود بالفيللا اتصل بسيده على الهاتف وأخبره بأن النقاش حضر ليأخذ معداته ويذهب، وكأنه ارتكب جريمة.. طلب الموظف السيادى من الخفير احتجاز النقاش، وقام هو بالاتصال بضابط شرطة يدعى (ع.ع) بقسم شرطة العبور المجاور للفيللا، وحضر الضابط ومعه 6 مخبرين إلى الفيللا، وهناك قيدوا النقاش، وأوثقوا يديه خلف ظهره، وأرقدوه على الأرض وانهالوا عليه ركلا بالأقدام وأحدثوا به إصابات وجروحا فى أماكن متفرقة بالجسم، وظلوا يضربونه حتى فقد الوعى، وحملوه مقيدا داخل سيارة الشرطة، وأكملوا حفلة التعذيب بداخل قسم شرطة العبور، وحضر الموظف السيادى إلى قسم الشرطة كى يشاركهم فى تعذيب النقاش، وكى يكون التعذيب تحت مرأى ومسمع رجال الشرطة وفى عقر دارهم وبمشاركتهم.
راح النقاش المسكين فى غيبوبة وعندما أفاق اتصل بأحد المحامين، ولما حضر المحامى تعدى عليه الموظف السيادى بالسب والقذف وهدده بتلفيق قضية مخدرات له هو وموكله.
حرر المحامى محضرا بتعرض موكله للتعذيب على يد ضابط شرطة وموظف سيادى بداخل قسم الشرطة،وطلب تحقيق النيابة فى الواقعة.
فتحت نيابة الخانكة تحقيقا وروى لها النقاش قصة تعذيبه على النحو السابق، وجاء تقرير الطب الشرعى مطابقا لأقواله، وتم إرسال ملف القضية إلى المكتب الفنى التابع للنائب العام، والذى أحال الضابط والموظف السيادى إلى المحاكمة بتهمة استعمال القسوة وتعذيب مواطن داخل قسم شرطة، وتحددت لهما جلسة الأحد الماضى فى محكمة جنح الخانكة، ولم يحضر الضابط ولا الموظف السيادى وطلب محاميهما التأجيل للاطلاع على أوراق القضية، وقررت المحكمة التأجيل إلى جلسة 3 مايو المقبل