وعليها شهود، كان فصلاً مأساوياً فى القاهرة، فبعد قضية تجار الحديد الشهيرة سنة ١٩٨٣، دخل «الوالد» عملية استيراد الحديد، آخرون كانوا يستوردون حديداً من الخارج وكانت لهم علاقات مع هيئة التوحيد القياسى فى ذلك الوقت، اخترقوها، وقيل وقتها إن الحديد مخالف للمواصفات القياسية ويتسبب فى سقوط العقارات، وكان بعض العقارات قد انهار بالفعل.
دهش الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب، ساعتئذ من شاب «غَر»، جاءه من أقصى المدينة يسعى، توسط فى اللقاء مستشار مرموق كان محامياً للوالد، على حين غِرّة عرض «الغَر» على المحجوب رشوة، ساعة «رولكس» من الذهب الخالص مرصعة بالأحجار الكريمة، صرفه المحجوب بإحسان إكراما لخاطر المستشار.
خرج «الغر» لا يلوى على شىء، يبحث عن محجوب آخر.. بدلا من المحجوب ألف محجوب مما تعدون، كان والده معتقلا لايزال على ذمة قضية تجارة عملة، تحصل المستشار للوالد على البراءة التى سعى إليها الغر بطريقة ما، كم ثمن البراءة؟! المحجوب رفض ساعة بمليون جنيه، كان نزيها، ليس آخر الرجال المحترمين، البطن الطاهرة ولادة، هناك من ينامون على الطوى شبعا بالشرف، وهناك من يملأون البطون بالحرام وما يشبعون.
هناك راشون ومرتشون، فاسدون ومفسدون، وهناك شرفاء معتبرون، عجبا.. الإرهاب اختار من بين الجميع الدكتور رفعت المحجوب، اغتالته أيدى الإرهاب الأسود يوم ١٢ أكتوبر ١٩٩٠، حلف غير مقدس بين الإرهاب والفساد، لم يفلح الفساد مع الرجل، فساد الرولكس، لم يتزحزح قيد أنملة عن مواقفه، نجح الإرهاب، مثل طرفى المقص.. الإرهاب والفساد مشدودان إلى بعضهما البعض بحلقة شريرة، ولتجدن أقرب الناس إلى الفاسدين الإرهابيين.
درس المحجوب عَلم فى جسد «الغر»، صار ينتقى المرتشين، يفرز قبل العرض، صار يثمن البشر، كل بثمن، الثمن بعد البراءة، لا يرمى بياضه دفعة واحدة، المحجوب رفض ساعة رولكس، محجوب عبدالدايم يقبل بأقل، بثمن بخس، بساعة أورينت، بغدوة أو عشوة، بلقمة جنب حائط، فى طريقه رشى الكثير وصمد القليل، يود لو يرشو فيرتشون.
على كل حرف، يشهد اثنان الغر ثالثهما، الأول مستشار مرموق، يفخر المستشار بأنه حصل للغر ووالده على البراءة دون الساعة الرولكس، الثانى جنرال..
رجل معتبر ممن يملكون الملفات والمعلومات، يحتفظون بصور منها للاستخدام أو للذكرى، البعض يحتمى من الأشرار بملفاتهم، كانا يتعاتبان عتابا تاريخياً عن الماضى القديم، كنت حاضراً، وتوقفا مليا عند الساعة الرولكس، كان حديثاً شائقاً وهما يتضاحكان، أما حتة حكاية، ويجزمان كلاهما بأن المحجوب لم يقبل الرشوة، كان نزيهاً راوده «الغر» فى مكتبه برشوته، فقال معاذ الله.
يقول الثانى «الجنرال»: «القانون يمنعنى من الإدلاء بكل ما لدى من معلومات»، أى قانون هذا الذى يحمى «الغر» من الحساب، أى قانون الذى يخرس الألسنة عن البوح، وإذا كان القانون يمنع المحترمين، فلماذا لايمنع غيرهم من ارتكاب الجرائم، كيف يسكت الأول «المستشار» على الهدية وصاحبها، على الأقل يرويها درساً للصغار، درساً فى نزاهة المحجوب، كيف ينام المستشار وهو يختزن مثل هذه الوقائع؟! موكله نعم.. ولكن الله نعم المولى ونعم النصير.
نائب الباجور - منوفية، عاطف الحلال، لم يقاطع خطاب الرئيس بتأشيرات الحج، قاطعه نائب شورى من أشمون - منوفية.. فى بيتها يا حلال
المصرى اليوم