الحمد لله الذي لا إله إلا هو ، وهو للحمد أهل ، وهو على كل شيء قدير ، وبعد :
**علي المؤمن أن يصبر على البلاء مهما اشتد فإن مع العسر يسراً ، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، يقول أنس : إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت ، فقال : (( كيف تجدك ؟ )) قال : أرجو رحمة الله يا رسول الله ، وأخاف ذنوبي ، فقال : (( لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف )) ، فلا تسيء العمل وأنت صحيح بحجة هذا الحديث ، فلعل الموت يأتيك بغتة . وعلى كل فالمؤمن يصبر ويرضى بقضاء الله ، فإن عاش لم يحرم الأجر ، وإن مات فإلى رحمة الله ، يقول صلى الله عليه وسلم : (( تحفة المؤمن الموت ))[رواه الطبراني بسند جيد ] 0
فإذا تقرر هذا كله فأليكم فوائد المرض العظيمة وما يترتب عليه من مصالح ومنافع قلبية وبدنية ، وقبل الشروع لابد من مقدمة قبل الدخول في المقصود 0
إن الله لم يخلق شيئاً إلا وفيه نعمة أيضاً ، إما على المبتلى أو على غير المبتلى ، حتى إن ألم الكفار في نار جهنم نعمة ، ولكنها في حق غيرهم من العباد ، فمصائب قوم عند قوم فوائد ، ولولا أن الله خلق العذاب والألم لما عرف المتنعمون قدر نعمته عليهم ولجهلت كثير من النعم ، ومن هنا خلق سبحانه الأضداد لحكم كثيرة منها معرفة النعم ، فلولا الليل لما عرف قدر النهار ، ولولا المرض لما عرف قدر الصحة ، وكذا الفقر والسماء والجنة ، ففرح أهل الجنة إنما يتضاعف إذا تفكروا في آلام أهل النار ، بل إن من نعيم أهل الجنة رؤية أهل النار وما هم فيه من العذاب ، مع العلم أن كل بلاء يقدر العبد على دفعه ، لا يؤمر بالصبر عليه ، بل يؤمر بإزالته ففي الحديث : (( ليس للمؤمن أن يذل نفسه ، أن يحمل نفسه مالا يطيق )) . وإنما المحمود الصبر على ألم ليس له حيلة في إزالته ، كما أن من النعم نعمة تكون بلاءً على صاحبها ، فإنه يبتلى بالنعماء والبأساء ، وكم من بلاء يكون نعمة على صاحبه ، فرب عبد تكون الخيرة له في الفقر والمرض ، ولو صح بدنه وكثر ماله لبطر وبغى (( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض )) [ الشورى : 27] 0
فكل نعمة سوى الإيمان وحسن الخلق قد تكون بلاء في حق بعض الناس ، وتكون أضدادها نعماً في حقهم ، فكما أن المعرفة كمال ونعمة ، إلا أنها قد تكون في بعض الأحيان بلاء وفقدها نعمة مثل أجل العبد أو جهله بما يضمر له الناس ، إذ لو رفع له الستر لطال غمه وحسده . وكم من نعمة يحرص عليها العبد فيها هلاكه ، ولما كانت الآلام والأمراض أدوية للأرواح والأبدان وكانت كمالاً للإنسان ، فإن فاطره وبارئه ما أمرضه إلا ليشفيه ، وما ابتلاه إلا ليعافيه ، وما أماته إلا ليحييه ، وقد حجب سبحانه أعظم اللذات بأنواع المكاره وجعلها جسراً موصلاً إليها ، ولهذا قال العقلاء قاطبة : إن النعيم لا يدرك بالنعيم ، وإن الراحة لا تنال بالراحة ، فهذه الآلام والمشاق من أعظم النعم، إذ هي أسباب النعم ، فمثلاً نزول الأمطار والثلوج وهبوب الرياح وما يصاحبها من الآلام فإنها مغمورة جداً بالنسبة إلى المنافع والمصالح التي تصحبها ، فمثلاً لو أن المرأة نظرت إلى آلام الحمل والولادة لما تزوجت ، لكن لذة الأمومة والأولاد أضعاف أضعاف تلك الآلام ، بل إنها إذا حرمت الأولاد لم تترك طبيباً إلا وذهبت إليه من أجل الحصول على الأبناء ، إنه لا يوجد شر محض ، وما نهى سبحانه عن الأعمال القبيحة إلا لأن مفسدتها راجحة على خيرها ، وهكذا .. وقد قال الله عن الخمر : إثمها أكبر من نفعها ، فلو نظر العبد كم يحصل له من المضار والمفاسد منها لما أقدم عليها
موضوع: رد: **فوائد المرض.... الأربعاء 5 نوفمبر - 5:14
الحمد لله الذي لا إله إلا هو ، وهو للحمد أهل ، وهو على كل شيء قدير -------------------------------- الف شكر ليكى جنا ----------------- ولوعلم الانسان الغيب اختار الواقع بكل ما يحمل من خير او شر