ابو حنفى الموضوع المميز
عدد الرسائل : 5968 تاريخ التسجيل : 18/08/2008
بطاقة الشخصية الشعراء:
| موضوع: سقوط امريكا الجمعة 31 أكتوبر - 9:56 | |
| عرضنا عرض فوكوياما للكارثة التي أصابت أمريكا والتي وصفها بأنها »سقوط أمريكا« وأن أخطر ما فيها ليس مجرد الخسائر الاقتصادية الفادحة وإنما سقوط »النموذج« الأمريكي وقد تتبع فوكوياما نشأة هذا »النموذج« الأمريكي، منذ حكم ريجان في مطلع ثمانينيات القرن الماضي حتي سقوطه في سبتمبر هذا العام، ويعرض فوكوياما في هذه الحلقة تحليلا لسياسة كل من ريجان في أمريكا ومارجريت تاتشر في بريطانيا وكيف انهما كانتا أنسب السياسات وقتها بعكس سياسة روزفلت التي واجه بها الأزمة الطاحنة في مطلع الثلاثينيات والتي كانت بدورها افضل سياسة متاحة وقتها. يقول فوكوياما انه في بداية سبعينيات القرن الماضي كانت سياسة دولة الخدمات واقتصادياتها التي يخنقها الروتين الحكومي قد اثبتت أنها عاجزة عن الاستمرار، كانت التليفونات وقتها غالية الثمن ويصعب الحصول عليها، وكان السفر بالطائرة كماليات مقصورة علي الأغنياء وكان معظم الناس يضعون مدخراتهم في حسابات مصرية تعطي عائدا منخفضا، وكانت برامج المساعدة الحكومية للأسر ذات الاطفال قد سببت تقاعسا لدي العائلات الفقيرة عن العمل والاستمرار في الزواج مما سبب تهدم الكثير من الأسر ولذلك كانت ثورة ريجان وتاتشر من اجل تسهيل تعيين وفصل العاملين مما سبب درجة ضخمة من المعاناة حيث تراجعت أو أفلست الصناعات التقليدية، ولكنها كانت ثورة وضعت أساس ما يقرب من ثلاثة عقود من النمو وظهور قطاعات جديدة مثل قطاعات الإتصالات والمعلومات والتقنيات الجديدة لعلوم الحياة. علي مستوي العالم كان تطبيق ثورة ريجان يعني أن كل الهيئات الدولية تحت السيطرة الأمريكية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي كانت تدفع الدول النامية لفتح أسواقها، ورغم ان الجهد الأمريكي في هذا المجال كان يواجه أحيانا بعوائق مثل نظام هوجو شافيز في فنزويلا إلا أنه نجح في تخفيف آلام أزمة الديون في امريكا اللاتينية اوائل الثمانينيات بينما ضرب التضخم الهائل اقتصادات دولها مثل الأرجنتين والبرازيل، وقد كانت السياسات المماثلة في فتح الأسواق هي ما جعل دولا مثل الصين والهند نماذج للنجاح الذي يسود فيها اليوم، واذا كانت هناك حاجة لمزيد من الدليل لفشل سياسات الانغلاق الاقتصادي فما علينا إلا النظر للفشل الذريع الذي حاق بالأنظمة شديدة البيروقراطية والسيطرة الاقتصادية الحكومية مثل الاتحاد السوفيتي السابق وغيره من الدول الشيوعية، فبنهاية السبعينيات كانت هذه الدول تتعثر وراء منافسيها من الدول الرأسمالية في كل المجالات، وقد أثبت الانفجار من الداخل في هذه الدول بعد سقوط حائط برلين أنها كانت دولا تسير في طريق الانهيار. ومثل كل حركات التغيير فقدت الثورة الريجانية طريقها لأن الكثيرين ممن ساروا في طريقها كانوا يعتبرونها أيديولوجية مقدسة وليست مجرد رد عملي علي تجاوزات دولة الخدمات الاشتراكية، كان هناك اعتباران مقدسان لدي هؤلاء الكثيرين وهما أن تخفيض الضرائب يؤدي الي التمويل الذاتي وأن أسواق المال تصلح مسارها بنفسها. قبل سنة 1980 كان المحافظون محافظين في سياستهم المالية بمعني أنهم كانوا لا يريدون أن ينفقوا من الاموال اكثر مما يحصلون علي الضرائب، ولكن سياسات ريجان الاقتصادية أدخلت فكرة أن أي تخفيضات ضريبية ستنشط النمو الاقتصادي وبذلك تجمع الحكومة أموالا اكثر من الضرائب في النهاية، والواقع أن الفكرة التقليدية كانت صحيحة بمعني أنك اذا خفضت الضرائب دون تخفيض الإنفاق فإنك تنتهي الي وجود عجز خطير في الميزانية، ولذلك كانت تخفيضات ريجان الضريبية خلال الثمانينيات نتيجتها عجزا كبيرا، وعندما رفع كلينتون الضرائب خلال التسعينيات كانت النتيجة فائضا، ولما جاء بوش في بداية القرن الحادي والعشرين وخفض الضرائب كانت النتيجة عجزا ضخما، وكون أن الاقتصاد الامريكي نما بسرعة خلال حكم كلينتون كما كان الحال في سنوات حكم ريجان فان المحافظين لم يغيروا عقيدتهم في أن خفض الضرائب هو الوسيلة المضمونة للنمو الاقتصادي. والأهم من ذلك أن العولمة قد طمست مواطن الضعف في هذا الفكر المحافظ لعدة عقود من السنين، فقد بدا أن الأجانب يرغبون في الاحتفاظ بالدولار الأمريكي إلي ما لا نهاية مما مكن الحكومة الأمريكية من تحقيق نمو اقتصادي كبير رغم تزايد العجز، وهو أمر لم تستطع أي دولة نامية تحقيقه، وهذا هو السبب في أن نائب الرئيس ديك تشيني قال لبوش كما اكد المراقبون أن العجز في الميزانية لا يهم كما اثبتت الدروس المستفادة من حقبة الثمانينيات. كانت الركيزة الثانية في فلسفة فترة ريجان وهي إلغاء الرقابة المالية مدفوعة بحلف غير مقدس بين عقائديين محافظين وبين شركات حي المال في وول ستريت، وبحلول حقبة التسعينيات كان الحزب الديمقراطي بدوره قد قبل هذا الفكر، وكانت حجتهم أن قواعد الرقابة المالية طويلة المدي كما حدث في فترة الكساد الأكبر خلال الثلاثينيات مثل قانون جلاس / سيجال الذي فصل من البنوك التجارية وبنوك الاستثمار قد تسبب في تجميد التجديد وتدمير المنافسة بين المؤسسات المالية الأمريكية، وكان ذلك صحيحا في حد ذاته، فالغاء قواعد الرقابة هو الذي أنتج طوفانا من المنتجات الجديدة مثل سندات القروض التي تستعمل كضمانات، وهي التي تقف الآن علي رأس اسباب الأزمة الحالية. ويبدو أن بعض الجمهوريين لم يدركوا بعد هذا الأمر كما هو واضح من البدائل التي اقترحوها لاخراج أمريكا من الأزمة مثل مزيد من تخفيض الضرائب علي صناديق التأمين ضد الخسائر المالية. المشكلة الحقيقية هي أن حي المال في وول ستريت مختلف تماما عن وادي سيليكون »مركز صناعة البرمجيات« علي سبيل المثال حيث يوجد قدر معقول من القواعد التنظيمية التي يعتبرونها أمرا مفيدا، فالمؤسسات المالية قائمة علي الثقة وهي شيء لا يزدهر إلا إذا ضمنت الحكومات شفافيتها ومحدودية المخاطر التي تقوم بها في توظيف أموال الناس، وهذا القطاع المالي مختلف أيضا في أن انهيار مؤسسة مالية لا يقتصر ضرره علي حاملي اسهمها وموظفيها ولكن يمتد الضرر الي العديد من الاطراف الخارجية التي يسميها الاقتصاديون الأطراف الخارجية السلبية، إن ثورة ريجان قد بدا واضحا خلال الحقبة الأخيرة انها قد انحرفت الي درجة خطيرة عن مسارها، وكان الإنذار المبكر الأزمة المالية الآسيوية 1998/1997، فدول مثل تايلاند وكوريا الجنوبية التي اتبعت النصائح والضغوط الأمريكية قد حررت أسواق رأس المال لديها في بداية التسعينيات، وتدفقت عليها أموال ساخنة دخلت اقتصاداتها مما خلق فقاعة ضخمة من المضاربات ثم انسحبت منها سريعا عند أول علامة للخطر، هل يبدو ذلك مشابها لحالنا؟ وفي نفس الوقت فإن دولا مثل الصين وماليزيا لم تتبع النصيحة الأمريكية وأبقت اسواقها المالية مغلقة أو تحت رقابة شديدة ولذلك نجت من معظم الأخطار. ونقف عند هذه الفقرة لنستأنف في الحلقة التالية باقي تحليل فوكوياما لأسباب الكارثة التي حاقت بأمريكا وكيفية الخروج منها حسب رأيه. | |
| |
|
سمر سيناتور
عدد الرسائل : 8530 تاريخ التسجيل : 06/08/2008
| موضوع: رد: سقوط امريكا الخميس 16 أبريل - 1:18 | |
| | |
|