موضوع: ابدا مصر لم تقع ولن تقع الجمعة 31 أكتوبر - 9:25
في مثل عامي شهير يقال: »إذا وقعت البقرة تكثر السكاكين التي تنهال عليها بالقطع والتمزيق«! ويبدو أن هذا المثل كان يدور بخلد هؤلاء الذين دأبوا منذ سنوات علي شحذ سكاكينهم وسن أنيابهم وقواطعهم استعداداً للانقضاض علي مصر ونهش لحمها وإزاحتها جانباً للوثوب علي دورها ومكانتها ووراثة تأثيرها وثقلها في المنطقة وعلي جميع الأصعدة. نعم ظنوا بمصر ضعفاً يوشك أن يتوصد بنيانها ويجعل منها غنيمة سهلة ولقمة سائغة لكل من يمد يده نحوها بسكين وطفقوا يتلمزون ولعابهم يسيل من أشداقهم انتظاراً للحظة الانقضاض. وقد بدأت الوليمة فعلاً. واختاروا لها أن تبدأ من نقطة تفوق كانت دائماً درعاً حامياً ومساعداً للوجود المصري المؤثر والنافذ والحاكم أيضاً!، وتلك هي نقطة الفنون الجميلة والأدب حيث تجلت الإبداعات المصرية تنشر أفكارها علي كافة ربوع الوطن العربي.. وترضع كل الإخوة من شراب التنوير والتربية الوجدانية ليتبعوها بعد ذلك ارتالاً فأرتالاً. ولكن الأشقاء العرب أبناء ومواطني الدول الشقيقة الذين طالما تغنوا بأفضال وأيادي الشقيقة الكبري واعترفوا لها بالسبق والريادة وقيادة المسيرة الفنية والثقافية.. هؤلاء الإخوة الأشاوس ما لبثوا بعدما لاحت في الأفق نذر أزمة تحيق بمصر ومصاعب يعانيها شعبها الشقيق أن أخرجوا إلي الساحة لفيف منهم تغلغلت النزعة الشوفينية في دمائهم وامتلأت أدمغتهم بضلالات الحقد والتشفي وتمرد »الصغار«.. ليقودوا حملة ضد الفن المصري والثقافة المصرية باعتبارها مركز الريادة الحقيقي وبؤرة الإشعاع الذي يكشف الطريق وينير هداية للآخرين. في الأسبوع الماضي، تقريباً تواقت حادثان لهما دلالة بليغة علي ما ندعيه ونزعمه. في الحادث الأول: وعلي فضائية »الجزيرة« كالعادة استقدم مقدم برامج شهير عرف بعدائه الشديد لكل ما هو مصري وليس فقط علي مستوي الرأي السياسي بل علي كل المستويات الثقافية والدينية والفنية والرياضية، وربما أيضاً إذا أتيحت له الفرصة علي مستوي الطهي وشئون المطبخ!، استقدم الدكتور فيصل القاسم، ولا أعرف في الواقع أي فرع من العلوم نال عنه درجة الدكتوراه، وأغلب الظن أنه نالها من قسم الفلسفة عن السفسطة والدجل المنطقي »الدجل وليس الجدل« وانظر إليه حين دعا أخاً سورياً يحاور صحفياً مصرياً.. هو الأستاذ عاطف حزين حول إشكالية الدراما المصرية مقابل الدراما السورية.. وأعتقد أن الأستاذ حزين كان خالي الذهن عما يدبر له ولعله تصور أن مضيفه القاسم سيدير الحوار بالحد الأدني من الحياد والموضوعية.. ولم يعرف ـ أو يحذره أحد من أسلوب القاسم ـ وقد حفظه الجميع عن ظهر قلب: ما دام الموضوع يتصل بمصر من قريب أو بعيد.. فالخطة جاهزة.. الضيف المصري أو المدافع عن الموقف المصري تجاه أي موضوع لابد أن يحاوره ضيف آخر يجيد الأسلوب الغوغائي الهجام الشتام.. يساعده مقدم البرنامج السيد القاسم بالتدخل الحلزوني الثعباني موجهاً الدفة بعمدية مكشوفة ومفضوحة لصالح التيارالمعارض لوجهة نظر المحاور المصري والعمل علي رباكه.. وهذا ما فعله بالضبط حين وضع كل ثقله في كفة الأخ السوري الذي يهاجم الانتاج المصري بضراوة الموتور الذي يمسك بمعول الهدم يطيح به في كل اتجاه متصوراً أنه يقطع رؤوس وهامات كانت تعلوه دائماً وكان يجد عليها ويضيق بها.. ولكنه لم يصب غير رؤوس أشباح لا يراها إلا هو ولم يطح إلا بأعناق ثعابين تخرج من جوفه هو!. وقد خاب سعي القاسم وبلدياته الموتور منذ جهل معاً أبسط الحقائق الكفيلة! بإلقامهما أحجاراً تفحهمهما وتقوض ما أقاموا عليه سفسطائياتهما.. حقيقة أن الدراما السورية أو اللبنانية أو الخليجية.. تعمل كلها وفق القوانين التي وضعتها الدراما الأم في مصر.. وتقص كل ما لديها من قماش درامي حسب »البترون« المصري.. وقد تعلموا الجميع في مدرسة الإبداع الدرامي المصري.. وإذا كنا نحن المصريين.. أرباب هذا الفن ومؤسسيه.. إذا كنا نعترف بمنتهي الموضوعية أن الانتاج المصري يمر بأزمة نتيجة سيطرة عقلية السوق في الانتاج والانسياق وراء حمي »التنافس الإعلاني«.. فهي فترة عارضة ومؤقتة ونحن قادرون علي تجاوزها.. وانتظرونا لترأوا علي شاشاتكم انتصار الأصل وسيادة الأصالة.. ولن نتعامل معكم مطلقاً بمنطق الشوفينية أو التعصب الإقليمي الذي تتبعونه بل سنظل نعاملكم كما عاملناكم دائماً.. صغارنا الذين نربت علي أكتافهم مشجعين ونحتفي بهم كلما أبدعوا فناً جميلاً نصفق له.. فالشائع والصحيح أن الشخص الوحيد الذي يسعدك أن يطاولك وينافسك بنجاح هو ابنك! وهم أبناؤنا.. رغم أنف قاسم الجزيرة وكل من لف لفة واتبع هواه وكان أمره عجباً!. أما الحادث الثاني فقد ورد علي شاشة فضائية لبنانية من عشرات الفضائيات التي ظهرت وتكاثرت مثل فطر »عيش الغراب«.. علي هذه الشاشة طالعتنا مذيعة »غندورة« من الصنف اللبناني »اللي هوه« وسئلت أو تساءلت عن رأي »جنابها« في الأعمال الدرامية التي عرضت علي الفضائيات في شهر رمضان الأخير.. وإذا بها ـ بلا إحم ولا دستور ـ تنبري لتهاجم المسلسلات المصرية وتقول ما يلي بالحرف »معلهش«.. ما بدي الإخوة المصريين يزعلوا مني.. لكن بالحقيقة مسلسلاتهم ضعيفة وما يعجبني فيها شيء.. لكن المسلسلات السورية ياعيني.. تجنن بتاخد العقل«.. وفي مناخ عادي وطبيعي كنا سنعتبر ما قالته الأخت »الغندورة« رأياً تراه ومن حقها أن تعلنه.. وحرية التذوق والانطباع ولا جدال فيها ولا خلاف عليها.. ولكن. ما العمل والمناخ ليس نقياً والأجواء مفعمة بروائح التعمد والتآمر.. والمشي في زفة التعصب الإقليمي؟ إذ نقول والحركة تجري علي قدم وساق للزراية بكل ما هو مصري؟.. ولم يكن ذلك من شيم الإخوة اللبنانيين في سابق الأيام.. تري هل السبب هو أن لبنان لم يعد لبنان؟ وأن الإعلام اللبناني لم يعد حراً وأن زمن ريادة لبنان لحرية كل الفرقاء في التعبير والاعتقاد أصبحت أثراً بعد حين؟ لا أريدأن أجيب بشكل قاطع.. فليس لدي دليل مادي.. فقط لدي منطق يمكنه ربط المقدمات بالنتائج والأسباب بالحادثات.. ومن الواضح لكل ذي عين تري وعقل يفكر أن الإعلام اللبناني قد استلقي تماماً في أحضان رأس المال الخليجي والاستثمارات الصحراوية.. وقد بدأت القصة مع الحرب الأهلية وبعدها بالضغط لطرد الجيش الثوري وتوطدت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين جماعة رئيس الوزراء الأسبق »رفيق الحريري« وبين أقرانه هناك في شبه الجزيرة.. أحدث »الفتح« الخليجي للوطن اللبناني علي كافة الأصعدة.. في الاستثمار والإعمار والسياحة والإعلام والسياسة! وإذا كنت في مقال اليوم لا أجد متسعاً لفتح ملف »الغزو« الرأسمالي الخليجي للبنان فسأركز علي صفقة بيع »الإعلان اللبناني« ولكل من يتشكك في حقيقة هذه الصفقة أن يدور بمؤشر ناقل القنوات أرضية وفضائية علي شاشات »لبنانية« أو كانت لبنانية.. وسيحس بعد دقائق قليلة أنه يشاهد قناة خليجية لحماً ودماً.. وأن الخصوصية »اللبنانية« قد خطفها الغراب وطار.. ولم يعد لبنان وطناً للنجوم.. بل أصبح منتجعاً خاصاً لذوي الغطرة والعقال والدشداشة.. وربما تغيرعلم لبنان في المستقبل القريب فترفع عنه شجرة الأرز.. وتوضع بدلاً منها النخلة إياها!. كلنا أحببنا لبنان المستقل الذي كان رغم أن كل القوي السياسية المتخاصمة تلعب علي أرضه.. يحتفظ بحياده بينها واستقلاله عنها. وكلنا قدرنا للبناني »شطارته« وجلده.. وقدرته علي النهوض من رماد حروبه الأهلية لينشر جناحيه كطائر العنقاء »الفينيق«.. ويحيا من جديد. ولكنه سقط في المصيدة! وأصبح ينطق بلسان ليس لسانه.. لهذا نعتب علي من يساير المصلحة من أهله ولا نخاصمه. ونحن.. ندق كل نواقيس الإنذار.. بأن مصر مرشحة لأن تكون لبنان أخري.. وهو ترشيح وارد علي أجندة الإخوة الأشقاء »صحيح أن كلمة الأشقاء مأخوذة من الشقاء.. أومن الشقاق؟« من يملك الإجابة يفيدنا وله منا الشكر ومن المولي الثواب.
سمر سيناتور
عدد الرسائل : 8530 تاريخ التسجيل : 06/08/2008
موضوع: رد: ابدا مصر لم تقع ولن تقع الخميس 16 أبريل - 1:28