وفي صفحة 4 يعزز [العميد شيلو] أقواله:
«هناك أمور تدل على انها فعلا تدريبات. هناك معلومات وهناك أدلة على انها تدريبات.
نموذج واحد على ذلك: الآن هو شهر رمضان لديهم. فحصنا ما إذا كانت هناك تدريبات في الماضي في شهر رمضان. يتضح أن تدريبا كهذا أجري قبل سنتين. اضافة الى ذلك، فإن وزير الحربية [المصري] أصدر تعميما داخليا يسمح فيه للضباط الذين يرغبون في السفر الى مكة أن يفعلوا ذلك في الثلث الثالث من شهر رمضان...» (أنظر في هذا الشأن الى البند 68 لاحقا).
ويقول العميد شيلو عن موضوع التدريبات (صفحة 3):
«لا أدري ما هو الموضوع هذه المرة ولكنني أقدر بأنه احتلال سيناء... ويتضمن... ثلاث مراحل: 1. الاستعدادات، التي ما زالوا عاكفين عليها. ففي هذه المرحلة توجد عملية تحريك للقوات. قوات في العمق يتم دفعها الى الأمام. وهم يزودون السلاح للألوية الأرضية... ففي مرحلة الاستعدادات يتم التصرف كما لو انه حقيقة ولا يقولون فقط بالهاتف... صفحة (4). صحيح انهم دفعوا الى الأمام بقسم من القوات المرابطة من حول القاهرة... والمرحلة الثانية: تدريب تكتيكي يعرضون فيه المشكلة وكيف يتم حلها. وهناك وحدة أو اثنتان تنفذ التدريب مع قوات حقيقية».
ملاحظة: في قضية ماهية «التدريبات» أقرأ لاحقا البنود 71 – 74:
ويختتم العميد شيلو أقواله بعرض موقف شعبة الاستخبارات العسكرية (نهاية الصفحة الرابعة من البروتوكول وانظر البند 49 (ز) أيضا): «توجد هنا ظاهرتان: 1. حالة طوارئ في سورية. 2. تدريب في مصر. أنا أعتقد ان علينا أن نختار تقديراتنا على أساس السؤال ما إذا كانت هناك أسباب مستقلة لكل طرف تجعله يتصرف أو ان هناك شيئا ما مشتركا بينهما وما هو هذا الشيء.
إذا كان ما هو مشترك فإن هذا هو أسوأ الاحتمالات – حرب شاملة في سورية بواسطة شبكة الطوارئ، التي هي في أساسها دفاعية ولكنها قادرة على التحول الى هجوم، ولا توجد هنا ضرورة لبناء أي شيء جديد [لمواجهتها اسرائيليا]. بالنسبة لاحتمال الحرب تحت غطاء التدريبات، حسب التقديرات، هل هو معقول؟ حسب (صفحة 5) معلوماتي ورأيي، واعتمادا على الشعور المبني من مراجعة مواد كثيرة في حوزتنا من الأيام الأخيرة، مصر تقدر بأنها لا تستطيع حتى الآن التوجه للحرب. أنا أعتقد ان احتمالات خطوة كهذه، بغض النظر عن الاعتبارات السياسية وغيرها التي قد تؤدي الى النجاح، فإنها كانت لتتوجه لو انها تعتقد ذلك. ولكنها تقدر بأنها غير قادرة حتى الآن على التوجه الى الحرب. [هذه اللعثمة في الصياغة هي من الأصل]. هذا نقوله بسبب قدرتنا على المعرفة والإحساس بالأمور التي يفكرون فيها. بناء عليه، فإن امكانية الحرب المشتركة المصرية السورية لا تبدو لي معقولة، حيث انه لم يحصل تغيير في تقديراتهم لوضع القوات في سيناء بأنه يجعلهم قادرين على القتال. في مصر، أنطلق من التقدير بأن الأمر بالأساس هو تدريب. في العاشر من الشهر سيسرحون قوات الاحتياط. وزير الدفاع طرح بحق فكرة ضرورة البحث في الوضع مع سورية بالأساس».
الوزير [يغئال] ألون سأل حول شكل الأوامر الصادرة في مصر، والعميد شيلو يرد: «لا يوجد الكثير من الاستثناءات في شكل الأوامر بتحريك القوات في مصر». أحد «الاستثناءات» التي يذكرها هو ارسال رجالات الجيش الى مطار أبو سوار قرب القناة المخصص لطائرات ميغ 17 في القوات التنفيذية. وتسأل رئيسة الوزراء: «لو أن السوريين باشروا، هل المصريون يستطيعون بما لديهم الآن، الاستعداد لهجوم ما بغية مساعدة سورية؟». ويرد العميد شيلو: «من الناحية التنفيذية يستطيعون بهذه الاستعدادات أن يتوجهوا الى هجوم بالتأكيد».
هنا تأتي الآراء المتباينة حول امكانية أن يبادرالسوريون الى المباشرة بهجوم علينا لتربيطنا ومن ثم يبدأ المصريون المرحلة الثانية. فتسأل رئيسة الوزراء: «ألا يمكن أن يحدث الأمر بشكل عكسي فيشغلنا المصريون بعض الشيء في حين يحاول السوريون عمل شيء في الجولان؟».
ويرد العميد شيلو (صفحة 6)، بأن [الرئيس السوري حافظ] الأسد يعرف ما هي حدوده، لأنهم «يدركون التفوق الاستراتيجي الاسرائيلي العالي في المنطقة.. وبسلاح الجو»، خصوصا بعد اسقاط الـ 13 طائرة، وبأن لدى المصريين تقديرات تشير الى ان اسرائيل قادرة على تكبيد مصر خسائر في الجو. ومرة أخرى:
«ولو انه (الأسد) يشعر بأن وضع الدفاعات الجوية [السورية] هو أفضل اليوم.. إلا ان لديه بعيدا في عمق تفكيره الادراك بالتفوق الاسرائيلي..» وعلى الرغم من ذلك، فإن «هناك شيئا محدودا في سورية» – «لا أستطيع أن أدرس امكانية توجيه ضربة مسبقة على أساس التقدير بـ [أنهم يتجهون الى اعلان] الحرب». فهذا احتمال يجب أخذه بالاعتبار ولكنه احتمال ضعيف، لأن السوريين يعرفون أن اسرائيل لن ترد فقط بعمليات محدودة.
ويعبر رئيس أركان الجيش عن رأيه في ما يلي، كما جاء في الصفحات 8 – 11، ونحن نقتبس من أقواله في البند 199 (ه). لقد ذكرنا هناك (البند 211) توصيته بـ«الابقاء على الوضعية الحالية مع بعض التعزيزات». وفي رد على سؤال لرئيسة الوزراء (الصفحة 9 في البروتوكول)، «وإذا توجهنا بطريقة أخرى مختلفة عما تقترحه؟»، يقول [رئيس الأركان]: «إذا قررنا تعزيز القوات أكثر فإن ذلك سيضعف الجنوب أو يضطرنا الى إحداث تغييرات أكثر حدة في تجنيد الاحتياط لفترات طويلة»ـ ـ. وهنا يتطور نقاش، بعد سؤال وجهته رئيسة الوزراء حول امتلاك صواريخ «sa 6» الهجومية. وفي صفحة 10 يعود رئيس الأركان ليكرر تقديراته ويفصل في استعراض الامكانيات لضرب سورية من الجو. ويقول حول تنفيذ هجوم جوي في هضبة الجولان (نهاية صفحة 10): «نحن نستطيع المخاطرة من الآن ونعمل في هضبة الجولان، لأنني أريد هنا أن أوضح أننا عندما نقول ان لديهم شبكة دفاع جوي بالصواريخ فإن ذلك لا يعني أنهم أغلقوا السماء بشكل مطبق. نحن سنطير ونهاجم ونجهض هجوما [من طرفهم]. ربما نخسر طائرتين أو ثلاثا. لكن الأمر يزيد احتمالات زيادة الخسائر». ويعبر وزير الدفاع عن شكوكه (صفحة 12) بالنسبة لنوايا السوريين: فقد أعطوا دفاعا مكثفا جدا بنقل الصواريخ المضادة للطائرات الى خط الدفاع الأمامي، مع انه معروف لهم أننا لسنا معنيين بمهاجمتهم على الأرض في هضبة الجولان. «هذا ليس بالأمر الدفاعي العادي». وبالنسبة لمصر، فإذا كانوا يفكرون بعبور القناة [السويس] تحت مظلة صواريخهم فإنهم سيجدون أنفسهم في وضع غير مريح أبدا. «سيدفعون ثمنا باهظا. فإذا تمكنوا من عبور القنال سيصلون الى طريق لا ينتهي وعندها سنأتيهم من كل الاتجاهات». أما سورية فإنها تستطيع أن تحتل هضبة الجولان تحت غطاء صواريخها ومدفعيتها وعندئذ «سيكون لها خط دفاعي مسنود بحاجز طبيعي جيد جدا نسبيا هو نهر الأردن مع كل منحدراته وتعرجاته. وستكون قد حلت مسألتها القومية بتحريرها الجولان من قبضتنا». ويسأل الوزير [يغئال] ألون (صفحة 13): «ما هو تركيز قواتنا في الشمال من ناحية البعد والشمولية؟» ويرد رئيس الأركان انه في غضون 24 ساعة يكون من الممكن زيادة 113 دبابة على الدبابات الخمسين الموجودة في الجبهة الشمالية، واضافة 33 دبابة أخرى بتشكيل الطواقم من مدرسة المدرعات والوصول خلال ساعات الى حوالي 170 دبابة. والبقية تتعلق بمسألة تجنيد جيش الاحتياط.
وتعود رئيسة الوزراء الى موضوع الامتلاك [الصواريخ المضادة للطائرات] وتلاحظ قائلة (صفحة 14)، بأن «المعلومات تتحدث عن شهر أكتوبر، وهذا يعني ان شيئا ما سيحصل في هذا الشهر بالذات..».
ويقول الوزير ألون (صفحة 14): «.. ربما هناك حاجة، إن لم يكن اليوم ففي يوم الأحد، أن يقدم وزير الدفاع ورئيس الأركان تقارير للحكومة حول استعدادات العدو، ليكون ذلك اعدادا، على الأقل وقبل كل شيء، اعدادا معلوماتيا. فمن حق الحكومة أن تعرف هذا..». وفي صفحة 14 تقول رئيسة الوزراء: «.. أنا أقبل هذه الفرضية مائة بالمائة، بأن هناك فرقا بين سورية ومصر. فعلى ما أعتقد لا يوجد نقاش البتة حول هذه النقطة. المصريون يستطيعون عبور القنال ولكنهم سيكونون عندئذ بعيدين عن قواعدهم أكثر. فماذا يعطيهم هذا في نهاية المطاف؟ لكن بالمقابل فإن الوضع في سورية مختلف. فحتى لو أرادوا كل الجولان، فإن كل ما سينجحون في أخذه حتى لو بعض البلدات أو أي شيء ما بعد الحدود يستطيعون الاحتفاظ به سيكون مكسبا في ايديهم».
الوزير ألون: «العنصر المصري مهم ليس بحد ذاته، انما لكونه عنصر دعم للسوريين. فمن المحتمل أن يحاولوا العبور لكي يكبلوا القوات [الاسرائيلية] ويخففوا عن السوريين في الشمال».
ويسأل (صفحة 15): «هل توجد امكانية لأن نحذر السوريين بواسطة طرف ثالث بأن يخففوا من تعزيزاتهم، حيث أن التحذيرات العلنية تفهم فقط بشكل تحد؟» وأعطي له الجواب بأن ذلك ممكن (الصفحة 16). وقالت رئيسة الحكومة (صفحة 16): «أنا أقترح أن تعقد جلسة للحكومة في يوم الأحد (وهو اليوم التالي ليوم الغفران)... ففي يوم الأحد نطرح هذه القضايا أمام الحكومة وليتنا لن نحتاج الى ذلك. ولكن، إذا احتجنا فسيكون قرارا جديدا».
(القرار المشار اليه هنا يتعلق بمصادقة الحكومة على مهاجمة أهداف داخل سورية).
ويقترح الوزير [يسرائيل] غليلي (صفحة 17) أن يتم استيضاح ما يمكن عمله للدفاع عن المستوطنات في هضبة الجولان أيضا قبل جلسة الحكومة المذكورة، لأن هذه – حسب رأيه – ستكون أيضا نقطة الانطلاق في توجه الحكومة لأي موضوع.
19. لتلخيص ما تم تداوله في هذه الجلسة التشاورية ينبغي القول ان القلق تركز بالأساس على امكانية الهجوم السوري في الجولان. صحيح ان الحاضرين ذكروا امكانية تنسيق هجوم بين سورية ومصر، إلا أن ايا منهم لم يخالف رأي شعبة الاستخبارات العسكرية، الذي عرضه العميد شيلو، بأن المصريين لا ينوون الهجوم لأنهم لا يرون في أنفسهم القدرة على الخروج الى حرب ضد اسرائيل. ويتضح بأن الأمر لم يبد للحاضرين ملحا لدرجة طرحه في جلسة الحكومة التي عقدت في اليوم التالي [لذلك اللقاء التشاوري] والتي أعطت فيها رئيسة الوزراء تقريرا عن زيارتها خارج البلاد.
وفي اليوم نفسه، 3 أكتوبر [تشرين الأول]، أمرت قيادة الأركان/ عمليات بتنفيذ مهمات تعزيز (زرع ألغام، تحسين قناة الصواريخ المضادة للطائرات وغيرها) في هضبة الجولان (وثيقة البينات رقم 176، أخضر، الملحق رقم 13).
20. في يوم 4 أكتوبر جرى بحث في مكتب وزير الدفاع باشتراك رئيس أركان الجيش ونائب رئيس الأركان وقائد اللواء الشمالي والعميد شيلو. موضوع البحث الذي ما زال يقلق وزير الدفاع هو خطر هجوم سوري على المستوطنات في هضبة الجولان. حسب صياغته (صفحة 5 في البروتوكول، وثيقة البينات رقم 260): «لدي جرح لا يندمل، ليس الهضبة بل المستوطنات هناك. ففي المنطقة التي لا توجد فيها مستوطنات لا يهمني أن يهاجموا أو لا يهاجموا».
ثم في صفحة 6: «في السويس توجد قناة وصحراء ولا توجد مستوطنات... لكن هنا (في هضبة الجولان)، توجد مستوطنات. يوجد عدو ولا توجد قناة ولا إنذار».
لذلك فإن الوزير يصر على تعزيز الحدود في هضبة الجولان وانتقل البحث الى أساليب الدفاع في وجه الطائرات. ولكن وفي جلسة هيئة رئاسة الأركان في اليوم نفسه لا يوجد بحث حول الوضع على الحدود (أنظر البند 202).
21. في اليوم نفسه اطلقت طائرة تصوير في جبهة القناة [قنال السويس] (أنظر تفاصيل ذلك في البند 86).
من مساء يوم الرابع من أكتوبر وخلال الليل بدأت تصل الينا معلومات عن مغادرة عائلات الخبراء الروس من سورية ومن مصر. هذه الأنباء زعزعت مصداقية شعبة الاستخبارات العسكرية / دائرة البحوث، التي ادعت بأن ما يحصل في سورية هو تجهيزات دفاعية وفي مصر تدريبات (تفاصيل عن المعلومات وعن تقديرات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ورئيس اركان الجيش، إقرأ في البندين 75 و76).
في الساعات الباكرة من فجر 5 أكتوبر، تلقى رئيس الموساد [جهاز المخابرات الاسرائيلية الخارجية]، خبرا طارئا عن وصول معلومة تحذيرية مهمة (إقرأ التفاصيل في البند 38 لاحقا).