قبل أيام قامت حكومة الدكتور نظيف بإلغاء رسم الصادر علي الأسمنت والحديد، وهو ما يعد تحركا سريعا جدا يعبر عن أداء حكومة نشيطة و"لهلوبة" لم تتأخر دقيقة في إصدار القرار المناسب في الوقت المناسب لدعم صادرات قلت أسعارها في السوق المحلية. حكومة الدكتور نظيف أو حكومة رجال الأعمال أو حكومة الأغنياء ـ ولن أقول حكومتناـ تتحرك بسرعة منقطعة النظير علي وقع حساسية ترمومتر مصالح رجال الأعمال فيما يتعطل أداؤها مهما تغير ترمومتر مصالح الناس الغلابة في الشارع أو حتي في العشوائيات.
وقبل أشهر، وفي ظل ارتفاع أسعار النفط عالميا، الذي قارب الـ150 دولاراً للبرميل، سممت الحكومة بدن كل مصري بأرقام الدعم الذي تقدمه له في أسعار البنزين والمحروقات بشكل عام، في ظل تزايد الفرق بين أسعار المحروقات محليا وأسعارها التي ارتفعت عالميا. علي الرغم من أن الحكومة أساسا لا تستورد النفط، ولم تأت بالبترول من بيت أبيها، وعلي الرغم من أن هذا الدعم لا يستفيد به المواطن العادي فقط، إنما يستفيد به رجال الصناعة أيضا، وعلي الرغم من أن هذه الحكومة تدعم نظيرتها الإسرائيلية أيضا عندما تقدم لإسرائيل غازا بأسعار تفضيلية تقل عن الأسعار العالمية.
هذه الحكومة "اللهلوبة" لم نسمع صوت أي وزير فيها مؤخرا ليحدثنا عن انخفاض أسعار النفط إلي النصف تقريبا، وانخفاض أسعار القمح أيضا مما يعني أن حجم الدعم الذي سمموا به بدننا سابقا قد قل كثيرا، وبالتالي يمكن أن تزيد الحكومة قيمته مرة أخري علي الأقل فيما يتعلق بالبنزين حماية لغالبية المواطنين ذوي الدخول المحدودة.
في كل الحكومات الرأسمالية العتيدة وحتي في إسرائيل (التي ندعمها بالغاز الرخيص) هناك ما يسمي بجدول غلاء المعيشة وهو جدول يتم علي أساسه تقديم الدعم لمحدودي الدخل حسب ارتفاع أسعار السلع أو انخفاضها عالميا. وبما أننا دولة رأسمالية كما يقولون، وبما أنهم يتحركون علي خطي ووصفات كل خبراء الليبرالية الجديدة فإننا نطالب حكومة الدكتور نظيف "اللهلوبة" بأن تعاملنا علي قدم المساواة بإخواننا الأغنياء وأن تقوم بزيادة الدعم المقدم للبنزين عندما ينخفض سعره عالميا.
أقول كلامي هذا وأشهد الله أن حكومة الدكتور نظيف لن تفعل ذلك لأن الفقراء ليسوا علي خريطتها، كما أنهم غائبون أيضا عن كل خطط رجال المال في هذه الحكومة.
ومؤخرا صرح محافظ البنك المركزي فاروق العقدة بأن هبوط الجنيه المصري "جيد".
وحسب خبراء الاقتصاد فإن انخفاض الجنيه جيد فقط للأغنياء من رجال الأعمال، لأنه يعني زيادة صادراتهم وقدرتهم علي المنافسة في الخارج، لكنه في المقابل يعني زيادة التضخم أي زيادة أسعار السلع في السوق المحلية أي زيادة معاناة محدودي الدخل.
الغريب في الأمر أن محافظ البنك المركزي يقول إن انخفاض سعر الجنيه سيقلل التضخم وهو أمر يعجز ذهني البسيط عن فهمه وأدعو سيادته لتوضيح هذا الأمر لكل البسطاء ومحدودي الدخل من أمثالي.
وتصريحات السيد محافظ البنك المركزي تجعلني كواحد من محددوي الدخل أتخوف بشدة مما سيأتي بعدها. فالجنيه حتي الآن لم تنخفض قيمته والتضخم الذي بلغ 6ر23% بأرقام حكومة الدكتور نظيف تراجع مؤخرا إلي 5ر21% الشهر الماضي بحسب أرقام نفس الحكومة، وما يقوله السيد المحافظ يؤشر إلي نية الحكومة لتخفيض الجنيه قريبا، أي زيادة التضخم مجددا وبصورة أكبر سعيا لجذب المزيد من السياح وزيادة الصادرات وليذهب الفقراء إلي الجحيم فهم خارج اهتمام حكومة رجال الأعمال