يبدو أن سوس الفساد لم يجد حرجاً في أن ينخر في صلب قطاع هام من قطاعات المجتمع ألا وهو التعليم الجامعي.. فمنذ اشهر تابعنا واقعة قيام عميد كلية صيدلة جامعة بني سويف بنقل ابنه من كلية صيدلة القاهرة بعد رسوبه في سبع مواد في المرحلة الثانية إلي السنة الثالثة بكلية صيدلة بني سويف التي يتولي عمادتها.. وبعد ان وصلت الواقعة إلي المجلس الأعلي للجامعات خاصة بعد ان اثارها العديد من الاساتذة.. كانت المفاجآة حفظ التحقيق في الواقعة وكأن الأمر لم يكن.. مما اثار حفيظة العديد من العاملين بالجامعة من اساتذة وايضاً طلبة خاصة وأنهم شعروا بالاحباط جراء هذه المجاملة المكشوفة.
* دكتور مجدي يوسف أستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة:
نحن نعيش بمنطق إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد" هذه هي فلسفة الناس الآن.. لا توجد رقابة أو محاسبة حقيقية.
المشكلة تكمن في ان الطبيب يريد ان يورث ابنه الطبيب والمهندس كذلك والإذاعي وهكذا تبدلنا من مجتمع مجتهد البقاء فيه لذوي الكفاءة لمجتمع متوان.. هناك نقطة اخري ألا وهي أننا اصبحنا نري الخطأ ونصمت وإذا وجد من يقاوم هذا الخطأ سيتأذي هو.
إذا تم تتبع هذا الوالد عميد كلية الصيدلة فسوف نجد فساداً أكثر من ذلك في حياته.. وأشير ايضاً إلي ان هناك اخطاء مشتركة بين جامعة القاهرة ومكتب التحويل هي سلسلة من الاخطاء متراكمة كما ان المجلس الأعلي للجامعات الذي يتكون من وزير التعليم ورؤساء الجامعات من سيحاسبه.. هل هو من سيحاسب نفسه؟.. هذه القضية سوف تتكرر مرات عديدة ولكن لاشخاص معروفين وبالطبع ليس الذين لاسند لهم مثل الكثير من الأساتذة لا يستطيعون نقل أولادهم من كلية لأخري.
نحن نعيش الآن سلسلة من الاخطاء تؤدي في النهاية لعدم الانتماء للمجتمع الذي يهدم نتيجة لرؤية الخطأ وعدم مواجهته بل والسكوت عليه.
* دكتور عبدالرحمن عليان أستاذ بكلية التجارة جامعة عين شمس والعميد السابق لكلية الاقتصاد والإدارة بجامعة 6 أكتوبر:
هذا تصرف مشين وكان يجب اتخاذ إجراءات واضحة وصريحة طبقاً للقانون ودون مجاملة.. واعتقد انه كلما صدر الخطأ من شخص ذي مركز مرموق وذو ثقافة عالية كلما كان العقاب أقوي.. واتصور في هذا الموضوع انه لو تم مقارنته بأشياء اخري سنجد ان واقعة التحويل ابسط بالنسبة لمن قام بسرقة وتهريب مليار جنيه من البنوك.. وايضاً بالنسبة لمسئول تسبب في وفاة 1034 شخصاً.. وبالنسبة لمسئول آخر تسبب في حدوث كارثة الدويقة وموت عشرات الأشخاص.. إذن فإن تحويل الوالد لابنه لا يعد ضرراً مقارنة بما سبق ولكن أري أنه إذا نظرنا لهذه القضية بشكل مجرد يتضح أنه يجب ان يتم معاقبته ليكون عبرة ودرساً لغيره لأن هذا الطالب عندما يتخرج سوف يضر المجتمع هو والذين علي شاكلته.. فالفساد أصبح مباحاً ومسموحاً به وأذكر انني عندما كنت وكيلاً لكلية التجارة بجامعة عين شمس تم ضبط احد السعاة يهرب ورقة الاجابة لطالب أثناء الامتحان وهذا الطالب الآن رجل أعمال كبير وناجح.. و عندما تم تحويل الساعي للتحقيق وخصم له نائب رئيس مجلس الدولة ثلاثة أيام وعندما سألته لماذا؟ قال هناك قضية المتهم فيها اختلس عشرة ملايين جنيه وما حدث هو جعلناه يجلس بمنزله مع وقف راتبه.. إذا فماذا أفعل في موظف راتبه عشرة جنيهات؟! في النهاية أشير إلي أنه إذا لم يطبق القانون علي الكبير فلا يطبق علي الصغير.
* دكتور ماهر عبدالوهاب عميد هندسة المنيا الأسبق وعضو لجنة التعليم بمجلس الشوري:
من وجهة نظري يجب علي هذا العميد ان يتحلي بالامانة العلمية ويجب علي الفرد كلما علا وضعه الوظيفي كلما تحتم عليه ان يكون قدوة للآخرين.. وكان عليه ان يحرص علي أن يكون نجله متميزاً علمياً بمجهوده ومستواه العلمي.
وكيفية تمكينه علمياً بتوجيهه جيداً من أجل ان يتميز وأي شيء عدا ذلك يتنافي مع كل القيم الجامعية والإنسانية.. ولكن بصفة عامة لست علي علم شخصي بهذه الواقعة ولكن أقول ان اعلي سلطة علمية لن تجامل الطالب مهما كان قدره ولن تحفظ التحقيق إلا إذا كانت الاوضاع سليمة.. هناك نظام يدعي "نظام الساعات المعتمدة" ويطبق في التعليم الخاص ولا اعلم هل هو مطبق في الجامعات الحكومية أم لا؟!
وهو يعتمد علي مقارنة علمية بين مادرسه الطالب من الكلية المنتقل منها وبين مواد الكلية المنتقل إليها وتم قبوله بها حتي لو كان راسباً.. فهذا الطالب بدخوله كلية الصيدلة بالتأكيد قد حصل علي مجموع لا يقل عن 97% في الثانوية العامة ونظراً لظروف اجتماعية تتمثل في بعده عن أهله ومنزله ادي ذلك لرسوبه وقد يتميز بعد نقله.. كما ان قانون الجامعات يبيح النقل من كلية لأخري في حالة الرسوب.
* محمد عبدالعزيز عضو مجلس الشعب:
بالطبع هذا نوع من المجاملة للأب الذي ارتكب هذه المخالفة الجسيمة التي لم يصدر عقاباً ضدها..وايضاً نوع من الفساد في المجتمع.. وهل لأن والد الطالب عميد لكلية يتم نقل ابنه لمكان لا يستحقه؟! وإذا نظرنا لتوابع وآثار ذلك سنجد ان هذا الطالب عندما يتخرج وهو علي غير علم ودراسة حقيقية سيضر بالمجتمع كله.
وإذا بدأ حياته هكذا فسوف ينغمس في الفساد باقي عمره كله وسيتخذ ذلك سلوكاً لطريقه ومستقبله وعمله.. عندما احصل علي البيانات والمعلومات كاملة في هذا الشأن فلن أتردد لحظة في تقديم طلب احاطة في مجلس الشعب عن هذا الموضوع