موسكو/ جريده الحياة - 20/09/2008
حمل الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بعنف على حلف شمال الأطلسي (ناتو) واتهمه بتفجير الحرب في القوقاز. وانتقد إصرار واشنطن على «تلقين الآخرين دروساً»، معرباً عن أمله في «ألا تصل أحلام واشنطن بالسيطرة علينا إلى درجة أن تختار رؤساء روسيا». في الوقت ذاته، قال رئيس الوزراء فلاديمير بوتين إن بلاده لن تنجر إلى حرب باردة جديدة «هدفها تعطيل نمو الاقتصاد الروسي».
بهذا جاء الرد الروسي على التصريحات النارية لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أول من أمس، سريعاً ومتناغماً بين ميدفيديف وبوتين، إذ تحدث الأول بقوة وبلهجة شديدة، فيما مال خطاب الثاني إلى الهدوء والتأكيد على مواصلة روسيا تعزيز قدراتها، وضمان نموها الاقتصادي أياً تكن الضغوط والتطورات.
وخلال اجتماع مع ممثلي المنظمات الاجتماعية في موسكو، قال ميدفيديف أن الحلف الغربي «فشل في المهمات الأساسية التي واجهته وخصوصاً مسألة تعزيز الأمن والاستقرار في القارة الأوروبية»، مشدداً على أن الحاجة إلى إعداد معاهدة للأمن في أوروبا «بات يدركها حتى أولئك الذين كانوا يراهنون على الأطلسي، ويقولون لنا إن لا داعي لمعاهدة أمنية لأن الحلف يضمن أمن القارة».
وتساءل ميدفيديف: «ما هي المسائل التي حلها الناتو، وما هي الأمور التي ضمنها؟ لم ينجح إلا بإثارة النزاع (في القوقاز)».
وحول سياسات واشنطن، قال الرئيس الروسي إن الأميركيين يتحدثون عن «مواصلة دعم قطاعات المعلمين والأطباء والعلماء والقضاة في روسيا»، مضيفاً: «هل هذا يعني أنهم (الأميركيين) «يريدون أن يوجهوا قضاءنا ويدعموا الفساد؟ و «إذا استمرت الأمور على هذا النحو سيريدون اختيار رؤساء روسيا في المستقبل».
ومن دون أن يذكر رايس التي اتهمت روسيا بالتسلط (داخلياً) والعدوانية (خارجياً)، قال ميدفيديف إن بلاده «لا تعطي دروساً لأحد ولا تريد أن يعلمها أحد، وسنواصل الطريق الصعب الذي نسيره بغض النظر عن الحماقات التي نسمعها».
وأكد أن خطط عزل روسيا لن يكتب لها النجاح، لأن «هذه ليست طريقنا ولن نعود إلى الوراء»، في إشارة إلى عهد الحرب الباردة، وقال ان «أحاديث كثيرة تدور عن روسيا مثل: ها هم أظهروا وجههم الحقيقي، ولديهم أحلام إمبراطورية، وتراجعوا عن الديموقراطية»، مشيراً إلى ان موسكو «تدرك جيداً لماذا يفعلون ذلك (الغرب) يريدون أن يدفعونا إلى العزلة وطريق التطور من وراء ستار حديد، ولن ينجحوا في ذلك».
وعن جورجيا، قال ميدفيديف إن نظام الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي حاول أن «يزرع العداوة بين الشعبين»، مؤكداً حرص بلاده على بناء علاقات أخوية مع الشعب الجورجي «الذي تربطنا به قرون من الأخوة والتعاون».
وفي مقابل اللغة الساخنة لميدفيديف، سعى رئيس الوزراء الروسي لدى افتتاحه أمس المنتدى الاقتصادي في سوتشي، إلى إقناع الحاضرين باستقرار الاقتصاد الروسي. وقال إن محاولات دفع روسيا الى خوض حرب باردة جديدة ترمي الى تعطيل تنمية الاقتصاد الروسي وتحديثه.
وأكد أن بلاده «لا تعتزم المشاركة في أي مواجهة مع أي طرف، ولن يصدر عن روسيا أي قرارات بغلق الأسواق لأسباب سياسية أو قطع العلاقات الاقتصادية مع دول أخرى».
وشدد بوتين على أن روسيا تسعى الى تحقيق أهداف أخرى تتمثل في تحرير الاقتصاد ورفع القيود عن المؤسسات الاقتصادية، وتعزيز القدرة التنافسية، ورفع إنتاجية العمل، وتحقيق تنمية متوازنة في مناطقها، وإنشاء مراكز نمو جديدة، وتحسين نوعية إدارة مؤسسات الدولة.
واللافت ان ديبلوماسياً روسياً رفيعاً كشف أمس، أن رايس أبلغت نظيرها الروسي سيرغي لافروف بمضمون خطابها قبل ساعات من إلقائه، وذكرت له خلال مكالمة هاتفية أنه (الخطاب) «لن يحمل مفاجآت». وأعرب المصدر الديبلوماسي عن قناعته بأن هدف مكالمة رايس لم يكن الخطاب ذاته بل «إبلاغ موسكو بأن واشنطن مهتمة وحريصة على مواصلة الحوار مع موسكو في الملف الإيراني».
وعلى هذا الصعيد، أكد أمس الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية أندريه نيستيرينكو على «ضرورة أن تنفذ طهران كل قرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني».
وتعليقاً على تقرير الوكالة، قال نيستيرينكو إن «هذه الإجراءات مهمة جداً لجهة إعادة الثقة بالطابع السلمي للبرنامج النووي (لطهران)، ويتعين على إيران ضمان تنفيذها».
في لندن، لوح وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس بالرد عسكرياً على روسيا في حال شنت هجوماً جديداً ضد جورجيا بعد انضمامها إلى الحلف الأطلسي.
وقال غيتس في مقابلة مع التلفزيون البريطاني إن المادة الخامسة من معاهدة الناتو، التي تنص على أن أي هجوم مسلح ضد أي دولة عضو يعد هجوماً ضد كل الدول الأعضاء «تعني ما تقول، لذلك هناك التزام بتقديم المساعدة لحلفائنا إذا واجهوا أي تحد».