الشاب المصري محمد رضوان
التوقيت.. نصف ساعة تقريبا بعد الانتهاء من خطبة وصلاة الجمعة - بتوقيت سوريا- يوم 25 مارس.. الشباب المصري محمد رضوان، يحاول ان ينزوي في ركن من المسجد الاموي الشهير بوسط دمشق، لكي يكتب بضع كلمات من على جهاز "الموبايل" الخاص به ليضعها على حسابه علي شبكة "تويتر"، يصف بها الحالة التي وصل اليها المسجد السوري الشهير، "الذى تحول راساً على عقب، لتدخل محترفي النظام" حسب ما قاله نصاً.. وكانت هذه كلماته الاخيرة، قبل ان تعتقله السلطات السورية، وتوجهه له تهمة إرسال صور لجهات اجنبية، ثم حددت هذه الجهات في مرحلة لاحقة بتهمة التخابر لصالح اسرائيل.
محمد ابو بكر رضوان، شاب مصري عمره 32 عاماً، درس هندسة البترول في امريكا التي ولد فيها، ويحمل جنسيتها مع المصرية، وعمل فترة في السعودية، قبل ان يعود مع والده ووالدته للاستقرار في مصر، والدخول في شراكة في شركة خدمات بترول، والتي تطور اعمالها سريعا وافتتحت فرع في سوريا لها مطلع عام 2010، وانتقل في ابريل من العام ذاته رضوان الابن لأداره هذا الفرع، ومن يوم وصوله كان واضحا انه وقع في حب هذه البلد، التي زارها وعمره 12 عاماً وعاد اليه وهو شاب، ويراه تشبه لمصر كثيراً، كما ذكر علي حسابه في تويتر.
تصريحات محمد رضوان
لم تكتشف اسرة رضوان انه تم القبض عليه، الا يوم السبت، عندما اذاع التليفزيون السوري، ان تم القبض على مصري، لم تحدد اسمه في البداية، ولكن عند اذاعة الفيديو الذي اقر فيه طارق بانه كان يراسل صحفي يتحدث الاسبانية وجنسيته كولومبيي وقام بأرسال صور له مقابل 100 جنيه للصورة، وهو ما نفاه والده واسرته بعد ذلك، خاصة وان هذا الرقم ليس مغري لشباب والده مشارك في شركة لا يقل راس مالها عن 20 مليون جنيه مصري.
ملابسات القبض علي المهندس طارق وحثيثات اتهامه، والتي جاء فيها انها كان يحمل كاميرا في "جوال"، ويقوم بالتصوير في الجامع الاموي، اثارت سخرية الكثير من المحللين السياسيين، مثل اللواء سامح سيف اليزل الخبير الاستراتيجي المعروف، والكاتب الكبير نبيل فاروق المتخصص في ادب الجاسوسية، والدته لم تصدق ما قيل عن ابنها، وقالت لجريدة الوفد، بعد يومين من اعتقاله:" طبعا ما يقال عن كذب، كيف لشاب كان يفتخر ان جده استشهد في حرب 1948 وكان زميل دفعه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر" وتضيف :" هل يمكن ان يكون شاب تربي على هذا جاسوساً لصالح اسرائيل !!".
من كان يعيش الثورة المصرية عن قرب، سيعرف بالتأكيد ان الشبكات الاجتماعية، وكلمات البحث والمشاركة على "تويتر.. هاشتاج"، وصفحات وال"جروبز" الكثيرة علي "فيس بوك" لعبت دوراً كبيراً في قيام، واستمرار ونجاح ثورة 25 يناير، وكانت الصورة والفيديوهات تأتي بكثافة من علي هذه الشبكات، ومحمد رضوان الشاب المصري الاسمر ذو العينين الزرقاوين، شارك مثل مئات الاف من الشباب المصري بشحمه ولحمه في اعتصامات التحرير وبات هناك ليالاً طويلة كما روت والدته، وكما ذكر في حديث له لقناة صوت امريكا.
مشاركة رضوان مثل الكثير من الشاب المتعلم، الذي يجيد استخدام التكنولوجيا بدأت في الواقع الافتراضي قبل الحقيقي حيث ميدان التحرير، فكانت الشبكات الاجتماعية منصة لانطلاق الكثير من احلام مصر المستقبل، والتي ترجمها الشباب لمظاهرات 25 يناير، وكان حساب رضوا علي تويتر نشط للغاية ولم يتوقف عن تحديه طوال ايام الثورة، ولم يلاحظ على اي من تعليقاته انه شاب حريص أو يفعل اشياء مريبة.. فمن سيخون سوريا لصالح اسرائيل، بالتأكيد سيفعلها في مصر.
بداية الطريق لحساب المهندس محمد رضوان علي "تويتر"، كانت من خلاله اخيه طارق رضوان، الذى يكبره بعامين ومتزوج ويقيم بولاية فرجينيا بأمريكا، ويدرس الماجستير في العلاقات الدولية بجامعة جورج واشنطن، ويقوم طارق حالياً بحمله كبيرة علي الشبكات الاجتماعية لتبراء اخيه، الذى يرى انه ظلم، وما اتهم به امور ملفقة، ودعا الكثير من المنظمات والمؤسسات الدولية الى تبني قضيه اخيه، واطلق كلمة بحث "هاشتاج" Freeradwan تطالب بالأفراج عنه، والحصول علي حقه في الدفاع والامتثال امام قضاء طبيعي.
واضح ان محمد رضوان كان يعشق السفر والترحال وشخصية ابن بطوطة تحديدا، وحسب ما قاله اخيه طارق، فانه كان يدخر من مصروفه ليقوم بجولات سياحية حول العالم، وجاء اسم علي "تويتر.. بطوطة" نصف الكرة الشمالي، وكتب في خانة تعريف نفسه، "مهندس وهائم دولي، ثم مهندس، وهكذا تسير حياتي"، على حد وصف. اما صباح يوم الجمعة الذي اعتقل فيه كتب على حسابه:" اول اختيار لي ليوم الجمعة، هو التحرير وماسببيرو.. ولأنني لست هناك، سأذهب لوسط دمشق، اتمنى الخير كذلك لليمن ولبيا والبحرين".
اخر صورة التقطها رضوان بتليفونه ونشرها على تويتر قبل القبض عليه بساعتين تقريباً، كانت لاحد شوارع دمشق من خلال لافتة كبيرة، كتب عليها :"عام 2000، 2007، 2014، 2021،2028، دامك عزك يا بلد ببشار الاسد"، وعلق طارق علي هذه الصورة قائلاً:" يوم الكرامة سيغير كل ذلك" وهو الاسم الذي اطلقه السوريون على يوم 25 مارس الماضي "جمعة الكرامة".