" الفرعون الجديد الذى هزم المخضرمين السياسيين".. هكذا وصفت بعض الصحف السويدية عصام النجار المصرى ابن محافظة البحيرة الذى هاجر إلى السويد منذ نحو 25 عاما واستطاع أن يصبح أول مصرى يتولى منصب سياسى رفيع المستوى فى دولة أوروبية.
عصام النجار يتولى حاليا نائب رئيس حكومة مقاطعة أوديفالا فى الحكومة الفيدرالية السويدية ونائب ثانى أكبر حزب سياسى فى التحالف الحاكم ويتولى حقيبة وزارة الاقتصاد والتجارة والاستثمار فى غرب السويد.
بعد سنوات قليلة من هجرته تم اختياره رئيسا لاتحاد المهاجرين إلى السويد وانضم بعدها إلى حزب الشعب الليبرالى وتولى رئاسة الحزب بعد انتخابات عام 2006 وحصل على المنصب الوزارى فى المقاطعة.
ومثل كل المصريين فى الخارج من أصحاب الكفاءات والمناصب الحساسة جاء إلى مصر منذ ثلاثة أعوام ليعرض أفكاره وخدماته ومشروعاته على المسئولين وقتها فى مصر، فلم يتوصل إلى أحد منهم.
يقول "جئت عام 2008 وحاولت الاتصال بالمهندس رشيد محمد رشيد والدكتور طارق كامل لعرض مشروعين فى مجال الطاقة والبيئة وتكنولوجيا المعلومات ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ولنقل الخبرة السويدية إلى مصر.. فلم أتمكن من مقابلة الوزيرين وأرسلا لى السكرتارية لمقابلتى وشعرت بأنهما يتهربان منى فعدت مرة أخرى إلى السويد ببعض الإحباط".
كان هدفى مساعدة وطنى الأصلى ونقل الخبرة التى اكتسبتها فى الخارج وخاصة أن السويد تعتبر من الدول المتقدمة للغاية اقتصاديا ولديها تجارب تنمية يمكن تطبيقها فى مصر، لكن إدارة النظام المصرى السابق لم تستوعب أى من الكفاءات المصرية بالخارج وتشككت فى نواياهم وأن هدفهم هو الحصول على مناصب فى مصر..!
يضيف "إن المصريين فى الخارج عندما يتوفر لهم المناخ الصحى والظروف الملائمة تظهر قدراتهم وإبداعاتهم دون النظر إلى الجنس أو اللون، فالمعيار هو الكفاءة والمؤهل.. وهذا ما حدث معى فى السويد بعد التحاقى إلى مدرسة الأجانب فى جنوب السويد واختيارى من بين 3500 طالب للترشيح لمنصب أول رئيس اتحاد للطلاب المقيمين فى عام 1993 وبعدها انضمامى للحزب الليبرالى حصلت على دورات إعداد القيادات وفقا للنظام السياسى هناك وبالفعل ترشحت لانتخابات الحزب وتمكنت من الفوز على مخضرمين كبار سويديين ولذلك كتبت الصحف هناك "عصام النجار الفرعون الجديد يهزم المخضرمين".
بعد ثورة 25 يناير تمت اتصالات بين القيادة الجديدة فى مصر والدكتور عصام النجار لبحث إمكانية الاستفادة من خبراته، اللقاء تم يوم الخميس الماضى، وكان بناء ومثمرا- كما قال لنا النجار – وعرض خلاله عدة مشاريع استثمارية وسياحية ومقترحات علمية للنهوض بالصناعة والتعليم فى مصر.
يقول إن مصر فى حاجة إلى مشروع مارشال اقتصادى عاجل يتكلف نحو 150 مليار دولار على غرار ما حدث مع أوروبا وتحديدا ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.. بشرط توافر الإرادة والإدارة السليمة، فالمشكلة ليست مادية فقط، لكن الأهم فى الإدارة وخاصة فى مجال البحث العلمى، وهو ما اعتمدت عليه السويد التى تحتل المرتبة الأولى فى مجال الإنفاق على البحث العلمى فى العالم واختارها الاتحاد الأوروبى مقرا لإقامة أكبر مجمع للبحث العلمى فى أوروبا لمنافسة الولايات المتحدة الأمريكية.
ويؤكد أن مصر بعد 25 يناير مؤهلة تماما لنهضة اقتصادية كبيرة وقيادة حقيقية للديمقراطية المدنية فى المنطقة، وبالتالى جذب مليارات الاستثمارات من العالم الخارجى الذى يهمه أن يكون هناك نظام ديمقراطى لدولة مدنية تتمتع بالحريات فى كافة المجالات، فالحرية هى الدستور الحقيقى فى مملكة السويد الفيدرالية.
ويكشف النجار أن السويد تعتبر ثالث أكبر دولة فى أوروبا من حيث استثماراتها فى الخارج والتى تفوق ميزانية مصر، ومع ذلك كان نصيب مصر من تلك الاستثمارات لا يذكر، فى حين استحوذت الصين والهند وجنوب أفريقيا وتركيا على النصيب الأكبر، فالإدارة السياسية السابقة فى مصر كانت تنظر للسويد على أنها دولة صغيرة، ولذلك فشلت أنا شخصيا فى إقناع الحكومة هناك لضخ استثمارات فى مصر بسبب عدم التواصل واضطررت إلى فتح المجال فى دولة عربية آخرى مثل الإمارات.
ويطرح عصام النجار رؤيته وبرنامجه الاقتصادى الذى ناقشه مع القيادة فى مصر وإمكانية الاستفادة منه بعد الانتقال السلمى لحكومة مدنية قائلا "قدمت للقيادة ما يشبه مشروع مارشال يتضمن تطوير التعليم وخاصة التعليم الفنى، ويشمل المشروعات التى تقدم بها بعض علماء مصر مثل الدكتور زويل والدكتور فاروق الباز، إضافة إلى مشروع تحويل الساحل الشمالى إلى مارينا عالمية ومدينة مليونية حتى سيدى عبد الرحمن ومد شبكة المترو إليها، وبناء بيوت عائمة على طول السواحل المصرية و استغلال شواطئ النيل سياحيا، وهذا المشروع يمكنه جذب نحو 50 مليون سائح سنويا وخاصة من أوروبا وينفذ فى مدة زمنية خلال 10 سنوات ويحتاج ما بين 30 إلى 50 مليار دولار يمكن تمويله من خلال الاتحاد الأوروبى والبنك الدولى بقروض بسيطة طويلة الأجل ومن خلال استثمارات بنظام بى أو تى.
ويوضح أن دراسات المشروع موجودة ويمكن من خلاله تحويل مصر إلى دولة سياحية عالمية حارسة للحضارة والآثار العالمية مع توافر التربية والتوعية السياحية وإنشاء مدارس سياحية متخصصة فى كل محافظة.
المشروع الثانى هو تطوير الصناعات الوطنية مثل الملابس والكيماويات وتكنولوجيا المعلومات واستغلال طاقات الشباب الذى فجر الثورة عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
أما المشروع الثالث فهو تطوير البنوك المحلية وإدماجها فى منظومة المصارف العالمية وإنشاء مؤسسة مستقلة لدعم الشركات الجديدة الصغيرة والمتوسطة.
ويرى أن القطاع السياحى يمكنه أن يقود عملية التنمية السريعة فى مصر ولابد للقطاع الخاص أن يلعب دوره فى تلك العملية.
وطالب عصام النجار بضرورة إعادة هيكلة وزارة الخارجية ليكون هدفها الرئيسى هو تسويق مصر لجذب الاستثمارات والسياحة، إضافة إلى الجانب السياسى واستغلال أصحاب الكفاءات من المصريين فى الخارج فى السفارات والقنصليات، لأنهم أدرى بأمور الدول التى يعيشون فيها. فعلى سبيل المثال السعودية وتركيا من بين الدول التى استعانت بأبنائها فى السويد لخدمة السفارة هناك.