الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء و رجل الأعمال نجيب ساويرس -
فى حوار مفتوح من القلب أجاب الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء عن أسئلة شباب مصر التي تم تسجيلها عبر وشبكة الانترنت وأداره رجل الأعمال نجيب ساويرس، حدد فيه وبكل شفافية آداء حكومته بعد مرور مائة يوم في صورة كشف حساب.
بدأ ''شرف'' إجاباته على أسئلة الشباب المصري بـ ''بسم الله الرحمن الرحيم''، مشيرًا في رده على سؤال بشأن تقييمه للفترة التي مضت منذ قيام ثورة 25 يناير وتوليه رئاسة الوزراء، وعدم الإحساس بنتائج إيجابية للثورة، قائلاً: ''إنه كان هناك خللاً عظيمًا في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أدى الى قيام هذه الثورة العظيمة وهذا الخلل العظيم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصلحه أو أن تعيد الأوضاع إلى ما يجب أن تكون عليه إلى مستوى الصفر في فترة قصيرة (ثلاثة أشهر)، لذلك فكرة الحكومة تتمحور في كيفية وضع مصر على الطريق (الصحيح) حتى إذا جاءت الانتخابات والوزارة الجديدة والرئيس الجديد تتسلم مصر وهي على أول أعتاب الطريق الصحيح''.
وتابع قائلاً ''لكن أنا معهم (الشباب) أنه في ظل ثورة عظيمة مثل هذه تبقى الآمال كبيرة جدًا خاصة في وجود الإحباطات الكثيرة''.
وفي رده على تساؤل بشأن قوة الحكومة، قال شرف إنه يجب أن نقدر أن ''الشعب المصري أضطهد وتعرض لظلم موضحا أنه كان ضروريًا في الفترة الأولى التي أعقبت الثورة أن يكون هناك استيعاب وليس صدام، إنما الآن في الحقيقة أصبحنا نرحب بالآراء ولا نرحب بتعطيل الحياة أو الإضرار بالآخرين''.
وقال الدكتور عصام شرف إنه ''مقدر جدًا الآمال الكبيرة'' مطالباً بالتفكير في الفترة الراهنة، وأنه يجب النظر إلى أنه ''كان هناك خللاً عظيماً أدى إلى ثورة عظيمة لذا فإن الإصلاح سيأخذ وقتًا''.
وأكد رئيس الوزراء على أن آماله كبيرة في عودة مصر إلى مكانتها الطبيعية، مشيرًا إلى أن الأمر سيأخذ شهورًا على أقصى تقدير سنة وتعود مصر إلى ما يجب أن تكون عليه، وفقًا لقوله.
وأعلن الدكتور شرف عن طرح ُكتيب تحت عنوان ''مائة يوم بعد الثورة''، خلال الأسبوع القادم يتضمن الإنجازات التي تمت، موضحًا أن الشعور بالإحباط والحرمان لفترة كبيرة جعل الآمال كبيرة جدًا، ويجب تحقيقها بسرعة. وقال ''أنا أُقدر هذا .. لكني أتمنى أن يكون التقدير متبادل (بين الشعب والحكومة)''.
وتدخل المهندس نجيب ساويرس قائلاً إنه ''لو أن الدولة تبنت المشروعات الكبرى وعجلت بتنفيذها مثل المرحلة الجديدة لمترو الأنفاق، والمتحف المصري الكبير ومشروع المحور الجديد، فإن هذا سيشغل عجلة الإنتاج، حتى لو قام بها القطاع العام لأنها تشغل القطاع الخاص معها، ويكون هناك نوع من الدورة الاقتصادية''.
وأوضح رئيس الوزراء – خلال رده على سؤال عن تمويل المشروعات الكبيرة التي تسعى إليها الحكومة – أن دور التوجه الاقتصادي هو مراقب ومنظم ومحفز للاقتصاد، ضاربًا المثل بشبكة الطرق في الولايات المتحدة كيف استغلت لمقاومة الكساد الكبير، وكيف استغلت في استيعاب الجنود العائدين من الحرب، وهذا كان نوع من التحفيز الاقتصادي.
وأشار الدكتور عصام شرف إلى أن المشاريع الكبرى عند طرحها تكون ضمن مخطط عام، بمعنى ''إعادة توزيع مصر على المصريين'' - كما قال –، موضحًا أن هدفه هو كيفية استغلال الأرض بما يحقق الاستفادة لجميع المصريين.
وقال ''إن هناك مخططًا ضخمًا للاستفادة الكاملة من أرض مصر.. فالله سبحانه وتعالى حبانا بثلاثة أصول هامة جدًا هي: الموقع والمناخ والبشر''.
وتابع قائلاً ''إنه يجب أن يكون هناك مخطط عمراني متكامل ثم البدء في تنفيذ المشاريع، وليس العكس''، معلنًا عن ثلاثة مخططات ''عظيمة'' قدمتها وزارة الإسكان .. ومجموعة كلفها رئيس الوزراء وضعت أحد هذه المخططات.
ولفت إلى أن مسألة التمويل لا خوف منها طالما هناك عائد، مشيرًا إلى التمويل الدولي والشراكة ووسائل ضخ (الأموال) من الحكومة.
وقال ''شرف'' إن لديه تصور هرميًا ''يبدأ بالمصالحة فالإصلاح ثم يأتي الصلاح''، موضحًا أن الإصلاح يعني أن تصبح أفضل ، وهذا لن يأتي إلا بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها، وقبلها لابد أن يكون هناك نوع من المصالحة؛ فما ورثناه أن الوطن أصبح أوطانًا''.
وفي رده على سؤال عن كثرة الزيارات الخارجية للدول العربية والإفريقية والأوروبية، وملف حوض النيل، أوضح أنه ينظر إلى المسئولية الملقاة على عاتقه على أنها مشروع لنهضة مصر، وهذا المشروع من أجل تحقيقه لا يمكن الاكتفاء فيه بالداخل، فلابد من حدوث توازنات بين الداخل والخارج.
وقال رئيس الوزراء متسائلاً: ''كيف أغلق على نفسي في الداخل ولدي مشكلة مياه، وانفصام بعض الشيء عن الدول العربية، ولدي مشكلة ثقة مع بعض هذه الدول ؟''، وتابع ''أمن مصر ليس أمن الحدود فقط؛ فهو مرتبط بعلاقاتها بالعالم كله، فمثلاً، بالنسبة لدول حوض النيل كان لابد لهذه الدول أن تعرف توجهاتنا بعد هذه الثورة العظيمة، وهو أن تعود مصر لأن تمارس دورها وقدرها بأن ''تكون دولة رائدة وقائدة، وهذا لن يتم إلا بتحديد التوجهات لدى الدول العربية والإفريقية''.
وأكد أن الناتج من كل هذه الجولات الإفريقية والعربية هو تقدير مصر والاستعداد لفتح صفحة جديدة، وهذا طلب من كل زعماء ورؤساء الدول الذين جلس معهم.
وتطرق إلى حضوره لاجتماعات الـدول الثمانية الكبرى ''G8'' ولقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما وزعماء الدول الكبرى وزيارته لإيطاليا، مشيرًا إلى أن ما يعنيه في كل تلك الزيارات هو جدية هذه الدول في احترام مصر الديمقراطية وقدرها، لافتًا إلى أن هذه السفريات تأتي لإرساء قواعد جديدة للتعامل مع هذه الدول ، واصفاً ذلك بأنه واجب وطني.
وفي رده على حوادث الفتن الطائفية، والتعامل مع تلك الحوادث، قال ''أنا أكره كلمة الفتنة الطائفية؛ وعند النظر إلى تلك المسألة لابد أن ننظر لها في الماضي والحاضر والمستقبل، فالماضي يوضح أننا تعاملنا مع المشكلة من منظور الموائمة وأحياناً من منظور أمني وليس من منظور القانون، وبالنسبة للحاضر فإن المشكلة يتم التعامل معها وفق القانون، كما أن هناك من يريد إفشال الثورة، ولا شك في هذا والتحقيقات ستكشف أشياء كثيرة في هذه المواضيع''.
وأوضح المهندس نجيب ساويرس أن جزءًا كبيرًا جدًا من هذه الفتن الطائفية ُيلام فيه أهل الدين من الجانبين، حيث إن الكثير من رجال الدين ''المسيحي أولاً'' يعتبرون أن مهمتهم في الحياة عندما تحب مسيحية شخصًا مسلمًا هي استرجاع هذه المسيحية، وكأنها غنيمة؛ وهم يفسرون هذا على أن هذه ''الروح ضالة ويجب إنقاذها''.
وقال الدكتور
عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، أن ''أكثر الأمور فاعلية في تهديد أمن مصر هو الموضوع الديني''.
وعن المستقبل في مسألة الفتن الطائفية، قال ''إنه لا بديل عن التعامل مع تلك المواضيع من خلال دولة القانون'' مؤكدًا أن ''هذا لن يتحقق إلا في دولة ديمقراطية يتمتع فيها الجميع بنفس الحقوق ولا يوجد بها تهميش ، وأننا لابد أن نعلم أن هذا الأمر مصطنع''.
وعن حالة الأمن في الشارع المصري، أوضح شرف أنه في الماضي كان الأمن أمن النظام الحاكم وليس أمن المجتمع، وبالنسبة للحاضر كان التعامل بقسوة مع المتظاهرين بمثابة الخطوة الأولى في خلق حالة الفرقة بين الشعب والشرطة، ثم انسحاب الشرطة ، وانهيار المؤسسة الأمنية زادت تلك الفرقة.
وقال الدكتور عصام شرف إن انسحاب الشرطة من الشوارع كان أمرًا مقصودًا، بجانب الاتصالات التي فقدت في أيام الثورة الأولى، مشيرًا إلى أن هذا الأمر لا يزال قيد التحقيقات.
وأوضح رئيس الوزراء أن القوات المسلحة تدخلت لدعم جهاز الشرطة ، كما أن الحكومة فتحت الباب على مصراعيه لتمويل احتياجات الشرطة حتى تعود إلى الشارع مرة أخرى، مشيرًا إلى أن الأمر مسألة وقت ليس إلا، وأن هناك تقدماً في العودة إلى الشارع مرة أخرى.
كما لفت الانتباه إلى أن الشرخ الذي حصل في المؤسسة الأمنية كان بفعل فاعل، مشددًا على أن من أخطأ لابد أن يحاسب، رافضاً في نفس الوقت محاسبة المؤسسة ككل بأخطاء أشخاص مهما كان عددهم.
وفي إجابته عن سؤال لشباب مصر عن محاكمة الرئيس السابق ومسألة ما إذا كان هناك تساهل مع البعض كالدكتور زكريا عزمي والدكتور فتحي سرور، وتوقيت الانتهاء من تلك المحاكمات، قال الدكتور عصام شرف إنه لا دخل له في أعمال أو أحكام القضاء وجهات التحقيق ، مشيرًا إلى أن هناك تطورات مهمة حدثت بالنظر إلى محاكمة رموز النظام السابق وحبس بعضهم.
وبشأن الإسراع بالمحاكمات، أوضح أن المحاكمات لابد أن تكون عادلة وسليمة وأمام المحاكم المدنية لأنك تتحدث عن استرداد أموال، فلو حدث خطأ في الإجراءات يمكن أن تبطل المحاكمة.
وأكد أن ما تم من المحاكمات يعد انجازًا غير عادي (بالنظر لكم الاتهامات وسيل الشكاوى)، وقال : ''الملخص أن ما جرى ويجري كان بعيدًا عن خيال أي شخص منذ خمسة أشهر، فيجب أن نثق أن هناك قضاًء عادلاً محترمًا في مصر، ويجب إعطاء الوقت للقضاء حتى تكون المحاكمات كاملة''.
وبشأن أموال مصر المنهوبة والموجودة بالخارج، قال الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء إن القضاء المصري الشريف هو من يتولى شأن أموال مصر المنهوبة بالخارج والداخل من خلال جهاز الكسب غير المشروع، والأمر هو ''مسألة ثقة بالقضاء أو عدم ثقة به'' ونحن نثق في قضائنا.
ولفت شرف إلى أن هناك لجنة مكونة من وزارة العدل وهذه اللجنة لها اتصالات بالمكاتب المتخصصة في استرداد الأموال المنهوبة، مؤكداً أن كل الجهد ُيبذل في هذا الأمر واللجنة لديها صلاحيات بالتواصل مع أي مكتب أو شركة للبحث عن هذه الأموال.
وأوضح أن استرداد هذه الأموال بعد معرفة مكانها سيأخذ وقتاً، فهناك بعض الدول استغرقت في استرداد أموالها المنهوبة 15 سنة، مشيرًا إلى ضرورة أن يدرك الناس هذا الأمر وأن الأموال إن عادت لن تخرج مرة أخرى.
وعلى المستوى الأمني، أشار إلى أن الأمن بدأ يعود وبسرعة للشوارع، وسيكون هناك تعاون من كافة الجهات لتأمين العملية الانتخابية.
وقال الدكتور عصام شرف إن الدستور لن يأخذ وقتًا كثيرًا، بالنظر إلى الفقهاء الدستوريين الموجودين في مصر.
وفي رده على سؤال عما إذا كان ينوي الترشح لرئاسة الجمهورية، قال شرف ''إن كل همه أن يؤدي رسالته كرئيس للوزراء ويسلم البلد بصورة جديدة لمن سيأتي بعده''، مشيرًا إلى أنه لايملك الوقت للتفكير في أى شيء غير المهام والأعباء الملقاة على عاتقه في الوقت الراهن.
ولم يفصح الدكتور عصام شرف عن اسم مرشح الرئاسة الذي ينتوي التصويت له، واكتفى بالقول إن ''كل المرشحين ممتازين''، مشيرًا إلى أنه قد يدعم أحد المرشحين ويكون ضمن حملته الانتخابية بعد خروجه من الوزارة.
وأكد - في رده على المظاهرات الفئوية – أن هناك بعض المطالب (الفئوية) مشروعة وكان من الواجب في الفترة الأولى استيعابها وليس الاصطدام بها، موضحًا أن القانون الخاص بالإضرابات هو قانون لمنع تعطيل العمل والاعتداء على المنشآت العامة.
وشدد الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء على حق التظاهر السلمي، مؤكدا تفاؤله بالوضع الاقتصادي، بالنظر إلى البنية الاقتصادية الموجودة في مصر ومقارنة بدول الجوار الأخرى.
وكشف الدكتور عصام شرف أن السحب من الاحتياطي النقدي انخفض خلال الشهر الحالي، موضحًا أنه تم سحب 3 مليارات جنيه خلال شهر مارس تبعها 3 مليارات أخرى في إبريل انخفضت بعد ذلك إلى 2 مليار في مايو، ومن المنتظر أن تنخفض كثيرًا خلال يونيو، الأمر الذي يدل على أن عجلة الإنتاج بدأت تدور.
وثمن رئيس مجلس الوزراء الموقف الذي اتخذته القوات المسلحة بحماية الثورة وعدم تدخلها لصالح النظام السابق.
وأوضح شرف أن الأزمات التي وقعت في الفترة الأخيرة من سولار وبوتاجاز كلها كانت موجودة من قبل، مشيرًا إلى أن هناك خطة أعدتها الحكومة لتوفير السلع الغذائية خلال شهر رمضان الكريم.
وقال إن ''هدف الحكومة مشتق من نداءات الميدان (التحرير) وهي حرية.. ديمقراطية.. عدالة اجتماعية، والأخيرة ذات أهمية قصوى لنا''، مشيرًا إلى أن كل ذلك يتم بالتنسيق مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأن الأمر كله يتوقف على مدى تعاون الشعب مع الحكومة وعودة الإنتاج.
وفي نهاية حواره مع موقع ''مصراوي''، أوضح الدكتور عصام شرف أن ''الله ألهمه قوة جبارة وهي الصبر''، مؤكدًا أنه لم يندم على تولي هذا المنصب، وقال ''أهم شيء أن اخلص فيما استطيع فيدبر لي الله أمراً في ما لا أستطيع''، وتلى قول الله تعالى ''فالله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين''.
اقرأ أيضا: