الرئيس محمد حسني مبارك -
نشرت جريدة لوس أنجليس تايمز الأمريكية تقريراً يوم السبت عن ما أسمته التضييقات التي تمارسها الحكومة المصرية والنظام الحاكم على وسائل الإعلام المختلفة، والقمع الذي تمارسه أجهزة الأمن ضد المتظاهرين منذ قدوم رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق الدكتور محمد البرادعي وتأسيسه للجمعية الوطنية للتغيير وحالة الحراك السياسي الذي أحدثه في الشارع المصري.
وقال التقرير إن الحكومة المصرية والسياسيين الذين هم على علاقة برجال الأعمال يمارسون ضغوطات على محرري الصحف وكتاب الأعمدة وتحجيم البرامج الحوارية ''التوك شو''، وأشار إلى أن الحكومة تجد صعوبة في إسكات الأصوات المناهضة للنظام في وسائل الإعلام.
وتحدث تقرير لوس أنجليس تايمز عما جرى مع مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين محمد عبد القدوس من إعتداء عناصر من الأمن بلباس مدنية عليه أثناء مشاركته في تظاهرة عابدين بالقاهرة المناهضة لتوريث الحكم، موضحاً أن الضغوطات والتضيقات على وسائل الإعلام زادت مع رجوع الدكتور البرادعي في فبراير الماضي وقيادته لجبهة المعارضة، فضلاً عن تسليط الجرائد الضوء على الفساد المستشري في كافة القطاعات، وإضرابات العمال، والوحشية التي تمارسها الشرطة ضد المواطنين.
وتحدث التقرير عن الناشط المصري في مجال حقوق الإنسان هشام قاسم، ووصف البناية التي يعمل بها هو وبعض المحررين وقال إنه يجلس و100 من الصحفيين في حجرة وسط التراب يعملون على نشر الأخبار والقصص حول الوضع المضطرب في البلاد. ويشير التقرير إلى أن الوقت غير مناسب لعمل جريدة مستقلة في مصر، فالحكومة ورجال الأعمال السياسيين يضغطون على الصحفيين ويكتمون أفواه كُتاب الأعمدة، ويضيقون على البرامج الحوارية قبل أسابيع من إجراء الانتخابات التشريعة في 28 نوفمبر المقبل.
ويقول تقرير الجريدة الأمريكية إن البلد التي يراها كثيرون دولة بوليسية عنها ديموقراطية مضطربة في هذه الأيام؛ فالتضخم أجج الغضب في نفوس الشعب، وما زاد من غضبهم هي حالة الاستخفاف التي عليها الحزب الوطني الحاكم، فضلاً عن حالة الترقب التي تعيشها البلد بشأن من سيخلف الرئيس مبارك في سدة الحكم، والأخبار السيئة الكثيرة التي تبث وتنشر يومياً في وسائل الإعلام، وأنك إذا كنت من النخبة الحاكمة فستنفجر من كم هذه الأخبار السيئة الموجودة على صفحات موقع التواصل العالمي ''فيسبوك''.
ويؤكد التقرير أن مصر كعديد من الدول الشرق أوسطية تجد صعوبة في إسكات الأعداد المطردة من المتظاهرين المناهضين للنظام الحاكم والذين يستخدمون ما اسماه التقرير التكنولوجا الناشئة في توجيه أنفسهم والدعوة للإضرابات والتظاهرات.
وينقل التقرير عن قاسم قوله إن تصميم الحكومة على إسكات الأصوات الإعلامية لم يتغير، لكنها ليست في الوضع الذي يسمح لها بذلك، مثلما كانت سابقاً''، ويضيف الذي أصدر جريدة من قبرص ووزعها في القاهرة ليتغلب على قوانين الإعلام المصرية، أن من يقرأون الجرائد والمجلات في مصر لا يتخطون مليون شخص، بينما هناك 60 مليون يقتنون الهواتف المحمولة التي يمكنها إرسال واستقبال الرسائل القصيرة، الأمر الذي يشكل خطورة كبيرة على الحكومة. إنها معركة خاسرة'' على حد قول قاسم.
ويوضح التقرير أنه خلال التلاثة عقود الأخيرة هددت حكومة الرئيس مبارك الإعلام المستقل تارة وتارة أخرى سامحته، وأن القاعدة الغير معلنة في السنوات الأخيرة هي عدم الاقتراب من المؤسسة العسكرية أو التعرض بالهجوم الشخصي على الرئيس وعائلته، على حد قول التقرير.
ويقول تقرير لوس أنجليس تايمز أن الضغوطات والتضييقات زادت بشكل كبير مع عودة الدكتور محمد البرادعي للقاهرة في فبراير الماضي، وقيادته لدفة المعارضة المصرية، التي حذرها الرئيس مبارك في خطاب له في شهر مايو الماضي من أنها قد تدفع البلاد إلى إضطرابات مدنية. يشير التقرير إلى ان كلمات الرئيس مبارك في خطبته كانت بمثابة توبيخ للإعلام المستقل، ويبدو وضع الحزب الوطني الحاكم الذي لا يلقي بالاً للصحافة، حساساً بشأن صورة مصر الخارجية التي قد تجد بعض المعاناة خاصة وأن الولايات المتحدة التي تُعين القاهرة بأكثر من مليار دولار سنوياً تضغط من أجل تحسين أوضاع حقوق الإنسان.
ويقول الإعلامي حمدي قنديل أن مسئولي الحزب الوطني بدأوا في توجيه اللوم للصحافة بشأن إظهار البلد سوداء، مضيفاً الذي يخوض صراعاً قضائياً مع وزير الخارجية أحمد أبو الغيط على خلفية مقال نشره قنديل في جريدة الشوق المستقلة واعتبره أبو الغيط سباً وقذفاً في حقه، ''إنهم لا يريدون ضوضاء في الصحافة الدولية، ولا تأجيج الغضب بالداخل، ولا يريدون مواجهة معارضة حقيقية وهذه الانتخابات البرلمانية ليست الأولى التي يغلقوها.
وتحدث التقرير عن الصور ''المفبركة'' التي نشرتها جريدة الأهرام الرسمية للرئيس مبارك وهو يتقدم الرئيس أوباما والملك عبدالله بن الحسين ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والرئيس الفلسطيني أبو مازن، على خلاف الصورة الأصلية التي تظهره في الخلف. وشرحت الأهرام هذا الأمر على أن الصورة تعبر عن دور مصر المحوري في عملية السلام في المنطقة.
وضرب التقرير مثالاً بتدخل رجال الأعمال الذين هم على علاقة بالنظام بما جرى مع جريدة الدستور واقصاء رئيس تحريرها إبراهيم عيسى من منصبه في محاولة لتكميم أفواه معارضي الحكومة، وتبع إقصاء عيسى غلق 17 قناة فضائية دينية بتهمة التحريض على الكراهية وعدم الوفاء ببنود التعاقد، كما أغلقت مدينة الإنتاج الإعلامي ايستوديوهات شبكة قنوات الأوربت لما سببه برنامج ''القاهرة اليوم'' الذي يقوم عليه الإعلامي عمرو أديب من حرج للحكومة لكشفه العديد من قضايا الفساد والنصب الإنتخابي، وايضا الضغوطات التي مورست من جانب ملاك جريدة الشروق على حمدي قنديل لتخفيف حدة نقده للحكومة في مقالاته.
ويقول قنديل الحكومة تقترح على المحرر تخفيف نبرة مقالاته، ثم يأتي مفتش تابع للدولة ويفرض عليك غرامة، فتشعر بأنك لديك 9 طفايات حريق بدلاً من 12، وهذا يخلق نوعاً من القلق والرقابة الذاتية التي هي أكثر تقييداً حتى أنك تشعر بعدم القدرة على التنفس''.
ويقول الناشط سعيد قاسم ''الحكومة تخسر سيطرتها على الإعلام، فتمررها إلى أعوانها في عالم الأعمال''، مؤكداً أنه لا يمكن أن ينتهي بنا الحال مثل روسيا بعد الحرب الباردة حيث خمسة أو ستة حكوميين يسيطرون على الرأي، وهذا حدث بالفعل، ولهذا السب لايسمح فقط للمساهمين في مصر بالإستحواذ على أكثر من حصة 10%''.