احمد زكي بدر
''رضينا بالهم، والهم مش راضى بينا.. تلك الجملة تتردد على ألسنة عوائل الأسر محدودة الدخل والتي لديها أبناء في مراحل التعليم المختلفة، ففي ظل الدروس الخصوصية التي تنهك الميزانية الشهرية لتلك الأسر وعجز وزارة التربية والتعليم عن السيطرة على تلك المشكلة، جاءت الأزمة الكتب الخارجية والملخصات الأخيرة والارتفاع الجنوني في أسعارها لتزيد من هم أولياء الأمور والطلبة في نفس الوقت.
ومؤخراً تناثرت إشاعات حول منع الكتب الخارجية، وان الوزارة ستطرح كتب بديلة تمكن الطالب من استذكار دروسه.. إلا أن شيئاً من هذا القبيل لم يحدث.
تقول نجوى حسين أم تلميذة في الصف السادس الابتدائي ''قالوا إن الكتب ستباع بأسعار مرتفعة، ولم نتكلم، ثم قالوا سنمنعها ونستبدلها بأخرى وزارية، فرحبنا، ولكن لا شيء ظهر حتى الآن، بل على العكس الكتب بيعت في السوق السوداء بسعر مضاعف نظراً لقلتها واحتياجنا لها..إزى الحال بقى يا حكومة''.
الفجالة هذا العام ليست هي نجم الشباك كعادتها بالنسبة لاماكن بيع الكتب الدراسية الخارجية والملخصات بعد الرسوم التي فرضت على صناع وتجار الكتب الخارجية من جانب وزارة التربية والتعليم؛ سور الأزبكية الذي نقل للسيدة زينب بجوار محطة المترو جذب مشترو الكتب الخارجية وبائعيها أيضا فالجميع إما يشترون كتباً أو يبيعونها.
أولياء الأمور والطلبة وجدوا ضالتهم في ذلك السور ومكتباته البسيطة التي تبيع الكتب الخارجية المستعملة بنصف الثمن، وتجمع الآباء والأمهات حول المكتبات لشراء الكتب والملخصات لأبنائهم حتى يتمكنوا من استذكار دروسهم.
تقول السيدة مها وهي أم لطالبة في الثانوية العامة وأخرى بالشهادة الإعدادية ''الوزير هو السبب، والقرارات لا يراجعها احد، إحنا متمطوحين ولا احد يفكر فينا، منعوا الكتب فظهرت في السوق السوداء بضعف الثمن، ومجبر أخاك لا بطل سنشتريها، المشكلة أن أصحاب المكتبات يعلمون جيداً أننا سنشتريها، وحتى بعد توفير ثمنها المضاعف لم نجدها ونفدت''.
وتضيف، ''سئلنا المدرسين عما يجب فعله، وجاءت الإجابة من بعضهم، أنهم عاكفين على كتابة ملخصات خاصة بهم يستعيض بها أبنائنا عن الكتب الخارجية، ولكنها لن تكون لله طبعاً وكل شيء بحسابه''.
أما أصحاب مكتبات السور فيبدو وكأنهم لا يعلمون شيئاً عن أزمة الكتب الخارجية والملخصات فأسعارهم كما ها من العام الماضي ولم ترتفع، الكتاب بنصف ثمنه، فكشكول الأول والذي يباع في الظروف العادية بنحو 12 جنيه، يباع المستعمل منه بنصف ثمنه أو أقل''.
عم نعمان بائع القصص والكتب الأشهر في ذلك السور، يتحدث عن الموضوع ويقول، ''أسعارنا لم تزيد، تماماً كما هي، ولكن الكتب الموجودة في المكتبات قليلة بالفعل، خاصة وان الإقبال عليها كل عام لا يكون كبيراً، لذا نحن لا نقبل على شرائها في العادة، ولم نهتم بجمعها في نهاية امتحانات العام الماضي''.
ويضيف، ''كنا نأخذ من زبائننا الذين نعرفهم فقط، ففي عادة الأمور نحن نبيع تلك الكتب لقلة قليلة من الناس والبقية نبيعها للباعة المتجولين، أو محلات الفول والطعمية، وعربات اللب والترمس''.
الطريف أن رد فعل الطلبة كان في غاية السعادة بما يحدث، حيث ستتأخر مواعيد بدء المذاكرة عن كل عام لعدم توافر الكتب وتمارينها، وهو ما عبرت عنه شذى محمد - طالبة بالصف الأول الإعدادي - حيث تقول ''أحسن قرار سمعته من يوم ما فهمت يعنى إيه وزارة تربية وتعليم، والله أنا بحب الوزير ده، مش فاهمة إيه اللي مضايقهم، أدينا قاعدين''.
ويوافقها مازن أحمد - طالب بالصف الأول الثانوي - ويقول، ''ياله عقبال الكتب الوزارية، ودليل التقويم، عشان محدش يطلب منا نذاكر من أي حاجة''، وتسخر نورا محمد ''بكره يمنعوا المدرسين من النزول في الشوارع عشان يتأكدوا أن مفيش دروس خصوصية، ويمكن يمنعوا الطلبة نفسهم من التعليم عشان يقضوا على الدروس''.
وتباينت ردود أفعال المدرسين، حيث رحب البعض بالفكر، بينما رفض آخرون قرار منع الكتب الخارجية واعتبروا القرار محاولة لتقليل درجة اجتهاد الطالب، خاصة وان أسئلة الكتب الوزارية غير كافية، ويقول (أ.ع) مدرس أول لغة عربية ''الاعتماد على كتب دليل الطالب يجعل الطلبة ''دشيشة حفظ عمياني''.