أحاسيس .. ليس بالجنس وحده تنجح الأفلام! مشهد من فيلم احاسيس
- عندما تتصدى السينما لأمور شائكة مثل العلاقات الجنسية داخل وخارج إطار الزواج تحتاج أولاً إلى معالجة ناضجة تقدم الجرأة والعمق فى التناول، وتتيح الفرصة لنجوم التشخيص لتقديم أدوار مختلفة رسمت ملامحها ببراعة.
كما تحتاج إلى الابتعاد عن المباشرة وإلا تحول الفيلم إلى صفحة للإستشارات الجنسية فى أى مطبوعة طبية.
وقد توافرت هذه الشروط فى عدد قليل جدًا من الأفلام المأخوذة عن روايات الراحل "إحسان عبد القدوس" أو فى الفيلم المهم "سهر الليالى" الذى قدم علاقات محورها الجنس من بين نماذجه التى لا تنسى.
أما فيلم "أحاسيس" الذى كتبه "د.أشرف حسن" فى أولى تجاربه، وأخرجه "هانى جرجس فوزى" فى تجربته الثانية بعد بدون رقابهفهو نموذج للدراما الساذجة التى تقدم الحد الأقصى من السطحية فى رسم الشخصيات، ومن المبالغة فى تحديد تحولاتها ونهايتها، بالإضافة إلى الركاكة فى عناصر التنفيذ.
ويبدو أن صناع الفيلم اعتقدوا أنه مجرد مناقشة أمور مسكوت عنها يكفى وحده لجذب المتفرج خاصة أن الرقابة تكفلت بالباقى فوضعت عرض الفيلم تحت لافتة "للكبار فقط" مع أن أحداثه اللامعقولة لا يمكن أن يصدقها سوى الصغار.. فقط.
لدينا مجموعة من العلاقات محورها المشاكل الجنسية أو العلاقات الحميمة فى الفراش اولها، "إيهاب" (باسم سمرة) الذي أصيب بورم فى المخ جعله يترك حبيبته "سلمى" (علا غانم)، ولكنها لم تنس ذكرياتها الجنسية معه رغم زواجها من "أحمد" (إدوارد) وانجابها طفلاً وطفلة.
واخفى "إيهاب"عن "سلمى" حقيقة مرضه - مثل أفلام الميلودراما الرديئة - ، وبدلاً من إجراء عملية قرر الهرب إلى الملاهى مع صديقه "مجدى" (أحمد عزمى)، واختار أن تكون له عشيقة هى الراقصة "نور" (ماريا).
"سلمى" من ناحيتها تستيقظ فجأة بعد سبع سنوات من زواجها لتطلب الطلاق من زوجها الذى يسقط بدوره فى علاقة جنسية مع سكرتيرته "هند" (إيناس النجار).
ومن شخصيات الفيلم أيضًا "إلهام" (راندا البحيرى) زوجة مجدى التى يتهمها زوجها بالبرود الجنسى فى حين تتهمه هى عن حق بتعدد علاقاته مع العاهرات.
ولدينا أيضًا "داليا" (مروى) صديقة "سلمى" التى تخون زوجها لأنه يبحث عن لذته فقط دون مراعاة لاحتياجاتها الجنسية.
المشكلات كلها رؤوس موضوعات لمتاعب حقيقية قد تجدها على شاشات الفضائيات، ولكنها مقدمة في الفيلم بسطحية شديدة، وعن طريق شخصيات لا نعلم عنها الكثير لدرجة أننا لا نعرف ما هي وظائفهم؟.
وبالطبع لا وجود لأى أبعاد نفسية للشخصيات، بالإضافة إلى بعض الوقائع اللامعقولة كأن يتعايش شاب مع ورم فى المخ لسبع سنوات كاملة قبل أن يموت فى النهاية فى عملية جراحية.
والأسوأ من كل ذلك ركاكة الحوار الذى يبعث على الضحك لمباشرته وسذاجته.
أما خاتمة الأحداث فهى نهايات أخلاقية تحاول استرضاء جمهور السينما النظيفة لدرجة أن الزوجة الخائنة (مروى) تتوب وترتدى الحجاب دون أى تمهيد، كما تعود إلهام إلى زوجها "مجدى" الذى لم نشاهده إلا فى الملاهى الليلية.
كلها نهايات مصطنعة تذكرنا بنهايات بعض الأفلام التجارية فى الأربعينات من القرن العشرين.
على المستوى التقنى لم يكن الأمر أفضل كثيراً من السيناريو والحوار، المخرج "هانى جرجس فوزى" ما زال يعيش عالم السبعينات فيقدم اللقطات بالحركة البطيئة وبالأبيض والأسود، ويستخدم الكادر المائل تعبيراً عن الانحراف، ويكرر لقطات أخذ الدش تعبيراً عن حدوث اللقاء الجنسى، ويقدم أغنيات ورقصات الملاهى على طريقة الفيديو كليب.
وكانت أعجب إبداعات المخرج اختيار الأبيض والأسود لحكاية حب "سلمى" و"أحمد" فى الماضى رغم أنها مشبوبة بالعاطفة.
أما الممثلون فكان أفضلهم علا غانم وباسم سمرة وأسوأهم "ماريا" و"مروى" حيث لا علاقة لهما بفن التمثيل على الإطلاق!.