ينتمي المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة لإحدي عائلات محافظة البحيرة، التي ترجع أصولها إلي قبائل أولاد علي، ولد في فبراير عام ١٩٣٠ بقرية زهور الأمراء بمركز الدلنجات بالبحيرة، والتحق بالكلية الحربية بعد إكمال دراسته الثانوية وتخرج فيها عام ١٩٤٩،
ثم حصل علي إجازة من أكاديمية ستالين بالاتحاد السوفيتي عام ١٩٦١، كما تخرج أيضاً في أكاديمية الحرب بأكاديمية ناصر العسكرية العليا بالقاهرة، فضلاً عن حصوله علي بكالوريوس التجارة وماجستير إدارة الأعمال من جامعة القاهرة
وفي الفترة من ١٩٥٧ و١٩٦١ سافر أبوغزالة إلي الاتحاد السوفيتي، مما سيجعله فيما بعد محسوباً علي التيار الشرقي، وحصل هناك علي إجازة القادة للتشكيلات المدفعية من أكاديمية ستالين، وعقب عودته من روسيا عمل مدرساً بمعهد المدفعية ثم تولي رئاسة فرع التعليم بالمعهد إبان حرب ١٩٦٧، وهي الحرب الوحيدة في تاريخ مصر الحديث التي لم يشارك فيها أبوغزالة،
نظراً لتواجده بالمنطقة الغربية أثناء الحرب وانقطاع الاتصال بينه وبين قيادته ليعود بعد ذلك ويفاجأ بالهزيمة، إلا أن الرئيس جمال عبدالناصر اختاره بعد أيام من النكسة، وبالتحديد في ٢٧ يونيو، ليكون مديراً للمخابرات الحربية، وفي العام نفسه عين ملحقاً عسكرياً لمصر في الولايات المتحدة
أثناء تواجده في أمريكا حصل أبوغزالة علي دبلوم الشرف من كلية الحرب الأمريكية، ليكون بذلك أول شخص غير أمريكي يحصل علي هذا الدبلوم، وفي حرب أكتوبر، شغل منصب قائد مدفعية الجيش الثاني، ثم تولي رئاسة أركان المدفعية، فرئيساً لأركان حرب القوات المسلحة في ١٩٨٠،
وفي مستهل أكتوبر ١٩٨١ وقبل اغتيال السادات بأيام قليلة، وافق المؤتمر الثاني للحزب الوطني علي تعيينه عضواً بالمكتب السياسي للحزب، ليكون بعد ذلك وزيراً للدفاع والإنتاج الحربي في الوزارة المصرية، التي تشكلت برئاسة حسني مبارك، خاصة بعد وفاة وزير الدفاع الأسبق الفريق أحمد بدوي في حادث سقوط طائرة هليكوبتر، وحصل بعد ذلك علي رتبة مشير
وفي سبتبمر ١٩٨٥، تم تعيين أبوغزالة نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للدفاع والإنتاج الحربي في وزارة علي لطفي، وظل في هذا المنصب حتي عام ١٩٨٩، ليعين بعد ذلك مساعداً لرئيس الجمهورية، وهو المنصب الذي لن يدوم طويلاً، فبعد ثلاثة أشهر، يتم إعلان خبر إقالة المشير أبوغزالة من منصبه، في واقعة اكتنفها الغموض
ولم يكن المشير مجرد قائد عسكري ناجح، استطاع أن يتدرج إلي أعلي المناصب نتيجة ذكائه الشديد وقدرته الفائقة علي التعامل مع المواقف والآخرين، بل كان موسوعة علمية متعددة المواهب حيث كان لديه مخزون ثقافي وافر يصعب حصره
وقد أخرج أبوغزالة هذا المخزون الثقافي في العديد من المؤلفات فأعباء المناصب التي تولاها لم تمنعه من الكتابة بل إنه قام بترجمة العديد من الكتب، وكان قد ألف كتباً عن المصطلحات العسكرية وعن فنون الحرب وعن الانتصارات العربية في صدر الإسلام وعن الحرب العراقية - الإيرانية.
ومن أهم مؤلفاته تاريخ «فن الحرب» (أربعة أجزاء)، وهي عمل موسوعي رفيع المستوي، ودراسته الرائعة التي حلل فيها حرب الصحراء ومؤلفه عن حرب الخليج الثانية وعلاقتها بالأمن القومي، فضلاً عن مؤلفه «وانطلقت المدافع عند الظهيرة» الذي يتحدث فيه عن دور المدفعية المصرية التاريخي في حرب أكتوبر ١٩٧٣.
وحرصاً منه علي مواكبة العرب روح وتقنيات العصر، قام المشير أبوغزالة بترجمة عدة كتب منها كتاب عن استخدام الطرق الرياضية في الحرب الحديثة، وكتاب «بعد العاصفة»، بالإضافة إلي الترجمة الشهيرة للكتاب القيم «الحرب وضد الحرب» الذي يتحدث عن أسرار وعوامل البقاء في القرن الواحد والعشرين
كما وضع المشير «أبوغزالة» مقدمة موجزة لكتاب «نصر بلا حرب» الذي ألفه الرئيس الأمريكي السابق «نيكسون» بعد أن فهم حقيقة الكتاب.
كان أبوغزالة معروفاً بالتواضع وحبه الشديد لجنوده حيث قدم العديد من المساعدات ولجنود الصف والضباط واهتم بمظهر ومكانة الجندي المصري ومدي أهميته من أجل حماية الوطن. عمل علي تطوير مدرسة المدفعية في ألماظة وكان يشارك الجنود في لعب كرة القدم حين كان رئيساً لأركان المدفعية.
يقول اللواء حسن طه حسن خليفة، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن المشير أبوغزالة يمكن وصفه في ثلاث كلمات «راجل ابن بلد»، وأضاف طه أنه تعرف علي المشير أبوغزالة عندما كان لايزال عقيداً في مدفعية الجيش الثاني في أواخر الستينيات، مشيراً إلي أن «أبوغزالة» ظل ذلك الرجل البسيط المتواضع ولم تتغير أي صفة من صفات شخصيته، حتي بعد أن أصبح مشيراً، بل علي العكس كان أكثر تواضعاً.
وأوضح طه أن «أبوغزالة» كان معروفاً بين أفراد القوات المسلحة بأنه خدوم، وكان يتعامل معهم من منظور أنه أب لهم وليس القائد العام.
وعما تردد أثناء حياة «أبوغزالة» من تعاظم نفوذه الزائد وتأثير ذلك علي إقالته، أكد طه أن «أبوغزالة» كان أكبر بكثير من أن يطمع في مناصب عليا، فالرجل الذي يتبسط مع الناس ويحدثهم عن جهوده لتوفير سبل حياتهم لا يفكر إلا في مصلحة أبنائه بالقوات المسلحة، وهذا ما جعل شعبيته في تزايد مستمر.
وتطرق اللواء إلي أن إنسانية وأخلاق وقيم المشير «أبوغزالة» لاتزال موجودة حتي اليوم في أولاده وأحفاده، إذ أن أحد أبناء المشير يعد بمثابة الصديق والابن له، ليؤكد فعلاً أنه خير خلف لخير سلف
رحم الله المشير محمد عبد الحليم ابو غزاله
رجل تمنى الشعب كله ان يكون هو زعيمه
لكن اراده الله
رحمه الله عليك يا زعيمنا