كانت ليلة أمس الأول في منشية ناصر «الدويقة» استثنائية ومليئة بالأحزان مثل صباحها الذي شهد انهيار جبل المقطم فوق رؤوس الأهالي النائمين في نهار رمضاني «كسول».. الكل يصرخ طالبًا كلب إنقاذ بوليسي ليكشف عن مكان أسرته أو حتي جثثهم الراقدة تحت آلاف الأطنان من الحجارة. بعضهم كان أقصي حلمه مثقاب لحفر الصخر بعدما وقف عاجزًا هو و«الحكومة» أمام ما كان بيتًا في الماضي لأخته وبناتها الخمس.
علي سفح الجبل المنهار كانت تقف منازل أخري ينتظر ساكنوها دورهم في السقوط بعضهم ينظر إلي الأسفل حيث الكتل الصخرية الراقدة فوق المنازل.. «الموت أحسن من الحياة اللي عايشنها» كما قال أحدهم: «فشلت الدولة في الإنقاذ وغابت المعارضة والأحزاب لكن حضر ناشطون ومتطوعون» قال نجاد البرعي الناشط الحقوقي الذي حضر ومعه آخرون للمشاركة في توزيع المياه علي الأهالي الذين استمروا طوال الليل يجاهدون في عمليات الإنقاذ «البدائية» مع جهاز الدفاع المدني
عقب الإفطار ملأت علب الطعام الفارغة وبقاياه الكتل الصخيرة وتناثرت مولدات الكهرباء والكشافات الأهلية والحكومية علي الصخور واستمر المتطوعون من أهالي المنطقة والناشطون في توزيع زجاجات المياه علي الأهالي الذين يسعون لحفر الصخر، ما ان يصل أحدهم إلي سقف المنزل حتي يشعر بالانتصار ويسرع إلي رجال الدفاع المدني المنتشرين يطلب «عتلة» لرفع السقف المنهار أو كلب إنقاذ بوليسي حتي يصل إلي جثث أهله،
محمود عمر أحد أهالي الدويقة يسكن بجوار شريط السكة الحديد سمع بخبر الانهيار من شقيقه الثاني الذي طلب منه سرعة الحضور لإنقاذ زوجة أخيهم وأولادها الستة الذين وقعت الحجارة فوق رؤوسهم، نجح محمود في الوصول إلي سقف المنزل، جري مسرعًا ليطلب «عتلة» لرفع السقف ولم يجد أمامه إلا «عتلة» أحد رجال الدفاع المدني حاول خطفها من يده إلا أنه تمسك بها قائلاً «دي عهدة اتحاكم عليها لو ضاعت» صرخ فيه «أنا عايز ألحق مرات أخويا» وتشابك الاثنان
تسبب التأخر في إنقاذ الضحايا في إثارة حالة من السخط بين الأهالي وبعض رجال الدفاع المدني مما أدي إلي إحضار قوات الأمن المركزي للسيطرة علي بعض ممن اشتبكوا مع رجال الدفاع المدني، الأهالي حمّلوا الحكومة المسؤولية لكن القيادات الأمنية ردت عليهم «إنتم صادر لكم قرارات اخلاء وإزالة منذ عام ١٩٩٤ ولم تنفذوها حتي الآن».
الكل كان يسأل متي تأتي معدات الإنقاذ الثقيلة، ما الذي يحتجزها؟، رد أحد قيادات الدفاع المدني - رفض ذكر اسمه - قائلاً «كانت تجري مفاضلة بين هدم مسجد أو ٤ منازل للأهالي حتي تستطيع الأوناش والجرفات الدخول إلي مكان الحادث، وتم استصدار أمر إزالة من الإدارة الهندسية إلا أن الأهالي رفضوا اخلاءه رغم حصولهم علي وعد بشقق سكنية في مشروع «سوزان مبارك» مما استدعي تدخل الشرطة لإجبارهم علي إخلاء بيوتهم
محمد السيد ناصر، أحد أصحاب المنازل التي تم اخلاؤها، قال لـ «المصري اليوم» سلمونا جواب وقالوا بعد ٣ أيام هنستلم شقق مش عارفين نصدقهم ولا لأ».
يقيم علي محمد السيد داخل منزل محمد السيد ناصر في إحدي الغرف وتشترك أسرته في حمام واحد مع أسرة ناصر قال «حياتنا كرب كلها ومش ناقصين، يارب ننتقل من هنا، الحيوانات عايشة أحسن مننا
الكل يسأل عن نواب مجلس الشعب الذين يمثلون الدائرة (محمد إبراهيم سليمان وحيدر بغدادي) «لم نشاهدهما إلا في التليفزيون لم يحضر أحد منهما إلي مكان الحادث حتي الآن
في الواحدة والنصف ليلاً حضر حيدر بغدادي وتفقد مكان الحادث التف حوله الأهالي وسألوه عما يفعلون فأجابهم «الحمد لله وفرنا ١٣٠٠ شقة في إسكان سوزان مبارك حتي الآن».
في الثانية ليلاً استلقي رجال الدفاع المدني أمام المنازل للاستراحة قبل معاودة البحث عن المفقودين بينما استمر ناشطون في جمع زجاجات المياه الفارغة لإعادة ملئها في حين جلس كل الأهالي أمام منازلهم وأخرج بعضهم مراوح وأكواب شاي وجلسوا يشاهدون التليفزيون بينما يتابعون الحادث علي الهواء مباشرة
بمرور الوقت بدأ بعض الجثث في الظهور وما ان ينجح المنقبون في الوصول إلي جثة يجري بعضهم ليوسع الطريق للموكب المكون من حمالة إسعاف يحملها اثنان من الأمام والخلف، يجرون بسرعة بينما تشيح نساء بوجوههن حتي لا يشاهدن الموتي ويقف الرجال علي جانبي الطريق يلوحون بسبابتهم مرددين لا إله إلا الله 0
000000000000000000
قولو جميعا معى ---لا اله الا الله========لا اله الا الله