ولاد العم) .. اكشن مبهر وسيناريو متواضع
كريم عبد العزيز
12/28/2009 7:28:00 PM
- تحتاج أفلام الجاسوسية إلى مهارة خاصة فى صناعة بناء شائق وسيناريو متماسك، كما تحتاج إلى ذكاء أكبر فى تقديم رسائل سياسية بشكل غير مباشر حتى لا يتحول الفيلم إلى خطب وشعارات.
وفيلم "ولاد العم" الذى كتبه عمرو سمير عاطف فى أولى تجاربه للسنيما وأخرجه شريف عرفة يفتقد مع الأسف للأمرين، ولذلك جاءت النتيجة باهتة وحافلة بالثغرات والملاحظات، ووقع الفيلم بسهولة فى فخ المواقف الساذجة والحوارات المباشرة، وبدأ الصراع بين الشخصيات أقرب إلى صراع أبطال القصص المصورة التى يقرؤها المراهقون بشغف، وينسونها مع قراءة قصة جديدة.
لدينا ثلاث شخصيات أساسية يفترض أن تدير الأحداث: رجل المخابرات الإسرائيلى "دانيال" (شريف منير) الذى عاش فى مصر كرجل للبنوك، والذى تزوج من مصرية مسلمة وأنجب منها طفلين (!!)، واتخذ اسمًا آخر لسنوات هو "عزت".
والشخصية الثانية هى "سلوى" (منى زكى) زوجته المخدوعة التى تجد نفسها مع طفلين فى قلب "تل أبيب" بعد أن هرب بها زوجها عميل الموساد من مصر.
أما الشخصية الثالثة فهو ضابط المخابرات المصرى "مصطفى" (كريم عبد العزيز) الذى سيكلف بإعادة الزوجة المصرية إلى وطنها، والانتقام من زوجها العميل.
وبدلاً من أن تتقطع الأنفاس فى متابعة صراع ذكى وساخن بين المخابرات المصرية والاسرائيلية فى قلب إسرائيل، فإن الأمر تحول إلى صراع هزيل وساذج ولا يمكن تصديقه لدرجة أن "مصطفى" سينجح فى دخول مبنى "الموساد"، بسهولة وكأنه يزور إحدى المؤسسات الحكومية المصرية، وسيبدو ضابط المخابرات المصرى محدود القدرات فى مقابل الضابط الإسرائيلى الذى ينجح فى استدراجه وتعذيبه.
أما مقابلات الضابط المصرى مع الزوجة المخطوفة فهى تتم بطريقة تقليدية، ولا ينجح أحد فى اكتشافها رغم أن الزوجة مراقبة طوال اليوم من زوجها ضابط المخابرات الشرس!
ورغم أن الصراع الأساسى فى الفيلم بين الضابط المصرى والضابط الاسرائيلى فإنه يتأخر حتى الثلث الخير من الأحداث، وسنستغرق وقتًا معتبرًا فى التمهيد للمواجهة بدخول "مصطفى" كعامل بناء إلى إسرائيل، وتعرّفه على يهودى مصرى يمتلك أجزاخانة ويرفض الصهيونية، وتعّرفه أيضًا على فدائية فلسطينية تدعى "دارين"، ونجاحه فى منعها من تفجير نفسها فى إحدى النوادى الليلية.
ومن خلال حوادث خطابية مباشرة يبدى الضابط "مصطفى" تعاطفه مع الفلسطينية، وانتقاده للهلوكوست الذى يمارس ضدهم، بل إنه يدخل فى معركة عنيفة ضد الإسرائيليين الذين يرفضون عمله فى الأجزاخانة، وكلها تصرفات لا تليق بضابط مخابرات لابد أن ينجز عمله فى هدوء وفى سريَّة.
وفى الوقت الذى يلجأ فيه "مصطفى" إلى جاسوس مصرى آخر فى تل أبيب لمساعدته، وفى الوقت الذى يسقط بسذاجة فى الفخ الذى نصبه له "دانيال" فيقبض على "مصطفى" ويعذبه، فإن "دانيال" يبدو شديد الشراسة ومستعدًا للتضحية بكل شئ من أجل إسرائيل.
ورغم أن الحيل المتبادلة كانت ساذجة من الطرفين فإن ما فعله "مصطفى" فى "تل أبيب" كان هزيلاً حقًا لدرجة أن الفيلم لا ينتهى بعودة "سلوى" وطفليها إلى مصر.
على مستوى التنفيذ، "حاول شريف عرفة" أن يعتمد على الإبهار وعلى براعة اختيار أماكن التصوير، واتقانه تنفيذ مشاهد المطاردات، ولكن كل ذلك لم يستطع سد ثغرات السيناريو المتواضع.
مشاهد "تل أبيب" كانت مقنعة وجميلة وكأن صناع الفيلم يدعون الشباب - دون قصد للهجرة إليها.
وتميزت أيضًا ديكورات "فوزى العوامرى" وموسيقى "عمر خيرت" التى كانت أقوى من المشاهد وعبرت عن انفعالات معقدة.
فى حين قدم "كريم عبدالعزيز" و"شريف منير" دوريهما بمنطق رجال العصابات لا رجال المخابرات الأذكياء!