الرجل.. آدم.. أول الخلق، من سجدت له الملائكة وتعاطف معه برومثيوس، فسلمه قبسا من النار دون علم الآلهة واستحق عذاباً أبدياً على ذلك.
الرجل، العمود الفقرى لأى مجتمع، والراعى الرسمى للأسرة، صانع الحضارات ومبتكر الاختراعات ومبدع الفنون وحامل السلاح فى الحرب وغصن الزيتون فى السلم.
الرجل هذا الكائن الأسطورى، له كل الحق فى الإحساس بالتعالى على هذا الكائن الهش الضعيف المسمى «امرأة».
فماذا فعلت المرأة لتربط كونها بكونه وعالمها بعالمه؟ بقيت ما يقرب من ستة آلاف عام لا تقدم للإنسانية سوى هذا الرجل «ابنا وزوجا وأبا» تساعده على البقاء وتمهد له الطريق إلى المجد، وتسعدها مقولة «وراء كل عظيم امرأة».
أحسد الرجل على قدرته على النسيان.. نسيان من كانت بأمسه الرحم الذى يحمى والثدى الذى يطعم والحضن الذى يسكن الخوف، والعطاء الذى يدفع ثمن كل الأخطاء ويدارى كل العيوب، وفى يومه ينسى الرجل الفم الذى اشتهاه والجسد الذى اكتشف بين ثنياه معنى الحياة، وفى غده سينسى من ستكون ظله وستمسك له بعكاكيز الزمن ليتكئ عليها.
آفة الرجل ومصدر قوته: النسيان، وربما ذلك ما دفع الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمى لأن تصدر أحدث كتبها بعنوان «نسيان. كوم»، وهو مجموعة من النصائح للنساء ليتعلمن كيف ينسين الرجل بدأته بجملة جعلتها شعارا «أحبيه كما لم تحب امرأة وانسيه كما ينسى الرجال» فى الكتاب تعريف لطيف للرجولة أجد من المفيد ذكره: «الرجولة وجدت لتعطى لا لتؤذى، لتبنى وتحبّ وتهب، الرجولة.. فى تعريفها الأجمل، تختصرها مقولة كاتب فرنسى: (الرجل الحقيقى ليس من يغرى أكثر من امرأة، بل الذى يغرى امرأة أكثر من مرّة).
الرجولة هى التى تؤمن بأنّ العذاب ليس قدر المحبّين، ولا الدمار ممرًّا حتميًّا لكلّ حبّ، ولا كلّ امرأة يمكن تعويضها بأخرى، وأنّ النضال من أجل الفوز بقلب امرأة والحفاظ عليه مدى العمر هو أكبر قضايا الرجل».
لماذا لا تتعود المرأة على النسيان؟ لماذا تظل حبيسة الذكرى مقيدة بالذكريات، لماذا وحدها تتحمل وزر علاقة مهجورة وفاشلة، لماذا تسبق سعادته سعادتها، ورضاه عنها رضاها عن نفسها وثقته فيها ثقتها فى نفسها؟
نجحت المرأة فى تغير نظرة المجتمع إليها ولكنها فشلت فى تغير بعض عاداتها، خاصة تلك المرتبطة بالرجل وعلاقتها به، مازالت أكثر ما ترجوه حبه وما تطلبه رضاه.
يقولون إن المرأة خلقت من ضلع الرجل، ولذا تشعر دائما أنها جزء منه، فى حين يشعر الرجل أنه الكل بالنسبة للمرأة. الدموع التى تزرفها المرأة المهجورة من رجل تفوق دموع المرأة حين ترفت من العمل أو ترسب فى امتحان أو يسرق منها سوار ثمين. يقال إن الإنسان سمى إنسانا لأنه ينسى، فالنسيان فعل إنسانى أصيل، استخدمه الرجل كثيرا ونجح فيه أكثر، والآن جاء دور المرأة.. تحررى من أسر الرجل، تحررى بالنسيان.