«المؤمن القوى» أحب إلى الله سبحانه وتعالى من «المؤمن الضعيف»، لكن مع الأسف «المؤمن الغنى» أحب إلى الناس من «المؤمن المريض»، فالأول يحملّهم بالهدايا فى الإياب والثانى يحملون له الهدايا فى الذهاب والزبون دائماً على حق لكن الراكب ليس دائما على كرسى، وبين رحلتى الذهاب والإياب لم تقصر هيئة السكك الحديد فهى ترسل جدولاً أسبوعياً إلى التليفزيون بمواعيد وأماكن الحوادث ليذيعه مع نشرة الأحوال الجوية..
لكن هناك «تقصير» فى بنطلون بعض المذيعين.. وإعلامنا «رائد» ومعلق «نسر» ومن المنتظر بعد التطوير أن يترقى «مقدم» وينتقل إلى «مصلحة السجون»، والريادة الإعلامية هى أن تجتمع الفضائيات العربية والأجنبية فى التاسعة من مساء «السبت» عند قرية «العياط» لمتابعة حادث القطار، بينما القناة الأولى يغنى فيها «مدحت صالح» والقناة الثانية يستضيف فيها الأستاذ «محمود سعد» واحد ضايعة محفظته وطالع له «دمَّل».. تتساءل الـ BBC من موقع الحادث عن عدد المحشورين داخل العربات ويستمر «محمود سعد» فى سؤال الضيف (هيه المحفظة فيها كام؟!)،
وتتساءل قناة «المحور» عن أسباب الحادث بينما محمود سعد يفاجأ الضيف (تفتكر مين اللى أخذ المحفظة؟!)، وتمر الدقائق ببطء ويرخى الليل سدوله وتعلو آهات الجرحى ويتناثر القتلى على جانبى الطريق، وتقترب كاميرا «الحياة» من العربات لنشاهد العمال يشقون الحديد فى محاولة لفتح الباب، بينما تقترب كاميرا الحكومة من رأس الضيف ويسأله محمود سعد (ما حاولتش تفتح الدمَّل ده قبل كده؟) فيرد الضيف (لا يا أفندم عمره ما انضرب فيه مفك ولسه بورق الفابريكة)، ويستمر «مدحت صالح» فى «الغناء» ويستمر التليفزيون فى «الغباء» ويستمر المصريون فى «الفناء» على أيدى حزب مصمم أن من يملك معرض سيارات يصلح وزيراً للنقل، ومن يملك محل خراطيم يصلح وزيراً للرى،
ومن يربى فراخ يصلح وزيراً للتربية.. فما هو الفرق بين إرهاب يرقص على ضحايا «الأقصر» وحكومة تغنى على ضحايا «العياط»؟.. زمان ركب «النحاس باشا» ورفاقه قطاراً من محطة مصر متجهاً إلى مؤتمر جماهيرى فى طنطا فأمر رئيس الوزراء «إسماعيل صدقى» بفك الجرار عن القطار وظل النحاس ساعات طويلة ينتظر تحرك القطار دون جدوى، وعندما اكتشفوا اللعبة وعاتبوا صدقى باشا قال (أنا خايف عليكم من الحوادث) وهو اقتراح وجيه من الممكن أن نأخذ به و«نشيل» الجرار لمنع الحوادث و«نحتفظ» بالوزير