كتاب جديد لرحالة سويسري يكشف طبائع المصريين من خلال امثالهم الشعبية الشارع المصرى - أ ف ب
7/26/2009 11:15:00 AM
- المصري هو المصري .. بخفة ظله وسخريته اللاذعة وخنوعه للحكام وصبره على البلاوي وحكمته وايمانه الراسخ بالله، وعدم ثقته في الحكومة - أي حكومة -.
هذا ما تؤكده الأمثال التي كان يرددها المصريون قبل أكثر من 800 سنة، ولا يزال بعضها يجري على ألسنة الناس حتى الآن، ويتضمنها الكتاب الذي أصدرته الهيئة العامة للكتاب في طبعة رابعة للمستشرق السويسري الشهير جون لويس بوركهارت، تحت عنوان "العادات والتقاليد المصرية من الأمثال الشعبية في عهد
محمد علي".
والكتاب ترجمه "بوركهارت" واستوحى معظم مادته، والأمثال الواردة فيه من كتاب "العادات والتقاليد عند المصريين المحدثين لشرف الدين بن أسد".. وهو عبارة عن نسخة وحيدة تعد أقدم مجموعة أمثال شعبية مصرية، وتعود إلى القرن السابع الهجرى، والنص الأصلى مفقود، ويعتقد أن المخطوط موجود فى مكتبة جامعة كامبريدج ضمن مجموعته المخطوطة التى كانت تضم 300 مخطوطة عربية ".
ولما كان بوركهارت لم يقدم أية معلومات حول هذا المخطوط أو المؤلف – المعلومة التى أوردها فى المقدمة في سطر عن شرف الدين انتقلت اليه بطريق السمع ولم يستطع لظروفه الصحية أن يتحقق من صدقها – فقد تطرق الشك إلى مترجم ومحقق الكتاب د.ابراهيم أحمد شعلان خاصة وأن "بوركهارت" كان يعانى من وطأة المرض الذي أودى بحياته عندما أرسل هذه المجموعة للجمعية الأفريقية، ولذلك فقد أعاد المترجم المصري النظر في كل ما ذكره بوركهارت.
والكتاب عبارة عن مخطوط فى الأمثال الشعبية المصرية من العصر الوسيط، وهذا المخطوط يسبق مجموعة أمثال "الكشكول" للعام 1083هـ بأكثر من ثلاثة قرون.
وأمضى بوكهارت في مصر خمس سنوات و 21 يوماً فى ترحال دائم، وكان على وعى كامل بأنه يسير في المجهول، فقد أجبرته الظروف فى احدى المرات أن يقوم ببيع المسابح، ويحكي بوكهارت بنفسه عن تلك الواقعة فيقول: "اضطررت أن أحذوا حذو رفاقى فطفت بالبيوت أعرض على أصحابها مسابح من خرز بسعر أربع حفن من الذرة للمسبحة وجنيت من وراء هذه الطريقة ربحا قدره 60% من الثمن الأصلى".
وتابع: "وفى عصر يوم كنت أنادى على مسابحي فأقبل فقيه وسألني هل اقرأ القرآن؟ فقلت نعم فطلب إلى أن اتبعه إلى بيت قد أصيب فيه غذاء طيباً، وذهبت معه وشاركت الناس الترتيل على قريب لهم مات حديثاً وكان هناك عدد من الفقهاء يقرأون القرآن بصوت خافت، وفيما أنا استأذن رب البيت الكريم في الرحيل نفحني بعض ضلوع من اللحم المشوي لعشائي".
ودخل بوركهارت مصر وقت أن كان محمد على قد عين نفسه حاكماً على مصر، ومن خلال تقارير بوركهارت نتبين أنه كان له موقف واضح من سياسة محمد على علماً بأنه كان يتمتع بحمايته وكان يحمل توصية منه ومن ابنه ابراهيم باشا ساعدته كثيراً في رحلاته إلى بلاد النوبة والسودان.
وعلى الرغم من احتضان محمد علي لهذا الرحالة الشاب إلا أنه لم يكن يأمن بسذاجة لهذا الأوروبي الذي كان على صلة بانجلترا خصمه اللدود والتي كانت تحوم حول مصر للاستيلاء عليها، وكان لدى محمد علي وعي تام بهذا الاتجاه الانجليزى ولهذا فقد أراد في وقت ما أن يختبر إسلام هذا الشاب فدفع باثنين من أكبر علماء الحجاز في ذلك الوقت ليمتحناه وليعرفا مدى علمه بالقرآن ومبلغ فهمه للشريعة الإسلامية وكانت النتيجة اقتناع الممتحنين بصحة إسلامه، حيث اهتم بوركهارت بثورة الوهابيين في الصحراء.
وكانت علاقة بوركهارت بمحمد علي تثير الاهتمام فقد وصف هذا الحاكم القوي لمصر كرجل داهية عنيف يتميز بروح فكاهة لاذعة.
وعدد أمثال هذا الكتاب كما سجلها بوركهارت تبلغ 782 مثلاً، سجلها بحروفها العربية ثم صاغ معنى كل مثل بالانجليزية وانتقل إلى شرح المثل لغويا وأدبياً واجتماعياً.