Admin Admin
عدد الرسائل : 1869 تاريخ التسجيل : 29/05/2008
| موضوع: رعب غرفة نهاية الممر (الجزء الاول) الإثنين 15 يونيو - 7:12 | |
| يقول السيد "كريم": تريد قصة مخيفة.. حسن، سأحكي لك واحدة.. * * * "هذه الأوراق عثروا عليها بعد أن انتشلوا أحد الغواصات البريطانية التي غرقت إبان الحرب العالمية الثانية، كتبها أحد من كانوا داخل الغواصة، ولم يقرأها أحد إلا بعد الحادث بسنوات طويلة، لكنهم لم ينشروا هذه الأوراق قط، والسبب ستعرفه حالاً.."
بهذه الكلمات بدأ السيد "كريم" حكايته، فبادلته الابتسامة الهادئة، لأقول: - لقد جذبت اهتمامي، لكني أشك أنك ستثير خوفي.. - لندع القصة حتى تجيب عليك إذن..
ثم أخرج ملفًا قديمًا مهترئًا من حقيبته التي يحمل فيها حياته كلها، وفتحه على المائدة بيننا وبدأ يقرأ.. * * * سألخص كل شيء في هذا التقرير فلا داعي للإطالة، إذ أنني لا أعتقد أن أحدًا سيقرأ هذه الأوراق على أية حال، لكنها العادة التي تدفعني للكتابة، وحين تقترب نهايتك ستعرف قيمة عاداتك القديمة.. صدقني..
أنا الرقيب "جوناثان رايتز".. لا أعرف تاريخ اليوم ولا يهمني أن أعرفه، فلا فائدة لهذا ها هنا.. تلك الرفاهيات لم يعد لها وجود على متن الغواصة "U-78".. معي هنا في قمرة القيادة كل من "كارل هانسن" و"ويليام سلانج"، وكلاهما يحمل ذات الرتبة، وذات الوعد بالموت خلال يومين أو ثلاثة على الأكثر.. فنحن الثلاثة أيها السادة، آخر من تبقى على قيد الحياة على متن الغواصة "U-78"!
القصة سهلة ولا تحتاج إلا لقليل من الاستنتاج، غواصة ألمانية اعترضت طريقنا، وأطلقت طوربيدها تجاهنا، قبل أن نتمكن من الابتعاد ما فيه الكفاية، والباقي لا يحتاج للاستنتاج بل للخيال.. أنت تسمع صرخة أحدهم يهتف أن طوربيدًا ظهر على الرادار ويتجه نحونا بسرعة، لتجد أن خلية النحل التي تدير الغواصة قد أصابها الخبال.. الكل يصرخ.. الكل يجري.. الكل يضغط على أي زر يجده.. ضوضاء تعلو بانتظام مخيف.. تمتزج أصوات الآلات بصراخ الرجال بصلوات الجميع في سيمفونية هائلة الإيقاع، ثم يرتطم الطوربيد بجسم الغواصة، لترتج روحك ذاتها في جسدك.. وفجأة تخمد كل الأصوات..
ما يحدث بعد ذلك لن يجدي معه أي خيال.. أنت لم تر مشهد المياه وهي تتدفق داخل غواصة موشكة على الغرق، ولو رأيته لمت هلعًا قبل أن تموت غرقًا، وأنا لم أرَه لكني سمعت صرخات من رأوه في القسم السفلي من الغواصة، إذ تدفق الموت عليهم بلا حساب..
كنت حينها في قمرة القيادة، لكن الصرخات كانت تدوي من حولي كأن جدران القمرة هي التي تصرخ، ولم تتوقف الصرخات إلا حين هلك آخر من في الأسفل، بينما كنّا نحن نعمل على عزل الأقسام الغارقة بمن فيها لننقذ ما يمكن إنقاذه.. لكن بعد فوات الأوان..
المياه كانت تتسرب ببطء من الأسفل إلى الأعلى، والأسوأ أن الغواصة بدأت أبطأ رحلة غرق عرفها تاريخ البحرية.. إنها اللحظة التي يكتشف فيها الناجون، أن من غرقوا في الأسفل كانوا أسعد حظًا منّا بكثير، والناجون كانوا قلة بالمناسبة..
صحيح أن الغواصة ارتطمت بالصخور لتتوقف عن رحلتها المخيفة إلى القاع، لكننا وإذ بدأنا نحصي الخسائر، انتبهنا إلى حقيقة موقفنا الجديد.. نحن لن نتمكن من الصعود، ولا نملك وسيلة اتصال صالحة بالعالم الخارجي، والمصير الوحيد الذي ينتظرنا هو الموت جوعًا في قلب المحيط البارد المظلم..
لابد أن الذين غرقوا في الأسفل يخرجون ألسنتهم لنا الآن! وهكذا بدأ الناجون في التناقص.. ومع تسرب المياه المستمر، لم يتبقَ في الغواصة مكان شبه جاف إلا قمرة القيادة والغرفة في نهاية الممر حيث نقلنا جثث الذين هلكوا بردًا وجوعًا ويأسًا..
يتناقص الناجون.. أكثر.. فأكثر.. على سطح الأرض يتركون زوجاتهم وأطفالهم وأصدقاءهم وذكرياتهم، ليموتوا هم في قلب المحيط، في غرفة في نهاية الممر في الغواصة "U- 78"..
والآن أنا أجلس مع رفيقي، لا نجد ما نفعله سوى أن نرمق الغرفة في نهاية الممر، متسائلين أينا سيدخلها أولاً، والإجابة لم تعد تشكل فارقًا.. الأخير الذي سيتبقى فينا لن يجد من ينقله..
على كل حال، أنا لا أكتب لأحكي لكم هذا كله.. أي تقرير سيكتبه السادة المسئولون الذين تركونا نهلك هنا سيفي بالغرض، إنني أكتب ما أكتبه لأحكي لكم عن الصوت الذي جاء من الغرفة في نهاية الممر!
لقد بدأ الأمر في اليوم السابق، حين كنت أشترك مع "كارل" و"ويليام" في آخر لفافة تبغ عثرنا عليها، وأنا لست من هواة التدخين، لكن من الحماقة أن أخشى على صحتي في موقفي هذا.. أذكر أن "كارل" حاول تزجية الوقت بأن يسألنا: هل سيتذكرنا أحد في الأعلى؟.. أعني على سطح الأرض.. أعتقد أن أبي سيعلق صورتي في صدر المنزل، ليريها لكل أصدقائه.. وسيفخر على الدوام بأنه أبو البطل الذي غرق في خدمة الملكة..
كانت هذه من "ويليام" مشبعة بسخرية خفية، فقلت أنا: لا أعتقد أن أحدًا سيتذكرني.. لقد كنت مثيرًا للمشاكل على الدوام..
أما أنا فواثق أن "جين" ستبكي عليّ طويلاً، وربما ستقضي ما تبقى من عمرها دون زواج، احترامًا لذكراي.. قالها "كارل" حالمًا، فمازحه "ويليام":
هذا إن لم تكن قد تزوجت فعلاً.. حينها يمكنها أن تسمي ابنها باسمك احترامًا لذكراك..
مستحيل.. "جين" تحبني أكثر مما تتخيل.. في الليلة التي وصلني فيها الاستدعاء، أخذت تبكي بحرقة حتى كادت تفقد وعيها..
وشرد بعينيه ليواصل: - "جين" هي الشيء الوحيد الذي سأفتقده على سطح الأرض..
قلت أنا متناولاً منه لفافة التبغ: أما أنا فأفتقد اليابسة ذاتها.. مازلت عاجزًا عن تصديق أن نهايتي ستأتي بهذه الصورة، جزء في عقلي لا يزال يتشبث بأمل أنني سأنجو..
إذن فأنت أحمق، ولو أردت التأكد اذهب إلى الغرفة في نهاية الممر لتعرف أنها النهاية حقًا..
أخرسنا رد "ويليام" لنعود إلى حالة الصمت التي لازمتنا في الأيام الماضية، ولم يتبقَ سوى دخان لفافة التبغ يتراقص من حولنا، قبل أن يتبدد في بطء..
إنه على حق.. لا أمل في النجاة.. لا أمل إلا إذا لجأت إلى..
في هذه اللحظة قطع الصوت حبل أفكاري.. في هذه اللحظة سمعنا الصوت أول مرة..
الصوت الذي انبعث من الغرفة في نهاية الممر، ليجمد الدماء في عروقنا، وليحيل ساعاتنا الأخيرة إلى كابوس مخيف، قائلاً: كااااااااااااااارل.. تعال إلى هنا... لقد حان موعدك.. !!!!!!!!!!!!!!!!!! * * *
"كااااااااارل... إنني أنتظر.. تعال نمرح سويًا.."
قالها الصوت القادم من الغرفة في نهاية الممر.. صوت مؤلم.. صوت ماجن.. صوت مخيف..
حتى دخان التبغ تجمد في الهواء هلعًا، فلك أن تتخيل حالنا نحن، وأن تتخيل تعبير وجه "كارل" بالذات.. لابدّ أن وجوه من رأوا المياه وهي تتدفق عليهم في الأسفل قبل أن يغرقوا لم تحمل كل هذا الشحوب..
"كاااااااارل.. تعال إلى هنا.. لقد حان موعد موتك..!"
ثم دوت ضحكة ماجنة لا يمكن أن تصدر من بشر!!.. أحرقت لفافة التبغ أنامل "ويليام" فألقاها بألم، وهو يصيح مختنقًا بالدخان: من.. من هذا؟!
أجبته وعيناي معلقتان على وجه "كارل" الشاحب: هل سمعت الصوت أنت أيضًا؟!.. أعني.. أنه موجود حقًا..
بالطبع سمعته.. لكن.. كيف؟!!
خرجت الإجابة من بين شفتي "كارل" شاردة، موجهة للفراغ: إنهم من غرقوا.. لقد عادوا لينتقموا منا..
كف عن هذا العبث.. إننا نهلوس، هذا كل ما في الأمر..
قالها "ويليام" بلا اقتناع، ثم تعلقت عيوننا جميعًا بالغرفة في نهاية الممر، حيث نقلنا جثث الموتى.. وحيث عاد الصوت يقول: - كاااااارل.. ألم أخبرك؟.. لقد أجهضت "جين" طفلك.. أجهضته بعد سفرك على الفور، كان يجب أن ترى هذا المشهد، كان يجب... كانت هناك دماء كثيرة..
هنا لم يحتمل "كارل" أكثر، فهبّ واقفًا وهو يصرخ بفزع: من هذا الشخص؟!... من أنت؟؟
فأجابته الضحكة الماجنة الرهيبة.. أيًا كان هذا الشخص، كل ما أرجوه هو ألا يأتي إلى هنا!
الأجمل يا "كارل" أنها لم تحتمل عملية الإجهاض.. "جين" نزفت بعدها حتى الموت، وبعدها رفض والدها حضور جنازتها.. لم يعد هناك ما تفتقده على سطح الأرض يا "كارل".. والآن هيا تعال..
صرخ "كارل" وقد استحال لون وجهه الشاحب إلى لون الدم: سأقتلك.. سآتي وأقتلك..
وقبل أن نتمكن من منعه، كان يعدو كالمجنون إلى الغرفة في نهاية الممر، حيث جثث الرجال وظلام المحيط.. وحين قمت لألحق به، أمسك "ويليام" بمعصمي ليمنعني، وحين نظرت إليه مستنكرًا، أجابتني عيناه عن ألف سؤال.. نعم.. لنرَ ما الذي سيجده "كارل" أولاً..
وهكذا وقفنا نرمق "كارل" الذي غاب في ظلام الممر، قبل أن يدخل الغرفة في نهاية الممر، والواقع أنه لم يدخلها فعليًا..
ما رأيته بصعوبة بسبب الظلام هو أن "كارل" بلغ باب الغرفة، ثم تكاثف الظلام حوله بصورة عجيبة، قبل أن ينجذب جسده لداخل الغرفة بسرعة لا تصدق.. شيء ما داخل الغرفة جذبه!
لم يجد "كارل" الوقت ليصرخ.. ولم أسمع صوت "كارل" ولم أرَه بعد هذه اللحظة قط.. ناديت "كارل" بتخاذل، لكنه لم يجب.. أنا أعرف أنه لم يعد على قيد الحياة ليجيب..
ومرت دقائق من الصمت الثقيل، ثم قال "ويليام": ما الذي حدث؟! لا أعرف.. هل نذهب لنرى؟! اذهب أنت.. أنا لن أبرح مكاني مهما كان السبب..
كان الهلع يشل قدرتنا على التفكير، وقبل أن نجد الوقت لنستجمع أنفسنا، كان الصوت الماجن القاسي المخيف يقول: - ويليااااااام.. إنه دورك..
شهق "ويليام" بذهول وانتفضت أنا بخوف.. إنه دور "ويليام"، وبعده يأتي دوري..
لكن "ويليام" صرخ بعصبية: تعال وخذني أيها الحقير..
أجابه الصوت في الغرفة في نهاية الممر: كف عن العبث يا "ويليام" أنا وأنت نعرف الحقيقة..
تسلل الارتباك إلى صوت "ويليام": ما.. ما الذي تقصده؟!
لقد خدعوك.. الألمان عرفوا منك كل شيء عن الغواصة ومسارها، ثم هاجموها وأنت داخلها.. كان يجب أن تتوقع هذا.. أنت تكذب!!
حقًا؟!.. "فرانز دايشتن".. أليس هذا اسم ضابط الاتصال الذي بعته الأسرار؟.. لماذا لا تأتي هنا يا "ويليام"؟!.. سنتحدث قليلاً.. وسنمرح كثيرًا..
وجلجلت الضحكة لترتج الغواصة كلها.. أما أنا فكنت في حالة صدمة كاملة..
"ويليام" جاسوس للألمان!!.. كل ما نحن فيه الآن وكل من هلكوا، وذلك المصير المخيف الذي يواجهنا.. كل هذا لأن "ويليام" خائن حقير؟!!.. لحسن حظه أنني لا أملك سلاحًا أو قدرة على القتال.. لكنه لو مات الآن سأتمكن من استغلال وسيلة الهرب الأخيرة..
وأمام نظرة الاتهام التي سددتها له، قال "ويليام": - إنه يكذب.. لا تصدقه.. - أنت.. خائن؟!! - إنه يريد خداعك.. حتى لو كنت خائنًا، فمن هو؟! وما الذي يريده منا؟!!
كنت أعرف أنه محق في هذه النقطة على الأقل، لذا قلت: ما الذي سنفعله إذن؟!
أجابني "ويليام" هامسًا: يجب أن نعرف من هو هذا الشخص أو الشيء.. ونقتله.. كيف؟!.. هل سنذهب إليه؟! إنني لا أجرؤ على فعل هذا.. لكني سأحاول أن أخدعه..
وهكذا رفع "ويليام" عقيرته صائحًا: - لماذا لا تعيد إلينا "كارل" أولاً؟.. بعدها يمكننا التحدث..
أقسم إنني لم أعرف المعنى الحقيقي لكلمة "جذل" إلا حين سمعت الصوت في الغرفة في نهاية الممر, يقول: تريدان "كارل".. لا بأس.. سأرسل لكما "كارل".. وأرسل إلينا "كارل".. ولم نتمالك نفسينا من الصراخ هلعًا مما رأيناه... * * * | |
|
نورالاسلام عضو ماسي
عدد الرسائل : 991 تاريخ التسجيل : 14/06/2009
| موضوع: رد: رعب غرفة نهاية الممر (الجزء الاول) الثلاثاء 16 يونيو - 16:02 | |
| | |
|
رنا لواء
عدد الرسائل : 1180 تاريخ التسجيل : 30/05/2008
| موضوع: رد: رعب غرفة نهاية الممر (الجزء الاول) الثلاثاء 16 يونيو - 23:34 | |
| | |
|