وذات مساء وكان الزحام على أشده جلس بجواره رجل أنيق ودار حديث بينهما وفهم سمير أن نديمه ينتظر صديقته التي جاءت تخطر كظبي رشيق نفر الجمود والوخم .. وصاح "هاتز مولار" ينادي على صديقته "جينفيف يارد" في ترحاب زائد .. وعرفها على سمير باسيلي الذي غاص في الذهول والمفاجأة.
كانت أنوثتها الطاغية تقتل، وصدرها العاري ترتج لمرآة الخلايا، وسيقانها المرمرية المثيرة تُطيّر العقل.
وعندما قامت للرقص معه .. حرقته نيران الجسد. . وألهبته أنفاسها وهي ترسل تنهداً تسلل الى عقله فأوقفه ودمر مقاومته.. وكانت يداها كالقيد تطوقان رقبته تماماً كالقيد الذي كبل به مصيره ومشواره المقبل. وعندما صحبها هانز وخرجا لم يستطع سمير صبراً.. فلاحقهما بسيل من الاتصالات التليفونية تعمدا ألا يردا عليها لبعض الوقت. . الى أن أوشك الشاب العاشق على الجنون. . فدعاه "هانز" الى شقته وجاءت "جين" كفتنة تتحرك فتتحرك معها الرغبات وتثور معلنة عن نفسها.
ترك هانز الشقة إثر مكالمة تليفونية وتمنى سمير لحظتئذ لو منحها كل غال لديه للفوز بقطرة واحدة من شهد أنوثتها.. ولكن عندما أفاضت عليه بكئوس من النشوة خارت إرادته. . وود لو لم يفق من سكرته الى الأبد.
وكانت خطة السقوط التي رسمتها الموساد أغرب من الغرابة. . فبينما كان عارياً في الفراش المستعر قالت له جين وهي تمرر المنشفة على وجهه:
أنت مصري رائع، أشعرتني بأن "للحب" مذاقات لذيذة أخرى.
أجابها في ثقة:
هذا ما تعلمته منكم.
سألته في دلال:
ألم تكن لديك صديقة في مصر؟
قطب حاجبيه وأجاب بسرعة:
لا . . لا . . الجنس في مصر يمارس بشكل متحرر في الخيال. . وفي السر فقط. والصداقة بين الجنسين لا تعرف الجنس ولكنها تضج بالكبت وتفوح منها أبخرة الرغبة.
في نعومة زائدة سألته وهي تفرك أذنه:
وماذا تقول عني أيها المصري الشقي؟
قال وهو يقبلها: أفردويت ابنة زيوس وهيرا التي ولدت من زبد الماء في بحر إيجه، وهي الان بأحضاني.
ردت وهي تحتضنه في تدلل:
لا تبالغ كثيراً!!.
ضغطها بين ذراعيه متولهاً وهو يقول:
أنت أروع فتاة عرفتها. . ولن أتركك أبداً.
تنهدت في حزن:
للأسف يا سمير . . سأتركك مضطرة خلال أيام.
لن أعيش وحيداً
انتفض منزعجاً وهو يبعد وجهها عن صدره ليتأمله:
جين ؟ ماذا تقولين؟ عندما عثرت عليك امتلكت الحياة وسأموت بدونك.
عانقته وهي تقبله في حنان بالغ:
فضلت أن أصارحك الآن قبل أن أغادر ميونيخ فجأة.
تشبث بذراعيها فتألمت وقال:
سأجيء معك حتى آخر الدنيا فلا دنيا لي سواك.
مستحيل. .
تنهد في زفرة طويلة وأردف:
سأثبت لك يا جين أن لا شيء مستحيل. .
وفي نعومة الحية قالت:
أرجوك . . أنت لا تعرف شيئاً. . فلا تضغط على أعصابي أكثر من ذلك.
هزها بين أحضانه وهو يردد:
أحبك لدرجة الجنون منذ رأيتك في البرنسيس يا أجمل برنسيس في الدنيا.
أحبك أيها المصري الأسمر "قالتها وهي تداعب شعره في ابتسامة عريضة".
مرت فترة صمت قبل أن يضيف:
تركت مصر وعندما رأيتك أحسست أنك وطن آخر. . نعم أنت الآن لي وطن وأهل وحياة . . ولن أتركك ترحلين فأغترب وأحترق.
تبدلت نبرتها الى نبرة حزن وهي تقول:
أنا أيضاً أعيش معذبة بعدما مات والدي منذ سنوات. إن الوحدة تقتلني وترهقني معاناة القتامة، لذلك فأنا أموت كل ليلة من التفكير والقلق. وبي حاجة الى صديق وحبيب يؤازرني.
تساءل:
أليس هانز صدثقاً؟
أجابت مفتعلة الصدق والألم:
لا .. إنه رئيسي في العمل وفي ذات الوقت ملكه. إنني مثل سلعة تافهة يروجونها مجاناً.
تجهم وجهه وقطب حاجبيه وهو يسألها:
من ؟ من هؤلاء الذين تقصدين؟
تلتصق به كالخائف الذي يلوذ بمن يحميه..
. . . . . . . . . . . . . . . . ؟
في لهجة جادة يعاود سؤالها:
أجيبيني من فضلك جين ..
تزداد جين التصاقاً به ويرتعش جسدها بين يديه وتهمس بصوت متهدج:
لا أستطيع . . لا أستطيع . . مستحيل أن تثق بي بعد ذلك.
في إلحاح مشوب بالعطف:
أرجوك جين .. أنا أحبك ولن أتركك أبداً. . من هؤلاء الذين تعملين معهم؟