تمضى الأيام.. وتعود ذكرى الاحتفال بمولده - صلى الله عليه وسلم - لتحيى فى النفوس إشراقة الإيمان وما فيها من ذكريات يزداد بها المؤمنون إيماناً، فلا يملون الحديث عنها فهى متجددة دائماً، يجد فيها المسلم جديداً لا يبلى وعبرة تظل معه فيتأكد الإيمان فى قلبه.. وكلما ادلهمت ظلمات الأنفس واضطربت سكينة الأفئدة، تتطلع القلوب إلى رحمة الله،
وإذا بشعاع الأمل يشرق بسنا طلعته (صلى الله عليه وسلم) فيهدى الحيارى، وأقبل الروح الأمين بهدية السماء إلى العالمين: «لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم» (التوبة - ١٢٨).
ورغم الكتب العديدة لايزال الباحثون يجدون جديداً لم يستوف فى حياة رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم)، لأن سيرته (صلى الله عليه وسلم)، كسائر سير العظماء أضيف إليها ما ليس منها إما عن حب وهوى وحسن قصد،
وإما عن سوء قصد وحقد، غير أنها تمتاز عن سير العظماء جميعهم بأن منها شيئاً كثيراً ضمنه الوحى الإلهى، وضمن حفظه القرآن المظهر لذلك، سيظل الباحثون دائبين على البحث والاستقصاء وإبراز جوانب العظمة فى سيرته (صلى الله عليه وسلم)، إلى يوم يُبعثون ووفاته (صلى الله عليه وسلم)، لم تغير شيئاً من حياته فى قلوب الملايين، وهذا هو أسمى صور الخلود.
المسلمون الآن يعرفون عن السيرة النبوية قشوراً خفيفة، لا تحرك القلوب، ولا تستثير الهمم، وهم يعظمون النبى (صلى الله عليه وسلم)، وصحابته عن تقليد موروث، ومعرفة قليلة، ويكتفون من هذا التعظيم بإجلال اللسان أو بما قلت مؤونته من عمل. ومعرفة السيرة على هذا النحو تساوى الجهل بها، لأنه من الظلم لفترة نابضة بالحياة أن تعرض فى أكفان الموتى!! ولير الناس ما يشاءون ولكن ليس من حق العميان أن يخلعوا عينى المبصر، لأنه يرى ما لا يرون.
ونحن نعيش ذكرى مولده (صلى الله عليه وسلم)، نتذكر - على سبيل المثال وليس الحصر - مقدرته (صلى الله عليه وسلم)، على التشخيص المبكر لأعراض الانحراف وتطويع الخطط لاجتثاث جذوره قبل نموها وغرس الصفات البناءة بالقدوة والسلوك - وأكرر بالقدوة والسلوك - وليس بمجرد التلقين باللسان فقط وكل عام وأنتم والأمة الإسلامية بخير