لكل مهنة قانون وعرف يتعامل به أصحابها، لكن أبناء عائلة طلبة وضعوا لأنفسهم قانونا خاصا بهم ميزهم عن غيرهم من العاملين فى مهنة المخاطر، حيث تربى أبناء عائلة طلبة بطريقة مختلفة، وشربوا من صغرهم حب الزواحف والحيوانات بصفة عامة، وتعلموا كيف يتعاملون معها ولا يخافون منها، ويتصرفون إزاء غدرها ولدغاتها بطريقة تحميهم.. فلا يحبو أحدهم إلا جوار ثعبان، ولا يطلب أحد لعبة بل يطلبون ثعابين، وقبل أن يتعلموا اللغة العربية يتعلموا لغة مهنتهم، بل لغة عائلتهم التى وضعها أجدادهم لتميزهم عن غيرهم من أبناء المنطقة والكار.
علاقة عائلة طلبة بالزواحف بدأت قبل ٣٠٠ عام - حسب رواية عميدها نصر طلبة - حيث كانوا وقتها يخرجون لصيد الزواحف، وتطورت علاقتهم بها من مجرد الصيد إلى التربية والإتجار، واستطاع عميد العائلة بمساعدة ١٣ شاباً وفتاة من العائلة هم أبناؤه وأبناء أخوته تحويل تجارتهم فى الزواحف إلى مشروع ضخم لإنشاء مزارع للزواحف خاصة المهددة بالانقراض، وإقامة متحف مفتوح لأكثر من ١٧٢ حيواناً مختلفا، ويقول: زمان كانت منطقة ٦ أكتوبر منجماً للتعابين والزواحف وياما اصطاد أبويا وجدى منها، لكن بعد الزحف العمرانى، الحيوانات هجت وكان لازم أعمل مزرعة عشان الزواحف تتكاثر عندنا هنا.
فى مزرعته فى أبو رواش اعتاد أن يجلس بين أبنائه فى المضيفة، التى زينها بصور الوزراء والمشاهير الذين زاروا مزرعته أو اقتنوا منها ثعبانًا..
ربما لا توحى أسوار المزرعة المبهجة بما يدور داخلها، فالزواحف فى كل مكان، وعميد عائلة طلبة يرفض وضع أى لافتات إعلانية تدل على وجود المزرعة أو طبيعة نشاطها، ويرى أن من يفعلون هذا - وهم كثيرون فى المنطقة - لا يوجد لديهم شيء ليقدموه: الناس اللى حاطين يفط دول، عندهم يفط لكن معندهمش مزارع وبالتالى معندهمش حيوانات، والسياح يقفوا بعربياتهم ويدخلوا يتفرجوا على شوية صور، وعلى ما يشربوا الشاى يكون صاحب المحل جاب الحيوان من عندى.
نصر حاول أن يتميز عن أبيه وجده اللذين ورث عنهما مهنته، لذا لم يعتمد على الخبرة فقط، بل أضاف إليها الدراسة، فتعلم بعض اللغات داخل الجامعة الأمريكية وسافر إلى عدد كبير من بلدان أفريقيا وأوروبا وآسيا وشارك فى كثير من المعارض واستورد أنواعًا جديدة من الزواحف وأدخلها مصر ووفر لها مناخاً للتكاثر، وبعد معرضه الأول فى فرنسا والذى أقامه قبل ٢٠ عاماً قرر أن يقيم مزرعته المفتوحة فى الغردقة لتساعد الدارسين والسياح على تعلم الحياة البرية.
مهارة أخرى تميز بها المعلم نصر وعائلته وهى حلب الثعابين فى معاهد المصل واللقاح لاستخراج سمومها واستخدامه فى صناعة الدواء، ويختلف سعر جرام السم حسب ندرة فصيلة الثعبان ومدى الطلب عليه، ويبدأ سعر جرام السم من ألف جنيه، ولا يشمل السعر تكلفة عملية الحلب: ولادنا كلهم بيعرفوا يحلبوا التعابين، وبنعلمهم إزاى يمسكوها من عمر سنتين.
أخطر الزواحف فى رأى المعلم نصر هو الكوبرا المصرية لأنها سامة جداً ومتواجدة على امتداد النيل بين الصحراء والمناطق الزراعية، والتمساح كبير الحجم المتواجد فى بحيرة ناصر.
ورغم مهارته وعائلته فإن هذا لا ينفى أن المهنة خطرة وقد تودى بحياة صاحبها، ويتذكر نصر عدد ضحاياها من عائلته: ٥ أو ٦ من ولاد العيلة ماتوا بسبب عضة تعبان، حتى أنا مرة عضنى تعبان سام فى صباعى وكنت لوحدى، وكان لازم ألحق نفسى، عشان السم مايدخلش لبقية الدم، فكسرت عضم صباعى وقطعته، لحد ما نقلونى على المستشفى وعالجونى هناك.