ابو حنفى الموضوع المميز
عدد الرسائل : 5968 تاريخ التسجيل : 18/08/2008
بطاقة الشخصية الشعراء:
| موضوع: أشواك الحب الأربعاء 26 نوفمبر - 0:01 | |
| حزن في ضوء القمر ضوء باهت من الصعب تمييز الملامح وكذلك تفاصيل المكان.. فقط صوت موسيقي ومزهرية فيها وردة حمراء تتساقط بعض وريقاتها كلما طالت لحظات الانتظار. لقد ظل يفكر طوال الليل كيف يبدو أكثر رقة.. هل يمسك يدها.. مجرد أصابعه تلامسها أم يكتفي بالصمت وتأمل هذا الوجه الملائكي الحالم الذي برقت له عيناه وخفق له قلبه حتي أصبح يتدفق في خياله كالأنهار الجارية.. يراه أمامه أينما تطلع وكيفما اتجه وتتعاقب عليه أقمار تبدأ ناقصة وتكتمل ثم تضيع وترحل وتبقي مخاوف العشق فقصص الحب غالباً ما تنتهي نهايات حزينة في ضوء القمر. هي تجري في عروقه وتتغلغل في مسامه حتي أنه يلمس أبعد خفاياها وقد اعترفت له بأنه الرجل الوحيد الذي احتل كيانها بل تشعر أن جسدها كله أفواه تناديه.. تحتاج كالمدمن الهائج أن تذوقه.. أن تشمه.. أن تلمسه ويعانقها. همس الحب والوعود يرن في أذنيه كدوي الطبول.. يطمئنه ويدفعه لاحتمال وجع الانتظار دونما قلق أو غضب حتي رآها فجأة تجلس أمامه فتهلل وجه وأصبح مثل زهرة تتفتح لأولي قطرات الندي. النادل يقدم لهما شرائح اللحم البارد وزجاجات البيرة.. كلاهما يأكل ويشرب في صمت.. لكن الصمت حيوان مفترس له عشرات الأنياب والسيوف والخناجر.. ولم تجد ما تقوله.. فتركت له ورقة زرقاء مطوية وهمت بالانصراف.. صارت الخديعة مكشوفة ومفضوحة.. كان بينهما وعد.. اتفاق وميثاق أن يظلا معاً حتي تنقضي الآجال.. لكن ها هي تقرر الهجر والترحال دونما مقدمات أو اعتذار.. تتركه وحيداً يواجه عاصفة الهزيمة والانكسار وهي تعرف جيداً أن هجرها يذبحه وربما يدفعه للانتحار. لقد أعطاها أجمل سنوات عمره تفعل بها ما تشاء وحين تشاء.. أجمل سنوات عمره وهو يصلي في محرابها خاشعاً متصوفاً متبتلاً كيفما يفعل العشاق.. لا يتعب من الحزن ومن اللهفة ومن الانتظار.. يتعب فقط من الكذب والرياء والمراوغة والنفاق وقد كذبت عليه.. استحلت مشاعره وعواطفه وأحالت حياته إلي جحيم وجعلته يشعر أنه كان غبياً مخدوعاً علي طول الخط وأن شفتاها غير مقدستين كما تصور بل إنهما وضيعتان رخيصتان تستسلمان بنذالة لكل بسمة مهما كانت زائفة. لقد هجرته لأنه فقير ليس لديه ما يشبع شراهتها.. تريد الفيلا والسيارة والملابس والمجوهرات والفتنة واللذة.. تريد رجلاً لديه ما يملأ هذه البئر المحفورة في أعماقها.. وقد طرق الحظ بابها.. رجل يكبرها بعشرين عاماً.. مع مركزه وثروته الكبر لا يعيبه فسوف يمطرها بالمال والدلال وفي هذه الأيام الصعبة يكون حلماً كبيراً أن تتزوج ثرياً ينال أسرتها شيء من خيراته وماله كي يصلح أحوالها ويؤمن أيامها ضد الفقر وذل الحاجة والعوز والحرمان. وضع الورقة جانباً عندما دق جرس الهاتف.. كانت أمها تبكي وتعتذر فقد حاولت منع الزيجة واتهمت زوجها بأنه يبيع ابنته في سوق النخاسة وأن العريس له زيجات سابقة لكنه يستغل ثراءه ويتزوج علي نية فاسدة يرتدي مسوح العفة لأنه يخشي أن يخالف الشرع وقد فتن بجمال البنت ويطلب رضي الأهل قبل رضاها ويدفع ما يطلبونه في العقد بل يزيد.. هو لا يريد أن يكمل نصف دينه بل يشتري البنت مادامت جيوبه متخمة بالمال كي يستمتع بها فترة ثم يرميها لمصيرها مثلما فعل بالأخريات.. يفعل ذلك كله في حدود الشرع.. وهي تريد مساعدته كي لا تتحمل ذنب ابنتها ولا تستطيع أن تكون نخاسة تبيعها كي تحصل علي هذا المال. تحامل علي نفسه وأسكت بداخله صوت الكرامة وكبريائه المجروح وأدار رقم هاتفها محاولاً إقناعها لكنها قالت بصوت بارد وقح إن الرجل مقتدر لديه أموال لا تأكلها النيران وفي رأسها مشروع كبير سيغير حياتها تماماً وأنها سوف تركب التيار ولا تخاف. الليلة يزيح عن قلبه الأوهام ويمزق ستر الخديعة كي تنزف جراحه الحقيقية.. لقد ظل طوال سنوات آمناً معزولاً داخل ذاته حتي عرف الحب.. الحب الذي تسكبه عرائس الفجر في الروح فترتفع وتسبح مترنمة باسم المحبوب تحرفه علي جذوع الأشجار وتحرسه شمس النهار.. الحب الذي يجعلنا نعيش في معبد النصف الملتهب من الحياة راكعين مبتهلين مصلين.. نهب أشواقنا طعاماً للنار ونحرق عواطفنا بخوراً للمعشوق كي يسمع ابتهالنا ويستجيب لندائنا.. الحب الذي يشعل التنهدات والدموع ويجعلنا نصارع الأيام ومرارة الفراق كي نخطف لحظة نودعها كل ما في جوارحنا من أشواق ملتهبة وكلانا يعرف أنه ينبغي أن يرحل قبل أن يغيب القمر.. الحب الذي لا يأتي غير مرة واحدة في العمر.. لا تمحوه عواصف الخريف ولا تميته دموع الشتاء بل يظل مثلما اللعنة تطاردنا حتي تفارق الجسد الروح. الليلة سينتهي من تمزقه وعذاباته الطويلة والمثالية الحالمة التي جعلته كالبحر الهائج لا يستقر علي وضع.. يبيت علي حال ويستيقظ علي حال وحين يتفجر الصراع بداخله يدفع الثمن وحده جنوناً وألماً وعذاباً. الليلة يدرك تماماً أنه لم يعد له زمان ولم يعد له مكان وأن ما اكتشفه لم يترك له في هذا العالم جحر يحتمي به.. سقط القناع عن وجه العالم مثلما سقط عن وجه حبيبته فبدا دميماً قبيحاً ولم يبق إلا الصلاة تلمساً للسكينة والخلاص والنجاة. يغادر البيت.. يشعر أن المدينة تغيرت وأن الناس غرباء.. كل الذين رآهم كانوا زائغي العيون شاردي الوجوه.. يتحركون وكأنهم يسيرون في نومهم.. يدخل الجامع.. يتفحص الوجوه والملامح ويغوص في النوايا.. يخيل إليه أن الجالس إلي جواره كاذب ومنافق حتي أنه يستطيع أن يشم رائحة الكذب تفوح من جلده.. يبتغي الدنيا لا الآخرة.. تقواه رياء وصلاته زلفي.. رجل أفسد إيمانه الأطماع والشهوات.. لا يذكر الله إلا لمنفعة من ثروة أو سلطة.. تماماً مثلما أفسد الجشع المجنون قلب حبيبته التي باعت الحب بأرخص الأثمان. يخرج إلي الشوارع.. يخيل إليه أنها مسكونة بالجن والعفاريت كتلك القرية التي أمرت مترفيها أن يفسدوا فيها حتي حقت عليهم اللعنة.. الموازين انقلبت في زمن يعتبر كل شيء سلعاً تباع وتشتري. البلاد تحولت إلي ملهي للفساد وسوق للتبديد والاستهلاك.. والناس كأنهم سكاري فقدوا البصائر والضمائر.. مقامات تنهار وأعراض تباع ومستشفيات تتاجر بأجساد الفقراء.. تنتزع كلاويهم بأثمان زهيدة كي تزرعها في جسد الأثرياء مقابل آلاف الدولارات.. والحظ يطرق أبواب الرعاع في زمن لئيم لا يغدق خيره إلا علي اللئام.. مئات يصعدون ويراكمون الثروات ويترحونها إلي الخارج دون أن يحصوا عدد الضحايا والخسائر التي يجلبونها وراءهم.. ومئات آخرون بدأوا يفقدون عقولهم تدريجياً يذهبون إلي المشايخ والسحرة والأضرحة والمزارات طمعاً في تعويذة تبقي علي الزوج أو تأتي للعانس بابن الحلال وتشفي العليل وترزق المحتاج.. ثم هؤلاء الباحثون في سجلاتهم القديمة عن ذكري انتصار تهدهد أوجاعهم.. ترتفع أصواتهم بأناشيد وشعارات زائفة احتجاجاً علي القهر والظلم والكذب والزور والاستبداد.. وأشجار تخلع خضرتها وتتفحم حسرة علي الفلاحين الذين باعوا أراضيهم التي ورثوها عن الأجداد ولم يقبضوا غير السراب وبحر لم يعد يهرع إلي شواطئه العشاق.. تقذف أمواجه أشياء ملعونة والناس مسعورة تتصارع وتلتهم الأشياء. لكنه أبداً لن ينحني أمام عاصفة الجشع المجنونة التي تجتاح النفوس الجائعة التي باعت القيم والمبادئ والأخلاق لأجل متاع الدنيا وما فيها.. عار أن نكذب وعار أن نخون.. عار عليكم التدليس والمكر والخداع فقد تستطيع أن تخدع بعض الوقت لكنك أبداً لا تستطيع أن تخدع طول الوقت. يحس بالاختناق ولا يجد راحة إلا في البكاء.. كان يبكي قهراً وكان يبكي غضباً.. وفي لحظة أيقن أنه سيموت.. كان يختنق ويبكي.. وفجأة مسته رعشة عذبة وهادئة فاتسع صدره وسرت فيه برودة روح النعناع فأدرك أن العناية الإلهية رقت لحاله. إنه يغتسل ويتخلص بنعومة ووداعة من الحب والرغبات والشهوات.. ومنذ تلك اللحظة التي عرف فيها نعمة الطمأنينة والرضا ما عاد يريد أن يتذكر ذلك الحب الذي كان وتلك الأيام الماضيات
عدل سابقا من قبل حسام في الأربعاء 26 نوفمبر - 2:13 عدل 1 مرات (السبب : تم التعديل لتنسيق الموضوع) | |
|
القطه باتي عضو بلاتيني
عدد الرسائل : 830 تاريخ الميلاد : 15/02/1988 العمر : 36 تاريخ التسجيل : 18/06/2008
| موضوع: رد: أشواك الحب الثلاثاء 2 ديسمبر - 19:51 | |
| مشكور ابو حنفي علي قصتك الرائعه | |
|
ماريو عضو مميز
عدد الرسائل : 885 تاريخ التسجيل : 17/10/2008
| موضوع: رد: أشواك الحب الجمعة 5 ديسمبر - 1:11 | |
| مشكور ابو حنفي علي قصتك الرائعه | |
|
سمر سيناتور
عدد الرسائل : 8530 تاريخ التسجيل : 06/08/2008
| موضوع: رد: أشواك الحب السبت 16 مايو - 23:22 | |
| شكرااااا نور على قصتك الجميله | |
|