أسدلت محكمة جنايات القاهرة أمس، الستار علي قضية «المبيدات المسرطنة»، أصدرت أحكاماً مشددة من سنة إلي ١٠ سنوات في إعادة محاكمة ١٨ متهماً، بينهم الدكتور يوسف عبدالرحمن، وكيل وزارة الزراعة السابق، رئيس البورصة الزراعية، وراندا الشامي، المستشار الفني بالبورصة الزراعية «سابقاً».
وجاءت الأحكام بعد أن كشفت التحقيقات عن تورطهم في العديد من الاتهامات وصلت إلي ١٦ اتهاماً، من بينها الموافقة علي استيراد مبيدات محظورة قانوناً «تبين أنها تسبب السرطان»، وتسجيل مبيدات لصالح بعض الشركات دون اتباع الإجراءات القانونية، واستغلال النفوذ والإضرار العمدي بالمال العام، وأخذ رشوة مالية للإخلال بواجبات وظائفهم.
عاقبت المحكمة الدكتور يوسف عبدالرحمن بالسجن المشدد ١٠ سنوات وعزله من الوظيفة لما أسند إليه في قضية «المبيدات المسرطنة»، وبرأته من تهمة اشتراكه في الإضرار العمدي بتوريد ٨٥ طناً من مبيد «السيبر كال».. كما عاقبت المتهمة الثانية راندا الشامي بالسجن المشدد ٧ سنوات وعزلها من الوظيفة لما أسند إليها، وبرأتها من تهمتي الاشتراك في تزوير تفويض صادر لصالح أحد الأشخاص ومنسوب لشركة البورصة الزراعية المصرية.
وحكم علي المتهم الثالث هاني مصطفي كمال، المدير التنفيذي للوحدة الاقتصادية التابعة لوزارة الزراعة، بالسجن ٣ سنوات وعزله من الوظيفة، وبرأته من تهمتي الإخلال بواجبات وظيفته وتهمة الإضرار العمدي بتوريد ٨٥ طناً من مبيد «السيبر كال».
وأعفت المحكمة هشام محمد نشأت مدير شركة «إن. إم. أجرو. إيجيبت» وبرأته من تهمة تزوير تفويض صادر لأحد الأشخاص، وعاقبت المتهم خالد محمد سيد مبروك، موظف بالبورصة الزراعية، بالسجن ٣ سنوات وغرمته ١٨ ألفاً و٤٠٠ جنيه لما أسند إليه من تهم، وعاقبت المتهم نبيل محمد بدوي، مدير إدارة المبيدات بالبورصة، بالسجن ٣ سنوات وغرمته ٨ آلاف جنيه.
كما عاقبت المحكمة كلاً من المتهمين محمد فتحي السيد مقلد، رئيس بحوث متفرغ بالمعمل المركزي للمبيدات، وإمام عبدالمبدي عبدالرحيم السيد، أستاذ الكيمياء بكلية الزراعة جامعة القاهرة، ومقرر مكتب تسجيل المبيدات بالسجن ٣ سنوات وعزلهما من الوظيفة، والمتهمين محمد فوزي أحمد، باحث بالمعمل المركزي للمبيدات، وعبدالعظيم محمد الجمال، أستاذ بمعهد بحوث وقاية النباتات، وعبدالعزيز أبوالعلا خضر، رئيس المعهد، ويحيي سيد إبراهيم، باحث أول بالمعمل المركزي للمبيدات، وأحمد إسماعيل جادالله، أستاذ ورئيس قسم وقاية النباتات بكلية الزراعة، بالحبس سنة مع الشغل، ما أسند إليهم من تهم، وعاقبت كلاً من المتهمين ممدوح عبدالخالق نصار ومحمد أحمد إسماعيل وشريف سمير أبوالسعود بالحبس سنة مع الشغل.
وبرأت المحكمة هشام محمد عفيفي، مدير إدارة مكافحة الآفات بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وإيهاب السيد محمد عبدالله مما أسند إليهما من تهم، وقررت مصادرة المحررات المزورة المضبوطة، وإلزام المتهمين المحكوم عليهم بالمصاريف الجنائية.. صدر الحكم برئاسة المستشار المحمدي قنصوة، وعضوية المستشارين محمد جاد وعبدالعال سلامة، وأمانة سر حسن الصيفي.
كانت المحكمة قد قررت مد أجل النطق بالحكم إلي جلسة أمس، وتصادف نظر قضية المتهمين في مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم. كانت المحكمة برئاسة المستشار المحمدي قنصوة قد استمعت علي مدار الشهور الماضية إلي مرافعات الدفاع عن المتهمين في القضية وتعقيب من نيابة أمن الدولة العليا علي مرافعة دفاع المتهمين.
وأكد عماد الشعراوي، رئيس نيابة أمن الدولة العليا، أن المبيدات التي يحاكم بسببها المتهمون وصفت في أمر الإحالة بأنها غير مطابقة للمواصفات، وأنها دخلت البلاد بمنتهي الاستهتار ودون تحويل أو تجريب أو تقديم دراسات علمية معترف بها تفيد صلاحيتها، وأن المتهمين أدخلوا ١٩ مبيداً من بينها ٦ مبيدات «مسرطنة» تم تسجيلها جميعاً بأرقام محلية ومقررة، وأكد أنه كان يجب عليهم اختبار وتحليل هذه المبيدات قبل تسجيلها.
وأضاف ممثل النيابة أن التسجيل تم بطريق التزوير، وأنه لا يعرف ما إذا كانت هذه المبيدات محظورة أم لا، لأنه لم يجر عليها التجريب الذي هو شرط أساسي للتسجيل، مشيراً إلي أن المتهمين كانوا علي علم بأن المبيدات صادرة بشكل غير قانوني، وأنها عرضت علي الدكتور يوسف والي، وزير الزراعة الأسبق، بمعرفة يوسف عبدالرحمن بغير الطريق الذي رسمه القانون.
وأوضح رئيس النيابة أن يوسف عبدالرحمن حصل علي عطايا مادية ومعنوية عبارة عن ٦٠٠ ألف جنيه كأرباح ومكافآت ورواتب عن عام ٢٠٠١ فقط، وأن حجم معاملات شركة البورصة الزراعية ارتفع من ٧٠ إلي ١٥٠ مليون جنيه، وطلبت النيابة في نهاية تعقيبها تطبيق العدل ومعاقبة المتهمين حتي لا يفلتوا بعد ارتكاب جرائمهم.
كانت الجلسة الماضية في ١٨ سبتمبر الماضي قد شهدت ازدحاماً شديداً من قبل وسائل الإعلام والصحفيين، وحضر يوسف عبدالرحمن في التاسعة صباحاً، وجلس وسط ذويه بالقاعة، وتوافدت عليه وسائل الإعلام لأخذ تعليقات وتصريحات منه، لكنه رفض، ووعدهم بأنهم سيحصلون علي تصريحاته بعد صدور الحكم.
وفي الثانية عشرة ظهراً نادي حاجب المحكمة علي المتهمين، واكتشف عدم حضور أي منهم، بينما اختفي الدكتور يوسف عبدالرحمن من القاعة قبل صدور الحكم، وكانت المحكمة قد حددت الجلسة للنطق بالحكم، ولكنها قررت مد أجل النطق بالحكم إلي جلسة أمس.
كان يوسف عبدالرحمن، قد كشف في جلسات المحاكمة من داخل قفص الاتهام، أن المبيدات التي يحاكم بسببها «مباحة»، وصدر لها قرار رقم ٦٣٠ لسنة ٢٠٠٧، أصدره وزير الزراعة الحالي أمين أباظة، ويضم جميع هذه المبيدات، ويؤكد أنها تستخدم في جميع دول العالم، من بينها مصر.
وقال إن هناك سوء فهم بالنسبة لعملية التجريب، حيث يتم تجريب المبيدات لبيان آثارها علي الحشرات ومعالجة الآفات وليس له دخل بأثرها علي البيئة أو السرطان، وأنه لا يوجد في مصر كلها معمل واحد أو معمل بحوث يكشف تأثير هذه المبيدات عن السرطان، وبالتالي يتم اتباع قائمة وكالة الحماية الأمريكية.
وتسببت «معلومة خاطئة» عن إعادة محاكمة المتهمين بالقضية في تظاهر عشرات النشطاء السياسيين والحقوقيين ومرضي السرطان في مصر أمام دار القضاء العالي الشهر الماضي، عندما ترددت شائعة تفيد بتقدم يوسف عبدالرحمن، باستشكال علي الأحكام الصادرة ضده وآخرين، وأن المحكمة قبلت الاستشكال وقررت إعادة محاكمته، وطالب المتظاهرون بمحاكمة الدكتور يوسف والي، وزير الزراعة الأسبق، في القضية نفسها.
تعود وقائع القضية لعام ٢٠٠٣، عندما أحالت نيابة أمن الدولة العليا المتهمين للمحاكمة، بعد أن كشفت التحقيقات عن تورطهم في العديد من الاتهامات التي وصلت إلي ١٦ اتهاماً، من بينها الموافقة علي استيراد مبيدات محظورة قانوناً «تبين أنها تسبب السرطان»، بالإضافة إلي تسجيل مبيدات لصالح بعض الشركات دون اتباع الإجراءات القانونية، واستغلال النفوذ والإضرار العمدي بالمال العام، وأخذ رشوة مالية للإخلال بواجبات وظيفتهم.. وعاقبتهم محكمة جنايات القاهرة بالسجن المشدد مدداً تتراوح بين ١٠ وسنة واحدة، وغرمت أحدهم.
وطعن المتهمون المحكوم عليهم علي الحكم أمام محكمة النقض، وقضت المحكمة بإلغاء حكم السجن، وقررت إعادة محاكمة المتهمين من جديد أمام محكمة جنايات القاهرة
المصرى اليوم