هذه المشكلة تنبع من أحكام نتيجة تحكم المجتمع الذكوري في مقدرات النساء.. هذه ليست مشكلة امرأة واحدة ولكنها مشكلة نون النسوة فكلهن هذه الأرملة التي ترملت وهي قاصر في التاسعة عشر من عمرها.. نحن في هذا المجتمع حتي النساء منا نقول بفخر تراثي خاطيء اذا مات الزوج وترك أرملة وأطفالا ولم تتزوج الأرملة.
إنها امرأة عظيمة كسرت صباها علي أولادها وعاشت لتربيهم.
واذا ماتت الزوجة تقول كأنها تقرر حقيقة هامة لابد من زواجه لديه أطفال ولابد من زوجة تساعده
هذه الحكاية تؤكد عدم تخلصنا من أشياء في التراث غير انسانية بالمرة.
كتبت في خطابها تقول.
أصبحت كالفريسة في بيت أبي.. قرر ألا أتزوج لأربي أولادي فقد تزوجت وأنا في الخامسة عشر ومات زوجي وأنا في التاسعة عشر وكنت حامل في ابني الثالث.. كان معاش زوجي صغير لصغر سنه وانتقلت الي عماره أبي.. وأصبحت اعيش في اوامر صارمه فأنا أعيش في شقة باسمي في العمارة ولكن أعيش بالفعل في شقة بابا.. عشت الحب كله لاولادي.. تقدم لي عرسان كثيرين بعضهم أرامل ولديهم اطفال وبعضهم لم يتزوج بعد فأنا كنت صغيرة وجميلة جدا وكنت أرفض لصغر أولادي الثلاثة وأغلقت قلبي عن العاطفة وفتحتها لاولادي فقط.
وأخذتني الحياة والدروس والمدارس وكبر ابني الكبير وأصبح في السابعة عشر وأنا أصبحت في السادسة والثلاثين وكان ابني الثاني في الخامسة عشر أما الأخير فكان في الرابعة عشر، وكما في الاحلام والافلام انفتح الحب فجأة ونبض القلب للوليف ومن جديد فقد ظهر في حياتي رجل فاضل يعرفني ويعرف أولادي جيدا وهو طبيب اولادي وقد ماتت زوجته وتركت له طفلة واحدة عمرها عشر سنوات وهو في مثل سني.
أقول لك الحق فرحت حينما تقدم لي طالبا الزواج وقلت السن مناسب والوقت مناسب والشخص مناسب لأنه يحب اولادي وأولادي يحبونه أيضا.
كنت أعتقد أن سبعة عشر عاما تكفي لكي أعيش جزء من حياتي الخاصة ولن أترك اولادي سوف يكونون معي وهذا شرطي والذي أسعدني ان هذا هو طلبه ايضا.
ولكن كانت المفاجأة العجيبة والصدمة القاتلة من أبي الذي رفض الفكرة بل أنبني علي مجرد الكلام في هذا الموضوع.
أما الوالده الذي كنت أعتقد انها سوف تسعد لي فقد صدمتني بكلمتها.
انت فاكره نفسك صغيرة.. انت فوق الثلاثين وكمان انت ست محترمة بتربي أيتام وما يصحش تقولي ياجواز ثاني!.. بلا ش تكسري نفس أولادك.. و.. و..
وظلت تتكلم وكأنها تمسك كرباج وتعذبني.. احسست أنني أريد أن اصرخ واكتم فمها لتسكت.. أحسست أنني أريد ان اجري واخرج من البيت.
وانحبس صوتي فجأة لمدة أيام من الصدمة وماما لا تشعر بي فقد انهت مهمتها عند تأنيبي والأدهي من ذلك انها ذهبت إلي أبي لتسأله ماذا يفعلون في هذه الفضيحة!! تصوري فضيحة يا ماما نعم أن أتزوج بعد ترمل سبعة عشر عاما وأنا قاصر!
وعاد أبي إلي وكان يعذبني وكيف لا وقد كنت عندهم وأنا في التاسعة عشر وكأنني مازلت رجعية!
ثار أبي ثورة عارمه وقرر ان أترك ذلك الطبيب وأن اختار طبيب آخر لابني الصغير والذي حطمني تماما أنه أتهم الطبيب بأنه يتلاعب بمرضاه وانه رجل لا أخلاق له.
ولن أستطيع ان ابوح للطبيب بأي كلمة من كل ذلك وهو الذي تحملني كل هذه السنوات واولادي بدون أب ونجدني كثيرا في أزمات الصغار الصحية.
وزاد أبي من جبروته أن أخذ أبني الصغير حينما مرض لطبيب اخر وقال ابني أنا عاوز أنكل فلان ولكن ابي رفض تماما.
اسرتي كلها تعتبر أبي رجلا عظيما لانه تحملني وتحمل اولادي ماديا في المدارس وفي كل شيء.
كان أهل زوجي طيبين جدا ولكن أبي كان يغارمن علاقتهم بالأولاد ولا يريد ان يكون الولاء لاحد غيره والمصيبة أنني حينما لجأت لشقيقي قال لي.
- ياستي ده راجل عجوز ولابد نستحمله وكفاية انه شالك انت واولادك من الاول!
ماما نعم
لقد قمت بمغامرة وذهبت إلي الطبيب الذي احبني وأحببته وقلت له انني مستعدة ان نتزوج بدون رضاء بابا ولكنه.
قال لي أنا باحبك ياناهد وأريد أن يبارك الجميع زواجنا
وأريد ان انجب منك طفل اخر أخ او اخت لابنتي .. اتركيني أحدث والدك بنفسي ربما رق قلبه لنا.
قلت لا لأنني أعرف ابي جيدا ولا فائدة لانه اعتقد ان دوره في تربية أولادي يكمل دورة في انه جعلني امرأة عظيمة تفني في اولادها.
ماذا أفعل هل اتزوجه دون رغبة أبي لأعيش حياتي من جديد؟.. ماذا أفعل في هذه المشكلة الشديدة التعقيد.!
ن . أ. م
ابنتي ن . أ. م
مشكلتك كما قلت مشكلة عامة وتراثية وممتدة لكل بقاع مصر.. ريف ومدن لانها تلخص حالة الذكورة وأهميتها في بلادنا.
والدك مسيطر علي الاسرة كلها وأنت في خندق واحد مع آلاف النساء ربما أشعرك هذا ببعض الراحة لانك لست وحدك!
وقد تمنيت بأن أستطيع ان أجد لك مخرجا لتتزوجي الطبيب ولكن المخرج سوف يحطم الأسرة كلها وربما انعكس علي أولادك لانك سوف تواجهيهم بمشكلة جديدة لم تكن في حياتهم.. وربما كان أولادك يتبا هون بك امام اصحابهم بانك ضحيت من أجلهم فيحدث لهم احباط بزواجك.
المغامرة بالزواج لن تحل المشكلة بل سوف تزيدها تعقيدا.
وأخاف من مراهقة الولدين حيث دائما العلاقة بين الولد وأمه علاقة تستدعي الغيرة خصوصا في المراهقة.
رغم قسوة الاب عليك إلا أنه قد حل مشكلة وفاة الأب بعد أولادك فتربي في كنف أب بديل وكانت حياتهم طبيعية.
لست أحمل في عقلي فكر ذكوري ولكن المغامرة بالزواج من الطبيب صعبة في هذا الوقت بالذات ورغبته في الانجاب تزيدها صعوبة حيث كبر أولادك.
لاتغامري بعلاقتك بوالدك وبأولادك في هذه السن الحرجة واستمري في تربيتهم وسوف تكونين في الاربعين بعد تخرجهم أو أوائل الاربعينيات ويمكنك ان تصادفي الانسان الرفيق الذي تكملين معه حياتك بعد ان يصل الاولاد الي بر الامان.