عزيزي القارئ عزيزتي القارئة هذه المرة لن أكتب لكم تجربة من وحي الخيال ولن تكون من عصارة فكري , لكنها ستكون تجربة حقيقية عشتها بالفعل , ولمدة 30 دقيقة بدأت معي بأني كنت أسير في إحدى الطرقات فقابلت طفلة صغيرة متسولة طلبت مني أن أعطيها وأحسن عليها , وافقت , ولكن علي شريط أن تقول لي بالتفصيل ماذا يحدث معها , وكيف تعيش حياتها , فكانت الطفلة أذكي مني حيث أنها طلبت مني أن أعيش معها حياتها لمدة يوم , وأن أري ماذا يحدث فيها بنفسي , وافقت وكنت فرحة جدا بأني سأعيش مغامرة جديدة في حياتي لأخرج بنفسي من طابع الملل والروتين .
بعد الاتفاق أخذتني الطفلة معها لبيت مهجور , منظر البيت أشعرني بالرعب ولكن شغفي أن أستمر في مغامرتي جعلني أتماسك واستمر في عملي , ثم أعطتني الطفلة ملابس تبدوا قديمة وبالية وطلبت مني أن ألبسها فوق ملابسي وبالفعل لبست هذه الملابس التي جعلتني أبدو وكأني بالفعل متسولة إلي هنا لم أكن قد بدأت مشوار 30 دقيقة بل كان ذلك تحضير لها , ولكنها بدأت بمجرد خروجي أنا والطفلة من البيت المهجور بعد أن علمتني الطفلة بعض عبارات التسول , فانطلقنا أنا وهي إلي الشارع في مدينة قنا وكان مكاننا لتسول في ميدان الساعة ببنزيون وهو أكبر المناطق الحيوية في المدينة , وكنت قد خبئت وجهي كي لا يعرفني أحد .
كنت كلما مر فرد يبدو عليه الغني أقترب منه وأردد عبارات التسول ( ربنا يخليك يا بيه بأمانة لتديني حاجة أنا محتاجة – ربنا يكفيك شر الفقر والجوع – ربنا يخليلك عيالك ولا يحرمهم منك – ربنا يبار كلك في صحتك ويعطيك ما يحرمك ) وغيرها من العبارات التي استعطفت بها الناس وظللت علي هذا الحال لمدة ثلاثين دقيقة لم أتحمل أكثر منها , ولكن الحقيقة كان اتفاقي مع الصغير المتسولة يوم كامل من التسول , إلا انني لم أتحمل الذل والمهانه التي تعرضت لها أكثر من نصف ساعة التي لم أحصل فيها علي قرش واحد وذلك لقسوة قلوب البشر أو لأنني لم أعرف كيف استعطف هؤلاء الناس الذين عاملوني ويعاملوا كل المتسولين بقسوة .
كانت هذه التجربة أصعب وأقصي تجربة مررت بها في حياتي , شاهدت فيها الوجه الحقيقي لكثير من الناس بلا رحمة وربما يكون الفقر عم حتي جعل كل الناس فقراء لا يوجد بينهم من يعطف فقير , ومن رأيي أن فقر القلوب هو الفقر الحقيقي الذي نعاني منه هذه الأيام
منقول