كم من النساء أراهن مكتئبات يائسات كاد الحزن يفتت أضلعهن ويرسم خطوطا بل أخاديد علي وجوههن وأيضا ذلك الحزن اللعين يصبغ بالسواد تحت أعينهن وحينما أري امرأة هكذا ينتابني شعور سريع أنها أرملة تتجرع نار الوحدة وتكتوي بلسعات الفراق عن زوجها وحبيبها.. وهذا هو الذي جعلها هكذا.. وفجأة أجد نفسي أقترب منها حثيثا لأسألها عما بها..
لفضول أشتهر به في عملي لأن من تعمل كاتبة أو أديبة تكون دائما نظرتها ثاقبة للاشياء وتكون عينها مثل الكاميرا التي تلتقط الأشياء والمواقف وتختزنها وبعد ذلك تفلترها وتصفها في القالب المناسب الذي تظهر به للقاريء لكي يستمتع بقراءته مع كتاباتها التي تنعشه وتجعله يتعمق في المواضيع سواء المواضيع .. العاطفية أو المواضيع الاجتماعية أو السياسية لذلك تجدونني اقتربت من هذه السيدة الحزينة وسألتها بكل دقة عما بها وما الذي جعلها تبدو هكذا أو في الحقيقة أكبر من عمرها بكثير فوجدت دموعها تنساب غزيرة علي خديها فاعتقدت للوهلة الأولي ان زوجها قد توفي وهي تبكيه بحرقة.. قلت لها كلنا لها ولا تحزني هكذا لأننا جميعا سنلقي ذلك المصير.. فنظرت إليّ من خلال دموعها وسألتني عما أقول فقلت لها إذا كان زوجك توفي فهذا قدر ومصير الناس جميعا.. فرأيت شبه ابتسامة باهتة علي وجهها وقالت لي ان زوجي موجود ولم يمت وهو معي في منزل واحد ولكني زوجة أرملة في نفس الوقت.. فتوقفت عند كلامها هذا وسألتها أرجوك اسردي لي قصتك كلها لأنني في شوق عظيم لكي أعرفها.. فقالت لي انني صغيرة العمر وأصغر بكثير من مظهري وشكلي.. لكن القهر الذي أعيش فيه هو الذي جعلني أبدو أكبر من عمري كثيرا.
ان زوجي كان في بداية حياتنا سويا يحبني ويرغبني كثيرا.. لكن فجأة وبدون أي شيء وجدته يتباعد عني بل يتحاشاني.. حتي إذا انتقل الي الحجرة الثانية لينام بها سألته لماذا يفعل بي هذا وهل هو غاضب مني في شيء فعلته..؟؟
فأشاح بوجهه عني وقال لي أبدا انني فقط فضلت ان أعيش هكذا واذا لم يعجبك هذا الوضع فبمقدورك ان تتركيني ولك كل الحرية في الطلاق!! لكنني تشبثت به وتمسكت في المعيشة معه.. وأخذت أراقبه ربما يكون قد عرف واحدة غيري وأحبها ولكني وجدت انه يذهب الي عمله ويأتي في ميعاده تماما.. ووصل به الحال أنه لا يأكل معي أو ما أطبخه.. بل يدخل هو الي المطبخ ويحضر لنفسه أي شيء ليأكله وبعد ذلك يدخل الي حجرته وينام ويشاهد التليفزيون ويعيش حياته كلها وحيدا بعيدا عني.. والأغرب أنه يترك لي ما يلزمني من نقود لمعيشتي علي منضدة في الصالة.. استمر هذا الوضع سنين.. فماذا أفعل علما بأنني لا أعمل وليس لي أسرة.. وشبابي ورغباتي يلحان عليّ خصوصا أنني أشم رائحة أنفاسه واستمتع بدخان سجائره الذي ينبعث من الحجرة الأخري.. بعد ذلك بكت بكاء عنيفا.. فقلت لها اسأليه ربما يكون قد أصابه مرض ما فردت عليّ وقالت حدث أن سألته اذا كان مريضا فيذهب الي طبيب.. فرد علي بجفاء وقال "إن صحته أحسن من صحتي ألف مرة.. ألا تستطيعين ان تعيشي وأنت طاهرة أرجوك اتركيني في حالي وعالمي الذي أخترته لنفسي".. فتركتها ومشيت بعيدا عنها وأنا أتعجب من مأساة زوجة وهي أرمله..!!!
همسة في أذنك
ندهت عليّ في الصباح قطرة ندي
قالت حلمك مباح.. قلت أنا
ده أنا اللي تهت ودبت من الوهم اتكويت
قالت بكرة أحلي.. طول مافي الدنيا ندي..
شعر
سلطان العزيزي
مع الأصدقاء
الي أصدقائي وقرائي الأعزاء.. تسألونني عما أكون وما رسمي وشكلي وعمري.. ولماذا أكتب كذا وكذا؟ وما هو وضعي وهويتي..؟
وأنا أقول لكم: أنا لست إلا انسانة أكتب ما أريد وأسطر ما أرغب. أما عن كوني وهويتي ورسمي وشكلي وعمري فكل هذا يخصني أنا وحدي!!! وشكراً والي تواصل دائم.
---------------------------------------------
المساء