تحولت منطقة وسط القاهرة أمس، ولاسيما المناطق المحيطة بنقابة الصحفيين، إلي ثكنة عسكرية للتصدي لقافلة الحملة الشعبية لكسر الحصار عن غزة، حيث انتشرت عشرات الحواجز والأكمنة الأمنية في شوارع «رمسيس وشامبليون وعبدالخالق ثروت وطلعت حرب»، وقام الضباط فيها بتفتيش الناس وسؤالهم عن سبب تواجدهم في الشارع، مع إعادة كل من له صلة بالقافلة، كما تم نشر العشرات من عربات الأمن المركزي ومئات الجنود في المناطق المحيطة بنقابة الصحفيين.
واعتقلت قوات الأمن محمد عبدالقدوس، مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، وكمال الفيومي، القيادي في حركة «عمال من أجل التغيير»، ومحمد المحلاوي ومحمد حامد، من دمياط، ومحمد شاكر «بني سويف»، كما تم منع عبدالجليل مصطفي، منسق حركة كفاية، ويحيي القزاز، عضو حركة ٩ مارس، من الوصول إلي النقابة، وقام المستشار فؤاد راشد، رئيس لجنة تقصي الحقائق بنادي قضاة مصر، بإدخالهما نادي القضاة.
واضطر منظمو قافلة كسر الحصار إلي نقل المؤتمر، ليقام أمام جريدة الأهرام في شارع الجلاء، غير أن قوات الأمن المركزي فرضت حصارا شديدا عليهم، حيث تم اعتقال عشرات الناشطين من أمام مبني الجريدة، كما تم اعتقال بعض الصحفيين من أمام المبني، وتم إغلاق شارع الجلاء أكثر من مرة، لتتمكن أجهزة الأمن من التعامل مع ناشطي القافلة، وسادت حالة من الفوضي في الشارع، لاسيما مع تواصل عمليات القبض علي الناشطين حدوث أكثر من مطاردة من جانب قوات الأمن لناشطين حاولوا الفرار من الاعتقال.
وحدثت مفاوضات بين قوات الأمن وقادة قافلة كسر الحصار، طالب فيها الضباط، القافلة بالانصراف دون عقد المؤتمر مقابل الإفراج عن الناشطين، الذين تم احتجازهم في عربات الأمن المركزي، وهو ما وافق عليه قادة القافلة، وقرروا التوجه إلي شارع النصر لعقد المؤتمر الصحفي بجوار النادي الأهلي في مدينة نصر.
وشعبيا، استنكر العديد من العمال في منطقة الحرفيين في شارع شامبليون تشديد الإجراءات الأمنية، مشيرين إلي أنهم عادة ما كانوا يحصلون علي كم كبير من العمل في أعقاب الإجازات الرسمية والأعياد، ولكن هذا لم يحدث بفضل منع الأمن السيارات من الدخول إلي منطقتهم.
وأصدرت الحملة بيانا استنكرت فيه ما قام به الأمن من منع للقافلة، مشيرة إلي أنه علي الرغم من جميع الإجراءات التي قام بها الأمن، فإن المئات تمكنوا من الوصول إلي مدينة العريش، منطلقين من أكثر من محافظة، وعلي رأس من وصولوا بالفعل إلي المدينة النائب أكرم الشاعر، عضو مجلس الشعب عن بورسعيد.
وفي المقابل قامت قوات الأمن المحاصرة لنقابة الصحفيين بالإفراج عن ٣٠ شابا من المشاركين بالقافلة الطبية المتجهة إلي غزة، بعد اعتقالهم بساعات قليلة واحتجازهم داخل سيارات الأمن الكثيفة بالشارع وذلك بعد أن صرح الدكتور محمد البلتاجي، عضو اللجنة التنفيذية للحملة، بأنه تقرر إلغاء القافلة بعد الاشتباك الذي حدث بينه وبين الشباب المسافر معه وقوات الأمن التي أحاطت بهم واعتقلتهم.
ومن ناحية أخري، لاتزال قوات الأمن مستقرة أمام أبواب النادي الأهلي بمدينة نصر، التي حاصرتها وقامت بالاشتباك مع أكثر من ٣٠ من أعضاء القافلة.
وكجزء من التشديد الأمني منع مسؤولو الأمن قطارات مترو الأنفاق ــ خط حلوان/ المرج ــ من التوقف بمحطة جمال عبدالناصر، وذلك بهدف منع تزايد المنضمين للقافلة، وإنهاء فكرة توجههم إلي قطاع غزة وتظاهرهم.
من جانبه، وصف المستشار محمود الخضيري، نائب رئيس محكمة النقض، رئيس الحملة الشعبية لفك الحصار عن غزة، إغلاق محطة مترو جمال عبدالناصر والحصار الأمني لنقابة الصحفيين بأنه تصرف غير مبرر وفاضح لسياسات من أصدر هذا القرار، فضلاً عن أنه يعبر عن تغير في الخطة الأمنية بعكس المرة السابقة أمام نقابة الأطباء في العاشر من رمضان الماضي.
وأكد الخضيري أن منظمي الحملة سيتعاملون مع هذا التغير «التعامل المناسب»، خاصة أن الأمن أداة في أيدي قيادة سياسية، وينفذ تعليماتها ولا يستطيع أحد أن يحمله وحده مثل هذه الممارسات السلبية.
وشدد علي أن الحملة مصممة علي فك الحصار بأي وسيلة كانت، وأن هدفها ليس دخول غزة فحسب، لأن دخول غزة وسيلة وليس هدفا، والأوروبيون وصلوا إليها من قبل ودخلوا فيها ورحلوا، ولكن الحصار لايزال مفروضا حتي هذه اللحظة أمام أعين العالم كله.
وأكد الدكتور حمدي حسن، عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، عضو الحملة الشعبية لفك الحصار، المنظمة للقافلة، أن ما يحدث بمنطقة وسط البلد يوضح أن النظام مرعوب من بضع عشرات قرروا أن يساعدوا سكان غزة، ووصف ما يحدث بالمهزلة، خاصة أن هذا يحدث في ذكري انتصارات أكتوبر المجيدة.
واعتبر محمد البلتاجي، عضو مجلس الشعب «إخوان»، أن ما حدث «صفحة جديدة من العار»، مشيرًا إلي أنه من المعيب أن يتم توقيفهم بداخل القاهرة، واعتبر أن ما حدث «خيانة لـ٦ أكتوبر» والشهداء، منعت التضامن ومساعدة المنكوبين.