رغم مرور ٣٥ عاماً علي حرب أكتوبر وصدور عشرات الكتب ونشر آلاف المقالات والتحليلات عنها، أجمع خبراء عسكريون علي أنها لاتزال تحمل العديد من الأسرار والغموض، وأن هناك اتهامات لجهات عديدة بإخفاء بعض الحقائق عن الحرب، التي وصفوها بـ«حرب الأفكار»، وأكد أن الإعلام تجاهل دور بعض المشاركين في الحرب لحساب البعض الآخر، وتأكيدهم إخفاء بعض الحقائق حول بعض الأحداث، من بينها «ثغرة الدافرسوار وعمليات الخداع الاستراتيجي والدور العربي، وخاصة السعودي في عملية الإعداد للحرب».
يكشف اللواء عادل سليمان، الخبير العسكري، عن أن عملية الخداع السياسي والاستراتيجي، في السنوات الثلاث السابقة لحرب أكتوبر كانت أكثر الفترات التي تحوي الكثير من الخفايا السياسية، خاصة التحركات علي المستويات العليا من عام ٧٠ إلي ١٩٧٣، موضحاً أن معظم ما كتب عن هذه المرحلة ليس إلا كلاماً مرسلاً دون تدقيق تاريخي لهذه الفترة، مرجعاً غموض هذه المرحلة إلي تحكم الرئيس السادات في إدارة تحركات هذه الفترة، وليست أجهزة الدولة، مما يفسر عدم ظهور الكثير من الوثائق السياسية التاريخية الراصدة لها.
وأشار سليمان إلي أن هذه المرحلة ظلت تحيره، خاصة دور أشرف مروان فيها، والأبعاد الحقيقية لعمله، بالإضافة إلي غياب الوثائق التي توضح ماهية الاتصالات الدبلوماسية بين الدول العربية، خاصة السعودية ودورها في الحرب، والعلاقات مع أمريكا والاتحاد السوفييتي، في ظل منع الكشف عن الوثائق قبل مرور ٥٠ عام، لافتاً إلي أن هذا المنع هو السبب في تعرض الكثير من أحداث حرب أكتوبر للتشويه الإعلامي أو التجاهل التام.
ويحمل اللواء زكريا حسين، الخبير والمحلل العسكري، الإعلام مسؤولية تشويه بعض أحداث الحرب، ويؤكد تغاضيه عن تصوير الأبطال، الذين كانوا أساس نجاح المعركة، مثل الجنود الذين عطلوا أنابيب «النابالم»، أسفل مياه القناة، والذين لولاهم ما تم العبور، والضابط المصري الذي وضع خطة تفتيت خط بارليف، موضحاً أن الأضواء سلطت فقط علي القيادات الكبيرة، التي سرقت النصر من الأبطال الحقيقيين لأكتوبر.
وأكد حسين أن أحداث الثغرة من أكثر الأحداث التي شوهت، إما مجاملة للقيادة السياسية وقتها أو لإلقاء اللوم علي بعض القيادات أو للتحرج من ترجيح البعض علي حساب البعض الآخر.
ويستنكر اللواء محمود خلف، الخبير العسكري، أسلوب التعامل مع حرب أكتوبر علي أنها مجرد ذكريات انتصار، تنشد لها الأغنيات وتقام لها الاحتفالات، موضحاً أنه لابد من الاستفادة منها في إعادة «هيكلة» الحاضر الذي يعيشه المصريون.
ويفجر اللواء عبدالمنعم كاطو، أحد أبطال حرب أكتوبر، مفاجأة هي أن القوات المسلحة كان بإمكانها التصدي لهجوم العدو، في حرب ١٩٦٧، مشيراً إلي أنه من بين أسرار الحرب، التي لم تعلن بعد، أنه كان هناك شعور لدي جميع قادة وضباط الجيش بأنهم غير مسؤولين عن النكسة، التي أدت إليها القرارات التي وصفها بـ«الخاطئة» والتي أدت إلي وضع غير عادي للقوات المسلحة، من خلال عدم التدريب الجيد، وعدم الاهتمام بتنفيذ المهمة.
أضاف كاطو: إن القوات المسلحة خرجت «مهلهلة» من ٦٧، وكان لابد أن تعيد بناء نفسها، برياً وجوياً، وأن تستعيد الثقة في نفسها وثقة الشعب فيها، موضحاً أن العقيدة كانت لدي الجميع، قادة وضباطا وجنودا هي أنه لو تمت الحرب ثانية، دون انتصار مصر لما قامت للقوات المسلحة قيامة بعد ذلك، وتابع: «القوات البحرية كانت الأكثر تماسكاً بعد هزيمة ١٩٦٧»،
وقال: دفعتنا هوة تكنولوجيا السلاح الإسرائيلي والسوفييتي، إلي تعظيم الإمكانيات لإحداث توازن من خلال تحديث الأسلحة، لدرجة أنه تم الإعلان عن منح كل من لديه أفكار لتطوير سلاحه أو ملبسه نيشانا، وهو ما أدي إلي إتاحة أكثر من ٣ آلاف فكرة في زمن وجيز، واضطر قائد الجيش إلي زيادة أعداد النياشين التي كانت موجودة، إذ خلقت هذه الأفكار نوعاً من الاطمئنان، لأنها أكدت أن الجميع متحفز للنصر.
وأوضح كاطو أنه من بين أسرار الحرب أن كانت أمام الجيش المصري ٣١ نقطة قوية للعدو، كل منها مساحتها أكثر من كيلو متر مربع، بها عتاد متطور ونجحت بعض الفصائل في معرفة تفاصيل هذه النقاط الحصينة، والتغلب عليها، مشيراً إلي أنه من الوسائل المستخدمة لتدمير هذه النقاط، صواريخ قهر وظفر، التي كانت المخازن مليئة بها وقتها، وأنجحت مهمتنا تماماً، وتابع: «كانت أكتوبر حرب أفكار»، موضحاً أن روح أكتوبر تولدت أعقاب هزيمة ١٩٦٧، وأن كل ضابط وجندي وقائد تحمل مسؤوليته بشجاعة في تحرير الأرض
رغم مرور ٣٥ عاماً علي حرب أكتوبر وصدور
----------------------------------------------------------
المصرى اليوم