فضفضه
ارجو من زوارنا الكرام التسجيل في منتدي فضفضه

الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 416132450
فضفضه
ارجو من زوارنا الكرام التسجيل في منتدي فضفضه

الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 416132450
فضفضه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


فضفضه موقع عربى متكامل
 
البوابةالرئيسيةدردشة الاعضاءأحدث الصورالتسجيلدخولطرائف فضفضه
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» الموت بطعم التفاح الاخضر
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالإثنين 26 أكتوبر - 7:24 من طرف Admin

» لماذا تطلب المراه المساوه
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالثلاثاء 20 أكتوبر - 8:17 من طرف Admin

» لماذ المرأه الموظفه
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالأربعاء 14 أكتوبر - 8:23 من طرف Admin

» قناتي علي اليوتيوب
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالأربعاء 14 أكتوبر - 8:09 من طرف Admin

» دردشه الاعضاء
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالأربعاء 14 أكتوبر - 7:46 من طرف Admin

» لعبه كلمه السر
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالسبت 8 أبريل - 5:45 من طرف Admin

» الكاتبه فريده الشوباشي خير دليل علي ان المرأه لا تصاح ان تنال حريتها
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالإثنين 10 أكتوبر - 3:19 من طرف Admin

» قانون الخدمه المدنيه الجديد بعد اقرار مجلس النواب
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة 7 أكتوبر - 20:34 من طرف Admin

» اهم اسباب غرق مركب رشيد شباب عاطل ونساء موظفات
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالأحد 25 سبتمبر - 4:14 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
سمر - 8530
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_rcapالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Voting_barالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_lcap 
ابو حنفى - 5968
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_rcapالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Voting_barالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_lcap 
جنه - 5171
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_rcapالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Voting_barالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_lcap 
gana - 4139
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_rcapالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Voting_barالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_lcap 
نورا - 3362
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_rcapالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Voting_barالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_lcap 
renaad - 2830
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_rcapالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Voting_barالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_lcap 
ايناس - 2451
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_rcapالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Voting_barالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_lcap 
البحارمندي - 2113
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_rcapالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Voting_barالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_lcap 
نيرفين - 1964
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_rcapالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Voting_barالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_lcap 
Admin - 1869
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_rcapالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Voting_barالخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Vote_lcap 
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 31 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 31 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 1612 بتاريخ الأربعاء 13 أكتوبر - 16:40
الإبحار
 البوابة
 الفهرس
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث

 

 الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin
Admin


ذكر عدد الرسائل : 1869
تاريخ التسجيل : 29/05/2008

الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه    الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالخميس 1 مايو - 8:02

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

وفاه الرسول عليه الصلاه والسلام عام  هـ
الخلفاء الراشدين:
1- ابو بكر الصديق
2-عمر ابن الخطاب
3-عثمان بن عفان
4-علي بن ابي طالب
بدايه الدوله الامويه بتولي معاويه بن ابي سفيان



الدوله العباسيه



الدوله الايوبيه



الدوله العثمانيه
الاول




الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Oouou_10
عثمان بن أرطغرل
عثمان الأول ( 1258م - 1326م ) .
مؤسس الأمبراطورية العثمانية .

السلطان عثمان بن أرطغرل (أرطُغرل) أو (عثمان الأول) بن سليمان شاه (656 هـ/1258م - 1326م) مؤسس الدولة العثمانية وأول سلاطينها ، وزعيم الأتراك من السلجوقيين في بثنيا عام 1288م ، وإليه تنسب التي استمرت إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى عام 1919م . شهدت سنة مولده غزو المغول بقيادة هولاكو لبغداد وسقوط الخلافة العباسية.

تولى الحكم عام 687 هـ ودام حكمه من عام 1299 إلى 1324 بعد وفاة أبيه أرطغرل بتأييد من الأمير علاء الدين السلجوقي. قام الأمير السلجوقي بمنحه أي أراض يقوم بفتحها وسمح له بضرب العملة. لما قتل الأمير علاء الدين من قبل المغول وقتلوا معه ابنه غياث الدين الذي تولى مكانه، أصبح عثمان بن أرطغرل أقوى رجال المنطقة فاتخذ مدينة اسكي شهر قاعدة له ولقب نفسه باديشاه آل عثمان واتخذ راية له.

قام بدعوة حكام الروم في آسيا الصغرى إلى الإسلام فإن أبوا فعليهم أن يدفعوا الجزية فإن أبوا فالحرب، فخافوا منه واستعانوا عليه بالمغول فأرسل إليهم جيشًا بقيادة ابنه أورخان فهزمهم وأكمل الجيش مسيرته ففتح بورصة ، وآسيا الصغرى . توفي بعد أن عهد لابنه بتولي الحكم السلطان أورخان غازي.

أعماله

لقد تعاقب على إمارة السلطنة العثمانية قبل أن تعلن نفسها خلافة إسلامية سلاطين أقوياء، ويعتبر عثمان بن أرطغرل هو مؤسس الدولة وبانيها، فماذا صنع عثمان :

لقد بدأ عثمان يوسع إمارته فتمكن أن يضم إليه عام 688 قلعة قره حصا (القلعة السوداء) أو أفيون قره حصار، فسر الملك علاء الدين بهذا كثيراً. فمنحه لقب (بيك). والأراضي التي يضمها إليه كافة، وسمح له بضرب العملة، وأن يذكر اسمه في خطبة الجمعة.

وفي عام 699 أغارت المغول على إمارة علاء الدين ففر من وجههم، والتجأ إلى الإمبراطورية البيزنطية وتوفي هناك في العام نفسه، وقيل أن المغول قد تمكنوا من قتله، وتولي ابنه غياث الدين مكانه، ثم إن المغول قد قتلوا غياث الدين، ففسح المجال لعثمان إذ لم تعد هناك سلطة أعلى منه توجهه أو يرجع إليها في المهمات، فبدأ يتوسع، وإن عجز عن فتح ازميت، و إزنيق نيقية رغم محاصرتهما، واتخذ مدينة (يني شهر) أي المدينة الجديدة قاعدة له، ولقب نفسه باديشاه آل عثمان.

واتخذ راية له، وهي علم تركيا اليوم، ودعا أمراء الروم في آسيا الصغرى إلى الإسلام، فإن أبوا فعليهم أن يدفعوا الجزية، فإن رفضوا فالحرب هي التي تحكم بينه وبينهم، فخشوا على أملاكهم منه، فاستعانوا بالمغول عليه، وطلبوا منهم أن ينجدوهم ضده، غير أن عثمان قد جهز جيش بإمرة ابنه أورخان غازيالذي قارب الثلاثين من العمر، وسيره لقتال المغول فشتت شملهم.

ثم عاد واتجه إلى بورصة فاستطاع أن يدخلها عام 717 وتعد من الحصون الرومية المهمة في آسيا الصغرى ، وأمن أهلها وأحسن إليهم فدفعوا له ثلاثين ألفاً من عملتهم الذهبية، وأسلم حاكمها (أفرينوس)، فمنحه عثمان لقب بيك، وأصبح من القادة العثمانيين البارزين. وتوفي عثمان عام 726، وقد عهد لابنه أورخان بالحكم بعده.
الدستور الذي سار عليه العثمانيون

كانت حياة الأمير عثمان جهاداً ودعوة في سبيل الله، وكان علماء الدين يحيطون بالأمير ويشرفون على التخطيط الإداري والتنفيذ الشرعي في الإمارة، ولقد حفظ لنا التاريخ وصية عثمان لابنه أورخان وهو على فراش الموت وكانت تلك الوصية فيها دلالة حضارية ومنهجية شرعية سارت عليها الدولة العثمانية فيما بعد، يقول عثمان في وصيته : (يا بني : إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين، وإذا واجهتك في الحكم معضلة فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلاً.. يا بني : أحط من أطاعك بالإعزاز، وأنعم على الجنود، ولا يغرك الشيطان بجندك وبمالك، وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة.. يا بني : إنك تعلم أن غايتنا هي إرضاء الله رب العالمين، وأن بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق، فتحدث مرضات الله جل جلاله.. يا بنى : لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة الحكم أو سيطرة أفراد، فنحن بالإسلام نحيا ونموت، وهذا يا ولدي ما أنت له أهل).

وفي كتاب (التاريخ السياسي للدولة العلية العثمانية) تجد رواية أخرى للوصية (اعلم يا بني، أن نشر الإسلام، وهداية الناس إليه، وحماية أعراض المسلمين وأموالهم، أمانة في عنقك سيسألك الله عز وجل عنها).

وفي كتاب (مأساة بني عثمان) نجد عبارات أخرى من وصية عثمان لابنه أورخان تقول : (يا بني، أنني انتقل إلى جوار ربي، وأنا فخور بك بأنك ستكون عادلاً في الرعية، مجاهداً في سبيل الله، لنشر دين الإسلام.. يا بني، أوصيك بعلماء الأمة، أدم رعايتهم، وأكثر من تبجيلهم، وانزل على مشورتهم، فانهم لا يأمرون إلا بخير.. يا بني، إياك أن تفعل أمراً لا يرضى الله عز وجل، وإذا صعب عليك أمر فاسأل علماء الشريعة، فانهم سيدلونك على الخير.. واعلم يا بني أن طريقنا الوحيد في هذه الدنيا هو طريق الله، وأن مقصدنا الوحيد هو نشر دين الله، وأننا لسنا طلاب جاه ولا دنيا).

وفي (التاريخ العثماني المصور) عبارات أخرى من وصية عثمان تقول: (وصيتي لأبنائي وأصدقائي، أديموا علو الدين الإسلامي الجليل بإدامة الجهاد في سبيل الله. أمسكوا راية الإسلام الشريفة في الأعلى بأكمل جهاد. اخدموا الإسلام دائما، لأن الله عز وجل قد وظف عبداً ضعيفاً مثلي لفتح البلدان، اذهبوا بكلمة التوحيد إلى أقصى البلدان بجهادكم في سبيل الله ومن انحرف من سلالتي عن الحق والعدل حرم من شفاعة الرسول الأعظم يوم المحشر. يا بني: ليس في الدنيا أحد لا يخضع رقبته للموت، وقد اقترب أجلي بأمر الله جل جلاله أسلمك هذه الدولة وأستودعك المولى عز وجل، اعدل في جميع شؤونك...).

لقد كانت هذه الوصية منهجاً سار عليه العثمانيون، فاهتموا بالعلم وبالمؤسسات العلمية، وبالجيش والمؤسسات العسكرية، وبالعلماء واحترامهم، وبالجهاد الذي أوصل فتوحاً إلى أقصى مكان وصلت إليه راية جيش مسلم، وبالإمارة وبالحضارة.

ونستطيع أن نستخرج الدعائم والقواعد والأسس التي قامت الدولة العثمانية من خلال تلك الوصية.
توفي بعد أن عهد لابنه بتولي الحكم السلطان أورخان غازي.
الثاني
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Ououoo10

أورخان غازي بن عثمان بن أرطغل

السلطان أورخان غازي بن عثمان بن أرطغل ثاني سلاطين الدولة العثمانية[1]، (680 هـ / 6 فبراير 1281 م - 761 هـ / مارس 1361 م) خلف والده عثمان بن أرطغل 1 محرم عام 627 هـ/(1324 - 1359 م) وعمره ستة وثلاثون عاماً وقد اعتمد على أعوان أقوياء لوضع القوانين وسن الأنظمة أبرزهم أخوه الأمير علاء الدين الذي نصبه وزيراً له وكذلك علاء الدين بن الحاج كمال الدين وقرة خليل جاندارلي وفي عهده نقلت عاصمة الدولة العثمانية من اسكي شهر إلى بورصة كما تم سك أول نقد عثماني وتمكن من انتزاع (أزمير) و(أنقرة) وامتلك (قره سي) وبرغمة ثم حاصر سمندره وإيدوس واستولى عليهما وقد دامت فترة حكمه خمسة وثلاثين عاماً. وعندما زار الرحَّآلة المعروف "ابن بطوطة" بلاد الأناضول في فترة حكم السلطان أورخان وقابله هناك، قال عنه:«إنه أكبر ملوك التركمان، وأكثرهم مالا وبلادا وعسكرا، وإن له من الحصون ما يقارب مائة حصن، يتفقدها ويقيم بكل حصن أياما لإصلاح شؤونه[1].» وخلفه أبنه السلطان مراد الأول.
عائلته

خلف سبعة أولاد هم : سليمان باشا وقد توفي في حياة أبيه، مراد بك، إبراهيم بك، فاطمة سلطان، خليل بك، سلطان بك وقاسم بك.
أعماله

أرسله والده لحصار مدينة "بورصة" (مدينة في آسيا الصغرى)، فحاصر أورخان القلاع المحيطة بها، وظل محاصرا لها قرابة عشر سنوات، ولما تأكد حاكمها أنها أصبحت في قبضة أورخان سلَّمها إليه، فدخلها دون قتال سنة (726 هـ، 1325 م)، ولم يتعرض أورخان لأهلها بسوء مما جعل حاكمها يعلن إسلامه، فمنحه أورخان لقب "بك"[1].

و أهم عمل قام به هو تأسيس جيش الإنكشارية الذي ساعد الدولة العثمانية في استمرار فتوحتها لـ 200 عام كما حرص على تحقيق بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم في فتح القسطنطينية ووضع خطة إستراتيجية تهدف إلى محاصرة العاصمة البيزنطية من الغرب والشرق في آن واحد ولتحقيق ذلك أرسل ابنه وولي عهده سليمان لعبور مضيق الدردنيل والاستيلاء على بعض المواقع في الناحية الغربية.

و في عام 758هـ اجتاز سليمان مضيق الدردنيل ليلا مع أربعين رجلا من فرسان الإسلام ولما أدركوا الضفة الغربية استولوا على الزوارق الرومية هناك وعادوا بها إلى الضفة الشرقية إذ لم يكن للعثمانين أسطول حينذاك حيث لا تزال دولتهم في بداية تأسيسها وفي الضفة الشرقية أمر سليمان جنوده أن يركبوا الزوارق حيث تنقلهم إلى الشاطئ الأوروبي حيث فتحوا قلعة ترنب وغاليبولي التي فيها قلعة جنا قلعة وأبسالا ورودستو وكلها تقع على مضيق الدردنيل من الجنوب إلى الشمال وبهذا خطى السلطان خطوة كبيرة استفاد بها من جاء بعده في فتح القسطنطينية.
سياسة أورخان الداخلية والخارجية

اهتم أورخان بتوطيد أركان الدولته وتولى الأصلاحية والعمرانية ونظم شؤون الإدارة وقوى الجيش وبنى المساجد وأنشأ المعاهد العلمية وأشرف عليها خيرة العلماء والمعلمون وكانوا يحظون بقدر كبير من الاحترام في الدولة وكانت كل قرية بها كلياتها التي تعلم النحو والتراكيب اللغوية والمنطق والميتافزيقا وغيرها.

و قد أمضى أورخان بعد استيلائه على إمارة قرة سي من الروم وذلك سنة 1336 م عشرين سنة دون أن يقوم بأي حروب بل قضاها في صقل النظم المدنية والعسكرية التي أوجدتها الدولة وفي تعزيز الأمن الداخلي وبناء المساجد ورصد الأوقاف عليها وإقامة المنشآت العامة الشاسعة.

و ما أن أتم أورخان البناء الداخلي حتى حدث صراع على الحكم داخل الدولة البيزنطية وطلب الإمبراطور كونتاكوزينوس مساعدة السلطان أورخان ضد خصمه فأرسل قوات من العثمانيين لتوطيد النفوذ العثماني في أوروبا وفي عام 1358 م أصاب زلزال مدن تراقيا فإنهارت أسوار غاليبولي وهجرها أهلها مما سهل على العثمانين دخولها وما لبثت غاليبولي أن أصبحت أول قاعدة عثمانية في أوروبا ومنها انطلقت الحملات الأولى التي توجت في النهاية بالاستيلاء على كامل جزيرة البلقان.
العوامل التي ساعدت السلطان أورخان في تحقيق أهدافه

   استفادة أورخان من جهود والده عثمان ووجود الإمكانيات المادية والمعنوية التي ساعدت على فتح الأراضي البيزنطية في الأناضول.

   كان العثمانيون يتميزون في المواجهة الحربية التي تمت بينهم وبين الشعوب البلقانية بوحدة الصف ووحدة الهدف ووحدة المذهب الديني وهو المذهب السني.

   التفكك السياسي والانحلال الدين والاجتماعي الذيأصاب الدولة البيزنطية وهذا سهل ضم أقاليم هذه الدولة إلى العثمانيين.

   ضعف الجبهة المسيحية نتيجة لعدم الثقة بين السلطات الحاكمة في الدولة البيزنطية وبلغاريا وبلاد الصرب والمجر ولذلك تعذر في معظم الأحيان تنسيق الخطط السياسية والعسكرية للوقوف ضد العثمانيين.

   الخلاف الديني بين روما والقسطنطينية أي بين الكاثوليكية والأرثوذكسية.

   ظهور النظام العسكري الجديد على أسس عقدية ومنهجية تربوية وأهداف ربانية وأشرف عليه خيرة قادة العثمانيين..
وفاة مارس 1361 العمر (80 عاما)
الثالث
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Ououoo11

السلطان مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغل


مراد الأول
مراد الأول

السلطان مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغل وأمه الأميرة البيزنطية هيلين وهي ذات أصول يونانية [1][2][3] ثالث سلاطين الدولة العثمانية، تولى الحكم بعد وفاة أبيه أورخان بن عثمان وكان ابن 36 عاما وقتها عام 1359م، واستمر حكمه 31 سنة (1359 - 1389). استولى على مدينة أدرنة 1362م وجعلها عاصمته وهزم التحالف البيزنطي البلغاري في معركتي ماريتزا 1363م وفتح بلاد الصرب بعدقوصوة 1389م وفيها استشهد وخلفه ابنه السلطان بايزيد الأول.
تنظيم السلطنة العثمانية

ولد السلطان مراد الأول عام 726 هـ الموافق عام 1326 توفي ( 15 يونيو 1361)، وهو العام الذي تولى فيه والده الحكم. وإليه يرجع الفضل بالنقلة النوعية من دويلة عثمانية قبلية إلى سلطنة قوية وتسمى بالسلطان عام 1383 م.
أنشأ نظام الديوان للجند والفرسان السباهي. وأنشأ نظام مقاطعتين هما الرومللي والأناضول.
بداية عهده وأول فتوحاته

حاول أمير دولة القرمان (علاء الدين) في أنقرة أن يعد جيشا مكونا من جيوش الأمراء المستقلين في آسيا الصغرى لقتال العثمانيين لكنه فوجئ بجيش مراد الأول يحيط بمدينة أنقرة فاضطر لعقد صلح معه يتنازل فيه عن أنقرة. كما زوجه ابنته.

استولى على مدينة أدرنة واستغل موقعها الفريد بوقوعها على ثلاثة أنهر وتحصيناتها العسكرية وقربها من مجريات العمليات العسكرية بجعلها عاصمة لسلطنته فبنى فيها دور العلم والمساجد لتنشئة الجيل القادم من العسكريين والقضاة ورجال الدولة المهرة، وكانت أدرنة ثان أهم مدينة بيزنطية بعد القسطنطينية، ثم فتح فيلبة فصارت القسطنطينية محاطة بالعثمانيين واضطر إمبراطورها لدفع الجزية، وبعدها حاول الأمراء الأوروبيون الاستنجاد بالبابا وبملوك أوروبا الغربية ضد المسلمين فلبى البابا النداء وبعث لملوك أوروبا عامة يطالبهم بشن حملة صليبية جديدة ولكن ملك الصرب لم يتوقع الدعم السريع فاستنهض الأمراء المجاورين له وهم أمراء البوسنة والأفلاق (جنوبى رومانيا) وعدد من فرسان المجر واتجهوا نحو أدرنة أثناء انشغال السلطان مراد الأول ببعض حروبه في آسيا الصغرى غير أن جيش العثمانيين أسرع للقائهم في هجوم ليلي مفاجئ وهزمهم هزيمة منكرة قرب نهر ماريتزا، وغرق أميرا الصرب في مياه النهر خلال فرارهما ونجا ملك المجر من الموت بأعجوبة، وكانت هذه المعركة حاسمة حيث ضمنت للإنكشارية لفتح مقدونيا.

قام السلطان مراد بتزويج ابنه بايزيد الأول من ابنة أمير كرميان لعقد نوع من الحلف بين الدولتين يستقوي به على أعدائه.
ضم بلغاريا

أغار الوزير ديمور طاش باشا على الصرب والبلغار لتأخرهم في دفع الجزية المتفق عليها، واحتلت صوفيا عام 784 هـ بعد حصار دام ثلاث سنوات وسقطت مدينة سالونيك اليونانية الشهيرة، وحاول أمير البلغار الانضمام لأمير الصرب للهجوم على الدولة أثناء انشغال السلطان في حروبه في الأناضول، ولكن الجيوش العثمانية داهمته واحتلت بعض الأجزاء من بلاده ففر إلى مدينة نيكوبولي فهزمه العثمانيون مرة أخرى وأسرته العساكر المسلمة وأخذ السلطان نصف بلاده، وأعطي أميرها أخير حكما شبه مستقل على النصف الآخر وهكذا خسرت بلغاريا استقلالها عمليا.
فتح الصرب وقهر تمرد ابن السلطان

تمرد عليه ابنه ساوجى بالاتفاق مع ابن إمبراطور القسطنطينية فأرسل إلى ابنه جيشا فقتله وقتل ابن الإمبراطور البيزنطي أيضا.

كان السلطان مراد يتوغل في بلاد البلقان بنفسه فحاول لازار ملك الصرب الانضمام للألبانيين ومحاربة العثمانيين فأدركه الجيش قبل وصوله إلى مبتغاه في سهل قوصوه (كوسوفو)، فدارت معركة عظيمة الأهوال بين الطرفين وانحاز صهر لازار إلى جانب المسلمين بفرقته المؤلفة من عشرة آلاف مقاتل فانهزم الصربيون ووقع ملكهم أسيرا بأيدى المسلمين، فقتلوه انتقاما لأفعاله الخسيسة بأسراه من المسلمين، وظل صدى هذه المعركة يتردد في أوروبا لفترة وفقدت الصرب استقلالها، وفي نهاية المعركة كان السلطان مراد يتفقد القتلى فقام إليه جندي صربي جريح من بين القتلى وطعنه بخنجر فأرداه قتيلا وكان ذلك عام 791 هـ الموافق 20 يونيو 1389م وقتل الجنود العثمانيون القاتل الصربي مباشرة.
تنظيم فرق الخيالة (السباهي)

قام الوزير ديمور طاش باشا بتنظيم فرق الخيالة التي عرفت باسم السباهي (وتعني الفرسان)، واختار الرايات الحمر رمزا لهم، وابتدع نظاما إقطاعيا بحيث يقطع كل فارس من السباهي أراض زراعية يزرعها أصحابها الأصليون ويدفعون للفارس جزءا من الخراج شريطة أن يقيم الفارس في إقطاعه وأن يجهز عدد ا من الجند على نفقته الخاصة عند الحروب، وكان حجم الأراضي وعدد الجند يحدد برتبة الفارس، وكان لخيالة السباهي دور كبير في العقيدة العسكرية العثمانية في الحروب التي تلت تشكيلهم.
أخلاقه وإيمانه الإسلامي

لم يكن مراد الأول يحارب لسفك الدماء أو شهوة في الملك ومما دلل على ذلك أنه عندما أسر أمير البلغار لم يقم السلطان مراد بإذلاله بل صرف له راتبا وجعله حاكما شبه مستقل على النصف الآخر من بلغاريا، كما عفا عن أمير القرمان الذي كان قد هادن السلطان من قبل، حيث اقتاده ديمور طاش باشا أسيرا بعد أن أعد العدة ليثور على العثمانيين فأعاد له كل بلاده شريطة أن يدفع الجزية محترما مركز علاء الدين كوالد زوجته.

كان يتضرع إلى الله بالدعاء ويؤمن بأن النصر من عنده وكان مما دعا به قبل معركة قوصوه : (يا الله يا رحيم يا رب السموات يا من تتقبل الدعاء لا تخزني يا رحمن يا رحيم استجب دعاء عبدك الفقير هذه المرة أرسل السماء علينا مدراراً وبدد سحب الظلام فنرى عدونا وما نحن سوى عبيدك المذنبين إنك الوهاب ونحن فقراؤك، ما أنا سوى عبدك الفقير المتضرع، وأنت العليم يا علام الغيوب والأسرار وما تخفي الصدور ليس لي من غاية لنفسي ولا مصلحة ولا يحملني طلب المغنم فأنا لا أطمع إلا في رضاك يا الله يا عليم يا موجود في كل الوجود أفديك بروحي فتقبل رجائي ولا تجعل المسلمين يبؤ بهم الخذلان أمام العدو، يا الله يا أرحم الراحمين لا تجعلني سبباً في موتهم، بل أجعلهم المنتصرين، إن روحي أبذلها فداءا لك يا رب إني وددت ولازلت دوماً أبغي الاستشهاد...)

كان من كلماته الأخيرة قبل وفاته: (لا يسعني حين رحيلي إلا أن أشكر الله إنه علام الغيوب المتقبل دعاء الفقير، أشهد إن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وليس يستحق الشكر والثناء إلا هو، لقد أوشكت حياتي على النهاية ورأيت نصر جند الإسلام. أطيعوا ابني يزيد، ولا تعذبوا الأسرى ولا تؤذونهم ولا تسلبوهم وأودعكم منذ هذه اللحظة وأودع جيشنا الظافر العظيم إلى رحمة الله فهو الذي يحفظ دولتنا من كل سوء)
وفاته

قُتل أثناء تفقُّده ساحة معركة قوصوه يوم 19 جمادى الآخرة 791هـ، المُوافق فيه 15 يونيو 1389م. قتله أحد نبلاء الصرب يدعى ميلوش كابيلوفج بعد أن أدعى أنه يريد أشهار إسلامه على يد السلطان مراد وخبأ خنجره بداخل ملابسه وقام اليه وكأنه يريد تقبيل يده. وسدد ضربه في صدر السلطان.
الرابع
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Ououoo12

السلطان بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغل، (ولد عام 1345 وتوفي 8 مارس 1403، رابع سلاطين الدولة العثمانية حكم بين عام 1389 و1402. اعتلى العرش بعد مقتل أبيه السلطان مراد الأول، ومباشرة قضى على أخيه يعقوب خنقًا ليمنعه من القيام بانقلاب عليه. لقب باسم يلدرم أي الصاعقة نظرًا لحركته السريعة بجيوشه وتنقله بين عدة جهات بمنتهى السرعة وخلفه أبنه السلطان محمد الأول جلبي.
نشأته

كان في غاية الشجاعة والحماسة للجهاد في سبيل الله غير أنه امتاز عمن سبقوه بسرعة الحركة وقوة الانقضاض على أعدائه حتى لقب بالصاعقة أو يلدرم باللغة التركية، وكان مجرد ذكر اسم يلدرم يوقع الرعب في نفوس الأوروبين عمومًا وأهل القسطنطينية خصوصاً. تولى بايزيد الحكم بعد استشهاد أبيه مراد الأول في معركة كوسوفو سنة 791 هـ.
فتوحاته

كانت منطقة الأناضول أو آسيا الصغرى دائماً هي منطقة الانطلاق لأى سلطان جديد، ذلك لأن هذه المنطقة منقسمة على نفسها لعدة إمارات صغيرة يحكمها أمراء متغلبون على رقاب المسلمين فيها، وقد سعى السلطان مراد الأول لتوحيد الأناضول بعدة وسائل، ولم يكد ينجح في ذلك حتى انفرط العقد مرة أخرى، ثار هؤلاء الأمراء على العثمانيين وسببوا لهم الكثير من المتاعب، وكانت ثوراتهم المتكررة سبباً لصرف جهود العثمانيين عن حرب أوروبا، مما جعل الأوروبيين يلتقطون أنفسهم ويشكلوا تحالفات صليبية متكررة لمحاربة العثمانيين، وفي سنة 793 هـ استطاع بايزيد أن يضم إمارات منتشا، آيدين وصاروخان دون قتال بناءاً على رغبة سكان هذه الإمارات، وقد لجأ حكام هذه الإمارات إلى إمارة اصفنديار، كما تنازل له أمير القرمان علاء الدين عن جزء من أملاكه بدلاً من ضياعها كلها، وقد أشتهر علاء الدين هذا بالغدر والخيانة وأخبار جرائمه أيام السلطان مراد الأول مشهورة، لذلك فلم يكن مستغرباً على هذا الرجل أن يثور مرة أخرى أيام بايزيد مستغلاً انشغاله بالجهاد في أوروبا حيث قام علاء الدين بالهجوم على الحاميات العثمانية وأسر كبار قادة العثمانيين واسترد بعض الأراضى، فعاد بايزيد بسرعته المعهودة وانقض كالصاعقة على علاء الدين وفرق شمله وضم إمارة القرمان كلها للدولة العثمانية وتبعتها إمارة سيواس وتوقات، ثم شق بايزيد طريقه إلى إمارة اصفنديار التي تحولت لملجأ للأمراء الفارين، وطلب بايزيد من أمير اصفنديار تسليم هؤلاء الثوار فأبى فانقض عليه بايزيد وضم بلاده إليه، والتجأ الأمير ومن معه إلى تيمورلنك.
غزوه لأوربا
موقفه من الصرب

بعدما فرغ بايزيد من ترتيب الشأن الداخلى والقضاء على ثورات الأناضول، اتجه إلى ناحية أوروبا وبدأ أولى خطواته هناك بإقامة حلف ودي مع الصرب، حيث أصبت صربيا بمنزلة الحاجز القوى بين الدولة العثمانية وإمبراطورية المجر التي كانت وقتها أقوى الممالك الأوروبية وتلقب بحامية الصليب، وكانت علاقة المجر والصرب متوترة،

عين بايزيد "اصطفان بن لازار" ملكًا على الصرب عام 792 هـ مقابل دفع جزية سنوية وتقديم عدد من المقاتلين ينضمون للجيوش العثمانية وقت الحرب، كما أن بايزيد تزوج "أوليفير" أخت أصطفان.

كان بايزيد يهدف من محالفته للصرب إلى التفرغ للوسط الأوروبي والقسطنطينية لذلك فقد قام بتوجيه ضربة خاطفة إلى بلغاريا وفتحها سنة 797 هـ، وأصبحت بلغاريا من وقتها إمارة تابعة للدولة العثمانية، وفرض بايزيد على إمبراطور بيزنطة مانويل عدة شروط منها :

   إنشاء محكمة إسلامية وتعيين قضاة مسلمين بها للفصل في شؤون الرعية المسلمة بها.
   بناء مسجد كبير بها والدعاء فيه للخليفة العباسي بمصر ثم السلطان بايزيد في خطبة الجمعة.
   تخصيص 700 منزل داخل المدينة للجالية المسلمة بها.
   زيادة الجزية المفروضة على الدولة البيزنطية.

معركة نيقوبولس

   Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: معركة نيقوبولس

كان سقوط بلغاريا وقبول مانويل للشروط السابقة بمثابة جرس الإنذار القوى لكل الأوروبيين خاصة ملك المجر سيجسموند والبابا بونيفاس التاسع، فاتفق عزم الرجلين على تكوين حلف صليبى جديد لمواجهة العثمانيين، واجتهد سيجسموند في تضخيم حجم هذا الحلف وتدويله، باشتراك أكبر قدر ممكن من الجنسيات المختلفة، وبالفعل جاء الحلف ضخماً يضم مائة وعشرين ألف مقاتل من مختلف الجنسيات مثل: ألمانيا، فرنسا، إنجلترا، إسكتلندا، سويسرا وإيطاليا، ويقود الحلف سيجسموند ملك المجر. تحركت الحملة الصليبية سنة 800 هجرية، ولكن بوادر الوهن والفشل قد ظهرت على الحملة مبكراً، ذلك لأن سيجسموند قائد الحملة كان مغروراً لايستمع لنصيحة أحد من باقى قواد الحملة، وحدث خلاف شديد على استراتيجية القتال، فسيجسموند يؤثر الانتظار حتى تأتى القوات العثمانية، وباقى القواد يرون المبادرة بالهجوم، وبالفعل لم يستمعوا لرأى سيجسموند وانحدروا مع نهر الدانوب حتى وصلوا إلى مدينة نيكوبولس في شمال البلقان.

لم يكد الصليبيون يدخلون المدينة حتى ظهر بايزيد ومعه مائة ألف مقاتل، أسفرت معركة نيكوبوليس عن نصر للعثمانيين كان له الأثر العميق في العالم الإسلامي، ووقعت بشارة الفتح في كل مكان مسلم، وأرسل بايزيد إلى كبار حكام العالم الإسلامي يبشرهم بالفتح وبالعديد من أسرى النصارى كهدايا وسبايا لهؤلاء الحكام باعتبارهم دليلاً مادياً على روعة النصر، وأرسل بايزيد إلى الخليفة العباسى بالقاهرة يطلب منه الإقرار على لقب سلطان الروم الذي اتخذه بايزيد دليلاً على مواصلة الجهاد ضد أوروبا حتى يفتحها كلها، ووافق الخليفة على ذلك، وانساح كثير من المسلمين إلى بلاد الأناضول حيث الدولة العثمانية القوية المظفرة.

قد اقسم السلطان بايزيد علي انه لن يتراجع عن غزو أوروبا قبل أن يطعم فرسه الشعير في مذبح القديس بطرس في الفاتيكان... كاد ان يفعل ذلك لولا هجوم تيمور لنك علي مملكته من الشرق

وانتقل إلى الأناضول عام 793 هـ، فضم إمارة "منتشا" وإمارة "آيدين" وإمارة "صاروخان" دون قتال. تنازل له أمير دولة القرمان عن جزء من أملاكه كى يبقى له الجزء الباقى كما فتح مدينة الأشهر وهي آخر مدينة كانت باقية للروم في غرب بلاد الأناضول. حاصر القسطنطينية عام 794 هـ وتركها محاصرة واتجه بجيش إلى الأفلاق (جنوب رومانيا) وعقد معاهدة مع حاكمها تقضى بسيادة العثمانيين وبدفع جزية سنوية إلى السلطان. تمرد عليه أمير دولة القرمان علاء الدين فواجهه وهزمه وأخذه وولديه أسرى.
معركة أنقرة

   Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: معركة أنقرة

هزم بايزيد الأول أمام جيش تيمورلنك في معركة أنقرة يوم 19 ذو الحجة 804 هـ وأسر هو وولده موسى وحاول الفرار من الأسر ثلاث مرات وفشل فيها كلها، وتوفى في الأسر في 15 شعبان عام 805 هـ وسمح تيمورلنك بنقل جثمانه ليدفن في بورصة، وجاءت وفاته إيذانًا ببدء ما عرف لاحقًا باسم عهد الفترة الذي شهد حربًا أهلية بين أبنائه الأربعة على عرش السلطنة.
الخامس
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Ououoo13

محمد الأول

السلطان محمد الأول جلبي بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغل ( 1390 - 26 مايو 1421 ) هو السلطان الخامس للدولة العثمانية والملقب بالجلاد. خلف أباه في السلطنة بعد أسره بيد تيمورلنك في وقعة (أنقرة) ووفاته سنة 805 / هـ. نازعه الملك إخوته: سليمان وموسى وعيسى، وكل منهم يدعي التقدم عليه في السلطنة وتمكن من التغلب عليهم وقتلهم. كانت مدة سلطنته التي دامت 19 سنة(1402 - 1421 ) حروبًا داخلية لإرجاع الإمارات السلجوقية التي استقلت في عهد الفترة الذي أعقب موت السلطان بايزيد الأول في الأسر، وكان السلطان بايزيد قد استولى عليها وألحقها بالدولة العثمانية. أنشأ أسطولاً بحريًا قويًا انتقى بحارته من أهل جنوه وكريت، ونقل كرسي المملكة من بورصة إلى أدرنه. كان محباً للشعر والأدب، شهماً محباً للعدل وأطلق عليه رعاياه لقب (جلبي) أي النبيل.

انتصر على أمير القرمان وعفا عنه، فعاد لقتاله فأسره مرة أخرى ثم عفا عنه، وفعل ذلك مع أمير أزمير فكان رحيمًا معهما على عكس ما كان مع إخوانه. ظهر الأمير مصطفى بن بايزيد أخو السلطان محمد والذي اختفى بعد معركة أنقرة وطالب أخاه بالحكم وسار عليه بجيش ولكن هزم ففر إلى سالونيك فطالب السلطان بتسليمه فأبى الإمبراطور ووعد بإبقائه تحت الإقامة الجبرية مادام السلطان على قيد الحياة فوافق السلطان وجعل لأخيه راتبًا شهريًا. توفى عام (824هـ) بعد أن أوصى لابنه مراد من بعده، وكان في أماسيا يوم وفاة أبيه وكتم خبر وفاة السلطان حتى وصل مراد لأدرنه بعد واحد وأربعين يومًا. ودفن السلطان محمد جلبى في بورصة وخلفه ابنه السلطان مراد الثاني.
السادس
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Ououoo14
السلطان مراد الثاني بن محمد الأول جلبي بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغل هو سادس السلاطين العثمانيين، عاش بين عامي ( يونيو 1404م - 3 فبراير 1451م)، أحب العربية فيعد أول من تعلم ومارس فن الخط العربي من سلاطين العثمانيين، كما أنه كان ينظم الشعر ويتقنه ، و هو أبو محمد الفاتح الشهير.
فترة حكمه

تولى السلطنة بعد وفاة أبيه عام 824 هـ وكان عمره لايزيد على 18 عاما ( 1421 - 1444 ) و (1446 - 1451 ). فترة حكمه تميزت بحروب طويلة الأمد مع مسيحيي البلقان والإمارات التركية في الأناضول . أراد مراد أن يعيد توحيد أملاك السلطنة في الأناضول والتي كان تيمورلنك قد سلخها عن الدولة العثمانية ، حتى يستطيع التفرغ للتوسع في أوروبا كما كان الحال في عهد السلطان بايزيد الأول.

لكن أعداءه لم تمهله ذلك ، حيث قام إمبرطور القسطنطينية بتهديده بإطلاق سراح عمه مصطفى إن لم تعقد السلطنة معه هدنة ، فلم يستجب له مراد ، فتم إطلاق مصطفى مع قوة بيزنطية ، كان نتيجية ذلك انشقاق عدد من قوات السلطنة و انقلابها على مراد لصالح عمه ، لكن مراد تمكن من النيل من عمه وإنهاء الثورة ، كما أن قمع ثورة داخلية أخرى كان قد تزعمها أحد إخوته ، و من ثم استمر بمحاولاته لتوحيد الأراضي الأسيوية المنسلخة حتى تم له ما أراد.

خاض السلطان مراد حروبا طويلة في البلقان ضد مملكة الصرب و ألبانيا و الفلاخ (جزء من رومانيا حاليا) بالإضافة إلى هنغاريا ، و استمر النصر حليفه حتى قابل قائد القوات المجري (الهنغاري) المدعو إيوان دي هونيدوارا ، و الذي أنزل هزائما عديدة بجيوش السلطنة العثمانية مجبرا مراد الثاني على القبول بالصلح.
تخليه عن الحكم

سئم مراد الثاني مسؤلية الحكم و اراد أن يتفرغ للعبادة ، فتنازل عن الملك لابنه محمد الثاني ( محمد الفاتح ) بغية التفرغ للعبادة ، و لم يكن ابنه قد تجاوز الرابعة عشرة من العمر.
إيوان دي هونيدوارا

لم يلبث السلطان مراد أن عاد إثر نقض ملك المجر للصلح المبرم مع العثمانيين بتحريض من مندوب البابا الذي أفتى أن عدم رعاية الميثاق مع المسلمين لا يعد خيانة ، مما دفع السلطان مراد بالسير على رأس جيشه إلى البلقان مجددا ، فانتهت معاركه العديدة مع المجريين بمقتل ملك المجر وتقهقر إيوان دي هونيدوارا .
تخليه عن الحكم للمرة الثانية

عاد مراد للعزلة مرة أخرى لكن ثورة إسكندر بك (أحد أمراء ألبانيا الذي كما يبدو كان قد تظاهر بالإسلام) أعادته للواجهة مرة أخرى ، حيث استغل هذا الثائر صغر سن محمد الثاني ليشق الصف العثماني مستعملا بعض الانكشارية والجند التي أيدته . تراجع إسكندر بك إلى ألبانيا حيث أراد أن يستقل عن أملاك السلطنة ، و ناصره معه عدد من أشراف البلاد ، و خلاصة الأمر أن اسكندر بك استطاع أن يحتفظ بأراض واسعة من ألبانيا ،

توفي السلطان مراد قبل أن يمهله القدر لإنهاء هذا الأمر ، و لكن جهوده في إعادة توحيد الولايات العثمانية و توطيد الأمن على الحدود الأوروبية كانت العتبة التي صعد عليها ابنه محمد ليفتح القسطنطينية و يسيطر على ما تبقى من الأراضي البلقانية ، و يذكر المؤرخون أن مراد الثاني كان أول من استعمل سلاح المدفعية في التاريخ العسكري العثماني وخلفه ابنه السلطان محمد الفاتح .
السابع
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Ououoo10
لسلطان الغازي محمد الثاني الفاتح (بالتركية العثمانية: فاتح سلطان محمد خان ثانى؛ وبالتركية الحديثة: Fatih Sultan Mehmed Han II أو II. Mehmed) والذي عُرف في أوروبا خلال عصر النهضة باسم "Mahomet II"، وهو ذات اللفظ الذي كان الأوربيون يلفظون به اسم نبي الإسلام،[3][4] هو سابع سلاطين الدولة العثمانية وسلالة آل عثمان، يُلقب، إلى جانب "الفاتح"، بأبي الفتوح وأبو الخيرات، وبعد فتح القسطنطينية أضيف لقب "قيصر" إلى ألقابه وألقاب باقي السلاطين الذين تلوه.[5] حكم ما يقرب من ثلاثين عامًا عرفت توسعًا كبيرًا للخلافة الإسلامية.

يُعرف هذا السلطان بأنه هو من قضى نهائيًا على الإمبراطورية البيزنطية بعد أن استمرّت أحد عشر قرنًا ونيفًا، ويعتبر الكثير من المؤرخين هذا الحدث خاتمة العصور الوسطى وبداية العصور الحديثة،[6][7] وعند الأتراك فهذا الحدث هو "فاتحة عصر الملوك" (بالتركية: çağ açan hükümdar).

تابع السلطان محمد فتوحاته في آسيا، فوحّد ممالك الأناضول، وتوغّل في أوروبا حتى بلغراد. من أبرز أعماله الإدارية دمجه للإدارات البيزنطية القديمة في جسم الدولة العثمانية المتوسعة آنذاك. يُلاحظ أن محمد الثاني لم يكن أول حاكم تركي للقسطنطينية، فقد كان أحد الأباطرة الروم السابقين، والمدعو "ليون الرابع" (باليونانية: Λέων Δ΄) من أصول خزرية، وهؤلاء قوم من الترك شبه رحّل كانوا يقطنون سهول شمال القوقاز. كان محمد الثاني عالي الثقافة ومحبًا للعلم والعلماء، وقد تكلّم عدداً من اللغات إلى جانب اللغة التركية، وهي: الفرنسية، اللاتينية، اليونانية، الصربية، الفارسية، العربية، والعبرية.[8][9]
بداية حياته
إخبار نبي الإسلام عنه
نبوءة النبي محمد حول فتح القسطنطينية، منقوشة على إحدى بوابات آيا صوفيا.

يؤمن المسلمون بأن النبي محمد بن عبد الله تحدث عن أمير من أفضل أمراء العالم، وأنه هو من سيفتح القسطنطينية ويُدخلها ضمن الدولة الإسلامية، فقد ورد في مسند أحمد بن حنبل في الحديث رقم 18189:
 
محمد الفاتح حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ [10]
 
محمد الفاتح
مولده ونشأته
رسم بيد السلطان محمد الثاني مأخوذ من كتاب رسوماته عندما كان صبيّا، وتظهر في الأعلى طغرائه المكونة من حروف متشابكة.

وُلد محمد الثاني، للسلطان "مراد الثاني" و"هما خاتون"،[1][11] فجر يوم الأحد بتاريخ 20 أبريل، 1429 م، الموافق في 26 رجب سنة 833 هـ في مدينة أدرنة، عاصمة الدولة العثمانية آنذاك.[12] عندما بلغ محمد الثاني ربيعه الحادي عشر أرسله والده السلطان إلى أماسيا ليكون حاكمًا عليها وليكتسب شيءًا من الخبرة اللازمة لحكم الدولة، كما كانت عليه عادة الحكّام العثمانيين قبل ذلك العهد. فمارس محمد الأعمال السلطانية في حياة أبيه، ومنذ تلك الفترة وهو يعايش صراع الدولة البيزنطية في الظروف المختلفة، كما كان على اطلاع تام بالمحاولات العثمانية السابقة لفتح القسطنطينية، بل ويعلم بما سبقها من محاولات متكررة في العصور الإسلامية المختلفة.[13] وخلال الفترة التي قضاها حاكماً على أماسيا، كان السلطان مراد الثاني قد أرسل إليه عددًا من المعلمين لكنه لم يمتثل لأمرهم، ولم يقرأ شيئاً، حتى أنه لم يختم القرآن الكريم، الأمر الذي كان يُعد ذا أهمية كبرى، فطلب السلطان المذكور، رجلاً له مهابةٌ وحدّة، فذكر له المولى "أحمد بن إسماعيل الكوراني"، فجعله معلمًا لولده وأعطاه قضيبًا يضربه به إذا خالف أمره، فذهب إليه، ودخل عليه والقضيب بيده، فقال: "أرسلني والدك للتعليم والضرب إذا خالفت أمري"، فضحك السلطان محمد الثاني من ذلك الكلام، فضربه المولى الكوراني في ذلك المجلس ضربًا شديدًا، حتى خاف منه السلطان محمد، وختم القرآن في مدة يسيرة.[14]

هذه التربية الإسلامية كان لها الأثر الأكبر في تكوين شخصية محمد الفاتح، فجعلته مسلمًا مؤمنًا ملتزمًا بحدود الشريعة، مقيدًا بالأوامر والنواهي، معظمًا لها ومدافعًا عن إجراءات تطبيقها، فتأثر بالعلماء الربانيين، وبشكل خاص معلمه المولى "الكوراني" وانتهج منهجهم.[15] وبرز دور الشيخ "آق شمس الدين" في تكوين شخصية محمد الفاتح وبث فيه منذ صغره أمرين هما: مضاعفة حركة الجهاد العثمانية، والإيحاء دومًا لمحمد منذ صغره بأنه الأمير المقصود بالحديث النبوي، لذلك كان الفاتح يطمع أن ينطبق عليه حديث نبي الإسلام.[13]
اعتلاؤه العرش للمرة الأولى وتنازله عنه

   Crystal Clear app kdict.png مقالات مفصلة: مراد الثاني
   معركة فارنا
   الإمبراطورية النمساوية المجرية

السلطان مراد الثاني، والد السلطان محمد الفاتح.
معركة فارنا، بريشة "يان ماتيكو".

في 13 يوليو سنة 1444 م، الموافق 26 ربيع الأول سنة 848 هـ، أبرم السلطان مراد الثاني معاهدة سلام مع إمارة قرمان بالأناضول، وعقب ذلك توفي أكبر أولاد السلطان واسمه علاء الدين، فحزن عليه والده حزنًا شديدًا وسئم الحياة،[16][17] فتنازل عن الملك لابنه محمد البالغ من العمر أربع عشرة سنة، وسافر إلى ولاية أيدين للإقامة بعيدًا عن هموم الدنيا وغمومها.[18] لكنه لم يمكث في خلوته بضعة أشهر حتى أتاه خبر غدر المجر وإغارتهم على بلاد البلغار غير مراعين شروط الهدنة اعتمادًا على تغرير الكاردينال "سيزاريني"، مندوب البابا، وإفهامه لملك المجر أن عدم رعاية الذمة والعهود مع المسلمين لا تُعد حنثًا ولا نقضًا.[18]

وكان السلطان محمد الثاني قد كتب إلى والده يطلب منه العودة ليتربع على عرش السلطنة تحسبًا لوقوع معركة مع المجر، إلا أن مراد رفض هذا الطلب. فرد محمد الثاني الفاتح : «إن كنت أنت السلطان فتعال وقف على قيادة جيشك ورياسة دولتك وإن كنت أنا السلطان فإني آمرك بقيادة الجيش». وبناءً على هذه الرسالة، عاد السلطان مراد الثاني وقاد الجيش العثماني في معركة فارنا، التي كان فيها النصر الحاسم للمسلمين بتاريخ 10 نوفمبر سنة 1444 م، الموافق في 28 رجب سنة 848 هـ.[19]

لم تطل إقامته أكثر من ثلاثة أشهر إذ اضطر للعودة إلى أدرنة قاعدة الدولة حيث استصغر قادة الجيش العثمانيين من الانكشارية السلطان الصغير، إذ عصوا أمره، ونهبوا المدينة، ووصل السلطان فأدب القادة وأشغلهم بالقتال في بلاد اليونان[20].

يُقال بأن عودة السلطان مراد الثاني إلى الحكم كان سببها أيضًا الضغط الذي مارسه عليه الصدر الأعظم "خليل جندرلي باشا"، الذي لم يكن مولعًا بحكم محمد الثاني، بما أن الأخير كان متأثرًا بمعلمه المولى "الكوراني" ويتخذ منه قدوة، وكان الكوراني على خلاف مع الباشا.
الفترة في مانيسا (1446-1451)
موقع مانيسا في تركيا.

انتقل السلطان محمد الثاني إلى مانيسا الواقعة بغرب الأناضول بعد ثورة الإنكشارية عليه، وبعد أن جمعهم والده وانتقل لخوض حروبه في أوروبا. ليس هناك من معلومات كثيرة تفيد بالذي قام به السلطان محمد في الفترة التي قضاها في مدينة مانيسا، ولكن يُعرف أنه خلال هذه الفترة، تزوج السلطان بوالدة ولي العهد، كما كان يُطلق على زوجات السلاطين، "أمينة گلبهار" ذات الجذور اليونانية النبيلة،[21] من قرية "دوفيرا" في طرابزون،[21] والتي توفيت بعد ذلك عام 1492 بعد أن أنجبت السلطان بايزيد الثاني.[22] وكان السلطان مراد الثاني قد عاد إلى عزلته مرة أخرى بعد أن انتصر على المجر واستخلص مدينة فارنا منهم، لكنه لم يلبث فيها هذه المرة أيضا، لأن عساكر الإنكشارية ازدروا ملكهم الفتى محمد الثاني وعصوه ونهبوا مدينة أدرنة عاصمة الدولة، فرجع إليهم السلطان مراد الثاني في أوائل سنة 1445 وأخمد فتنتهم. وخوفًا من رجوعهم إلى إقلاق راحة الدولة، أراد أن يشغلهم بالحرب، فأغار على بلاد اليونان والصرب طيلة سنواته الباقية، وفتح عددًا من المدن والإمارات وضمها إلى الدولة العثمانية.[19] تزوج السلطان محمد في هذه الفترة أيضا بزوجته الثانية "ستّي مكرم خاتون" الأميرة من سلالة ذي القدر التركمانية.[23][24]

قام محمد الفاتح خلال المدة التي قضاها في مانيسا، بضرب النقود السلجوقية باسمه،[25] وفي أغسطس أو سبتمبر من عام 1449، توفيت والدته،[26] وبعد هذا بسنة، أي في عام 1450، أبرم والده صلحًا مع "اسكندر بك"، أحد أولاد "جورج كستريو" أمير ألبانيا الشمالية الذين كان السلطان مراد الثاني قد أخذهم رهائن وضمّ بلاد أبيهم إليه بعد موته. وكان اسكندر المذكور قد أسلم، أو بالأحرى تظاهر بالإسلام لنوال ما يكنه صدره وأظهر الإخلاص للسلطان حتى قرّبه إليه، ثم انقلب عليه أثناء انشغاله بمحاربة الصرب والمجر، وبعد عدد من المعارك لم يستطع الجيش العثماني المنهك استرجاع أكثر من مدينتين ألبانيتين،[27] فرأى السلطان مصالحة البك ريثما يعود ليستجمع جيشه قوته ثم يعود لفتح مدينة "آق حصار".[28][29]
اعتلاؤه العرش للمرة الثانية وفتح القسطنطينية
تربّع السلطان محمد الثاني على عرش الدولة العثمانية.
الدولة العثمانية والدول والإمارات المحيطة بها عام 1450، أي قبل تربّع محمد الثاني على العرش بسنة واحدة.

عاد السلطان مراد الثاني إلى أدرنة، عاصمة ممالكه ليُجهز جيوشًا جديدة كافية لقمع الثائر على الدولة، "اسكندر بك"، لكنه توفي في يوم 7 فبراير سنة 1451، الموافق في 5 محرم سنة 855هـ. وما أن وصلت أنباء وفاة السلطان إلى ابنه محمد الثاني، حتى ركب فوراً وعاد إلى أدرنة حيث توّج سلطانا للمرة الثانية في 19 فبراير من نفس العام،[30] وأقام جنازة لوالده الراحل وأمر بنقل الجثمان إلى مدينة بورصة لدفنه بها،[31] وأمر بإرجاع الأميرة "مارا" الصربية إلى والدها، أمير الصرب المدعو "جورج برنكوفيتش"، الذي زوّجها للسلطان مراد الثاني عندما أبرم معه معاهدة سلام قرابة عام 1428.[32][33]

عندما تولى محمد الثاني الملك بعد أبيه لم يكن بآسيا الصغرى خارجًا عن سلطانه إلا جزء من بلاد القرمان ومدينة "سينوب" ومملكة طرابزون الروميّة. وصارت مملكة الروم الشرقية قاصرة على مدينة القسطنطينية وضواحيها. وكان إقليم "موره" مجزءاً بين البنادقة وعدّة إمارات صغيرة يحكمها بعض أعيان الروم أو الإفرنج الذين تخلفوا عن إخوانهم بعد انتهاء الحروب الصليبية، وبلاد الأرنؤد وإيبيروس في حمى إسكندر بك سالف الذكر، وبلاد البشناق المستقلة، والصرب التابعة للدولة العثمانية تبعية سيادية، وما بقي من شبه جزيرة البلقان كان داخلاً تحت سلطة الدولة كذلك.[32]
الإعداد للفتح
قلعة روملي حصار كما تبدو اليوم، كما يراها الناظر من مضيق البوسفور.

أخذ السلطان محمد الثاني، بعد وفاة والده، يستعد لتتميم فتح ما بقي من بلاد البلقان ومدينة القسطنطينية حتى تكون جميع أملاكه متصلة لا يتخللها عدو مهاجم أو صديق منافق، فبذل بداية الأمر جهودًا عظيمة في تقوية الجيش العثماني بالقوى البشرية حتى وصل تعداده إلى قرابة ربع مليون جندي، وهذا عدد كبير مقارنة بجيوش الدول في تلك الفترة، كما عني عناية خاصة بتدريب تلك الجموع على فنون القتال المختلفة وبمختلف أنواع الأسلحة التي تؤهلهم للغزو الكبير المنتظر، كما أعتنى الفاتح بإعدادهم إعدادًا معنويًا قويًا وغرس روح الجهاد فيهم، وتذكيرهم بثناء النبي محمد على الجيش الذي يفتح القسطنطينية وعسى أن يكونوا هم الجيش المقصود بذلك، مما أعطاهم قوة معنوية وشجاعة منقطعة النظير، كما كان لانتشار العلماء بين الجنود أثر كبير في تقوية عزائمهم.[32]

أراد السلطان، قبل أن يتعرض لفتح القسطنطينية أن يُحصّن مضيق البوسفور حتى لا يأتي لها مدد من مملكة طرابزون، وذلك بأن يُقيم قلعة على شاطئ المضيق في أضيق نقطة من الجانب الأوروبي منه مقابل القلعة التي أسست في عهد السلطان بايزيد في البر الآسيوي.[34] ولمّا بلغ إمبراطور الروم هذا الخبر أرسل إلى السلطان سفيرًا يعرض عليه دفع الجزية التي يُقررها،[32] فرفض الفاتح طلبه وأصر على البناء لما يعلمه من أهمية عسكرية لهذا الموقع، حتى اكتملت قلعة عالية ومحصنة، وصل ارتفاعها إلى 82 مترًا، وأطلق عليها اسم "قلعة روملي حصار" (بالتركية: Rumeli Hisarı)، وأصبحت القلعتان متقابلتين، ولا يفصل بينهما سوى 660 مترًا، تتحكمان في عبور السفن من شرقي البوسفور إلى غربه وتستطيع نيران مدافعهما منع أية سفينة من الوصول إلى القسطنطينية من المناطق التي تقع شرقها مثل مملكة طرابزون وغيرها من الأماكن التي تستطيع دعم المدينة عند الحاجة.[34] كما فرض السلطان رسومًا على كل سفينة تمر في مجال المدافع العثمانية المنصوبة في القلعة، وكان أن رفضت إحدى سفن البندقية أن تتوقف بعد أن أعطى العثمانيون لها عدداً من الإشارات، فتمّ إغراقها بطلقة مدفعية واحدة فقط.[35]
مدفع سلطاني عثماني مماثل للمدفع الذي استخدم عند حصار القسطنطينية. تمّ صب هذا المدفع عام 1464، وهو الآن موجود في متحف الترسانة الملكية البريطانية.

اعتنى السلطان عناية خاصة بجمع الأسلحة اللازمة لفتح القسطنطينية، ومن أهمها المدافع، التي أخذت اهتمامًا خاصًا منه حيث أحضر مهندسًا مجريًا يدعى "أوربان" كان بارعًا في صناعة المدافع، فأحسن استقباله وو


عدل سابقا من قبل Admin في الثلاثاء 6 مايو - 6:44 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hatem.123.st

كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin



عدد الرسائل : 1869
تاريخ التسجيل : 29/05/2008

الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: السلطان العثماني محمود الثاني (الواحد والثلاثون)   الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالخميس 29 مايو - 6:09

الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 3110
السلطان محمود خان الثاني عبد الحميد الأول بن أحمد الثالث بن محمد الرابع بن إبراهيم الأول بن أحمد الأول بن محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني بن سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح بن مراد الثاني بن محمد الأول جلبي بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغل. (20 يوليو 1785 – 1 يوليو 1839) كان السلطان الثلاثون للدولة العثمانية، وهو ابن السلطان عبد الحميد الأول شهد عصرة خطوات إصلاح واسعة، وحاول أن يوقظ الدولة العثمانية، وأن يدفعها إلى ما تستحقه من مكانة وتقدير.

محتويات

1 ولاية السلطان محمود الثاني
2 القضاء على الإنكشارية
3 الأخذ بالنظم العسكرية الحديثة
4 إصلاح التعليم
5 إصلاحات أخرى
6 العلاقة مع الدولة السعودية الأولى
7 حرب الاستقلال اليونانية
8 اتفاق الدول الكبرى على العثمانيين
9 احتلال فرنسا للجزائر وثورة محمد علي
10 وفاة السلطان
11 الهوامش
12 المصادر
13 من مصادر الدراسة

ولاية السلطان محمود الثاني

تقلد السلطان محمود الثاني مقاليد الخلافة العثمانية سنة 1808م وهو في الرابعة والعشرين من عمره، واستقر عزمه على أن يمضي في طريق الإصلاح الذي سلكه بعض أسلافه من الخلفاء العثمانيين، ورأى أن يبدأ بالإصلاح الحربي، فكلف الصدر الأعظم "مصطفى البيرقدار" بتنظيم الإنكشارية وإصلاح أحوالهم، وإجبارهم على اتباع التنظيمات القديمة الموضوعة منذ عهد السلطان سليمان القانوني وأُهملت شيئا فشيئا.
القضاء على الإنكشارية

راجع: الانقلابات على القصر العثماني 1807-1808

حاول الصدر الأعظم أن يقوم بالمهمة التي كلفه بها السلطان محمود الثاني؛ فقوبل باعتراض من الإنكشارية، وثاروا في العاصمة ثورة عارمة في (رمضان 1223 هـ = 1808م) وحاولوا إرجاع السلطان السابق "مصطفى الرابع" ليكون ألعوبة في أيديهم، وأضرموا النيران في السرايا الحكومية، ومات الصدر الأعظم في هذه الفتنة محترقا وهو يحاول أن يقضي على تلك الفتنة، واضطر السلطان أن يخضع لهم بعد أن أضرموا النار في العاصمة، وكادت النيران تقضي عليها، مؤجلا فكرة التخلّص منهم إلى وقت آخر.

وكان السلطان يرى أن اشتداد نفوذ الإنكشارية قد حطم جهود كل من يحاول الإصلاح من السلاطين السابقين، وأن سرّ نجاح محمد علي باشا في حركته الإصلاحية أنه بدأ بإزالة عقبة مشابهة وهي المماليك فتخلص منهم في الحادثة المعروفة باسم "مذبحة القلعة"، وقد تخلص السلطان محمود الثاني من الإنكشارية تماما في سنة (1240 هـ = 1826م).
الأخذ بالنظم العسكرية الحديثة
السُلطان محمود الثاني بعد إقراره اللباس الأوروبي في الدولة العثمانيَّة.

وجّه السلطان محمود الثاني عنايته إلى بناء فرق عسكرية تأخذ بالنظم الحديثة؛ فأنشأ قوة من سلاح المدفعية على يد ضباط أوروبيين، وكان نجاح هذه القوة في تعلم الفنون العسكرية الحديثة حافزا له في تنظيم قوة أخرى من المشاة على نفس الطريقة. بدأ السلطان يعمل على إيجاد رأي عام يؤيد ما يتجه إليه من إصلاحات، بإقامة الحفلات الكبرى لأي إنجاز تقوم به قواته، وباستصدار فتوى من كبار مشايخ الدولة بوجوب تعليم فنون الحرب، وضرورة إصلاح الجندية، وإدخال النظام العسكري الحديث في فرق الإنكشارية التي لا يمكنها بما هي عليه الآن الوقوف أمام الجيوش الأوروبية، وأحيا السلطان محمود الثاني ما أقامه مصطفى الثالث من مدارس للطوبجية والبحرية والهندسة، وأنشأ مدرسة حربية لتخريج الضباط على غرار المدارس الحربية الأوروبية، ومدارس لتعليم الجند وتدريبهم على نَسَق مدارس الجيش في إنجلترا.

أخذ السلطان بنظام التجنيد الإجباري لأبناء المسلمين، وجعل مدة التجنيد عشر سنوات، وأرسل الضباط في بعثات للخارج على نطاق واسع، واستدعى عددا من الضباط من بروسيا لتدريب القوات الجديدة. اتجه السلطان إلى إصلاح البحرية، فأعاد فتح مدرسة البحرية التي كان قد أنشأها السلطان مصطفى الثالث، وشرع في بناء ثكنات خاصة لرجال البحرية الذين سُموا أحيانا بـ"جنود البحر"، وبنى دارا جديدة للمدرسة البحرية عُنِي بتلاميذها ومدرسيها، وزودها بالأدوات والمكتبة والأجهزة، ثم بنى مدرسة بحرية أخرى قصرها على الطلاب المتفوقين من المدرسة القديمة.
سفينة المحمودية كما تظهر في هذا الرسم، هي أكبر سفينة حربية في العالم لسنوات عديدة يديرها 1280 بحار وتحمل 128 مدفعا موزعين على ثلاثة طوابق، واعتبرت هذه السفينة فخر البحرية العثمانية في تلك الفترة و شاركت في حرب القرم، ولم يقدر لها أن تغرق. هناك مجسم معروض لهذه السفينة في المتحف البحري العسكري في إسطنبول

من أهم إصلاحات محمود الثاني كان العناية بالبحرية العثمانية وإعادة بنائها لا سيما بعد الهزيمة القاسية للأسطول العثماني في معركة نافارين أمام الأساطيل الأوروبية المتحالفة، حيث أدخل أول سفينة حربية تعمل بالبخار في عام 1828 م كما أمر نخبة مهندسيه ببناء سفينة المحمودية Mahmudiye ذات الـ128 مدفع وبقيت هذه السفينة الأضخم في العالم لسنوات عديدة، كماأعاد فتح المدرسة الهندسية البحرية التي كانت قد أنشئت في قبل في سنة (1208 هـ = 1793م)، وكلما انتهى العمل في بناء قطعة بحرية أُنزلت للبحر في احتفال عظيم، وكان السلطان يُسرّ لإنشاء السفن الجديدة سرورا عظيما ويخلع على طاقمها هباته وهداياه.
إصلاح التعليم

عُنِي محمود الثاني بتنظيم التعليم حيث أنشأ المدارس الابتدائية المسماة "صبيان مكتبي" لتعليم الهجاء التركي وقراءة القرآن، ومبادئ اللغة العربية، والمدارس الثانوية "مكتب رشدية" لتعليم الرياضيات والتاريخ والجغرافيا، إلى جانب المدارس الملحقة بالمساجد، كما أنشئت مدارس تُعِدّ طلابها للالتحاق بمدارس البحرية والطب والزراعة والهندسة والمدفعية، وكانت المدرسة الإعدادية لمدرسة الطب ملحقة بها.

اعتنى محمود الثاني بمدرسة تعليم اللغات التي أنشئت في عصر السلطان مصطفى الرابع لتخريج المترجمين، وكان يلتحق خريجو هذه المدارس بالسفارات المختلفة. أكثر محمود الثاني من إرسال البعثات العلمية إلى لندن وباريس لتحصيل الفنون والعلوم الحديثة، وكلف سفيره في باريس "أحمد باشا" بمرافقتهم وكتابة تقارير عنهم.

ومنها أيضا اهتمامه بالمكتبات حيث قام بتجديد المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة.
إصلاحات أخرى

حاول السلطان إصلاح أجهزة الدولة المركزية بالطريقة الأوروبية، فوضع الأوقاف تحت إشرافه وألغى الأوقاف الصغيرة وضمها إلى أملاك السلطان، وأجرى أول إحصاء للأراضي الزراعية التركية في العصر الحديث، وأدخل تحسينات على شبكة المواصلات، وأنشأ طرقا جديدة وأدخل البرق، وخطوط السكك الحديدية، كما أنشأ جريدة رسمية للدولة.

شهد عصر السلطان محمود نشاطا في حركة التعمير، وصيانة المرافق القديمة التي أصابها الإهمال، فأنشأ في سنة (1241 هـ = 1825م) "جامع نصرت" أي جامع النصر في إستانبول، وأعاد تعمير مسجد "آيا صوفيا" وغيره من مساجد العاصمة.

عمل حتى على إصلاح الملابس، حيث استحدث لباسا يشبه اللباس الأوروبي واستبدل العمامة بالطربوش الذي كان يرتديه الرعايا العثمانيون في ولايات الأفلاق والبغدان (قبعة رومانية)، وأجبر موظفي الحكومة المدنيين والعسكريين على ارتداء اللباس الجديد في أماكن عملهم.

قام بزيارة الولايات الأوروبية للوقوف على حالها وأخذ على عاتقه تحديث الدولة العلية لتجاري الدول الكبرى من جديد.
العلاقة مع الدولة السعودية الأولى

أمر السلطان محمود خان واليه محمد علي باشا بالقضاء على الدولة السعودية الأولى، حيث أرسله ابنه إبراهيم باشا للقضاء على الدرعية -عاصمة الدولة السعودية. وقد قام إبراهيم باشا بمحاصرة الدرعية وارسال عبد الله بن سعود الكبير للأستانة حيث أمر بقتله بعد أن طاف به شوارعها حتى وصلوا به إلى ميدان السلطان بايزيد حيث قتل[1]
حرب الاستقلال اليونانية

استغل اليوناييون انشغال الدولة العثمانية في إخماد إحدى الثورات حتى يهبوا معلنين بداية حرب الاستقلال اليونانية والتي كان أمراؤهم وأغنياؤهم قد أعدوا لها منذ مدة ليس قصيرة، وحظيت بدعم أوروبا التي أرسلت إليهم المال والعتاد والرجال. أراد السلطان محمود أن يخفف عن جيوشه العبء من جهة وأن يضعف قوة محمد علي باشا (الوالي العثماني في مصر آنذاك)، فأصدر أمرا لمحمد علي بالتوجه فورا لدعم الحامية العثمانية المتمركزة في اليونان.

اضطر محمد علي للانصياع لأوامر خليفته، فسير 17 ألف عسكري مصري إلى بلاد اليونان، بالإضافة إلى الأسطول البحري المصري. اجتمع الأسطولان المصري والعثماني عند السواحل اليونانية، وقاد إبراهيم باشا جنوده عبر ميناء مودون إلى البر اليوناني وبدا باسترجاع كل المدن المفقودة حتى حرر أثينا.

بعد مشاورات ومناوشات سياسية طويلة بين الدولة العلية والدول العالمية، رفضت الدولة العثمانية تدخل أي دولة في شأن اليونان، كما رفضت أي اقتراح لحل الأزمة، مما سبب ظهور حلف روسي فرنسي إنجليزي كان هدفه فصل اليونان عن جسد الدولة العلية، فتجمعت أساطيل الدول الثلاثة في ميناء نافارين وقامت بتدمير الأسطولين المصري والعثماني فجأة وبدون إنذار مسبق في معركة نافارين، كما جهزت فرنسا جيشا بريا كبيرا عمل على إعادة احتلال اليونان من قوات محمد علي باشا، والتي تقهقرت بناء على أوامر والي مصر، وانتهى الأمر باستقلال اليونان.
الأسطول المصري في معركة نافارين للرسام الروسي إيفان إيفازوفسكي
اتفاق الدول الكبرى على العثمانيين

كان من نتائج حرب الاستقلال اليونانية وقوع الحرب بين روسيا والدولة العلية، فحدثت مناوشات كبيرة بين الطرفين انتهت بتقدم الروس ببطء في الأراضي العثمانية، وكان سبب ذلك استخدام العثمانيين للتنظيمات العسكرية الجديدة بدلا من الإنكشارية، لكن هذه الحرب لم تكن قد أمهلت العثمانيين الوقت الكافي لإعداد عدد أكبر من الجيوش النظامية الحديثة وانتهت القصة بهزيمة العثمانيين و سيطرة الروس على مدن عديدة في بلغاريا ورومانيا.

تدخلت الدول الكبرى من جديد، وجرت المناقشات السياسية التي انتهت بانسحاب روسيا من المناطق التي احتلتها مقابل دفع الدولة العثمانية لغرامة حربية كبيرة على ثلاثة دفعات، بالإضافة إلى استقلال اليونان وإضعاف سلطة الدولة على ولاياتها الأوروبية، وكان الهدف من هذا كله إثقال كاهل الدولة العثمانية فلا تستطيع توفير المال لتحديث جيشها وإعادة بناء أساطيلها البحرية، والتأكد من حدوث القلاقل في البلقان حتى تبقي الدولة العثمانية مستنزفة ماليا وعسكريا، ولإبقاء نافذة للدول الكبرى للتدخل في شؤون الدولة العثمانية مستقبلا.
احتلال فرنسا للجزائر وثورة محمد علي

استغل الفرنسيون ضعف الدولة العثمانية، ولا سيما في الجانب البحري بعد تدمير جزء كبير من أسطولها البحري في معركة نافارين، فقاموا باحتلال ولاية الجزائر التابعة اسميا للدولة العثمانية. حدث ذلك في عام 1830 م ولم تقوى الدولة العلية على فعل شيء فبدأت المقاومة الجزائرية بقيادةعبد القادر الجزائري.
محمد علي باشا يستعرض جيشه حديث النشأة.

كان محمد علي باشا ذا طموح كبير وأراد أن يستبدل السلطنة العثمانية الضعيفة بدولة علوية (نسبة لمحمد علي) حديثة تحقق طموحه الكبير. لم يأبه محمد علي لما كان يدور بين الفرنسيين وجيرانه الجزائريين واستغل ضعف الدولة العثمانية ليباشر في عام 1831 بمحاولة السيطرة على الشام، وبالفعل تمكن من هزيمة الحامية العثمانية والتقدم إلى ما بعد جبال طوروس وأنزل الهزائم المتوالية في الجيش العثماني حتى وصل إلى مدينة قونية.

أوقف محمد علي باشا زحفه بسبب إبرام روسيا والدولة العلية معاهدة عسكرية تقضي بدفاع الجيش الروسي عن إسطنبول في حالة تقدم قوات محمد علي صوبها، وأرادت روسيا بهذا الحفاظ على السلطنة العثمانية الضعيفة من أن ترثها دولة قوية تقف بوجه تحقيق وصية بطرس الأكبر، وتدخلت القوى الأوروبية مجددا وتم ترسيم الحدود بين الطرفين وإنهاء الصراع مؤقتا حيث خافت تلك الدول من تنامي قوى محمد علي وروسيا على حساب الدولة العثمانية، لكن حرب عادت للاشتعال عام 1839 م في معركة نصيبين والتي انتهت بانتصار محمد علي مجددا.
وفاة السلطان

امتاز السلطان محمود الثاني بالتوجه للغرب العلماني، أنهكته الحروب مع روسيا، وشغلته حروبه مع محمد علي والي مصر الطموح الذي تطلع إلى ضم بلاد الشام إلى ولايته في مصر، ووقعت الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي في سنة (1245 هـ = 1830م).

تعرض السلطان للإصابة بعدوى السل، ولما اشتد به المرض نُقل إلى إحدى ضواحي إستانبول للاستشفاء بهوائها النقي، ثم لم يلبث أن عاجلته المنية في (19 ربيع الآخر 1255 هـ = 2 يوليو 1839م) وخلفه السلطان عبد المجيد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hatem.123.st
Admin
Admin
Admin
Admin


ذكر عدد الرسائل : 1869
تاريخ التسجيل : 29/05/2008

الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: السلطان العثماني عبد المجيد الاول(الثاني والثلاثون)   الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالخميس 29 مايو - 6:26

الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 3210

عبد المجيد الأول بن محمود الثاني بن عبد الحميد الأول بن أحمد الثالث بن محمد الرابع بن إبراهيم الأول بن أحمد الأول بن محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني بن سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح بن مراد الثاني بن محمد الأول جلبي بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغل.

(1823 - 1861)، هو خليفة المسلمين الثالث بعد المئة وسلطان العثمانيين الحادي والثلاثين والثالث والعشرين من آل عثمان الذين جمعوا بين الخلافة والسلطنة. وهو ابن السلطان محمود الثاني، تولى السلطنة وله من العمر 17 عامًا؛ تمكنت الدولة في عهده من الانتصار في حرب القرم، واستعادة سوريا العثمانية من حكم محمد علي باشا، وأدخل إصلاحات عديدة في القوانين العثمانية، وقوّى سلطة الحكومة المركزية مقابل انحلال الولاة السابق، سيرًا على نهج أسلافه بدءًا من سليم الثالث الإصلاحي؛ بنى قصر طولمه بهجة، واتخذه مقرًا لحكمه، كما رمم المسجد النبوي في المدينة المنورة.

محتويات

1 حياته
1.1 خلافته والمسألة المصرية
1.2 اتفاقية المضائق
1.3 نظام إدارة جبل لبنان
1.4 الإصلاحات المدنية
1.4.1 «التنظيمات الخيرية»
1.4.1.1 خط كلخانة
1.4.1.2 الخط الخمايوني
1.5 حرب القرم
1.6 آثاره العمرانية
1.7 السياسة الاقتصادية
2 انظر أيضًا
3 المراجع

حياته

ولد السلطان عبد المجيد الأول في قصر الباب العالي يوم 6 مايو 1822 كأكبر أولاد السلطان محمود الثاني، وتلقى التعليم الأوروبي وكان يجيد اللغة الفرنسية في حين يجري المهتمين في الأدب والموسيقى الكلاسيكية وكان من دعاة الإصلاحات مثل والده السلطان محمود الثاني.
خلافته والمسألة المصرية

Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: سوريا تحت حكم محمد علي باشا

تولى عبد المجيد السلطنة وهو لم يتجاوز السابعة عشر من عمره بعد وفاة والده، وكانت أحوال الدولة في غاية الاضطراب حينها، بعد انتصار جيوش محمد علي باشا في معركة نصيبين، وانضمام الأسطول العثماني بقيادة أحمد باشا إلى محمد علي ورسوّه في ميناء الإسكندرية. وكانت أولى أعمال السلطان توجيه الصدارة العظمى إلى خسرو باشا وهو والي مصر السابق؛ ثم موافقته في 28 يوليو 1839 على اتفاق مع الحلفاء حول "حل اشتراكي" للمسألة المصرية مع الدول الأوروبية. غير أن الخلاف بين فرنسا وبريطانيا قد أعاق التوصل لاتفاق سريع.

في 15 يونيو 1840 اتفقت الدول الأوروبية مع الباب العالي على إرجاع محمد علي باشا إلى حدود مصر مع احتفاظه بالقسم الجنوبي من بلاد الشام عدا عكا طوال حياته؛ ثم عادت وألغت هذا الاحتفاظ نتيجة رفض محمد علي الانسحاب سلمًا من الولايات السورية العثمانية، كما استقرت فرق من جيوش النمسا وروسيا وانكلترا في إسطنبول لحمايتها في حال هجوم جيش إبراهيم باشا على العاصمة. في بداية أغسطس 1840 بأدت ثورات وانتفاضات ضد حكم إبراهيم باشا في الشام، وحاصر الأسطول الإنكليزي الساحل السوري، وفي 14 أغسطس انسحب المصريون نحو حصون الداخل وأجبروا على الانسحاب نهائيًا في ديسمبر 1840. وعين السلطان سليمان باشا، حاكمًا عسكريًا للولايات السورية منعًا للانفلات الأمني والاقتتال الطائفي وهجمات البدو على الحضر. كما أجبر محمد علي على رد الأسطول التركي الراسي في الإسكندرية.

في 14 يناير 1841 أصدر السلطان فرمانًا أولاً بتولية محمد علي مصر مع وراثة أولاده، وفرض ربع إيرادات مصر كأتاوة لإسطنبول، وعيّن لجنة مالية لإدارة الاقتصاد المصري؛ كما حدد سقف عدد الجيش المصري بثمانية عشر ألف جندي دون امتيازات خاصة في اللباس أو الرتب التي يعين السلطان درجاتها العليا، كما أقر الفرمان سلسلة تقييدات أخرى. غير أنه عاد ومنحه في 13 فبراير 1841 ولاية النوبة ودارفور وكردفان وسنار، وفي 19 أبريل أصدر فرمانًا ثالثًا بناءً على وساطة انكلترا يخفف الشروط السابقة، ومنها التنازل عن ربع الإيرادات مقابل خراج معلوم.
اتفاقية المضائق

تحت ضغط انكلترا وباتفاق الحلفاء، وموافقة السلطان، أبرم في 13 يوليو 1841 اتفاق المضائق أو "اتفاق البوغازات"، والذي ينظم حركة الملاحة البحرية في بحر مرمرة والبوسفور. نصّ الاتفاق على عدم السماح لأي مركب حربي غير عثماني في المرور أو الاستقرار في هذه المنطقة، وبالتالي ألغيت مفاعيل معاهدة خوانكار اسكله سي، القاضية بمنح روسيا حق الملاحة البحرية العسكرية في المنطقة.
نظام إدارة جبل لبنان

Crystal Clear app kdict.png مقالات مفصلة: قائم مقاميتي جبل لبنان
مجازر 1860
متصرفية جبل لبنان

باب توما وباب شرقي وما جاورهما في دمشق بعد مجازر 1860.

في عام 1840 انتدلعت اقتتالات طائفية بعد تعدي الدروز على الموارنة في جبل لبنان والبقاع؛ فأصدر السلطان نظامًا خاصًا عرف باسم "نظام القائممقاميتين" بالتفاهم مع دول الحلفاء لإدارة الجبل. لم يفلح النظام المذكور لاسيّما في المناطق المختلطة مثل قضاء الشوف، فتكررت المجازر عام 1845 فأرسل السلطان فرقًا عسكريًا مخضعة الجبل للحكم العسكري، وأدخل تعديلات على نظام القائممقاميتين واستحدث مجلس إدارة الجبل المكون من 12 عضوًا. في عام 1860 تكررت المجازر ووصلت حتى دمشق والجليل ومناطق أخرى، وقضى بنتيجتها 20.000 مسيحي، فقام السلطان بتعيين فؤاد باشا حاكمًا على الشام مخولاً بصلاحيات استثنائية، لرأب الصدع الذي حصل في المجتمع ولتفادي أي تدخل أوروبي، وقد قاد فؤاد باشا حملة اعتقالات بحق المتورطين بالمذابح ضد المسيحيين، فأعدم رميًا بالرصاص 111 شخصًا، وشنق 57 آخرين، وحكم بالأشغال الشاقة على 325 شخصًا ونفى 145؛ وكان بعض المحكومون من كبار موظفي الدولة في الشام. كما قامت فرنسا بنشر قوة مؤلفة من 6,000 جندي لحماية النظام بحسب الأتفاق، تم الاتفاق على أن ترسل دول أخرى قوات إضافية حسب الحاجة. وقد وصف التدخل الفرنسي واحدًا من التدخلات الإنسانية الأولى في تاريخ العالم. وبالرغم من إخماد العثمانيين للاضطرابات قبيل وصول هذه البعثة، فقد تمركز فيلق مشاة فرنسي في سوريا من أغسطس 1860 إلى يوليو 1861. وصف المؤرخون هذا التواجد العسكري بكونها إحدى أول قوات حفظ سلام في التاريخ. كما أفضى بروتوكول القسطنطينية عام 1860 لاستحداث متصرفية جبل لبنان.
الإصلاحات المدنية
الوسام المجيدي الذي استحدثه السلطان وقدّمه على الوسام الحميدي الذي استحدثه والده محمود الثاني؛ بعد الانتصار في حرب القرم.

أحرزت الدولة في عهد السلطان عبد المجيد، إصلاحات إدارية وتشريعية هامة، وقد عمل على تقوية الحكومة المركزية بل انحلال الولاة، "وهكذا يتبين الفرق الكبير بالنسبة لسيطرة الدولة على ولاياتها بين أواخر القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر، فمن حكم سطحي لا مركزي متموج، إلى حكم مركزي متغلغل حتى أتفه الأمور"،[1] وبنتيجة هذه الإصلاحات تحولت الدولة إلى جهاز أقوى وأكثر كفاءة، وكانت حين بوفاته بوضع أفضل مما كانت عليه حين استلمها، وما أعاق الإصلاح فعليًا طبقًا رجال الدين المحافظة، والمستفيدون من فترة ما قبل الإصلاحات المالية، واستمرار ثورات الشعوب المسيحية في البلقان. على وجه الخصوص، قامت طبقة من رجال الدين المسلمين المحافظين، بتكفير الصدر الأعظم رشيد باشا لأنهم "اعتبروا الإصلاح تحديًا لهم وصلاحياتهم وحقوقهم في المجتمع". بكل الأحوال، فبعد أن استعاد عبد المجيد سوريا العثمانية، عيّن محمد نجيب باشا ليطوف في الألوية والأقضية، ويشرح حقيقة التنظيمات الخيرية، فرفع الناس عرائض شكر للسطلان، وبهذا الخصوص أصدر فرمانه الخاص بسوريا "لضمان أمن الروح والمال بالنسبة للسكان".
«التنظيمات الخيرية»

Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: التنظيمات العثمانية

أطلق اسم التنظيمات على عملية تحديث الدولة وتمدنها، أي "إعادة بناء الدولة القروسطية العثمانية الغير قادرة على مواكبة العصر، بدولة التنظيمات التي تنظم علاقدة الدولة بالمجتمع على أساس القانون".[2] صدرت التنظيمات بناءً على ضغط من الموظفين الحكوميين العثمانيين، والتجار المحتكين بالسوق التجارية الخارجية، وأعد رشيد باسا وزير الخارجية أول نصوها هو خط كلخانة، الذي نصّ للمرة الأولى على توصيف "مواطنين عثمانيين" متساوين في الحقوق والواجبات، مساواة تامة، ودون تمييز بسبب الدين أو اللغة أو الجنس؛ ومنح الجميع حرية العبادة، وحماية أرواحهم وأملاكهم، وعدم إنزال عقوبة بأحد إلا بعد محاكمته، وإلغاء بيع الوظائف، والتلزيم في جميع الضرائب، وتعديل السياسة الضريبية والتجنيدية؛ وقد وجد دعاة التنظيمات تطبيقها "طريقًا وحيدًا لإيقاف تدهور الدولة، وحماية وحدتها واستقلالها".[3]
خط كلخانة

بعد أن أنفق سلاطين الدولة منذ مطلع القرن التاسع عشر جهدهم في إصلاح الجيش المركزي للدولة، اتجه السلطان عبد المجيد الأول لإدخال إصلاحات مالية وإدارية، إلى جانب إصلاحات اجتماعية في حقوق المواطنين العثمانيين، وأولى هذه الخطوات كانت خط كلخانة، وينصف بكونه وثيقة حقوق، أعلنه السلطان بعد نحو ثلاثة أشهر من توليه السلطة يوم 3 نوفمبر 1839، وتولى إعداده وإذاعته في حفل رسمي الصدر الأعظم مصطفى رشيد باشا، من الساحة القائمة أمام قصر كلخانة، وكان الفرمان معنونًا باسم التنظيمات الخيرية؛[4] وجد بعض المؤرخين أنّ الإصلاحات قامت بها الدولة العثمانية تحت ضغط الغرب وفي محاولة لاستمالته، بكل الأحوال فإن الرغبة في الإصلاح واضحة لدى السلاطين، من ناحية كونها حاجة أكثر من كونها "إرضاءً للغرب" كما صرّح عدد من المؤرخين، كما يستدل على ذلك من خلال تعيين الدولة لموظفين خاصين بالطوف على الولايات، في الأرياف والمدن على اختلافها، لمقابلة السكان مباشرة وإفهامهم فحوى فرمان كلخانة، والإصلاحات اللاحقة، وهو ما "قابله السكان بمنتهى السرور".[5] أما أبرز الإصلاحات التي أدخلت إلى الدولة بموجب الفرمان:[6]

منح مواطني الدولة العثمانية الأمان على النفس، والأملاك، والعرض؛ وضمان الحرية الشخصية؛ ومنع المصادرة والسخرة، وكان الولاة أو الإقطاع في الريف، يلزم السكان بأعمال دون أجر، أو يصادر أجزاءً من أملاكهم؛ وحسب ما ذكر عبد العزيز عوض "تمتع الرعايا بذلك بمن فيهم المسيحيون، وأظهروا ما يملكون علنًا، بعد أن كانوا يضطرون لإخفاء ثرواتهم والتظاهر بالفقر" لتعرضهم للمصادرة والسخرة أكثر من سواهم.[7] رغم أن هذه الفقرة لم تطبق بشكل كامل، إلا أنّ وضعها ومحاسبة مخالفيها، وتقوية الجهاز الإداري للدولة، ساهم بشكل مباشر في إصلاح الدولة ورضا الأهالي.
ضمان حق مواطني الدولة بالمحاكمة قبل تنفيذ أي حكم قضائي، وكان من عادة الولاة، قتل أو نفي أو تسميم بعض مناوئيهم في السلطة دون محاكمة، وهو ما اعبتر من شأنه تقوية لمؤسسة القضاء في وجه الولاة والحكام، أو حتى الإقطاع المحلي في أرياف الدولة.
تحديد طريقة الجندية الإجبارية، وتعيين سقفها بخمس سنوات؛ على أن لا يضر سوق الشبّان للجندية في اقتصاد مناطقهم أو مدنهم من ناحية الزراعة أو التجارة أو انقراض النسل، ولذلك أقر السلطان باختيار الشباب نسبيًا حسب عدد سكان المناطق.
الأمر بزيادة رواتب الموظفين الحكوميين، وفي المقابل تجريم الرشوة "لأنها السبب الأعظم في خراب الملك"؛ ومن ثم أدخل السلطان آلية إصلاح إدارية جديدة، لجبي الضرائب والشؤون المالية، وضبط إنفاقها، وهو ما أدى حسب عدد من المؤرخين إلى "تطبيق العدالة في جباية الضرائب، فجمعت بالتساوي ودون تفريق بين أبناء الرعية، بعد أن كان يتهرب من أدائها المتنفذون وأصحاب القبليات؛ ولما أصبحت الضرائب تجبى بالعدل، زاد دخل الدولة المالي، وأصبحت الأموال تصرف في الأمور النافعة، كما أصبحت إيرادات الدولة للمرة الأولى تسجل في سجلات رسمية، ولا تنفق إلا بعد إصدار فرمانات همايونية"[8].
استحداث مجلس الأحكام العدلية، الذي من وظيفته إعداد مشاريع الفرمانات ليقوم السلطان بإصدارها بتوقيعه، وبالتالي يعتبر مجلس الأحكام العدلية الشكل الأول لمجلس النواب العثماني. عيّن السلطان أيضًا مراسيم إذاعة الفرمانات، بكونها من الحجرة الشريفة في قصر السلطنة، وبحضور الوزراء وعلماء المذاهب الأربعة، وشيخ الإسلام، ووجوب تبلغيها جميع الولاة وإداريي الدولة للعمل على تنفيذها؛ كما ضمن السلطان أن تكون موضع التنفيذ ومعاقبة مخالفي أحكامها.

الخط الخمايوني

Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الخط الهمايوني

وثيقة الحقوق الثانية التي لا تقل أهمية عن خط كلخانة هي الخط الهمايوني الصادر في 18 فبراير 1856، والذي صدر في أعقاب حرب القرم، وكان محمد علي باشا قد أدخل مواده فعليًا إلى مصر وسوريا قبل ذلك بنحو عقدين، وقد ساهم الخط الهمايوني بصدور وثائق أخرى في الولايات تحمل المغزى نفسه مثل "عهد الأمان" الصادر عام 1857 في تونس عن الباي محمد. أعاد فيه السلطان التأكيد على ما ورد في خط كلخانة من المساواة في الحقوق المدنيّة وقال بأن جميع المذاهب والطوائف "ترتبتط بالروابط القلبية المتساوية الماهية في نظر شخصنا الملوكية"، ومحافظًا على الامتيازات التقليدية لغير المسلمين، وحرية ممارسة الشعائر الدينية في العلن، وبناء الكنائس والمعابد والمؤسسات الدينية الأخرى أي المقابر والمدارس والمشافي والأديرة، دون العودة إلى الباب العالي في المناطق المسيحية، وبموافقة السلطان في حال التجديد أو استحداث هذه الأبنية في المناطق المختلطة.[9] وضمن الخط الهمايوني المساواة في المعاملة بين جميع الطوائف،و منع استعمال الألفاظ التي تحطّ من القيمة: "تمحى وتزال إلى الأبد، من المحررات الرسمية، كافة التعييرات والألفا المتضمنة تحقير جنس لآخر في اللسان أو الجنسية أو المذهب... ويمنع قانونًا استعمال كل وصف أو تعريف يمسّ الشرف أو يستوجب العار بين الناس"[10] والمساواة بين رعايا السلطان في تولي الوظائف العامة، والاستفادة من خدمات الدولة التعليمية، وإنشاء محاكم للفصل في القضايا الجنائية المختلفة، أما القضايا المختصة بالأحوال الشخصية استمرت إحالتها إلى المحاكم المختصة بكل مذهب على حدا؛ ودعا السلطان ف الخط لإصلاح السجون ومنع التعذيب، أو أي تصرف معادي للإنسانية.


سفينة المحمودية -أكبر سفينة حربية في العالم لسنوات عديدة - شاركت في حرب القرم ولا سيما خلال حصار ميناء سيفاستوبول.
حرب القرم

Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: حرب القرم

اندلعت حرب القرم نتيجة الخلاف حول رعاية وحماية كنيسة القيامة وسائر المقدسات المسحية في القدس؛ فبموجب الامتيازات والاتفاقيات العثمانية تتولى فرنسا والكنيسة الكاثوليكية مهام الحماية والرعاية في الأماكن المقدسة؛ غير أن ما طرأ في فوضى في فرنسا إبان الجمهورية الثانية، مكّن روسيا والكنيسة الأرثوذكسية من إدارة قسم من الأملاك بحكم الأمر الواقع.
قاعة المناسبات والاحتفالات الفخمة وقد زينت قبتها من الداخل برسم من فعل رساميين إيطاليين وفرنسيين.

حين غدا نابليون الثالث امبراطورًا على فرنسا، طالب بالامتيازات القديمة وأقر السلطان له بالأمر في 6 فبراير 1852، ما أثار اعتراض روسيا. ومع انسداد أفق حل سياسي، احتلت ولايتي الأفلاق والبغدان، وهما ولايتين عثمانيتين في أوروبا الشرقية ذاتا أغلبية مسيحية وأرثوذكسية؛ فبدأت الاشتباكات الروسية - العثمانية في 3 نوفمبر 1853 وتزامنًا سيطر العثمانيون على قلعة القديس نيكولا في الجانب الروسي من الحدود القفقاسية. ثم تمكنت روسيا من تدمير الأسطول العثماني في واقعة سينوب يوم 30 سبتمبر 1853 عن آخره تقريبًا. في 12 مارس 1854 أبرم العثمانيون اتفاق الدفاع المشترك مع فرنسا وانكلترا، وفي 27 مارس 1854 أعلن نابليون الثالث الحرب رسميًا، ثم في 10 أبريل أعلنتها الملكة فيكتوريا.

تركزت المعارك في البحر الأسود والقوقاز، وتمكن الروس من احتلال فارص، والحلفاء من احتلال سيفاستوبول، وبعد نحو عامين من المعارك أقرت اتفاقية باريس عام 1856 السلام والعودة إلى حدود ما قبل الحرب، بما فيها انسحاب روسيا من ولايتي الأفلاق والبغدان، وكذلك حماية فرنسا للأماكن المقدسة.
آثاره العمرانية

بنى السلطان بدءًا من 1843 وحتى 1856 قصر دولمة بهجة ليكون مقر حكمه الجديد. استعمل في البناء الفنون الغربية الحديثة، وأشرف فنانون ورسامون من إيطاليا وفرنسا في إتمام العمل، وملأه بتحف متنوعة كعاج الفيلة واللوحات والمنحوتات الإيطالية والفرنسية بالإضافة إلى سجاد من فرو الدببة الرمادية الروسية، واستعمل عشرات الأطنان من الذهب لتزيينه. ومنذ انتهاء تشييدها أصبحت هذه السرايا مقر حكم الخلافة العثمانية حتى نهايتها عام 1922. ويعتبر هذا القصر من أهم المعالم الأثرية في تركيا. كما قام السلطان بترميم المسجد النبوي وتوسعته وتزينه وإضافة رسوم تركية إلى عمارته، بعدما علم بتصدّع بناءه.
السياسة الاقتصادية

أفضت حرب القرم إلى الإنهاك الاقتصادي للدولة العثمانية، ففي 1954 عقدت الدولة أول قرض خارجي لها لتسديد النفقات العسكرية بقيمة 75 مليون فرنك فرنسي، استملت منها 60 مليون، وحسم الباقي كفوائد؛ وفي عام 1855 أبرم القرض الثاني ومبلغه 125 مليون، وخصص أيضًا لتسديد النفقات العسكرية، وهو ما استمر في عهدي خلفيه عبد العزيز وعبد الحميد الثاني، حتى أعلنت الدولة إفلاسها مرتين؛[11] وكانت سياسة عقد القروض تعني في الواقع انتقاص السيادة العثمانية، واضطرت لأول مرة في تاريخها، لرهن ضرائبها الداخلية لضمان دفع قرضوها لأوروبا، فخصصت جزية مصر السنوية ضمانًا لقرض 1854، ومداخيل جمارك أزمير وسوريا ضمانًا لقرض 1895؛[12] وكان لافتاقية التجارة الحرة مع أوروبا، آثار وخيمة على النصاعات العثمانية المخلية من خلال إعفائها من الجمارك، وهو ما أدى لكونها أرخص وذات جودة أعلى من نظيرتها المحلية، وهو ما أدى إلى ركود اقتصادي بدءًا من 1861؛[13] وبلغ عجز الميزانية 35 مليون فرنك عام 1859، وكان تدهور قيمة القرش العثماني، قد بدأ من عهد السلطان محمود الثاني، إذ فقط القرش 78% من قيمته خلال عهد السلطانين؛ ويؤخذ على التنظيمات إجمالاً، إههالها الشأن الاقتصادي بشكل عام، عدا بعض الأمور البارزة، كتأسيس السلطان للبنك العثماني، ليؤدي دور مصرف مركزي للدولة، عام 1856، والذي قام في عهده بإصدار أول عملة ورقية في تاريخ الدولة العثمانية، ويعتبر أول من قام بتنظيم الميزانية العامة للدولة عن طريق التقيّد بتسجيل إيرادات ومصروفات الدوائر المختلفة بقيود محاسبية؛[14] وكان من النتائج الاقتصادية المتضمنة خط كلخانة، أن تحسنت مالية الدولة عن طريق تعيين أشخاص لهم خبرة واسعة في الشؤون المالية، وساهمت العدالة في جمع الضرائب بعد إلغاء طريقة التلزيم، والتشدد في التحصيل الضريبي من جميع المكلفين بعد أن كان يهرب منه "المتنفذون وأصحاب العصبيات"،[15] في ازدياد دخل الدولة، ومن ثم صرفه في مجالات نافعة، لاسيّما مع تنظيم الميزانية، وتسجيل المدخولات والمصروفات في سجل رسمي، وعدم صرف أي مبلغ دون استصدار فرمانات همايونية بذلك.
انظر أيضًا

الدولة العثمانية.
خليفة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hatem.123.st
Admin
Admin
Admin
Admin


ذكر عدد الرسائل : 1869
تاريخ التسجيل : 29/05/2008

الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: السلطان العثماني عبد العزيز الاول(الثالث والثلاثون)   الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالخميس 29 مايو - 6:36


الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 3310

عبد العزيز الأول (1830 - 1876) هو خليفة المسلمين الرابع بعد المئة وسلطان العثمانيين الثاني والثلاثين والرابع والعشرين من آل عثمان الذين جمعوا بين الخلافة والسلطنة. والده السلطان محمود الثاني، استوى على تخت المُلك بعد وفاة شقيقه عبد المجيد الأول في 25 يونيو 1861، ومكث في السلطة خمس عشرة عامًا حتى خلعه وزراؤه وسائر رجال الدولة في آخر مايو 1876 [1] وتوفي بعدها بأربعة أيام وقيل انتحر وقيل أيضًا قد قتل. امتاز عهده بغنى الدولة بالرجال وبكثير من الإصلاحات التي تمت على يد صدريه محمد أمين عالي باشا وفؤاد باشا، الذين كسبا شهرة في التاريخ العثماني، ولم تبدأ مشاكل السلطنة بالتفاقم -والذي توّج بإعلان إفلاس الدولة عام 1875 - إلا بعد وفاتهما؛ كما أنه السلطان العثماني الوحيد الذي قام بزيارات خارجية سياسية إلى مصر وإلى كلٍ من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ولم يشهد عهده أي حروب خارجية للدولة.
بورتريه شخصي لعبدالعزيز الأول

بعد خلعه افتتح عبد العزيز قائمة سلاطين مخلوعين، فجميع خلفائه: مراد الخامس وعبد الحميد الثاني ومحمد الخامس ومحمد السادس وعبد المجيد الثاني لم يبرحوا في العرش حتى وفاتهم بل تنازلوا طوعًا أو كرهًا، وقد قيل أن الدولة العثمانية كانت تسير نحو نهايتها حتى عهد عبد العزيز بسرعة عربة يجرها حصانان، وبعد عبد العزيز بسرعة قطار بخاري.[2]

محتويات

1 حياته المبكرة وتوليه الحكم
2 الثورات والقلاقل الأمنية
2.1 ثورة الجبل الأسود
2.2 ثورة الصرب
2.3 ثورة كريت
2.4 حادثة سالونيك
2.5 احتجاجات طلاب المعاهد الشرعية في الآستانة
3 الإصلاحات الداخلية
3.1 مجلة الأحكام العدلية
3.2 توحيد الأفلاق والبغدان
3.3 فرمان الخديوية المصرية
3.4 امتيازات الولاية التونسية
3.5 تعديل معاهدة باريس
3.6 الإصلاحات القانونية
4 ولاية العهد
4.1 علاقته بالأميرين مراد وعبد الحميد
4.2 محاولة تغيير قواعد ولاية العهد
5 إفلاس الدولة
6 الزيارات الخارجية
7 الصدور العظام في عهده
8 آثاره العمرانية
9 نهاية السلطان
9.1 الإعداد لخلعه
9.2 خلع السلطان
9.3 قتله أو انتحاره
10 انظر أيضًا
11 المراجع
12 مواقع خارجية

حياته المبكرة وتوليه الحكم

ولد عبد العزيز في 9 فبراير 1830 وقيل 18 فبراير [1] ابنًا ثانيًا للسلطان محمود الثاني والسلطانة برتونيال؛ بعد وفاة والده محمود الثاني أصبح شقيقه الأكبر عبد المجيد سلطانًا في السابعة عشر من عمره، حينها كان عبد العزيز لم يتجاوز العاشرة. تزوج للمرة الأولى عام 1856 من الجورجية دورونيف قادين وأنجب منها ثلاثة أولاد على رأسهم يوسف عز الدين ولي عهد الدولة العثمانية خلال حكم محمد الخامس؛ وبعد توليه شؤون السلطنة تزوج للمرة الثانية في ديسمبر 1861 من آيداديل قادين ولم ينجب منها سوى طفل واحد؛ وبعد زواجه الثاني بخمس سنوات تزوج عام 1866 السلطانة حيرانة وأنجب منها طفلان وفي عام 1868 تزوج للمرة الرابعة السلطانة نسرين وأنجب منها ثلاثة أطفال، ثم في يوليو 1872 تزوج للمرة الخامسة من نيفين قادين أفندي وأنجب منها طفلًا واحدًا أيضًا، وأخيرًا تزوج السلطانة صافيناز وأنجب منها ثلاثة أطفال، وقد تزوجت صافيناز بعد وفاته السلطان عبد الحميد الثاني، وساق لها المؤرخون دورًا في سياسة الدولة خلال عهديهما.[3]

في 7 يونيو 1861 توجه في الموكب الملكي إلى ضريح أبو أيوب الأنصاري، وهناك تقلد السيف السلطاني وفق العادة المتوارثة مذ أن فتح العثمانيون القسطنطينية، ومنه سار لزيارة قبر السلطان محمد الثاني فاتح اسطنبول ثم قبر والده السلطان محمود الثاني، وكانت أولى فرماناته بإقرار الصدر الأعظم محمد أمين عالي باشا في مكانه، ثم استحدث وسامًا خاصًا أسماه "الوسام العثماني" يمنح لمن قدّم خدمات جليلة للدولة، وقدم وسامه في المرتبة على الوسام المجيدي الذي استحدثه أخيه.[4]
الثورات والقلاقل الأمنية
الولايات العثمانية في البلقان بعد معاهدة باريس، والتي كانت المسرح الأساسي للقلاقل الأمنية والثورات خلال عهد عبد العزيز.

على عكس سلفيه محمود الثاني وعبد المجيد الأول وخلفيه مراد الخامس وعبد الحميد الثاني، لم تشهد الدولة العثمانية خلال عهد السلطان عبد العزيز حروبًا خارجية، ولعلّ معاهدة باريس المبرمة عام 1856 ضبطت إيقاع السياسة الخارجية لأوروبا وجنبتها حروبًا جديدة. كذلك فلم تشهد سلطنته فقدانًا لأراضي الدولة وتقلصًا في مساحتها، كما حصل في سائر عهود عصر انحلال الدولة، بل استطاع عبد العزيز الحفاظ على أملاك دولته، أما المناطق التي شهدت ثورات، فقد استطاعت الدولة العثمانية التعامل معها بالحزم والسياسة بحيث لم تؤد لفقدان أملاك وأراض.
ثورة الجبل الأسود

منذ أن فتح العثمانيون الجبل الأسود الذي يقع إلى الشمال من ألبانيا لم يتمكنوا من فرض سيطرتهم سوى على المدن الكبرى فيه أما الجبال والقرى المحيطة ظلت شبه مستقلة وذات إدارة محلية بسبب وعورة المسالك وصعوبة المفارز،[5] وكان الجبل قد أعلن عام 1853 ثورة ضد الباب العالي تمكن القائد العثماني عمر باشا من سحقها، وفي أعقاب حرب القرم ومؤتمر باريس لعام 1856 طالب حاكم الجبل المحلي الأمير دانييل الاعتراف باستقلال الجبل فلم يلق ذلك قبولاً لدى الدول الأوروبية التي نصحته بعقد سلام مع الدولة العثمانية والاعتراف بسيادتها مقابل منحه رتبة مشير مع مبلغ سنوي من المال وتوسيع حدود دولته لتشمل أجزاءً من الهرسك أيضًا، فقبل الأمير بعرض أوروبا.[6] في عام 1860 توفي الأمير دانييل وآل الحكم لابن أخيه الأمير نيكولا الذي شجع حركات ثورية ضد الباب العالي في الهرسك وكذلك في الجبل الأسود وأخذ يجمع جيوشًا لإعلان التمرد، فأغار عمر باشا على أراضي الجبل وحاصرها من ثلاث جهات، ثم دخلت قواته الإمارة واضطر الأمير نيكولا إلى توقيع اتفاق استسلام في 30 أغسطس 1862، التي نصّت على بقاء نيكولا حاكمًا للجبل شرط السماح للعثمانيين بناء ما يحلو لهم من حصون لتأمين وضمان السيادة داخل أراضي الإمارة، لاحقًا سعت الإمبراطورية الروسية وفرنسا لدى الباب العالي للتنازل عن حق بناء الحصون والقلاع داخل أراضي الإمارة، فقبل السلطان عبد العزيز بذلك وأصدر فرمانًا في 2 مارس 1864، انسحب بموجبه الجيش العثماني وهدم القلاع التي كان قد شرع في استحداثها، وأنهى انسحابه في يونيو 1864.
ثورة الصرب

فتح العثمانيون بلاد الصرب عام 1389 وظلوا يحكمونها حكمًا مباشرًا حتى سنة 1815، ثم أبرم عام 1830 اتفاق يقضي بتحويلها لإمارة مستقلة تحت سيادة الباب العالي، ثم جاءت معاهدة باريس في 30 مارس 1856 بعد حرب القرم لتنظم العلاقة بشكل أكبر، فنصت أنه من حق الدولة العثمانية أن يكون لها في بلاد الصرب ست قلاع بما فيها قلعة بلغراد عاصمة الإمارة،[7] وفي أعقاب اندلاع ثورة الجبل الأسود حشد العثمانيون جيشًا شعبيًا غير مدرب تدريبًا جيدًا، بهدف ضبط الأمن في صربيا؛ ولكونه جيشًا غير مدرب فقد وقعت عدة مشاجرات بين أهالي الصرب و"الجيش الشعبي" تحولت إلى مواجهات دامية، بلغت ذروتها بعد مقتل جندي عثماني في 10 يونيو 1862، وما تبعه من قصف لبلغراد بالمدفعية لمدة أربع ساعات متواليات. تدخل قناصل الدول لإيقاف القصف، ثم وبنتيجة المشاورات اللاحقة بين القناصل والسلطان عبد العزيز، قبل السلطان عبد العزيز بتخفيض عدد القلاع من ستة إلى أربعة مع احتفاظه بقلعة بلغراد، وتعهد أيضًا بعدم السماح للقواد العثمانيين بالتدخل في الشؤون الداخلية للإدارة مطلقًا وأصدر فرمانًا بذلك في 6 سبتمبر 1862.[8] غير أن اندلاع ثورة كريت وأحوال خزينة الدولة الناضبة مع ضغوط الدول الأوروبية، انتهت في مارس 1867 بقبول السلطان عبد العزيز لاتفاق جديد يقضي بتخلي الدولة عن القلاع الأربعة في بلاد الصرب وانجلاء كافة القوات العثمانية عنها، وبذلك لم يبقَ سوى لقب "ملك" على أمير الصرب، يفصلها عن الاستقلال الكامل في أعقاب هذا الفرمان.[9]
ثورة كريت

ثورة جزيرة كريت اندلعت أواخر 1866 لرغبة أهالي الجزيرة وهم في الغالب من اليونان الأرثوذكس الانضمام إلى مملكة اليونان، وقد حاولت المملكة المذكورة دعم الثائرين، إلا أن هذا الدعم ظل محدودًا في إطار تقاعس الدول الأوروبية عن الموافقة على سلخ الجزيرة من أملاك الدولة العثمانية.[9] أرسل السلطان موفدًا شخصيًا إلى سكان الجزيرة اسمه كريدلي محمد باشا إلا أنه فشل في مهمة تقريب وجهات النظر بين الدولة الثوار، وفي أعقاب استقالة محمد رشدي باشا من الصدارة العظمى وإسنادها إلى محمد أمين عالي باشا في 11 فبراير 1867، أنهت الدولة مهام كريدلي باشا وأرسلت عوضًا عنه جيشًا كبيرًا بقيادة عمر باشا، الذي سطع نجمه في حرب القرم، كما أرسل الخديوي إسماعيل بناءً على طلب السلطان عبد العزيز جيشًا ليساعد في قمع التمرد، فقمع الجيشان المحتجين وأخمدا ثورتهم.[10]
عبدالعزيز الأول أثناء رحلة سفر إلى أوروبا عام 1867

بعد الحسم العسكري، أرسل السلطان صدره الأعظم عالي باشا شخصيًا كمندوب سياسي عنه في 14 أكتوبر 1867، وسعى إلى تهدئة خاطر الأعيان بمنحهم رتبًا ونياشين، وبعد أن استتب الأمن أوائل عام 1868 قفل عائدًا إلى اسطنبول.[10] وبنتيجة هذه الثورة انعقد في عام 1869 مؤتمر خاص في باريس للدول الموقعة على اتفاق العام 1856 للتباحث بوضع الجزيرة، وبنتيجة المؤتمر أصدر السلطان في 19 سبتمبر 1869، فرمانًا يقضي بمنح الجزيرة امتيازات تجارية وإعفاءً من الضرائب لمدة سنتين، وإعفاءً من الخدمة العسكرية.[10]
حادثة سالونيك

في 5 مايو 1876 وصلت فتاة بلغارية إلى سالونيك فتاة بلغارية أعتنقت الدين الإسلامي ،فلما بلغ الأمر مسيحيي المدينة قبضوا عليها وحاول بعض المسلمين استراجعها ففشلوا، وتحول الأمر إلى فوضى طائفية، اغتيل خلالها قنصلا فرنسا وألمانيا.[11] غضبت أوروبا لمقتل قنصليها ورست سفن الأسطول الفرنسي قبالة سالونيك، وأمن الجند الألمان موكب جنازة حافل للقنصلين، ثم عقد وزراء خارجية روسيا والنمسا وألمانيا اجتماعًا في برلين وأصدروا بيانًا صدقت عليه فرنسا وإيطاليا، طالب خلاله المجتمعون بتعيين مجلس دولي لمراقبة تنفيذ فرمان سلطاني كان عبد العزيز قد أصدره في 12 ديسمبر 1875، ينصّ إلى إصلاح أحوال مسيحيي الدولة، وطالب البيان أيضًا باستكمال تنفيذ الفرمان خلال مدة لا تتجاوز الشهرين، وإلا فإن الدول التي أصدرت البيان ستضطر لاستعمال القوة بهدف تنفيذ أحكام الفرمان السلطاني. لم يقبل السلطان بهذا البيان واعتبره مجحفًا بحقوق دولته،[12] ولعلمه أيضًا بوجود خلافات بين دول أوروبا حول الحرب وعدم تصديق إنكلترا على البيان، كما أنه قام بإعدام عدد من المسلمين بعد محاكمتهم بتهمة القتل العمد.[12]
احتجاجات طلاب المعاهد الشرعية في الآستانة

في أواخر أبريل 1876 خرجت مظاهرة حاشدة مؤلفة من طلبة العلوم الدينية ورجال الدين والمشايخ بعد أن تجمعت أمام جامع السلطان محمد الفاتح، وسارت زاحفة نحو مبنى وزارة الحربية ثم نحو الباب العالي نفسه، منادية بإسقاط الصدر الأعظم محمود نديم باشا وشيخ الإسلام حسن فهمي أفندي، وفشل رجال الشرطة في تفريق المتظاهرين لعدم علمهم المسبق بالتظاهرة، كما فشلوا في منعهم من الوصول إلى مبنى الباب العالي حيث يقيم السلطان شخصيًا. أما محمود نديم باشا وحسن فهمي أفندي فقد تورايا عن الأنظار ثم غادرا اسطنبول خوفًا من الشعب الهائج.[13] قرر المتظاهرون الاعتصام أمام الباب العالي حتى تحقيق مطالبهم، وفي مساء ذلك اليوم عقد السلطان اجتماعًا شارك فيه والدته مع وزير الخارجية ومحافظ اسطنبول، وقاضي عسكر الروم إيلي واثنين من كبار علماء الشريعة للبحث في قضية المتظاهرين.[14] أشارت والدة السلطان باستعمال القوة ضد المتظاهرين، وبضرورة إغلاق المعاهد الدينية وطرد طلابها خارج المدينة مع رفض قاطع لمطالبهم، غير أن بقية المجتمعين لم يستصوبوا رأيها، واقترحوا على السلطان أخذ الأمور باللين بعد أن شرحوا له الأخطار التي لا بدّ من وقوعها في حال تحولت الحركة إلى ثورة مسلحة في العاصمة، فوافق السلطان وجهة نظرهم، وقال بأنه يرضى بتحقيق مطالب المتظاهرين لمرة واحدة فقط.[14] وأصدر فرمانًا بتعيين خير الله أفندي شيخًا للإسلام، ولم يعين مدحت باشا صدرًا أعظم - كما كان يطالب من يتظاهر - بل أسند الصدارة العظمى إلى محمد رشدي باشا، وقد تفرق الاعتصام في أعقاب ذلك، قبل مرور أربع وعشرين ساعة على بدايته. يذكر أن مدحت باشا كان قد نصح السلطان بالتنازل عن مبلغ خمسة ملايين ليرة عثمانية من ثروته الخاصة لإنفاقها على الإصلاحات الضرورية، والعزوف عن فكرة تولية ابنه يوسف عز الدين ولاية العهد، فلم يرضَ السلطان، وكان ذلك من مقدمات خلعه.[15] وتكتسب هذه الحادثة أهمية خاصة لكونها قد وقعت قبل حادثة الخلع بأربعين يومًا فقط.[15]
الإصلاحات الداخلية
مجلة الأحكام العدلية

Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: مجلة الأحكام العدلية

وصفت مجلة الأحكام العدلية بأنها "أبرز مؤلف قانوني إسلامي في تاريخ الإسلام"،[16] وقد "دللت على ما لفقه الشريعة من مرونة وتقبل للمعاصرة وقابلية للتقنين"،[17] ويمكن تشبيه المجلة بقانون الأحوال الشخصية أو القانون المدني حاليًا. ترأس اللجنة التي وضعت المجلة أحمد جودت باشا والذي استعان بعدد وافر من مشترعي ذلك العصر، وبعد عمل دؤوب دام سبعة أعوام انتهت اللجنة من وضع ستة عشر مجلدًا من القوانين المستنبطة من المذهب الحنفي، وصدرت عام 1867 لتنظيم مختلف أحوال الزواج والطلاق والإرث والبيع وغيرها،[18] وشكلت أساسًا في تشريعات قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين في عدد من الدول كسوريا ولبنان والعراق ومصر، كما أنها لا تزال مطبقة حتى اليوم في قطاع غزة.
توحيد الأفلاق والبغدان

بموجب معاهدة باريس لعام 1856 فإن لكل من الأفلاق والبغدان إمارة وحكومة ومجلس نواب تحت سلطة الدولة العثمانية، وفي عام 1861 توحدت الإمارتين في إمارة واحدة بمآل العرش إلى الأمير جان ألكسندر الأول، وقد اعترف الباب العالي بهذا التوحيد رغم أنه يخالف اتفاق باريس، بحيث يكون لهما حكومة واحدة ومجلس نيابي واحد. ومن الإصلاحيات الهامة التي وقعت خلال سلطنة عبد العزيز فيما يخصّ الأفلاق والبغدان، قرار الأمير جان ألكسندر الأول ومعه الحكومة ومجلس النواب بأن تكون الأوقاف ملكًا للحكومة وتقوم بتمويل الكنائس والأديرة منها، ما أدى إلى معارضة شديدة من بطريركية الآستانة،[19] ومع تفاقم الخلاف عرض السلطان عبد العزيز في 14 سبتمبر 1863 مشروع اتفاق ينصّ على دفع مبلغ 840,000 ليرة ذهبية لبطريركية الآستانة تكون فائدة المبلغ السنوية بمثابة تعويض عما ستخسره من أملاك، وبعد طول مفاوضات بين الأطراف المتنازعة رفع المبلغ إلى 1,500,000 ليرة ذهبية باقتراح من السلطان، ثم أصدر فرمانًا يجيز به تصرفات حكومة الأفلاق والبغدان في 16 ديسمبر 1863، وكذلك مجلس النواب الروماني، وبذلك استقلت الكنيسة في رومانيا استقلالاً إداريًا وماليًا، وقد أرسى الأمير سلسلة إصلاحات أخرى بيد أنه لم يستشر مجلس النواب في سن القوانين واستحداث الضرائب، فضغط الشعب عليه للاستقالة فقدمها عام 1866، وانتخب الأهالي شارل دي هوهنزولرن من بروسيا أميرًا للبلاد فصدّق السلطان على الانتخاب.[20]
فرمان الخديوية المصرية
الخديوي إسماعيل، أول خديوي لمصر.

كانت الدولة العثمانية قد اعترفت عام 1840 بمحمد علي واليًا على مصر وبأن تكون ولاية مصر محصورة بورثته، فرمان السلطان العثماني عبد المجيد الأول كان بضغط من دول الحلفاء إذ كان الباب العالي حينها يميل لخلع محمد علي من ولاية مصر برمتها ولذلك فإن فرمان منح مصر لمحمد علي وورثته جاء مقيدًا لتصرفاته من نواحي كثيرة كالجيش وعقد المعاهدات والإدارة المالية وغيرها. وبنتيجة العلاقة المميزة بين السلطان عبد العزيز وإسماعيل باشا مذ أن زار إسطنبول بعيد توليته عام 1861، صدر خلال عهد السلطان عبد العزيز ثلاثة فرمانات متعلقة بمصر الأول أولها عام 1866 حصرت خلالها وراثة البلاد بأكبر أولاد إسماعيل باشا، والثاني في 7 يوليو 1867 منح بها حاكم مصر لقب "خديوي" المشتق من اللغة الفارسية بمعنى "أمير" إلا أنه لم يستعمل في الدولة العثمانية إلا لحاكم مصر كدلالة على رفعة موقعه، وأخيرًا صدر فرمان شامل في 10 يونيو 1873،[21] نظم مختلف نواحي الامتيازات، فأعاد التأكيد أن أكبر أولاد خديوي مصر هو من يرث العرش، فإن لم يوجد فأكبر إخوته الذكور ثم أكبر أولاد إخوته، ليعاد حصر المنصب من جديد بأكبر أولاد الخديوي الجديد.[22] وأعلن في الفرمان ذاته عن إمكانية تعيين مجلس وصاية أو وصي على الخديوي إن كان قاصرًا، وحدد سن البلوغ بثمانية عشر سنة هجرية؛ كذلك فقد مُنحت مصر حكم سواكن ومصوع على البحر الأحمر، ومنحت حكومتها حق إصدار القوانين واللوائح التنفيذية لها حسب حاجة البلاد،[22] وكذلك صلاحية سن الضرائب وتحديد الرسوم الجمركية واحتكار بعض أوجه التجارة وعقد المعاهدات الداخلية والخارجية، وسائر أوجه المعاملات المالية.[23] ومقابل ذلك، نصّ الفرمان أن الدولة العثمانية تحصل سنويًا على 150,000 كيس ليرات ذهبية، وفي عام 1875 منحت مصر أيضًا حكم زيلو.[24]

وحين أراد الخديوي إسماعيل إبرام اتفاق شق قناة السويس بشروط مجحفة بحق المصريين - من ناحية أجور العمال وسيطرة الشركة على أراضي أطراف القناة وترعة مياه عذبة تشق من نهر النيل إلى القناة - رفض الباب العالي التصديق على الفرمان، وبعد أخذ ورد، اتفق على قبول مصر والشركة الفرنسية بشروط الباب العالي بشرط أن تدفع الحكومة المصرية 74 مليون فرنك للشركة المتعهدة تعويضًا عن خسائرها بتنفيذ شروط الباب العالي، وذلك بعد وساطة قام بها الإمبراطور نابليون الثالث.[25]
امتيازات الولاية التونسية

تمتعت تونس على الدوام بنوع من الاستقلال الذاتي بسبب بعدها عن الآستانة عاصمة الدولة، ومنذ أن احتلت فرنسا الجزائر عام 1830، كانت تتوثب الفرصة لاحتلال تونس أيضًا. في سبيل ذلك اقترح الصدر الأعظم محمد أمين عالي باشا على السلطان إصدار فرمان يقنن الحكم الذاتي لتونس، ويضيف عليه امتيازات أخرى بهدف تقوية عرى العلاقة معها وقطعًا للطريق أمام فرنسا، فصدر الفرمان في 24 أكتوبر 1871،[24] ومن أبرز الامتيازات التي تم منحها: حصر ولاية العهد بورثة بأي البلاد، والسماح للبابي باستحداث المناصب والهيئات المدنية والعسكرية وفضّها وإدارتها كما يراه مناسبًا، وإصدار القوانين والتشريعات في بلاده "طبقًا لقواعد العدل"، واحتفظ السلطان لنفسه بالخطبة والسكة وببقاء الأعلام والسناجق والمراتب الحربية كما هي في سائر أنحاء الدولة، فضلاً عن إلزامية إرسال الجيش التونسي أيام الحرب للمشاركة في الدفاع عن الدولة، ومبلغ مالي يقتطع سنويًا.[26] وعمومًا فإن بعد هذه الامتيازات بعشر سنوات، تحديدًا في مايو 1881 احتلت فرنسا تونس.
تعديل معاهدة باريس

في 1870 هزمت بروسيا وروسيا وألمانيا فرنسا، وطالبت الإمبراطورية الروسية في أعقاب ذلك تعديل معاهدة باريس التي عقدت في أعقاب حرب القرم بحيث تزال الشروط التي اعتبرت مجحفة في حق روسيا،[27] ولمناسبة ذلك انعقد الحلفاء في ألمانيا يوم 13 مارس 1871 وأقرّوا منع السفن الحربية غير العثمانية من المرور من البوغاز مع وجود استثناء بحيث يمكن للسلطان تقديم رخصة للسفن الحربية في غير أحوال الحرب، كما سمحت التعديلات بملاحة السفن التجارية دون قيود في البحر الأسود ومضائق الدردنيل.[27] وقد صدّق السلطان على أعمال هذا المؤتمر ومقرراته.
الإصلاحات القانونية

وفيرة هي القوانين الأخرى الإصلاحية التي صدرت بجهود السلطان عبد العزيز ومنذ بداية عهده، فقد أصدر في 4 فبراير 1862 قانون إنشاء البنك السلطاني العثماني، وفي 20 أغسطس نشر مجموعة من القوانين الناظمة للتجارة البحرية بعد أن كانت غير منظمة في السابق،[28] وفي 1 أبريل 1864 أصدر قانون الأحوال الشخصية الخاص بالطائفة اليهودية في الدولة العثمانية، ثم في 8 نوفمبر 1864 أصدر قانون الولايات منح بموجبه مزيدًا من الصلاحيات على قاعدة اللامركزية الإدارية وحاول جاهدًا ضبط الفساد المستشري في أجهزة الحكم المحلية،[29] وفي 16 يونيو 1867 أصدر القانون الناظم لتملك الأجانب للعقارات في الدولة العثمانية، وفي 2 أبريل 1868 أنشأ السلطان مجلس شورى الدولة "شوراي دولت" الذي تميز بطابع شبه دستوري، وشملت اختصاصاته إعداد مشاريع القوانين للدولة وإبداء الرأي للوزارات بالمسائل الخاصة بتطبيق القوانين، كما كان بمثابة محكمة ينظر بالقضايا الإدارية ويُحاكم الموظفين المتهمين بالانحراف.[30] وقد وُصف هذا المجلس بأنه بداية انطلاق لمجلس النواب، إلى جانب استحداث محكمة عثمانية عليا هي الأولى من نوعها. وفي 1 يونيو 1868 أصدر أول قانون ناظم للجنسية العثمانية منذ قيام الدولة؛ وفي 4 أبريل 1869 أصدر قانونًا ناظمًا لعمل المحاكم النظامية، كما أصدر عام 1875 قانونًا بإعادة تنظيم القضاء ونقل المحاكم التجارية إلى اختصاص وزارة العدل.[31] يذكر أنه أراد إلغاء وزارة الأوقاف وأصدر فرمانًا بذلك في 21 فبراير 1871 إلا أنه عاد وألغاه؛ ولعلّ أكبر حزمة قوانين إصلاحية صدرت عام 1874 وشكلت أساسًا للدستور العثماني الذي صدر لاحقًا خلال عهد عبد الحميد الثاني لفترة وجيزة ثم عطل، وقد نصّت قوانين عبد العزيز لعام 1874 على الفصل بين السلطة التنفيذية والقضائية واعتبار أموال جميع العثمانيين وناموسهم وأعراضهم مصونة، والتأكيد على المساواة بين جميع رعايا الدولة.[32] كذلك فقد أنشأ أول سكة حديد في إسطنبول، وأدخل نظام الطوابع البريدية، بالإضافة إلى افتتاح مدرسة ثانوية جديدة عرفت باسم "غلطة سراي" 1868 ضمت مختلف قوميات ومذاهب الدولة العثمانية. أما على الصعيد الحربي فقد اهتمّ عبد العزيز بتحديث الأسطول البحري على وجه الخصوص، وربما يعود السبب في ذلك لما رآه من نظام وانضباط في البحرية البريطانية خلال زيارته بريطانيا، حتى غدا الأسطول العثماني ثالث أكبر أسطول في العالم بعد الإنكليزي والفرنسي. وعلى صعيد الجيش، فقد اشترى أسلحة حديثة من أوروبا، وجدد دار المدفعية المعروفة باسم "الطوبخانة" وأدخل نظامات وتنسيقات عديدة في الجيش.
ولاية العهد
علاقته بالأميرين مراد وعبد الحميد
ولي العهد الأمير مراد أفندي.

لم تكن علاقة السلطان عبد العزيز بالأمير مراد ولي عهده جيدة، صحيح أنه لم يقتل أولاد أخيه كما كانت عادة سلاطين آل عثمان الأوائل، بل اعتقلهم في قصر دولمة بهجة فقط،[33] وشدد المراقبة عليهم. وفي زياراته الخارجية اصطحب معه ولي عهده الأمير مراد، الذي ذاع صيته في أوروبا لكونه متعلمًا يجيد الفرنسية والعزف على الآلات الموسيقية، حتى أن نابليون الثالث والإمبراطور غليوم قد احتفوا به أشد احتفاء ما سبب اغتياظ السلطان.[33] وبعد عودته إلى اسطنبول ضاعف التضييق على الأمير مراد وشدد مراقبته ومنعه من التجول خارج القصر سيرًا، وسمح له من حين إلى آخر بالتنزه في مركبة مغلقة لا يراه فيها الناس بشرط أن يستحصل على أمر منه في كل مرة يود الخروج فيها، ثم عمد إلى تخفيض نفقاته فاضطر الأمير للجوء إلى المرابين.[33] وقد كتب لأحد أصدقاءه: "إن الجهل منتشر ويا للأسف بين نسائنا انتشارًا شنيعًا، وربما ترتاب في صحة قولي لو شرحت لك ما يعتيرني من الحزن والانقباض والكره في أثناء وجودي في دائرة الحريم، إن الأوقات التي أقضيها هناك هي عبارة عن عذاب أليم بالنسبة لي وضجر عظيم يكاد يقتل النفس."[34] على العكس من ذلك فإن علاقة السلطان بعبد الحميد كانت قوية للغاية وربما يعود السبب في ذلك لكون والدة السلطان عبد الحميد توفيت وهو صغير، فاعتنت به وربته والدة السلطان عبد العزيز بروتونيال خانم، ولذلك تمتع عبد الحميد بالحرية وبثقة السلطان، وظل يستقبله في قصره في أكثر الأوقات ويباحثه بمختلف شؤون الدولة.[35]
محاولة تغيير قواعد ولاية العهد

بحسب التقاليد العثمانية التي لم تمس منذ نشوء الدولة عام 1299، فإن العرش ينتقل إلى أكبر أفراد أسرة آل عمثان الذكور، ومنذ أن أصدر عبد العزيز الفرمان القاضي بتطبيق ولاية العهد بأكبر أولاد الخديوي إسماعيل وخلفاءه في مصر وحتى خلعه، وهو يحاول بدعم من صدره الأعظم محمود نديم باشا تحقيق القاعدة نفسها لتولية ابنه يوسف عز الدين الحكم، إلا أنّ الحركة قد ولدت معارضة قوية في أوساط علماء الدين وأيضًا أسرة آل عثمان، غير أن ما أعاق تطبيقها فعليًا هو الخلافات الروسية - البريطانية حول القضية.[36]

إذ كانت الإمبراطورية الروسية تعضد فكرة ولاية العهد ليوسف عز الدين أما بريطانيا فكانت تود المحافظة على قانون الوراثة كما هو، خصوصًا أن الأمير مراد مدعوم من قبل حركة "الأحرار العثمانيين" المطالبين بالإصلاح.[36] وقد وصل التوتر لدرجة أن أرسلت بريطانيا أسطولها من البحر الأبيض المتوسط نحو الدردنيل بعد أن أشيع في الآستانة أن روسيا على وشك إرسال أربعين ألف جندي روسي من أوديسا لإرغام المعارضين على قبول ولاية العهد ليوسف عز الدين، وكان من بين مقدمات تولية يوسف عز الدين أنه ارتقى حتى رتبة مشير وهو لم يتجاوز العشرين من العمر.[36] ويضع المؤرخون إصرار عبد العزيز على تعديل أصول الوراثة حتى أواخر أيام عهده سببًا رئيسيًا من أسباب خلعه.
إفلاس الدولة

Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الدين العام العثماني

مقر البنك السلطاني العثماني.

مع انخفاض واردات الدولة العثمانية المالية،[37] وتزايد النفقات خاصة النفقات الحربية إبان الحروب مع محمد علي باشا في بلاد الشام، والحرب مع مملكة اليونان وحرب القرم، ومنذ عام 1854 وخلال عهد السلطان عبد المجيد الأول، أخذت الدولة العثمانية تقترض من الخارج، واستمرت في هذه السياسة خلال عهد السلطان عبد العزيز، تزامن ذلك مع انخفاض قيمة النقد العثماني وارتفاع عجز موازنة الدولة، حتى قدرت بخمسة وثلاثين مليون لدى بداية عبد العزيز لحكمه، حتى أخذت الدولة تعمد إلى الاستدانة لدفع أقساط قروضها السنوية.[38]

حاول عبد العزيز إصلاح الوضع باختصار نفقات بلاطه، وألغى نظام الحريم إلا أن الشق كان أوسع من أن يستطيع رتقه.[39] ثم أصدر في 21 يناير 1862 فرمانًا يقضي باستحداث موازنة سنوية للدولة وفق القواعد المحاسبية الحديثة لمقابلة المصروفات بالإيرادات، ثم أصدر فرمانًا آخر في 17 يونيو 1862 يقضي بسحب سندات الديون ودفع 40% من قيمتها، وتوزيع سندات جديدة بقيمة 60% منها، وقد اقترضت الدولة العثمانية ثمانية ملايين جنيه استرليني لإتمام العملية، ثم اقترضت ثمانية ملايين أخرى من البنك العثماني بما يشبه الديون الداخلية لإتمام عملية الدفع.[40] شكلت عملية تخفيض قيمة السندات بنسبة 40% مع اقتصاد السلطان بنفقات القصر ما يكفي من الأموال لسداد الفوائد المرتبة على القروض وبالتالي نجاحًا نسبيًا في حل الأزمة، لكن في ديسمبر 1865 استحقت السندات ولم يكن لدى الخزينة ما يكفي من الأموال لسداد الفوائد المترتبة، وقد حاولت الدولة الاقتراض من الخارج ففشلت، فاقترضت من البنك العثماني مقابل ضمانات الضرائب، وقسطت عملية الدفع كل ثلاثة أشهر وبذلك استقرت مالية الدولة مؤقتًا.[41] غير أن الانتكاسة عادت مع استمرار الاقتراض، فمنذ حرب القرم وحتى إعلان الدولة لإفلاسها عام 1875، كانت الدولة قد أبرمت أحد عشر قرضًا أغلبهم في عهد عبد العزيز ولذلك وصف من قبل المؤرخين بالمبذر،[40] وقد بلغت قيمة القروض 5300 مليون فرنك فرنسي لم تستلم الدولة منهم سوى 3012 مليون أي 57% من القيمة الاسمية، إذ حسمت البنوك الفرنسية والإنكليزية الفوائد سلفًا، لضعف الثقة بالاقتصاد العثماني.[42] كما أن ما ساهم بتفاقم الأزمة رهن الدولة لإيراداتها الثابتة كضمان لسداد القروض فخصصت الأتاوة السنوية من مصر ضمانًا للقرض المبرم عام 1854 ومداخيل جمارك ولاية سوريا وأزمير ضمانًا للقرض المبرم عام 1855، وفي النهاية اعترف الصدر الأعظم محمود نديم باشا في 5 نوفمبر 1875 بإفلاس الدولة مع عجزها عن سداد القروض، فمنحها الدائنون قرضًا جديدًا طويل الأجل مقابل ضمان الضرائب غير المباشرة وضرائب الأغنام وأتاوة مصر.[43]

بلغ دخل الدولة مع نهاية عهد عبد العزيز عام 1867 380 مليون فرنك، يتحتم اقتطاع مبلغ 300 مليون فرنك أقساطًا للضرائب، ليتبقى 80 مليون فقط لكافة مصاريف الدولة لعام كامل، لذلك كانت الدولة مضطرة للعودة إلى الاستدانة بعد حل قضية إفلاسها الأول، فقعدت قرضًا بقائدة 24% عام 1876 قيمته ثلاثين مليون ليرة، واستمرت في هذه السياسة خلال عهد عبد الحميد الثاني، فأبرمت اثني عشر قرضًا وأعلنت إفلاسها مرتين عام 1879 و1881، وهو ما دفع السلطان لإصدار "مرسوم محرم" الذي وحّد ديون الدولة ونقل إدارتها من وزارة المالية العثمانية، إلى مجلس إدارة الدين العام العثماني المكون من أصحاب السندات في مصارف أوروبا.[44]
الزيارات الخارجية

درج سلاطين آل عثمان على قيادة الجيوش بأنفسهم، وظل معمولاً بهذا التقليد حتى عهد السلطان سليمان القانوني في القرن السادس عشر، ومنذ القرن السادس عشر حين أبطل سليمان القانوني هذه العادة وحتى القرن التاسع عشر لم يغادر سلطان عثماني عاصمته الآستانة مطلقًا،[45] وفي عهد السلطان عبد العزيز كُسر التقليد، فزار السلطان مصر عام 1863 ثم زار أوروبا عام 1867، وكان بذلك السلطان العثماني الوحيد الذي قام بجولات وزيارات خارجية ديبلوماسية.

عندما تولى إسماعيل باشا شؤون ولاية مصر سافر إلى اسطنبول شخصيًا وعمل على نسج علاقات طيبة مع السلطان عبد العزيز حين قدّم له فروض الطاعة شخصيًا واقترح عليها خلال الزيارة زيارة السلطان لمصر، وكان آخر سلطان عثماني قد زارها هو سليم الأول عام 1517، فوعده السلطان بتحقيق طلبه. غادر السلطان اسطنبول عن طريق البحر في 3 أبريل 1863 على متن اليخت السلطاني "فيض جهاد" بعد أن أناب صدره الأعظم محمد أمين عالي باشا إدارة البلاد خلال غيابه، واصطحب معه فؤاد باشا وابنه يوسف عز الدين وولي عهده مراد الخامس وأخيه عبد الحميد الثاني.[46] رست سفينة السلطان في الإسكندرية يوم 7 أبريل حيث استقبله إسماعيل باشا على متن اليخت الملكي في ميناء الإسكندرية، وفي 9 أبريل انتقل بالقطار قاطعًا دلتا النيل الخضراء حتى القاهرة حيث أقام في قصر الجوهرة داخل قلعة القاهرة، وقد أعجبه جدًا القطار كما أعجب بالمدن المصرية الغربية النسق، وعمومًا فإن مصر خلال عهد الخديوي إسماعيل كانت تحوي من المؤسسات الزراعية والصناعية والمؤسسات التجارية ومن وسائل النقل بما فيها القطار والطرقات المعبدة ما لم يكن موجودًا في اسطنبول نفسها، لذلك فقد كانت إحدى أهداف الزيارة محاولة الاقتباس من الإصلاح في مصر ومحاولة تطبيقه على سائر أنحاء الدولة.[47] ومن الأمور التي زارها السلطان خلال إقامته شبرا والجيزة وقبر محمد علي باشا والأهرام في 14 أبريل وترأس حفل محمل الحج إلى مكة وختم الزيارة في 16 أبريل، وقد خلع على إسماعيل باشا سيف الشرف العثماني وعلى أمه أكبر وسام عثماني فأصبح اسمها "الوالدة باشا"،[47] وقد قامت صداقة متينة بين السلطان وإسماعيل باشا توجت بصدور مرسوم الخديوية المصرية عام 1867.
الصدور العظام في عهده

Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الصدر الأعظم

محمد أمين عالي باشا، مكث في منصب الصدر الأعظم أربع سنوات ونيّف بين 1867 و1871 خلال عهد السلطان عبد العزيز.

تعاقب في عهد السلطان عبد العزيز الذي قارب الخمس عشر عامًا اثني عشر وزارة رأسها ثمانية صدور عظام،[48] أولهم محمد أمين عالي باشا، الذي أبقاه في منصبه مع وزارته المشكلة في عهد سلفه عبد المجيد الأول، ثم أقاله في نوفمبر 1861 وعين محمد فؤاد باشا صدرًا أعظم للمرة الأولى ثم استبدل يوسف كميل باشا به في يناير 1863 ، ثم أعيد محمد فؤاد باشا مرة ثانية للصدارة العظمى في يونيو 1863، وحاول العمل على إصلاح الدولة التي كانت على شفا الإفلاس لكنه فشل في ذلك واضطر للعودة إلى الاستدانة من بنوك الغرب.[49] استمرّ محمد فؤاد باشا حتى يونيو 1866 حين وجه عبد العزيز منصب الصدارة إلى محمد رشدي باشا، وقد شهدت صدارته قلاقل الجبل الأسود والصرب وتوحيد الأفلاق والبغدان، وقد استقال بداعي السن في 11 فبراير 1867 فعين محمد أمين عالي باشا للمرة الثانية، وقد قمعت في عهده ثورة كريت وسافر بنفسه من إسطنبول إليها ليساهم في رأب الصدع بعد قمع العثمانيين لأهالي الجزيرة، وكذلك أصدر مجلة الأحكام العدلية وامتيازات الخديوية في حكم مصر، وقد توفي محمد أمين عالي باشا في سبتمبر 1871 بعد صدارة طيلة دامت أربع سنوات،[50] فأعقبه فترة من الاضطرابات في إسناد المنصب فأسند أولاً إلى محمد نديم باشا، ثم أقيل عام 1872 وعين مدحت باشا لشهرين فقط بين يوليو وسبتمبر 1872 إذ كان السلطان معجبًا بقدرته على إدارة الأعمال، ولكن لما رآه شديد الاستقلال في رأيه ولا يقبل تدخلات الباب العالي، عزله ونفاه إلى سالونيك ووجه المنصب ثانية لمحمد رشدي باشا،[51] وبعد أقل من ستة أشهر استبدل بأحمد أسعد باشا في فبراير 1873 إلا أنه أقيل سريعًا في مايو 1873، وخلفه حسين عوني باشا ثم عاد محمود باشا ثانية في أغسطس 1875،[52] وفي عهده الثاني أشهرت الدولة إفلاسها وثار طلاب المعاهد الدينية في إسطنبول ضده، فعزله السلطان وعينّ محمد رشدي باشا للمرة الرابعة في 12 مايو، وهو آخر صدور عهد عبر العزيز، ففي 30 مايو 1867 خلع السلطان.
آثاره العمرانية
غرفة نوم السلطان عبد العزيز في قصر دولمة بهجة، مقرّه الرسمي.

رغم الضائقة المالية التي عاشتها الدولة العثمانية أيام عبد العزيز إلا أنه بنى عددًا من القصور والسرايات، فبنى سرايا بكلربكي على ضفة البوسفور في سفح تل بلفوري، وقد شيدت من الرخام الأبيض وكان لها رصيف على الشاطئ،[53] وكذلك بنى قصر جراغان الكائن بين منطقة بشكطاش وأورفة كوري على شكل مستطيل قرب شاطئ البحر أيضًا وقد كلف إنشاؤه مليون ونصف مليون ليرة عثمانية، وقد تحولت إلى مقر لمجلسي الأعيان والمبعوثان العثماني وفيها قضى عبد العزيز ومراد الخامس وكمال أتاتورك أيامهم الأخيرة.[54] كذلك فقد شيّد مسجد جامع في مالطة،[55] واستحدث توسيعات في مجمع قصر يلدز فاستحدث فيه قصر شيت وقصر الجادر وبيوك الما بين، ووصله بجسر مع قصر جراغان.[54]

رغم ذلك فإن المقر الدائم لحكم عبد العزيز كان قصر دولمة بهجة والذي اتخذه سلفه عبد المجيد الأول مقرًا أيضًا وهو مبني على طراز عربي فهم وذو أثاث مكلف فهو يحوي ثريات ذات 250 شمعة ومرايا بطول 30 مترًا وقد كلفت هذه السرايا ثمانية ملايين ليرة عثمانية.[56] ولم يسكن عبد العزيز في قصر الباب العالي إلا في الاستقبالات الخاصة بالأعياد وتكليف الوزراء وإذاعة القوانين التي كانت تتم من "غرفة الخرقة الشريفة" وسائر الاحتفالات الرسمية.[57]
نهاية السلطان
الإعداد لخلعه

على إثر مظاهرات طلاب المعاهد الشرعية في إسطنبول نشأ حزب من الوزراء وعلماء الدين وسائر كبار الموظفين من المدنيين والعسكريين، يطالب بخلع السلطان، وكان يتزعم هذا الحزب مدحت باشا بالاشتراك مع وزير الحربية حسين عوني باشا ذو السلطة الواسعة في الجيش،[14] ولعل عدم إسناد السلطان منصب الصدر الأعظم لمدحت باشا - كما رام المتظاهرون - أبرز العوامل التي ساهمت في نشوء الحزب ثم نمّوه وتقويه، وعمومًا فإن بين 12 مايو و30 مايو انضم خليل باشا ودوريش باشا وزراء الدولة في الحكومة إلى الحزب المذكور.[14]

ولما أقيل محمود نديم باشا من الصدارة العظمى، رفع إلى السلطان مع كتاب استقالته نصيحة بنقل ثروته الخاصة إلى خارج الآستانة خوفًا من تكرر الاضطرابات الأمنية والاستيلاء عليها،[15] ما أثار الاضطراب والريبة في نفس السلطان، حتى أنه عين محمود نديم باشا مسؤلاً عن نقل ثروته إلى روسيا بالتنسيق مع السفير الروسي إيغانتيف، وقد تمت العملية عن طريق بارجة حربية روسية لعدم الثقة بولاء البوارج العثمانية.[15]

وبينما كان السلطان مشغولاً بإخراج ثروته الخاصة، كان مدحت باشا وأعضاء حزبه يقنعون شيخ الإسلام خير الله أفندي بمحاسن خلع السلطان، وبعد مفاوضات لم تطل إذ دامت يومين فقط، قبل شيخ الإسلام إصدار فتوى خلع عبد العزيز، وأبلغ الصدر الأعظم قراره، فأعلن الصدر الأعظم انضمامه هو الآخر للحزب الرامي عزله "رغم أنه لم يمض على حلفانه يمين الإخلاص للسلطان سوى أيام"،[58] في الوقت نفسه عمد الصدر الأعظم لإقناع السلطان بتعيين مدحت باشا وزيرًا للدولة بهدف التخلص من "معارض قوي" فأصدر السلطان فرمانًا بذلك، ثم طالبه بالتنازل عن جزء من ثروته لدفع رواتب الجيش المتأخرة لعجز الميزانية عن ذلك - وقال أنها مطالب محتجي الآستانة - فرفض السلطان، وفي اليوم التالي أبلغ الصدر الأعظم أنه ينوي إغلاق المعاهد الدينية ونفي طلابها خارج الآستانة، فاستصوب الصدر رأيه.[59] فقرر الحزب المنادي بالخلع تقريب موعد تنفيذ العملية وحدد في 30 مايو واتفقوا مع سفيري إنجلترا والنمسا، وأعلم الأسطول الإنجليزي بالتدخل لإنقاذ قادة الانقلاب في حال حصل أي طارئ.[60]
خلع السلطان

مساء الاثنين 29 مايو 1876 توجه سليمان باشا رئيس المدرسة الحربية في الآسانة ومعه رديف باشا إلى ثكنات الجيش في كموش صوي وطاش قشلة كما توجه أحمد باشا إلى الأسطول العثماني، وأصدر سليمان باشا أمر احتلال طريق بشكطاش المؤدية والحدائق المحيطة بقصر دولمة بهجة،[60] وفي الوقت نفسه أغلق الأسطول حركة القوارب في البحر قطعًا للمواصلات بين القصر والبحر، وبعد اشتباكات خفيفة مع مخافر الحرس السلطاني سلّم هؤلاء سلاحهم، وربما كان التهديد بقصف القصر من البحر عاملاً أساسيًا في ذلك.[60] وعلى هذه الشاكلة غدا السلطان محاصرًا، ويذكر أن طلاب المدرسة الحربية الذي احتلوا الطريق إلى القصر وحدائقه لم يكونوا يعرفون ما يقومون بفعله إلى أن خطب فيهم سليمان باشا وبرر الفعل بتبذير السلطان وإطلاقه يد روسيا في شؤون الدولة.[60]

في الساعة الثالثة من فجر الثلاثاء، دخل سليمان باشا ومعه ثلة من الضباط إلى قصر جراغان حيث كان يقيم الأمير مراد ليخبروه بارتقائه العرش، ونقلوه إلى مبنى وزارة الحربية حيث كان الوزراء في انتظار "الخليفة الجديد"، وبعد وصوله وأمام الوزراء وكبار الضباط ونقيب الأشراف وشريف مكة قرأ شيخ الإسلام فتوى خلع السلطان،[61] وبعد أن تمت قراءة الفتوى أطلقت المدفعية مائة طلقة وطلقة معروفة باسم "مدافع الجلوس" وسار المنادين في شوارع الآستانة يخبرون بحادثتي الخلع والارتقاء، وقيل أن سكان الآستانة قد ابتهجوا بهذا الانقلاب، ولم يأسف أحد على خلع السلطان لا في الداخل ولا في الخارج عدا قيصر روسيا وسفيره في الآستانة، وعمومًا فإن القول مبالغ فيه، إذ كان للسلطان أنصاره في الدولة.[60]
قتله أو انتحاره
قبر السلطان عبد العزيز قرب قبر والده محمود الثاني، وقد دفنت بقربه أيضًا عدد من زوجاته.

قام رديف باشا بإبلاغ السلطان عبد العزيز نبأ خلعه بعد مبايعة مراد الخامس، وكان عبد العزيز قد استيقظ بعد أن سمع مدافع الجلوس، وقد اعتراه القلق لظلنه أن المدافع تطلق على "العدو" وأن حربًا قد نشبت في إسطنبول،[62] ولم يبد عبد العزيز أي مقاومة بعد أن رأى الجند يحاصرون القصر، غير أن والدته قد انهلت على دريف باشا بقوارص الكلام.[61] وقد غادر عبد العزيز القصر إلى قصر الباب العالي، بزورق يرافقه اثنين من أولاده هما يوسف عز الدين ومحمود جلال الدين، وتبعته زوارق أخرى تحمل أمه ونساءه وجواريه وخدمه،[61] وفي أعقاب مغادرته القصر اتجه موكب مراد الخامس من مبنى وزارة الحربية إلى قصر دولمة بهجة.

قضى السلطان في قصر الباب العالي ثلاثة أيام، ثم أرسل إلى مراد الخامس رسالة يطلب فيها نقله لقصر جراغان لكونه لا يحب قصر الباب العالي، فأجابه السلطان الجديد لطلبه.[63] ويقول الكونت دي كيراتيري في كتابه "تاريخ السلطان مراد الخامس" أن السلطان قد منع من التجول خارج القصر الذي أحيط بثلاث صفوف من الجند، ولم يستطع النوم طوال الليلة الرابعة من بعد خلعه، فتلاشت قواه مع الفجر فأخذ يطيل التأمل والتفكير مع إطلاق شتائم بحق حسين عوني باشا، ثم غرق في النوم ولدى استيقاظه بدت علائم الارتياح على وجهه، وقد طلب قراءة الصحف التركية ثم طلب مقصًا ومرآة ليشذب لحيته كما كانت عادته، ثم طلب من الخدم ووالدته مغادرة الغرفة. وبحسب الرواية الأولى فإن السلطان إذاك قطع بالمقص عروق يده اليمنى فنزف الدم لمدة لا تقل عن عشرين دقيقة قبل أن يخرّ السلطان على الأرض، فأحدث انقلاب جسمه صوتًا سمعه من كان في الطابق السفلي، وعندما قدم الخدم وأمناء القصر شاهدوا السلطان يتخبط ولم يكن قد لفظ أنفاسه بعد، ولكن وقبل وصول الأطباء كان قد مات.[64] ترأس حسين عوني باشا التحقيق، وعاونه تسعة عشر طبيبًا بينهم أطباء السلطان وأطباء السفراء والقناصل، وبعد ساعتين من التحقيق أصدروا بيانًا جاء فيه أن سبب الموت هو الانتحار.[64] الرواية الثانية تقول أن حسين عوني باشا ورديف باشا تخوفا من عودة السلطان المخلوع، فأرسلا أربع رجال إلى القصر، وهو نائم فثبتوه في مكانه، ثم قام أحدهم بأخذ مقص كان بالقرب منه وقطع عروق السلطان، ثم اتهم مدحت باشا خلال عهد عبد الحميد الثاني بذلك، وأمر السلطان بقتله فقتل في الطائف عام 1883.[64] على أن حسين عوني باشا ومحمد رشدي باشا قد لقيا مصرعهما في 16 يونيو على يد أحد مرافقي الأمير يوسف عز الدين ابن السلطان المخلوع، بسبب تداول اسميهما في صحف الآستانة على أنهما متورطان في قتله، وقد دفن قرب والده السلطان محمود الثاني.

إن حادثة موت السلطان عبد العزيز الأول تعد من النقاط الحاسمة في التاريخ العثماني، ولم يختلف المؤرخون في تفاصيل قضية كاختلافهم في دقائق وتفاصيل هذه الحادثة التي لا يزال تأكيدها بشكل قاطع غير ممكن، وحتى المؤلفات والوثائق التي نشرت بعد انهيار الدولة في ظل الجمهورية التركية والتي كان يؤمل أن تكشف الستار عما خفي في هذه القضية من أسرار لم تأت بجديد، وإن كانت أغلب الروايات تميل إلى رواية الانتحار.[64] حتى أهل الآستانة وضعوا أغان وقصائد حزينة لما بلغهم مصرع السلطان عبد العزيز وتعاطفوا معه،[65] ومن أبرز تلك القصائد التي تبنت رواية القتل، تلك التي نظمها كمال باشا ومطلعها:[65]

دين ودولت خائتي برقاج ملاعين يزيد إيمشلر حضرت عبد العزيز خان شهيد

وقد عرّبها أديب إسحاق مع الحفاظ على وزنها لأصلي فكانت:

خونة للدين والدنيا من قوم يزيد قتلوا عبد العزيز المرتضى فهو شهيد

أما الذي اعتقدوا أنه مات منتحرًا فقد ألفوا أغنية على لسان عبد العزيز يقول مطلعها:[65] "محنتي دنيا جكلمزطو برجان إيجون"، ومفادها: "إن محن الدنيا، لا يجب أن يتحملها إنسان حرصًا على نفسه."

المؤرخ و الكاتب التركي "قدير مصراوغلو" ألف كتاباً بعنوان "سلطان عبدالعزيز السلطان المظلوم" يدافع فيه عن سياسة السلطان في الحكم.[66]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hatem.123.st
Admin
Admin
Admin
Admin


ذكر عدد الرسائل : 1869
تاريخ التسجيل : 29/05/2008

الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: السلطان العثماني مراد الخامس(الرابع والثلاثون)   الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالخميس 29 مايو - 6:55

الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 3410

مراد الخامس (21 سبتمبر 1840 - 29 أغسطس 1904) هو خليفة المسلمين الخامس بعد المئة، وسلطان العثمانيين الثالث والثلاثين والخامس والعشرين من آل عثمان الذين جمعوا بين الخلافة والسلطنة (30 مايو 1876 - 31 أغسطس 1876). هو شقيق كلاً من: السلطان عبد الحميد الثاني والسلطان محمد الخامس والسلطان محمد السادس، استوى على تخت المُلك بعد خلع عمه عبد العزيز الأول في مايو 1876 وخلفه أخيه السلطان عبد الحميد الثاني، ومكث في السلطة ثلاثة أشهر فقط حين خلعه وزراءه وسائر رجال الدولة في آخر أغسطس 1876 بعد أن طرأ اختلال في قواه العقلية، وبويع أخاه الأصغر عبد الحميد الثاني بالخلافة، ونقل مراد الخامس إلى قصر جراغان حيث تابع حياته فيها كسلطان سابق حتى وفاته عام 1904.[1] كان يحسب على التيار الإصلاحي الذي انتعش داخل الدولة بعد وصوله إلى الحكم خلال فترة حرجة سياسيًا واقتصاديًا في الدولة بعد إعلان إفلاسها، لعلّ انتحار أو اغتيال عمّه عبد العزيز أحد أبرز أحداث سلطنته القصيرة.[1]

محتويات

1 حياته
1.1 نسبه
1.2 حياته المبكرة
1.3 ولاية العهد
1.4 السلطنة والملك
1.4.1 توليته
1.4.2 انتحار عمه السلطان المخلوع
1.4.3 خلعه
2 زوجاته
3 انظر أيضًا
4 المراجع
5 مواقع خارجية

حياته
نسبه

هو مراد الخامس بن عبد المجيد الأول بن محمود الثاني بن عبد الحميد الأول بن أحمد الثالث بن محمد الرابع بن إبراهيم الأول بن أحمد الأول بن محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني بن سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح بن مراد الثاني بن محمد الأول جلبي بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغل.
حياته المبكرة

ولد السلطان مراد الخامس في 21 سبتمبر 1840 وعيّن له السلطان عبد المجيد الأول فريقًا بارزًا من كبار أساتذة الدولة لتعليمه، فكان أدهم باشا والذي تولى الصدارة العظمى لاحقًا أستاذه في اللغة الفرنسية، كما درس الأدب الفرنسي والأدب التركي على يد الأستاذ عمر أفندي والذي علمه أيضًا فنون البلاغة والخطابة في التركية، إلى جانب ميل مراد نحو الكتابة والتأليف بها. وكان له ميل أيضًا نحو الشعر والموسيقى التي تعلمها على يد غواتلي باشا ولومباردي بك وكلاهما إيطاليان، وللسلطان عدة مقطوعات على البيانو من تلحيته احتفظ بها غواتلي باشا ولكنها لم تنشر.[2] يصنف السلطان مراد عمومًا أنه "رجل رومنسي" وبحسب بعض الشهادات أنه كان يصاب "بذهول وكآبة يستلسم فيها ساعات من الزمن إلى الحزن والتفكير".[2] وخلال مرحلة شبابه اهتمّ بالعمارة والبناء إلى جانب اهتمامه بالأدبين الفرنسي والتركي والموسيقى،[3] وأنفق مبالغ طائلة في بناء القصور، سيّما فصره في كوربغه لي دره، الذي هدمه وأعاد بناءه عدة مرات.[3]
ولاية العهد

بشكل عام، فإن الحياة المستقرة قد انقلبت بعد وفاة السلطان عبد المجيد واستلام عبد العزيز الأول الحكم، إذ لم تكن علاقة عبد العزيز بابن أخيه وولي عهده جيدة للغاية، ووضعه مع أشقاءه قيد الإقامة الجبرية في قصر طولمة بهجة، ثم نقله إلى قصر كوربغه لي دره وقطع علاقته بإسطنبول نهائيًا،[4] وخلال زيارة السلطان عبد العزيز الأول إلى أوروبا اصطحب معه ابنه وابني أخيه مراد وعبد الحميد ضمن الحاشية المرافقة، وقد نال الأمير مراد شهرة في أوساط أوروبا لثقافته العالية وإجادته الفرنسية وقدرته على العزف على الآلات، حتى عبر نابليون الثالث والإمبراطور غليوم صراحة عن إعجابهم بولي العهد ما سبب "حنقًا وغضبًا" لدى عبد العزيز.[4] بعد العودة إلى الدولة، شدد عبد العزيز مراقبة الأمير مراد ومنعه من الخروج سيرًا على الأقدام وسمح له بالتنزه في عربة مغلقة لايراه منها الناس، مع إذن مسبق في كل مرة يود الخروج فيها، ثم عمد إلى تخفيض مستحقاته المالية فاضطر الأمير إلى الاستدانة والاتجاه إلى المرابين.

من أصدقاء الأمير مراد كان محامي فرنسي يقطن في أوغلي بك، ونقل عدد من المؤرخين أن الأمير طلب من المحامي أن يضع له هيكل دستور للدولة لاعتماده حين يصبح سلطانًا؛ كما نقل عن مذكراته خلال فترة ولاية العهد أنه كان يفكر في إلغاء وظيفة آغاوات الحريم ونشر المعارف بين طبقات النساء وإلغاء الأسر والرق، وأنه أراد بدء إصلاح الدولة من السلك التعليمي:[5]

مراد الخامس إن طلاب المدارس، المسلمين والمسيحيين وحتى الوثنيين إن وجدوا، يجب أن يجلسوا معًا في المدرسة على مقعد واحد، فيعتادون منذ نعومة أظفارهم حياة الأخوة والائتلاف فلا يعودون ينظرون فيما بعد إلى بعضهم البعض، نظرة العدو اللدود.

مراد الخامس
السلطنة والملك
توليته

نشأ في الدولة نتيجة سوء إدارة السلطان عبد العزيز حزب من الوزراء وعلماء الدين وسائر كبار الموظفين من المدنيين والعسكريين، يطالب بخلعه بزعامة مدحت باشا بالاشتراك مع وزير الحربية حسين عوني باشا ذو السلطة الواسعة في الجيش،[1] ولعل عدم إسناد السلطان منصب الصدر الأعظم لمدحت باشا كما طالب متظاهرو المعاهد الشرعيّة التي انطلقت أواخر أبريل العامل المباشر الأبرز الذي ساهم في نشوء الحزب ثم نمّوه وتقويه، وعمومًا فإن بين 12 مايو و30 مايو انضم خليل باشا ودوريش باشا وزراء الدولة في الحكومة إلى الحزب المذكور.[1]

ولما أقيل محمود نديم باشا من الصدارة العظمى، رفع إلى السلطان مع كتاب استقالته نصيحة بنقل ثروته الخاصة إلى خارج الآستانة خوفًا من تكرر الاضطرابات الأمنية والاستيلاء عليها، وهو ما تم فعلاً إذ وبالتنسيق مع السفير الروسي بالآستانة نقلت أجزاء من ثروات السلطان بقوارب نحو روسيا؛ وبينما كان السلطان مشغولاً بإخراج ثروته الخاصة، كان مدحت باشا وأعضاء حزبه يقنعون شيخ الإسلام خير الله أفندي بمحاسن خلع السلطان، وبعد مفاوضات لم تطل إذ دامت يومين فقط، قبل شيخ الإسلام المفوّض قانونًا خلع السلطان إصدار فتوى خلع عبد العزيز، وأبلغ الصدر الأعظم قراره، فأعلن الصدر الأعظم انضمامه هو الآخر للحزب الرامي عزله "رغم أنه لم يمض على حلفانه يمين الإخلاص للسلطان سوى أيام"،[6] في الوقت نفسه عمد الصدر الأعظم لإقناع السلطان بتعيين مدحت باشا وزيرًا للدولة بهدف التخلص من "معارض قوي" فأصدر السلطان فرمانًا بذلك، ثم طالبه بالتنازل عن جزء من ثروته لدفع رواتب الجيش المتأخرة لعجز الميزانية عن ذلك - وقال أنها مطالب محتجي الآستانة - فرفض السلطان، وفي اليوم التالي أبلغ الصدر الأعظم أنه ينوي إغلاق المعاهد الدينية ونفي طلابها خارج الآستانة، فاستصوب الصدر رأيه.[7] فقرر الحزب المنادي بالخلع تقريب موعد تنفيذ العملية وحدد في 30 مايو واتفقوا مع سفيري إنجلترا والنمسا، وأعلم الأسطول الإنجليزي بالتدخل لإنقاذ قادة الانقلاب في حال حصل أي طارئ.[8]

مساء الاثنين 29 مايو 1876 توجه سليمان باشا رئيس المدرسة الحربية في الآسانة ومعه رديف باشا إلى ثكنات الجيش في كموش صوي وطاش قشلة كما توجه أحمد باشا إلى الأسطول العثماني، وأصدر سليمان باشا أمر احتلال طريق بشكطاش المؤدية والحدائق المحيطة بقصر دولمة بهجة،[8] وفي الوقت نفسه أغلق الأسطول حركة القوارب في البحر قطعًا للمواصلات بين القصر والبحر، وبعد اشتباكات خفيفة مع مخافر الحرس السلطاني سلّم هؤلاء سلاحهم، وربما كان التهديد بقصف القصر من البحر عاملاً أساسيًا في ذلك.[8] وعلى هذه الشاكلة غدا اليلطان محاصرًا، ويذكر أن طلاب المدرسة الحربية الذي احتلوا الطريق إلى القصر وحدائقه لم يكونوا يعرفوا ما يقوموا بفعله إلى أن خطب فيهم سليمان باشا وبرر الفعل بتبذير السلطان وإطلاقه يد روسيا في شؤون الدولة.[8]

في الساعة الثالثة من فجر الثلاثاء، دخل سليمان باشا ومعه ثلة من الضباط إلى قصر جراغان حيث كان يقيم الأمير مراد ليخبروه بارتقائه العرش، ونقلوه إلى مبنى وزارة الحربية حيث كان الوزراء في انتظار "الخليفة الجديد"، وبعد وصوله وأمام الوزراء وكبار الضباط ونقيب الأشراف وشريف مكة قرأ شيخ الإسلام فتوى خلع السلطان،[9] وبعد أن تمت قراءة الفتوى أطلقت المدفعية مائة طلقة وطلقة معروفة باسم "مدافع الجلوس" وسار المنادين في شوارع الآستانة يخبرون بحادثتي الخلع والارتقاء، وقيل أن سكان الآستانة قد ابتهجوا بهذا الانقلاب، ولم يأسف أحد على خلع السلطان لا في الداخل ولا في الخارج عدا قيصر روسيا وسفيره في الآستانة، وعمومًا فإن القول مبالغ فيه، إذ كان للسلطان أنصاره في الدولة.[8]

فرمان السلطان الأول وجهه إلى الصدر الأعظم محمد رشدي باشا بتثبيته في منصبه مع جميع الوزراء. ناقش السلطان في هذا الفرمان سياسته العامة التي كان يود انتاهجها في الدولة، فقال أنه يود تقييد إدارة الدولة بقوانين واضحة تناسب أصول المجتمع، ومنح الحرية بدون استثناء لجميع المواطنين وقال أن الدولة ستضمن لهم الترقي؛ كما منح السلطان من خزينته الخاصة ستين ألف كيس لدعم خزينة الدولة المتهالكة وكذلك تنازل عن عوائد بعض المصانع التي كانت تابعة مباشرة للباب العالي.[10] السلطان أكد التزامه بالسلم الأهلي وبالمعاهدات الدولية والمواثيق التي تربطه مع "جميع الدول المتحابّة".[11]
انتحار عمه السلطان المخلوع

قام رديف باشا بإبلاغ السلطان عبد العزيز نبأ خلعه بعد مبايعة مراد الخامس، وكان عبد العزيز قد استيقظ بعد أن سمع مدافع الجلوس، وقد اعتراه القلق لظلنه أن المدافع تطلق على "العدو" وأن حربًا قد نشبت في إسطنبول،[12] ولم يبد عبد العزيز أي مقاومة بعد أن رأى الجند يحاصرون القصر؛[9] وقد غادر عبد العزيز القصر إلى قصر الباب العالي، بزورق يرافقه اثنين من أولاده هما يوسف عز الدين ومحمود جلال الدين، وتبعته زوارق أخرى تحمل أمه ونساءه وجواريه وخدمه،[9] وفي أعقاب مغادرته القصر اتجه موكب مراد الخامس من مبنى وزارة الحربية إلى قصر دولمة بهجة.

قضى السلطان في قصر الباب العالي ثلاثة أيام، ثم أرسل إلى مراد الخامس رسالة يطلب فيها نقله لقصر جراغان لكونه لا يحب قصر الباب العالي، فأجابه السلطان الجديد لطلبه.[13] ويقول الكونت دي كيراتيري في كتابه "تاريخ السلطان مراد الخامس" أن عبد العزيز أصيب بحالة من الذهول وكان يطيل التأمل والتفكير مع إطلاق شتائم بحق حسين عوني باشا؛ بعد أربع أيام من خلعه، وبحسب الرواية الأولى فإن السلطان قطع بمقص طلبه لتشذيب لحيته عروق يده اليمنى فنزف الدم لمدة لا تقل عن عشرين دقيقة أدت لوفاته، وأكدت التحقيقات الرسميّة التي جرت أن سبب الوفاة هو الانتحار.[14] الرواية الثانية تقول أن حسين عوني باشا ورديف باشا تخوفا من عودة السلطان المخلوع، فأرسلا أربع رجال إلى القصر، وهو نائم فثبتوه في مكانه، ثم قام أحدهم بأخذ مقص كان بالقرب منه وقطع عروق السلطان، ثم اتهم مدحت باشا خلال عهد عبد الحميد الثاني بذلك، وأمر السلطان بقتله فقتل في الطائف عام 1883.[14]
خلعه

في 16 يونيو 1876 قام حسن باشا أحد أعيان الشراكسة المقيمين في إسطنبول ومن المقربين من السلطان المخلوع عبد العزيز الأول بإطلاق النار على وزير الحربية حسين عوني باشا بعد أن أصدر الأخير قرارًا بنقله إلى بغداد لكونه من المقربين ليوسف عز الدين نجل عبد العزيز.[15] كان حسن باشا قد رفض قرار النقل ثم عاد وقبل به غير أنه وقبل أن يسافر اتجه إلى منزل مدحت باشا حيث كان الوزراء في اجتماع، وطعن حسين عوني باشا وزير الحربية بعدة طعنات من بالخنجر أردته قتيلاً، كما أطلق الرصاص على محمد راشد باشا وزير الخارجية فقتله، وأخيرًا تمكن أحمد باشا قيصرلي من جرح حسن باشا ثم اعتقاله من قبل حرس القصر، وحوكم في المساء ذاته محاكمة عسكرية وأعدم في صباح اليوم التالي في اسطبنول علمًا أنه خلال محاكمته لم يبد أي أسقف على قتله وزيري الحربية والخارجية واتهمها بقتل السلطان عبد العزيز.

في أعقاب هذه الحادثة، بدأت إمارات التعب العصبي تظهر على السلطان، حتى وصلت درجة لم يعد معها يقوى على التمييز بين الوزراء، وأخذ يتهم نفسه بقتل عمّه عبد العزيز؛ واضطر الصدر الأعظم تأجيل مراسم تسلم السيف السلطاني في جامع أبو أيوب الأنصاري وهي عادة كل سلطان عثماني منذ فتح إسطنبول، كما أجل مراسم استقبال السفراء الأجانب لتقديم أوراق اعتمادهم وفق الأصول الدبلوماسيّة. في الأيام التالية، اشتدّ المرض على السلطان واستدعي له طبيب نمساوي خبير في الشؤون العصبيّة هو ليدزوروف، فأشار إلى استحالة شفاءه من الانهيار العصبي الذي ألمّ به.[16]

فاوض الوزراء أخي السلطان عبد الحميد الثاني حول خلع أخيه وتقليده مهام السلطنة، لكنه آثر التريث عسى أن يشفى. غير أن حالته لم تتحسن، فاجتمع الوزراء والأعيان وشيخ الإسلام خير الله أفندي في 31 أغسطس وخلع في الجلسة السلطان مراد وبويع أخاه. وقد نقل السلطان مراد بعد الخلع إلى قصر جراغان حيث أقام حتى وفاته عام 1904، كان خلالها قيد الإقامة الجبريّة واعتزل الحياة العامة، بيد أنه تزوج خلالها خمس مرات.[17]
زوجاته

تزوج السلطان تسعة مرات، المرة الأولى في 2 يناير 1857 في إسطنبول من السلطانة إليريو الجورجية الأصل، وأنجب منها 12 ولدًا؛ وفي 4 فبراير 1859 السلطانة رفتار يديل الأذرية الأصل، وزواجه الثالث كان في 5 فبراير 1869 من السلطانة القوقازية ساهان؛ وكان زواجه الرابع في 8 يونيو 1874 في السلطانة الجورجية ميرفت وفي 2 نوفمبر 1877 من السلطانة الجورجية رزان هيسكي، وتزوج لاحقًا خمس زيجات أخرى آخرها من السلطانة تيرانيديل شقيقة زوجته الثانية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hatem.123.st
Admin
Admin
Admin
Admin


ذكر عدد الرسائل : 1869
تاريخ التسجيل : 29/05/2008

الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه    الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه  - صفحة 2 Icon_minitimeالخميس 29 مايو - 7:03

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hatem.123.st
 
الخلافه الاسلاميه من بعد وفاه الرسول وحتي انهيار الخلافه العثمانيه في الحرب العالميه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعه الاسلاميه الشامله
» تصريحات الصحف العالميه بعد مجزرة انغولا
» شاهد اقوى افلام الرعب العالميه مترجم
» العصر الذهبي للدوله الاسلاميه (عصر هارون الرشيد)
» نتينياهو وبيريز يهنئان الامه الاسلاميه بحلول شهر رمضان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فضفضه :: منتدي نشره اخبار فضفضه :: التاريخ الاسلامي-
انتقل الى: